عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

  

 د. عماد شمعون

رئيس الجبهة الآرامية


رسالة من لبنان في هويتنا الآرامية

د.عماد شمعون

بيروت – لبنان

آرامي أنا قبل أن أكون ماروني

سرياني أنا قبل أن أكون مسيحي

تتألف الأمة (1) اللبنانية من تركيب مجتمعي مزدوج، أي من ثنائية تعددية دينية و قومية.

فعلى المستوى الديني ياتي التّركيب من الطوائف والمذاهب التالية:

 أ‌-       مسيحياً : (2)

 1-    الطائفة السريانية المارونية

2-    الطائفة  السريانية الأرثوذكسية

3-    الطائفة السريانية الكاثوليكية

4-    طائفة الرّوم الارثوذكس

5-    طائفة الرّوم الملكيين الكاثوليك

6-    الطائفة الأرمنية الاثوذكسية

7-    الطائفة الأرمنية الكاثوليكية

8-    الطائفة النسطورية (الاشورية)

9-    الطائفة الكلدانية

10-الطائفة اللاتينية

11-الطوائف البروتستانتية

12-الطائفة القبطية

 ب‌-   إسلامياً:

 1-    الطائفة السّنية

2-    الطائفة الشّيعية

 ج- طوائف أخرى

 1-    الطائفة الإسماعيلية

2-    الطائفة العلوية

3-    الطائفة الدرزية

4-    الطائفة اليهودية

 وعلى المستوى القومي يأتي تركيب الأمة اللبنانية من المجموعات القومية التالية:

 1-    القومية السريانية الشرقية

النساطرة

الكلدانيون

 2-    القومية السريانية الغربية

الموارنة

السريان الارثوذكس

السريان الكاثوليك

الروم الارثوكس

الروم الكاثوليك

اللاتين

البروتستانت

 3-    القومية الارمنية

 الأرمن الارثوذكس

الأرمن الكاثوليك

الأرمن البروتستانت

 4-    القومية الكردية

5-    القومية القبطية

6-    القومية العربية

 يذكر التاريخ بروز حضارتي سومر وأكاد في  بلاد ما بين النهرين (نهري دجلة والفرات).

وقد تواصلت حضارة هذين الشعبين في ما بعد بالحضارة الأمّورية و امتدت لتصل الى الساحل الفينيقي في لبنان، و التي جعلت البحر الابيض المتوسط يحمل اسمها فيعرف ببحر آمورو. ومع هذه الحضارة الأمّورية تواصلت حضارة الشعب الآرامي بروافدها: سريانية – فينيقية كانت أم آشورية أم بابلية- كلدانية... و مع مرور الزمن بدأ الشعب الآرامي يُعرف لدى الشعوب المجاورة باسم الشعب السرياني، وتسمت لغته الآرامية بالسريانية الآرامية.

شهد التاريخ عدة محاولات لتزوير أو إلغاء هويات الشعوب، كان أبرزها و آخرها تجربتين : التجربة الشيوعية الأممية، التي أرادت تذويب هويات الشعوب المكوّنة الإتحاد السوفيتي السابق، فإذا بالنتيجة أن انهارت الشيوعية وانتصرت الهوية القومية. والتجربة الثانية، تجربة العروبة الأكذوبة، التي فشلت فكراً وممارسة، وذلك بشهادة العديد من المفكرين المتبصرين لا سيّما منهم السيد محمد حسين فضل الله .(3)

وفي ماخصّ المسلمين  العرب في لبنان، فهم بحكم عصبيتهم لإسلامهم، يجدون أنفسهم منساقين لتبني الهوية العربية كانتماء قومي، تحببا بهوية النبي محمد ، ابن بادية شبه الجزيرة العربية، وتعلقا بلغته العربية التي أصبحت لغة الإسلام المقدسة.

لقد بات على المسيحيين أن يتخلّا من مهزلة "جحا" ، الذي أطلق كذبة وصدقها هو، بعد أن صدّقه فيها الناس. فإن الظّروف التي جعلتهم ( أي المسيحيين) يروّجون لفكرة العروبة في أوائل هذا القرن قد تبدلت.

 ونحن حين نعتبر طائفتي الرّوم الكاثوليك والرّوم الاّرثوذكس، ركناً من أركان المجموعات المكوّنة للهوية الآرامية، فإننا لا نتعرض في ذلك الى انتمائهم الكنسي البيزنطي التي لاتتعدى في هويتها حدود المممارسات الطقسية الدينية والليتورجية. إذ ليس من هوية قومية بيزنطية، كما ليس من هوية لاتينية أو بروتستانتية. أما المؤمنون بالعقيدة البروتستانتية في لبنان، فهم سريانيون- آراميون في هويتهم القومية ، وبروتستانتيون في هويتهم الدينية العقائدية، كذلك أبناء الطائفة اللاتينية (باستثناء أفراد ممّن هم من أصل أوروبي)، فهم سريانيون- آراميون في هويتهم القومية، ولاتينيون في طقسهم لكنسي ليس إلاّ.

وكذلك الأمر في ما يخصّ الكنائس السريانية الهندية المتمركزة في جنوب الهند والبالغ عددهم حوالي الثمانية ملايين (4) شخص. فهؤلاء سريانيّو اللسان ليتورجياً بحكم تبنيهم للطقس السرياني الأنطاكي، وهنديّو الهوية بحكم انتمائهم للشعب الهندي عرقاً  وحضارة. تماماً كما نحن علية، مسيحيو لبنان وسائر المشرق الانطاكي، فنحن أصبحنا عربيو اللسان بحكم إتقاننا اللغة العربية واعتمادها، و آراميو الهوية بحكم انتمائنا القومي والحضاري.

 وإلى القائلين إن الكنائس البيزنطية هي فوق الاعتبارات القومية، لعدم تضمنها في تسمياتها أي مدلول لهويتها القومية، خلافاً لسائر الكنائس المسيحية المشرقية التي حملت اسم شعبها ولم تتنكر لهويتها القومية، أمثال : الكنيسة الارمنية، والكنيسة القبطية، والكنيسة النسطورية، والكنيسة الكلدانية ، والكنيسة السريانية... نرد على زعم هؤلاء مستشهدين بأقوال المطرانين باشا وعوده . إذ يذكر المطران باشا في احدى كتاباته قائلاً: "على الروم الملكيين الكاثوليك ألاّ يكتفوا مسيحيين خلَصاً. عليهم ان يكونوا شرقيين خلَصاً وكاثوليكيين خلَصاً وعرباً خلَصاً"(5)، ويضيف: "الملكيون بسبب اندماجهم العميق في العالم العربي، وتعريبهم الكامل لليتورجية، لهم رسالة خاصة، رسالة شهود المسيح في العالم الاسلامي / إنهم البرهان الحيّ على أن العروبة والإسلام لا يترادفان". (6)

ويذكر المطران الياس عوده متكلماً عن الجذور العربية للكنيسة الارثوذكسية فيقول: " علينا استعادة بعض ممّا قدّمه آباؤنا من المسيحيين العرب على صعيد الفكر الفلسفي" . (7)

 فمن هم هؤلاء الآباء العرب في فهم المطران عوده؟!

هل هم اغناطيوس الأنطاكي السرياني مواليد 35 م، أَم اكليمنضوس الروماني مواليد سنة 101 م، أَم تريليانوس مواليد سنة 155 م، أَم هيبوليتس اسقف روما الذي مات شهيداً في سردينيا سنة 235 م، أَم ايريناوس اسقف ليون مواليد سنة 130 م، أَم يوستينوس مواليد سنة 100 م، أم ياسيانوس السرياني مواليد 120 م، أم مار افرام السرياني سنة 303 م، أم غريغوريوس النازينزي البيزنطي مواليد 328 م، أم يوحنا الذهبي الفم مواليد 344 م، أَم افراهاط الفارسي (القرن الربع)، أم رابولا السرياني مطران الرها، توفي سنة 435 م، أَم مار يعقوب السروجي مواليد 451 م؟... وهؤلاء الآباء أجمعين فهل هم عرب؟ إذ أنّ بينهم وبين ظهور العرب مئات السنين!

لَمِن المؤلم جداً، أن تتأرجح كتابات سيادة المطران حبيب باشا، بين مُروج للعروبة، وبين راغب في آن، تأكيد الهوية الآرامية الأصيلة. وهاكم الدليل: "قد تُوهم بأنّ الملكيين بيزنطيون نزحوا إلى سوريا، بينما هم سوريّون أصيلون لهم ، مع مواطنيهم اللاخلقيدونيين: نفس اللغة ونفس الاثنية.(8) اللاخلقيدونيون السوريون هم أبناء طائفة السريان الارثوذكس(9) ولغة هذه الطائفة هي السريانية الآرامية، كما ان هويتها القومية هي الآرامية. وعندما يكون لطائفة الروم الكاثوليك نفس اللغة والإثنية لطائفة السريان الارثوذكس، يكون قد تحقق لهاتين الكنيستين، الإنتماء القومي المشترك، والهوية الحضارية التاريخية المشتركة، وهي الهوية الآرامية.

فما دامت كنيستا الروم الارثوذكس والروم الكاثوليك لا تُمانعان  في أن تفاخرا بانتماء قومي لهما، فعليهما أن تفاخرا بانتمائهما الآرامي، خاصة وأن كنائسنا المشرقية كافة، لم تشهد أي كتابة عربية، دينية أو ليتورجية، إلا بعد الاحتلال الاسلامي(10) بأكثر من مئتي سنة لمشرقنا الآرامي.

وبالإضافة الى الإستشهاد بأقوال كل من المطرانين عوده و باشا، سنقدم استشهادات أخرى من كتابات سيادة المطران جورج خضر التي نوحي من خلالها إلى بعض الثوابت التاريخية، وإلى بعض الضوابط الوطنية على صعيدي الفكر والممارسة.

فعلى الصعيد التاريخي، يقول المطران خضر: نحن جسم – آرامي بيزنطي- عربي(11). وهذا إجماع إضافي يؤكد هويتنا المشرقية الارامية، وباضافة إلى عاملين لاحقين هما العامل البيزنطي والعامل العربي،

لن أحاول تحميل كلام سيادة المطران خضر ما لم يكن يقصد قوله. فما سأقدمه من تفسيرات لهذه التسميات، لن تعدو كونها تفسيرات لفرضيات أضعها شخصياً، لأخرج منها باستنتاجات توضح ما أصبو إلى بلوغه.

أن أفترض من خلال كلام المطران خضر أننا بعد أن كنا آراميين، أصبحنا بيزنطيين ثم عرباً، هذا استنتاج سيصوّبه المطران نفسه في إستدراكه قائلاً: بالإنطلاق من الموروث غير المبتور نبني حاضراً و آتياً قويين سليمين(12). والموروث المبتور أن نتكلم عن تراث غربي بمعزل عن التراث البيزنطي، أو أن نتكلم عن التراثين البيزنطي والعربي بمعزل عن التراث الآرامي.

ولكننا نلفت موضحين، أن الفرق بين الآرامية والبيزنطية ، هو أن الآرامية هوية قومية للشعوب المسيحية التي كانت خاضعة للحكم البيزنطي، وأن البيزنطية هي حكم امبراطوري روماني بيزنطي (نسبة لمدينة بيزنطية)، تقلص فيما بعد ليصبح هوية طقسية كنسية بلغة أوروبية يونانية. وعليه لا يمكننا القول بوجود تراث بيزنطي وآخر عربي جاءا كمتراكمات لاحقة للتراث الآرامي. لأن العروبة لم تظهر كثقافة مكمّلة للآرامية، بل كهوية لاغية لما سبقها، أو أقلّه كهوية وثقافة نمت إالى جانب ثقافة الآراميين أهل البلاد، مع كل مارافق ذلك من تفاعلات عبر العصور. فالفرنسيون لم يصبحوا ألماناً بفعل الإحتلال الألماني لبلادهم. وإذا رد البعض عدم تحول الفرنسين إلى ألمان، لقصر زمن الإحتلال، نذكّر باحتلال البرتغال لبلاد البرازيل الذي دام مئات السنين بدءاً من سنة 1500م. وإنك إذا سألت برازيلياً عن هويته، أجابك وباللغة البرتغالية، التي أصبحت لغة البلاد الرسمية، أنه برازيلي وليس برتغالياً.

وللمطران خضر مواقفه الوطنية اللبنانية الثابتة، وبالإضافة إلى مواقفه العروبية. وهو الذي أعطى العرب العروبة ما لم يعطه العرب لأنفسهم، كقوله: "العرب اليوم ترجمة المسيح إلينا لأن المسيح أوجاع".(13) "عند أهل فلسطين أحبّ إلى الرب من كنيسة القيامة لأن المسيح ينبغي منهم، من عدلهم . ضريح المسيح ذكرى. العرب ليسوا ذكرى".(14) "العرب بابنا إلى المطلق ..قضية العرب اليوم قضية الله.. الله الآن حاضن العرب".(15)

فلسطين كلها وسيلة لإستعادة الإنسان العربي الكرامة.."(16)

ثم يخبرنا سيادة المطران خضر عن قول أحد الأصدقاء اللبنانيين له: سألني مناضل لبناني، بوداعة و لطف، ولست أعلم إن كان يخشى على لبنانيتي شيئاً قال: لماذ هذا الإنسحاق , هذا الإنصهار في العرب؟ (17)

ولكن حسب سيادة المطران خضر للعرب و لقضيتهم لم يؤخره عن انتقادد الأخطاء، والدفاع مصالح لبنان، قائلا: "عليا أن ننقذ العرب من أنفسهم" (18)

"إن الاسلوب العربي في التعبير يقوم على الغلو.. فمن يمسخ هذا الاسلوب العربي البالي!" (19)

"إننا لا نقدر أن نقول نعم للعرب قبل أن نقول لهم لا. لا يمكننا أن نقول لهم نحن منكم قبل نكون لأنفسا. لا نستطيع أن نخدمهم دون أن نعرف ماهيتنا"(20)

"رسالة لبنان، لتكون فاعلة ، مداها الأول لبنان . والغباوة إذا أن نحل مشاكل الأشقاء قبل يحلوها هم أو أن نجعل مشاكلهم هواجس لنا لبنانية".(21)

وأبلغ وصف لحقيقة الواقع اللبناني ولحقيقة التركيبة المجتمعية للأمة اللبنانية، جملة سطرها سيادة المطران، اختصربها عمق أزمة التعايش في لبنان، في قوله: "إن أصحاب هذا التعايش لم يفطنوا أنه يقوى ويضعف تبعا لتقلّبات العالم وأنه عرضة للتصدع إذا أحسّ أحد الطرفين المتعاقدين أن الدنيا تتغير لغير مصلحته.. فالبلاد كلها تعيش على تقية وكتمان".(22)

إننا حين نتكلم عن الحضارة الرومانية في بعلبك، لا نقصد تحويل الشعب البقاعي هناك الى شعب روماني إيطالي. وكذلك الامر، حين نتكلم على التراث البيزنطي، فلا نقصد تحويل الناس في كنائسا البيزنطية الى يونانيين لمجرد اعتمادهم اللغة اليونانية في طقوسهم الدّينية. لذا ، كم يكون مستحباً اطلاق تسميات جديد لكنائسا البيزنطية في لبنان، مثل أن نقول: " الكنيسة الآرامية الارثوذكسية" ، بدلاً من التسمية: "كنيسة الروم الارثوذكس". وأن نقول ايضاً: "الكنيسة البيزنطية الآرامية الكاثوليكية" بدلاً من التسمية: كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك".

ولهذه التسميات الجديدة مدلولاتها الواقعية والموضوعية . فكلمة "البيزنطية" ترمز الى الطقس الكنسي المتّبع . وكلمة "الآرامية" تدل الى الهوية القومية. وكلمة " الكاثوليكية" أو "الارثوذكسية" تحدد خصوصية العقيدة الايمانية.

بيد أن كلمة "روم" تعود نسبة الى روما. وكلمة "ملكيين" (23) تعود أيضاً نسبة الى الملوك البيزنطينيين الذين كانوا يرعون قسرياً انعقاد المجامع المسكونية ومقرراتها، بالاضافة الى أن اللغة اليونانية المعتمدة في الطقس البيزنطي هي كذلك لغة اوروبية غربية. وهكذا تكون كنائسنا البيزنطية قد ذهبت في الكنسية الى الغرب، كما ذهبت في انتسابها القومي إلى جزيرة العرب، مُسقطةً حقيقة، ما يفصل بين هاتين النقطتين الجغرافيتين، من بلاد آرامية شاسعة، هي في الأساس موطن البيزنطيين المسيحيين الآراميين.

 أن نكون سريانيين _ آراميين ذلك يعني أن نعمل على احترام شخصيتنا, وعلى تاكيد مشرقيتنا أكثر، مع الإحتفاظ  بداهةً، بحقنا في الإبقاء على طقوسنا الكنسية، يونانية كانت أم لاتينية، والإلتزام حيال اترام هويتنا القومية. لأن من يتساهل في هويته، كمن يراهن على وجوده، أو كمن يُسهم في أن يبتلعه الآخرون مثلما ابُتلع ميشال عفلق. 24))

فمن خلال إحياء هويتنا القومية الآرامية والإلتزام بها، نخلق أرضية مشتركة كبرى تجمع شملنا مساعدة إيانا على تخطّي فواصلنا اللاهوتية.

ونحن حين ندعو الى التوحيد قومياً باسم الهوية السريانية – الآرامية، فلا ندعو الى وحدة جغرافية تتعدى الإطار الجغرافي لحدودنا الوطنية المعترف بها دولياً. وذلك إيماناً منا بتفادي الوقوع في الأخطاء العقائدية التي وقع فيها البعض (25) لما فيها تحجّر عبثي وصنميّة في التفكير. فلا حرج في أن يبقى الآرامي العراقي عراقياً، والآرامي السوري سورياً، والآرامي اللبناني لبنانياً، لكن يجب أن يعلم الجميع بأن الكل هم آراميون.

و أودّ بالمناسبة إعطاء المزيد من الأدلّة على صحة طرحنا، إن الكنائس البيزنطية في لبنان، تنتمي بدورها الىالهوية الآرامية. ولن يكون دليلنا إلا من خلال شهادة بيزنطية يقدمها سيادة المطران حبيب باشا راعي ابرشية بيروت وجبيل لـ طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، أو بتعبير آخر لـ الطائفة البيزنطية الآرامية الكاثوليكية حسب ما اقترحنا، من تسمية جديدة.

.يقول سيادة المطران، انه قبل الإحتلال اليوناني كانت الآرامية هي اللغة المتداولة في سورية. وقد تمكنت هذة اللغة (أي الآرامية) من اجتياح الامبرطورية الفارسية نفسها (وصولاً الى الهند مثلما أشرنا آنفاً) كما تبناها اليهود انفسهم، معرضين عن العبرانية (26) لغتهم الخاصة.

ويضيف سيادة المطران ان اجزاء من العهد القديم وانجيل متى الاصلي، كتبت باللغة الآرامية ، ولكن إثر الاحتلال الاسكندري، اتسمت سورية بطابع يوناني ، وتسمت المدن باسماء يونانية، وكذلك أهل الثقافة. ونشرت العادات اليونانية في سوريا، وأصبحت اليونانية هي لغة الادارة والثقافة، واللغة الرسمية المعتمدة في المجامع المسكونية والاقلمية وفي المراسلات الكنسية. وكانت تترجم الى اللغة السريانية التلاوات والخطب للأميين الذين يجهلون اليونانية.

وهناك حادثة أوردها ثيدوريتوس في تاريخه الديني، تفيدنا عن وضع اللغة في سوريا في مطلع القرن الخامس. وذلك أن بوبلوس أنشا، على ضفاف الفرات، في زوغما، شمالي جرابلس، ديراً تقام فية الصلوات باليونانية. فلما طفق المزارعون، في الجوار، ينضمون الى الرهبان – وكانوا لايتكلمون الا السريانية – بنى لهم بوبليوس ديراً ملاصقاً للأول، فكانت الجماعتان تلتئمان في الكنيسة المشتركة، وتتناوبان ترتيل المزامير باليونانية والسريانية.

ولكن يتابع سيادة المطران، أنه مع النهضة القومية السورية، والإنتفاضة على البيزنطيين الخلقيدونيين، بدأ استعمال السريانية يترسَّخ في الأدب الى أن غلب التداول بها في الفرع المنوفيزي. والواقع ان الشعب لبث ، في معظمه، متمسكاً بالسريانية.

ومن الأدلة القاطعة على استمرار السريانية لغة في الطبقة الشعبية أن المدن التي انتحلت اسماً يونانياً إثر الاحتلال الإسكندري استعادت اسمها السامي بعد ألف سنة، إثر لاحتلال العربي (27).

ويختتم سيادة المطران باشا كلامه على حقيقة هوية مشرقنا الآرامي، قائلاً: لا نجد أثراً لأي أدب مسيحي باللغة العربية قبل الاسلام. (28)

إن ما يلفتنا في كتابات المطران باشا دقته في التعبير. فهو بالرغم من انتمائه للطقس البيزنطي اليوناني لم يتردد في اعتبار الوجود اليوناني في سورية احتلالاً. كما لم يتردد في وصف دخول المسلمين العرب الى بلادنا بالاحتلال أيضاً. وعليه، فكما أن المطران باشا، لم يُصبح يونانياً بفعل اللغة اليونانية طقساً كنسياً، لم يُصبح عربياً بحكم إتقانه اللغة العربية، لغة الفتح والاحتلال.

ومن الأدلة الاخرى، على أن ما يجمعنا من قواسم مشتركة مع الأرمن، ليس بالصدفة التاريخية وحسب، بل جذور كنسية طقسية انطاكية، ما أشار اليه المطران باشا بقوله: ومن الطقس الانطاكي تفرع الطقس البيزنطي والأرمني والكلداني ثم الطقس الماروني والسرياني المتداول اليوم (29).

وبعد توقفنا عند بعض الآراء لبعض أساقفتنا المسيحيين الذين تكلموا بشكل او بآخر على هويتنا المشرقية الآرامية، سنتوقف عند العديد من آراء البحاثة وعلماء التاريخ (30) من المسيحيين ومسلمين، من عرب و أجانب، الذين تكلموا جميعهم بكل رهبة وإكبار على عظمة حضارة الشعوب الآرامية، وعلى مدى تأثيرها في لغة العرب وثقافتهم.

لقد أُطلقت التسمية "السريانية" على الآراميين المسيحيين لتمييزهم عن الآراميين الذين لم يتمسحنوا بعد. وقد أدت خصوبة الإبداع الآرامي، الثقافي والحضاري، إلى نشر اللغة الآرامية لتجتاح الشرقين الادنى والأقصى. وفي كتاب "تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين" يقول فيليب حتّي: "لم تعد اللغة السريانية الآرامية لغة التجارة والثقافة وحسب وإنما لغة الحكومة والشعب في الهلال الخصيب ومجاوراتها" . وفي كتاب آخر بعنوان "تاريخ العرب "، يقول حتّي: "وكانت طريقة للسريان في نقل الكتب أن ينقلوا الكتاب الى لغتهم السريانية، ثم يترجمونه الى العربية، وهكذا أصبحوا أعظم حلقة للاتصال بين الثقافة الهيلينية وبين الإسلام، ومن هنا كان السريان أقدم شعب شرفي موَّن العالم قاطبة بالثقافة الإغريقية، فالثقافة الهيلينية لم تصل العقل العربي إلا عن طريق اللغة السريانية".

ويذكر المؤرخ المصري نجيب ميخائيل ابراهيم في كتابه "مصر والشرق الادنى القديم" ان اللغة الآرامية اجتاحت بلاد فارس لتغدو اللغة الرسمية للامبراطورية الفارسي، ويصفها بالتالي باللغة الدولية لسعة انتشاره، فيقول: "حين قام النزاع بين الفرس والرومان ، ظلت لغة الآراميين تفرض نفسها على سائر اللغات، فأبادت اللهجات الكنعانية والاكّادية، وقد عُثر على مئات ، بل آلاف، الوثائق كتبت بلهجات آرامية متعددة، فهي لم تكن لغة الإمبراطورية الفارسية فحسب، وإنما كانت لغة دولية – إذ استعملها الفرس في دواوينهم وكتبت بها برديات عُثر عليها في مصر، كما كُتب بها التلمود البابلي ، وكذلك أسفار من التوراة والانجيل، وظلت تحمل لواء الثقافة دهراً طويلاً".

ويضيف الآثاري العرقي طه باقر في كتابه "مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة"، ان اللغة الآرامية ابنة الحرف الفينيقي، قد استعملها العبرانيون ، وان الأرمن والفرس والهنود قد أخذوا خطّهم من أُصول آرامية. ومن الهند صدَّر الكهنة البوذيون الخط السنسكريتي المشتق من مصدرآرامي الى قلب الصين والى كوريا. وان كتاب القرآن كتب بالحرف النبطي المشتق من الآرامية. وللأمانة العلمية ننقل النص الحرفي لكتابات طه باقر فيقول : "الآرامية عرفت أعظم و أغرب انتشار تحرزه لغة لم تسندها سلطات سياسية، ولم يقتصر الامر على انتشار اللغة وحدها، اذ أنه بانتشارها انتشر استعمال الحروف الهجائية التي كتب بها الآراميون لغتهم فاقتبستها أقوام عديدة في جميع انحاء آسيا في كتابة لغاتهم المختلفة، فأخذ اليهود خطّهم من الخط الآرامي بين القرنين السادس والسابع قبل الميلاد، وكانوا قبل ذلك يستعملون حروفاً فينيقية قديمة، والخط العبراني المسمى بالخط المربع الذي تطبع به التوراة مشتق من الخط الآرامي الذي اقتبسه اليهود. كما أن العرب الشماليين أخذوا خطهم من الخط النبطي الذي هو شكل من أشكال الخط الآرامي، وهذا هو الخط الذي كتب به القرآن، وتطور الخط العربي الحديث.

وأخذ الأرمن والفرس والهنود (الخط البهلوي والسنسكريتي) خطهم من أصول آرامية، ونقل الكهنة البوذيون الخط السنسكريتي ( المشتق من مصدر آرامي ) من الهند الى قلب الصين والى كوريا، وهكذا يكون الخط الفينيقي (أصل الخط الآرامي) قد انتقل على أيدي الآراميين إلى جميع نصف العالم الشرقي ، في حين أن اليونان نشروا الخط نفسه الى نصف العالم الغربي".

ومن بين الكتابات الغربية في الهوية الآرامية لغة وحضارة ، ما قاله المستشرق الفرنسي رينان في كتابه، "التاريخ العام للغات السامية" إن: "الآرامية في القرن السادس قبل الميلاد طمست كل اللغات التي سبقتها و أصبحت اللغة الأولى خلال أحد عشر قرناً المعبر الاول للعقلية السامية".

 ويشبّه المستشرق البلجيكي هنري لامنس اللغة السريانية قي كتابه "تاريخ سوريا" من حيث عظمة انتشارها ، بانتشار اللغة الانكليزية اليوم، فيقول امتدت لغة الآراميين حتى العهد الاسلامي، حيث كان المسلمون يدرسونها لكثرة فوائدها... فلا نظن أن لغة ،حتى اليونانية، جارت السريانية في اتساعها ، اللهم إلا الانكليزية في عهدنا".

ويتحدث المستشرق ديلاسي أوليري في كتابه "الفكر العربي ومكانه في التاريخ" (الذي ترجمه الى العربية تمام حسَان) بإسهاب عن أثر السريان وفلسفتهم في الفكر العربي، ومما قاله: "وكان الأساس المعين الذي اختاره الكندي هو دراسة ارسطو في النفس كما شرحها الاسكندر الافروديسي، واعانة في هذا الاختيار فلاسفة السريان". ومن الملافنة السريان الذين ساهمو في إنارة العقل العربي وتزويده بنتاج الفلاسفة اليونان وغيرهم من المفكرين، نذكر على سبيل المثال لا الحصر، خلال الحقبة العباسية، كلاً من : يوحنا بن ماسويه، حبيش بن الأعسم، يحيى بن البطريق، ثابت بن قرة، اسرة بختيشوع، يحيى بن عدي، ابن زرعة، اسحق بن حنينن، وحنين بن اسحق (808-873 م). الذي أشرف على بيت الحكمة في بغداد في عهد الخليفة العباسي المأمون، وأبو الفرج غريغوريوس ابن العبري (1226-1286 م) المؤرخ والأديب الذي لاتزال كتاباته تضعه في مقدمة اقرانه في آخر ايام الدولة العباسية والغزو المغولي و تؤرخ وفاة الأديب الكبير عبديشوع الصوباوي سنة 1318 م بأنها بداية عهد الظلام الذي أنهى وجود الآرامية كلغة وثقافة جماهيرية ومحاصرتها داخل الكنائس والأديرة لتقتصر على الطقوس والمدائح الدينية. (31)

ومن بين رواد الثقافة الآرامية قبل الاسلام، نذكر بعضاً من المفكرين، أمثال: أحيقار (32) الذي كان رئيساً لمكتبة البلاط الآشوري في نينوى في النصف الأول من القرن السابع قبل الميلاد، والذي سمت كتاباته، من حكم واقوال مأثورة، بحيث دخلت مقتطفات منها حتى في كتب الديانات السماوية والتراث الشعبي لمختلف الشعوب، وانتشرت في العالم القديم ووصلت مصر، إذ وجدت نسخة منها على أوراق البردي التي عُثر عليها في جزيرة الفيلة عام  1906م. و مار ابن سرابيون، الذي عاش في القرن الثاني الميلادي في بلدة سميساط (على الفرات، حاليا في جنوب تركيا)، و اعتبره المؤرخون أحد الذين احتلوا مكان الصدارة في الفلسفة الرواقية التي أسسها زينون القيسوني. و برديصان (154-222 م) الذي عاش في الرّها (اورفا- حاليا في تركيا)، يعتبر كتابه "شرائع البلدان" من أهم الكتب القديمة في موضوع  "معضلة الشر والقدر". والأسماء كثيرة نختتمها باسم الشاعر مار افرام السرياني (303-373 م). وحتى اليوم لاتزال أسماء مئات الموقع في الشرق محافظة على اسمائها الآرامية القديمة: وادي قاديشا، برمّانا، جعيتا/ عنطورا ( عين طورا)، أورمية، الأنبار، الحيرة ، كركوك ...

وعلى مستوى تأثير اللغة السريانية في اللغة العربية، نذكر استشهادات لكتّاب عرب مسلمين، يعترفون بالأصول الفينيقية للحرف العربي، وبالأصول السريانية التي اقتبستها اللغة العربية على مستوى الشكل والإعجام. وقد جاء في كتاب "الإملاء الواضح" في مايتعلق بالكتابة العربية، للمؤلفين العراقيين عبدالمجيد النعيمي و دحام الكيالي ما مفاده: "الكتابة العربية هي فرع من الفروع الكثيرة التي تكوّنت من الخط الفينيقي. وأخذ العرب الشكل والإعجام عن السريان، وبمرور الزمن عدّلوا علاماتهم وزيّنوا فيها، ومن أوائل من فكروا في هذا الأمر علي بن أبي طالب وأبو الأسود الدؤلي.

وقال أحمد أمين في كتابه "فجر الاسلام": كان طبيعياً أن ينشا علم النحو في العراق، لأن الآداب السريانية كانت في العراق قبل الإسلام، وكان بها قواعد نحويّة، فكان من السهل أن توضع قواعد عربية على نمط القواعد السريانية".

   وحول الواقع الآرامي الحديث، يسجل التاريخ حصول مجازر مريعة وقعت مع بداية الحرب العالمية الاولى، أدت الى مقتل عشرات الألوف من السريان الآراميين وكذلك الارمن، مع فارق ان الأرمن لم يُبادوا في موطنهم الأم بل في مدن وقرى سريانية، في ديار بكر، وماردين، الرها، ونصيبين، وصاعور، ومذيات.. وقد بلغت الخسائر السريانية في تلك الفترة تحديداً، وفي بلاد ما بين النهرين حصراً: 236 قرية، و 160 كنيسة ودير، و 155 مطراناً وراهباً وكاهناً ً، 90313 قتيلاً (33) وكان من نتائج هذه المجازر أن اضطر الآراميون ألى النزوح عن العشرات من مدنهم وقراهم في جنوب تركيا وشمال ايران والإنحسار داخل المناطق العراقية. مع ماتبع ذلك من إحراق مكتبات عامرة مثل دار كتب بلدة سعرة (على الحدود الأرمنية) وغيرها الكثير.

    وحول الواقع الآرامي المعاصر، نذكّر بما تعرض له الآراميين من عمليات ضغط منظمة، أدّت إلى مغادرة عشرات الآلاف من الآراميين لمدنهم في ايران بسبب الظروف القاسية التي فرضها النظام الحالي الذي سيطر بعد سقوط الشاه. وتفاقمت المأساة ايضاً، حين أفرغت السلطات العراقية عشرات القرى في شمال غرب العراق من سكانها الناطقين بالآرامية في العام 1960. ناهيك عن الضربات التي اعتاد تسديدها الأكراد بحق شعبنا السرياني الآرامي في العراق، بالرغم من أن الاكراد انفسهم يعانون كونهم هدفاً مماثلاً لضربات السلطات العراقية والتركية...!!!

   وقد بدت في الافق بعض ملامح التفاؤل بجو من الحريات يضمن حقوق الاقليات في العراق وذلك سنة 1972، حين صدرات قرارات حكومية عدة بـ "منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين باللغة السريانية من الآشوريين والكلدان والسريان" فإذا بالجماهير المشمولة بالقرار، تعبر عن ابتهاجها ضمن مسيرة انطلقت الى وزارة الداخلية في بغداد يوم 28/4/1972، و زادتهم فرحة عبارات وزير الداخلية آنذاك الذي ألقى فيهم كلمة، جاء فيها: يا أبناء العراق ويا أحفاد سنحاريب ، وسرجون، وآشور بانيبال، ونبوخذ نصر، إن هذه الاسماء التي تلمع في تاريخكم تشكل من أسماء الأبطال المفكرين الاخرين الذين صنعوا ماضي هذا البلد المناضل رمزاً للبطولة والحكمة وللقيم الحضارية .. فالقومية العربية لا تهمل التراث الثقافي السرياني الذي كان يوماً ما جسراً حضارياً بين العربية وبين الحضارات في الماضي".

    ولكن شيئاً من الوعود والاحلام لم يتحقق: فلا الوحدات الإدراية تم تحديدها، ولا الحقوق الثقافية في أن تكون السريانية لغة التعليم في كل المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية التي غالبية تلاميذها من الناطقين بهذه اللغة قد تحقق، ومجمع اللغة السريانية الذي تأسس في بغداد لم يعمر طويلاً، إذ تمّ حلّه عام 1978 بقرار حكومي . ومن نشاطات هذا المجمع في العام 1974، تخليد ذكرى مار افرام السرياني والمترجم حنين بن اسحق.

 ونختم حديثتا حول أوضاع الآراميين في العموم، بكلمة ذكرها صاحب مقال "الآراميون.." في جريدة الحياة، جاء فيها: "وما الضّغط الذي مارسته تركيا الأتاتوركية، والتحولات القومية واللغوية (العربية) في سورية ولبنان ، والويلات التي جلبتهاالحروب المحلية والخارجية للعراق، وإرهاب الحكم الديني في ايران، إلا ضربات قصمت ظهر الآراميين وأنزلت بهم البليّة. كما أن التخلي الواسع عن اللغة الآرامية في لبنان وسوريا، كان هو الآخر مأساة لهذه اللغة، وإن لم تتوقف في البلدين الأبحاث التراثية (34) عنها.

    لكن الوجود الكبير للسكان المتحدثين بهذه اللغة في المدن والقرى المنتشرة في الجهات الشمالية الشرقية من سوريا وشمال العراق وغرب ايران، كان قد أبقى بصيصاً من الأمل بأن هذا الشعب وهذه اللغة لاتزالان يقاومان الانقراض. (35)

 وباختصار نقول، إن الاوان قد آن، لكي نخرج من حالة فقدان الهوية، ولكي نؤكد لرموز الطائف (36) ولسواهم من أرباب العروبة والتعريب، أن مسألة تذويبنا لم تحسم بعد، و أنه ما من أمر قد حسم سوى خسارة العرب لقضيتهم فلسطين . وإننا، من خلال تأكيدنا هويتنا ، لسنا نقصد تخلينا عن اللغة العربية بصفتها اللغة الرسمية الاولى في لبنان. فسنستمر على إتقاننا هذه اللغة لما تشكله لنا من جسر عبور حيوي واستراتيجي, يمكّننا من التّواصل مع العالم العربي على أكثر من صعيد, الى جانب استمرارنا في احياء لغتنا الآرامية إضافة الى استفادتنا من أية لغة اخرى نتقنها لحاجتنا العملية اليها.

   إننا ندعو بحرارة ، العديد من اخوتنا المسلمين الذين لم يأتوا بلادنا برفقة الغزوات العربية التي انطلقت من شبة الجزيرة، و الذين اعتنقوا الاسلام بحكم الفتح الاسلامي لبلادهم ، أن يميزوا بعقلانية وتجرّد، بين هويتهم الدينية المسلمة، وبين هويتهم القومية الآرامية. فكما يوجد مسلمون باكستانيون واندونسيون وفرس وافغان كذلك يوجد مسلمون آراميون. وما من دليل قاطع على آرامية غالبية المسلمين في مشرقنا، غير ماتبقى من القرى السريانية المسلمة في سوريا، التي لا تتكلم إلا السريانية، والتي تكاد لا تلمّ باللغة العربية، وهذه القرى السريانية قد نال منها سيف الإسلام الفاتح (37) فأسلمت، وسلمت عن سيف التعريب الغازي (38) فظلّت على لغتها الأم . ومن بين هذه القرى نذكر كلاً من بلدتي "بخعا" و "جبعدين" في محافظة دمشق بالإضافة الى "معلولا" و "صيدنايا" كمناطق سريانية مسيحية اسلامية مختلطة.

   ومن بين المدن والقرى السريانية المسيحية الصرف أو ذات الغالبية المسيحية، التي استطاعت أن تصمد في وجه الأسلمة والتعريب، نذكر على سبيل المثال ، من قرى محافظة الحسكة بسوريا: القامشلي- دمخياً الكبرى- تل فارس-تل الثوم – الوطوطية - كبابا- طرطب - سلام عليك - محركان- رونان- غرغِه شامو- تل جيهان- غرشيران – غردوكا – زوآفا - ملا عباس- خويتلا العليا - خوتيلا السفلى- شلهومية- بيان دور- قبور البيض..

بالقرب من تل علو (داخل محافظة الحسكة) نذكر بعضاً من أسماء القرى السريانية: جلاعا (بالجيم المصرية) – طاش – بياضي...

   وفي منطقة الخابور نذكر أسماء القرى التالية: تل تمر- تل نصري - تل رمان- تل شاميران- تل سكرا - تل طال – تل ورديات - تل هرمز...

والجدير بالذكر، من أجل التدليل على عدائية العروبة وتوياليتاريتها، بأن بلدة قبور البيض السريانية، قد استُبدل اسمها باسم القحطانية، كعمل مدخلي لتعريب البلدة ولو بدءاً باسمها (39). كما أن تسمية "القحطانية" تعود نسبة الى "قحطان" الجد الاكبر للعرب في بلاد العرب أي في صحراء شبه الجزيرة العربية.

 إن امكانية التمييز بين عدم ربط الهوية الاسلامية بالهوية العربية في عالم العربية، أي في الدول الناطقة باللغة العربية، ليست ببدعة نستنبطها بل نموذج يُحتذى، يقدمه أبرز المفكرين الاسلاميين المعاصرين، وهو الشيخ الأعلى معنوياً في الجمهورية الاسلامية السودانية، الشيخ الدكتور حسن التربي، الذي لم يتردد في الاعتراف بوجود تعددية قومية في السودان، تشكل قوام الأمة السودانية، خلافاً لتعنت العروبيين في لبنان، اذ يقول: "من مميزات السودان أنه بلد مركب من عدد من الشعوب العربية والإفريقية المتفاعلة مع بعضها البعض. ففيه مغاربة ونيجيريون وسنغاليون وحبشيون واريتريون وصوماليون وزائيريون وكل الشعوب. السودان بلد منفتح على الشعوب". (40)

   إن جل ما نلاحظه في تفكير د. الترابي تلك الهوّة الفاصلة بين فكر الإسلاميين الخالي من العقد على هذا الصعيد أي في قدرته على الاعتراف بوجود تعدديات قومية في بلاد المسلمين، وتقبّله لها دونما استثناء، وبين العروبيين المسلمين، الممتلئين رفضاً لما يبدونه من إصرار على عدم تقبلهم الإعتراف بوجود أي هوية قومية أخرى غير الهوية العربية بأسلوب لم يخلُ من ممارسات الاكراه والتعسف.

 وباختصار نوجز أن البلاد السامية في الشرق الأدنى، تتوزع على ثلاثة شعوب هي: الشعب الآرامي ، والشعب الاسرائيلي (41) والشعب العربي تفصل اللغة والدين في مابين كل منها، وتفصل الجغرافيا في ما بين الآراميين والاسرائيليين من جهة وعرب الجزيرة من جهة اخرى.

1-        الشعب الآرامي : لغته السريانية، وديانته المسيحية. يتوزع على كل من بلاد العراق وسوريا والأردن ولبنان, وتركيا...

2-        الشعب الاسرئيلي: لغته العبرية، وديانتة اليهودية. يتواجد في اسرائيل باستثناء مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية.

3-        الشعب العربي: لغته العربية، وديانتة الاسلامية. يتوزع على كل من بلاد الكويت والبحرين وقطر والامارات وعُمان واليمن والسعودية.. الأمة في مفهومنا تعني قوام شعب الوطن. فلا وطن من دون أمة. ولا أمة من دون وطن. وهذا ما لايجعلنا نتكلم عن وجود أمة كردية أو عن وجود أمة عربية بفعل غياب الوطن الجامع لهذه الامة أو لتلك. خلافاً للأمة الارمنية التي لها وطنها الام في أرمينيا.

 والأمة في مصطلحنا تخضع لأشكال أربعة:

 1. الأمة التامة:                                             في ايران (42)

2. الامة التامة المنتشرة                                   في أرمينيا

3. الامة التامة المنتشرة                                   في كرباخ والسعودية

4. الامة المركبَة:                                          في سويسرا ولبنان

 

ومجازاً، نتكلم عن شكل خامس للأمة وهي الأمة المفككة، كالأكراد ، والعرب، والآراميين الذين يفتقدون الى وجود الوطن الام( وفق المعيار الحديث لمفهوم الوطن والدولة). وبحكم افتقادهم للوطن فهم ليسوا بأمة، بل شعوب موزعة على أكثر من وطن مركِّب.

الأمة التامة هي الأمة المتجانسة لغة وحضارة، حدوها حدود الوطن، فلا امتداد لها في أي من الدول والاقاليم السياسية الاخرى.

الأمة التامة المنتشرة، هي في الأساس أمة متجانسة تتمتع بمقومات الوطن، لها انتشارها لغة وقوماً في دول وكيانات سياسية أخرى.

 الأمة التامة المبتورة: وهي أمة منبثقة عن الأمة الام، تتمتع بكيان حقوقي سياسي وباقليم جغرافي مستقل. وهذه أمة منبثقة عن الأمة الأرمنية المبتورة في "كرباخ" لكونها تشكل جزءاً من الأمة الام التي لاتزال حية في دولة ارمينيا. بينما الأمة العربية المبتورة في "السعودية" لاتشكّل جزءاً من الأمة العربية الأم، لانها (أي الأمة الام) اصبحت مفككة بعد توزعها على كافة دول الخليج في شبه الجزيرة العربية.

 فالأرمن خارج أرمينيا لا يشكلون أمة (باستثناء كرباخ) ، بل شعوباً أرمنية موزعة على أكثر من دولة. وكذلك العرب فهم بالاضافة الى افتقارهم للأمة الام، يشكّلون خارج حدود الجزيرة العربية شعوباً عربية موزعة على اكثر من دولة مشرقية ومغربية. وهذا ما يجعل من الأمة العراقية و الأمة السورية والأمة الأردنية و الأمة اللبنانية... أمماً مركِّبة.

وعلى هذا الاساس ننساق مميزين هوية الدولة في لبنان وهوية الأمة فيه. فإذا كانت الدولة اللبنانية، دولة عربية، لاعتمادها اللعة العربية لغة رسمية للبلاد و لدخولها في جامعة الدول العربية، فالأمة اللبنانية تبقى أمة مركبة مما يستعصي اختزالها بالهوية العربية أو بسواها من الهويات القومية المكوّنة للأمة في لبنان.

 إن ما يميّز بلاد العرب في شبه الجزيرة العربية عن مشرقنا الآرامي ، غياب التعددية القومية في شبه الجزيرة العرب وبروزها في بلادنا الآرامية، حيث تتواجد كلّ من القوميات التالية: القومية الارمنية، والقومية الكردية، والقومية الشركسية، القومية العربية، والقومية القبطية... بالإضافة الى الآراميين أبناء المنطقة الأصليين وأصحاب الارض.

وما يجمع بين الأمتين العربية والآرامية، ان كليهما أمتان مفككتان: الأولى موزعة على مختلف دول الخليج الفارسي في شبه الجزيرة العربية، والثانية موزعة على الارضي الأمّورية – الكنعانية في مختلف الدول العربية (43)، انطلاقاً من بلاد العراق وصولاً الى لبنان.

وختاماً لرسالتنا، نتوجه الى العرب والعروبيين محذرين، أنهم بقدر ما يتعاطون مع شعوب المنطقة، وعلى وجه التحديد مع الآرامية السريانية، بشكل منفتح وحضاري، يؤدي الى الاعتراف بهوية الاخرين، بقدر مانبدي استعدادنا للتعاطف مع المصالح العربية الكبرى. أما أن تبقى سياسة التعريب مستمرّة عن طريق الإكراه والتهويل، فسنبقى حالة متأهبة.

 لقد آن الاوان لوضع حد لعمليات القضم و التذويب لوجودنا ولهويتنا (44) فكما قمتم (أيها العرب) بمحاربة حملات التتريك، حباً بهويتكم وتمسكاً بها، سنقوم كذلك، بالدفاع عن هويتنا حفاظاً على كرامتنا وتشبثاً منا بجذورنا وأصالتنا.

.................................................................................

  1.  نقصد بكلمة الأمة كامل قوام شعب الوطن، متجانساً كان أم مركباً. وسناتي على تفصيل مفهوم الأمة في الصفحات اللاحقة.

  2.   تجدر الاشار الى أن المذاهب المسيحية الـ12 المذكورة، تنتمي جميعها الى كتلة الشعوب الآرامية باستثناء الطائفة الارمنية "القوقازية"، والطائفة القبطية حفيدة الفراعنة.

  3.   لقد أكَّد آية الله السيد محمد حسين فضل الله فشل الفكرة القومية العربية واندثارها، في مقابلة له على شاشة تلفزيون الـ ICN  خلال شهر آذار سنة 1996. كما أكَّد خلال خطبة الجمعة بتاريخ 16 شباط 1996 سقوط أعظم الشعارات العربية، قائلا : "اللاءات العربية كانت لاصلح لا تفاوض ولا اعتراف ... وسقطت هذه اللاءات".

  4.   أسعد صوما أسعد، "الكنائس الهندية السريانية"، مجلة آرام، العدد الأول ص 81-92. ستوكهولم 1991.

  5.  المطران حبيب باشا، الروم الملكيون الكاثوليك، المطبعة البولسية -  جونية - لبنان، سنة 1986، ص:109

  6.   المطران حبيب باشا، المرجع ذاته، ص: 109 ذكر العقيد معمر القذفي في مقابلة تلفزيونية له خلال شهر نيسان عام 1996، أن العروبة والإسلام وجهان لعملة واحدة، تأكيداً علىترادف الهويتين العربية و الإسلامية، فكيف يردّ سيادة المطران حبيب باشا على هذا التصريح الصريح ؟ وهل يُعقل أن يتنازل 200 مليون انسان عربي مسلم عن إسلامهم مسايرة لطائفة الرّوم الملكيين الكاثوليك التي لايزيد عدد ابنائها عن 250 ألف مؤمن في لبنان، والتي يريد لنفسها ان تكون " البرهان الحي على ان العروبة والاسلام لا يترادفان"؟!

  7.   راجع كلمة المطران عوده في مقدمة كتاب " العلامة فضل الله والتحدي الممنوع " للصحفي علي سرور، دار الملاك، الطبعة الاولى، سنة 1992، ص:9.

  8.    المطران باشا، الروم الملكيون الكاثوليك، مرجع سابق، ص:43.

  9.  الكنائس اللاخلقيدونية هي: الكنيسة الأرمنية، الكنيسة القبطية، الكنيسة السريانية الأرثوذكسية.

  10. درج المؤرخون على استعمال عبارة "الفتح الاسلامي" (الذي بدأ مع العام 633 م) بدلأ من عبارة  "الإحتلال الاسلامي" فيما المضمون والمحصلة واحدة.

  11.   المطران جورج خضر، مقالة بعنوان: جذورنا الثقافية وتعليل البرامج ، نقلاً عن كتاب لبنان والعالم - سلسلة حديث الأحد - الجزء الرابع ، منشورات النور- لبنان، سنة 1985، ص :192.

  12.   المرجع ذاته ص:193.

  13.   المطران خضر، مقالة بعنوان : بعد مؤتمر القمة بتاريخ 3 ايلول 1967. عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق  ص:329-330.

  14.   المطران خضر، مقالة بعنوان رومية، القسطنطينية، أنطاكية ، بتاريخ 23 تموز 1967، عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق، ص:325.

  15. المطران خضر، مقالة بعنوان: مؤتمر القمّة، مرجع سابق، ص :327. انه بالرغم من حضانة الله للعرب وتبني قضيتهم لتصبح قضيته (حسب كلام سيادة المطران خضر)، خسر العرب وربح اليهود!!!

  16.   المطران خضر، مقالة بعنوان: سلام على القدس، بتاريخ 28أيار 1967، عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق، ص:328.

  17.   المطران خضر، مقالة بعنوان: الفدائيون ولبنان بتاريخ 19 أيار 1968، عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق، ص:329.

  18.   المطران خضر، مقالة بعنوان: لبنان الصغير بتاريخ 15حزيران 1969، عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق، ص:106.

  19.   المطران خضر، مقالة بعنوان: لقطات من باريس بتاريخ 15 تش1 ،1967، عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق، ص:331.

  20.   المطران خضر، مقالة بعنوان: رسالة لبنان، بتاريخ 8 تش1 ،1967، عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق، ص:65.

  21.   المطران خضر. المرجع ذاته، ص : 65-66.

  22.   المطران خضر، مقالة بعنوان: أزمة كيان أم حكم، بتاريخ 19 ك2 ،1969، عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق، ص: 95.

  23.  أطلقت الكنيسة السريانية الارثوذكسية اللاخلقيدونية الملكيين على الكناءس الخلقيدونية للدّلاله على أن قوة عقيدتها كانت من قوة الحماية الملكية الرومانية لمجمعها الخلقيدوني الذي عقد سنة 451م.

  24.   ظلّ عفلق، مؤسس "حزب البعث العربي الاشتراكي" يُناضل من أجل تاكيد عروبته حتى انتهى به الأمر أن مات مسلماً. وما اعتناقه للاسلام إلا خطوة تلقائية استكمل بها عروبته.

  25.   توفي انطون سعاده وهو يؤمن أن الشعب القبرصي سوري الانتماء. علماً ان قبرص شهدت حرباً دينية، سنية أرثوذكسية، أدت إلى تقسيم البلاد بين مجموعتين، تركية ويونانية.

  26.  تعرّف الناس على يسوع، في المناطق الكنعانية في جنوب لبنان ، متكلّما السريانية الآرامية وليس العبرية.

  27.   ذكر سيادة المطران جورج خضر في مقالة له بعنوان: فلسطين المستعادة، بتاريخ 28 ايار 1968، ما مفاده:" من كان يقول ان الصليبيين ، مئتي عام بعد احتلالهم ، كانوا سينزحون؟ لم يبق منهم غير القلاع" (نقلا عن كتاب لبنان والعالم، مرجع سابق، ص: 287). يصف المطران خضر الوجود الصليبي في مشرقنا الآرامي بالإحتلال، وهذا صحيح. ولكننا نساله بالمقابل ، بكل علمية وتجرد، هل يصف الوجود العربي في مشرقنا الآرامي بالاحتلال ايضاً، تماما كما عبر عنه بكلّ جرأة وصراحة، المطران حبيب باشا!؟

  28.   راجع كتاب، الروم الملكيون الكاثوليك، للمطران حبيب باشا، المطبعة البولسيّة جونيه لبنان، سنة 1986، ص: 18-20.

  29.   سيادة المطران حبيب باشا، الروم الملكيون الكاثوليك، مرجع سابق ص:28.

  30.   نذكّر أن الإستشهادات بأقوال البحاثة والمؤرخين حول الحضارة الارامية. مأخوذة من دراسة نشرتها جريدة الحياة بتاريخ 7 نيسان 1996(العدد 12096، ص:13) أعدّها الأستاذ جميل روفائيل تحت عنوان: "الآراميين ، الذين ارتبطوا بأقدام التواريخ، هل يدخلون قائمة الشعوب البائدة؟!" وعلى تساؤل الأستاذ روفائيل نُجيب: كيف للآراميين أن يدخلون قائمة لشعوب المبادة ونحن لهذه الهوية أحياء؟! ولعل تأسيس الجبهة الآرامية خير جواب ودليل على حضور هذه الهوية وعدم تلاشيها.

  31.  بعد الهزيمة التي ألحقها الإسلام بالإمبرطورية المسيحية البيزنطية. أصبحت اللغة الآرامية تُعرف بلغة المسيحيين – أهل الكتاب. باعتبار أن اللغة العربية هي لغة الاسلام خاصة بعد القضاء على الكنيسة المسيحية العربية وانقراضها في كافة أرجاء شبة الجزيرة العربية. وهذ ما ذكره الدكتور صبحي الصالح قائلاً: كانت اللغة الآرامية في بلاد (الشام) لغة أهل ............. "(أي لغة كافة المسيجيين على مختلف انتماءاتهم الكنسية) أيام الخليفة الاسلامي الثاني عمر بن الخطاب. راجع مقدمة كتاب شرح الشروط العمرية للدكتور صبحي الصالح ، دار العلم للملايين- بيروت ط 2، سنة 1981، ص: (ك).

  32.   يوازي احيقار اليوم ، من بين مفكرينا الآراميين العظام، جبران خليل جبران، الذي ذكر أنه تعرض للضرب مرة وهو غلام، من قبل أبيه بسبب اهماله لإحدى دروس اللغة السريانية في بلدته بشَرّي.

  33.    غريغرريوس يوحنا براهيم - متروبوليت حلب، مجد السريان، دار ماردين- حلب ، الطبعة الاولى سنة 1996، ص: 69. (بلغ عدد ضحايا شعوبنا الآرامية بين لبنان والعراق، منذ العام 1860، وصولاً الى أيامنا هذه، مايزيد عن النصف مليون قتيل).

  34.   من النشاطات التراثية السريانية، انعقاد مؤتمر التراث السرياني الرابع بتاريخ 17-20 نيسان سنة 1996، في دير مار روكز - الدكوانة، برعاية بطاركة الكنائس السريانية الخمس:

    1-    بطريرك الكنيسة السريانية المارونية مار نصرالله بطرس صفير.

    2-    بطريرك كنيسة السريان الأرثوذكس مار زكا الأول عيواص.

    3-     بطريرك كنيسة السريان الكاثوليك مار اغناطيوس أنطون الثاني حايك.

    4-    بطريرك الكنيسة الكلدانية مار روفائيل الأول بيداويد.

    5-    بطريرك الكنيسة الآشورية الشرقية مار دنخا الرابع.

    (إننا نعمل من أجل انضمام الكنائس اللاتينية والبروتستانتية، وبخاصة كنيستي الرّوم الكاثوليك والرّوم الأرثوذكس الأنطاكيتين، الى أعمال مؤتمر التراث السرياني، لأنهما بالرغم من انتمائهما الليتورجي الى الطقس البيزنطي، فهما تنتميان، قومياً، إلى الهوية الآرامية).

35-    الآراميون ....، جميل روفائيل ، جريدة الحياة، 7 نيسان 1996، مرجع سابق ص:13.

36-    يعتقد دولة الرئيس برّي، عبر ما صرّح به اثناء ترؤسه لاجتماعات المجلس النياني المتلفزة، أنّ عروبة لبنان باتت من المسائل المحسومة!!! وبالمناسبة ندعو العرب، بدلأ من التّهافت على تعريب المسيحيين المشرقيين رواد اللغة العربية، الى أن يصبّوا اهتمامهم على تعريب المغرب العربي المسلم الذي مازال يتقن الفرنسية على حساب اللغة العربية، و الذي مازال متمسكاً بلغتة البربرية الأم.

 37-    "إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً" . سورة الفتح، الآية: 1.

38-    "من مات ولم يغزُ مات ميتة جاهلية".  (حديث نبوي).

39-    هذا ما يجعلنا نسأل وبكلّ ريبة، لماذا تم استبدال اسم شارع فردان في منطقة بيروت الغربية باسم شارع رشيد كرامي؟ علما أنني اذا ما سُئلت أي من الإسمين أختار، فلن أرتردد في اختيار اسم رشيد كرامي، لأنه رمز من الرموز اللبنانية التي لا يمكنني ان أقدّم عليها أي تسمية أخرى عربية كانت أم غربية. ولكن، في ظل ورشة الإعمار واستحداث العديد من الجسور والطرقات ، كان بالإمكان إطلاق اسم دولة الرئيس رشيد كرامي على احدى تلك المنشآت بدلأ من إلغاء ماهو قائم، أو أقله, إلغاء شارع السّادات ( وهو اسم عميل في نظر بعض المسلمين) واستبداله باسم رشيد كرامي!

40-    راجع مجلة البلاد، في حوار لها مع الشيخ الدكتور حسن الترابي، الصادرة بتاريخ 30 آذار 1996، العدد 277، ص:31.

41-    نحن لا ننكر الجذور التاريخية الآرامية للشعب اليهودي ، خاصة و أن ابراهيم الخليل أتى  فلسطين من منطقة حاران التي قطنها والده تارح بعد خروجه من أور الكلدانيين في بلاد مابين النهرين. ولكن دخول عناصر اللغة والدين ، والدولة فيما بعد، خلفت خصوصية ثقافية عبرية، وخصوصية اجتماعية تربوية دينية، للشعب اليهودي في اسرائيل.

42-    يبلغ عدد الأرمن والآشوريين في ايران حوالي المئة ألف شخصاً، واكثر تحديداً 97,557 شخصاً. وقد شكل عدد المسيحيين عام 1991( 01 ,55%) من مجموع الأقليات الدينية في ايران ، أي بنسبة(0016 ,0%) من أصل عدد السكان الإجمالي للشعب الايراني. وقياساً على هذه الارقام ،فلا يجوز اعتبار الأمة الفارسية في ايران أمة مركبة وهي تعد 60 مليون ايرانياً . (راجع كتاب ، المسيحيون في الجمهورية الاسلامية الايرانية، الصادر عن المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان، ص: 22-21).

43-    نعني بكلمة دول العربية، الدول الناطقة باللغة العربية وحسب. وهذه التسمية لا نطلقها على دول الخليج الفارسي في شبه الجزيرة العربية، لأن شعوب تلك الدول، إلى جانب تكلمها اللغة العربية تنتمي في هويتها إلى القومية العربية.

44-     المسيحيون الفلسطينيون الذي غالوا في استعرابهم ، وباتوا ملكيين اكثر من الملك، يشكلون اليوم نسبة 2% من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة!!

(راجع مقالة غريس هلسيل- ترجمة إلين صعب، ملحق النهار، السبت 1 حزيران سنة 1996،، العدد 221 ص:6).

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها