عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
الدكتور علي أبو عسّاف  

الآراميّون

"تاريخا و لغة وفنا"

الدكتور علي أبو عسّاف


سابعاًـ مملكة دمشق الآرامية

نعلم ان مملكة دمشق الكنعانية (النصف من الألف الثاني ق.م.) كانت تتبع مقاطعة "أفة" أو "أوبة"، التي كانت عاصمتها "كوميدو" (كامد اللوز في النقاع الجنوبي) ثم انفصلت عنها، أما مملكة دمشق الآرامية فكانت حين قيامها، تتبع مملكة "صوبا"  الآرامية (في سهل البقاع الشمالي وجبال لبنان الشرقية) كما سنرى.

 وحينما نكتب تاريخ المملكتين نعتمد على الوثائق الخارجية، لأن التنقيبات الأثرية في دمشق مستحيلة الآن.

وتطالعنا الوثائق الآشورية وكتاب العهد القديم بأخبار غير حيادية عن هذه المملكة.

 أما النصوص الآرامية فتشير اليها بعبارات غامضة.

وما من شك في ان هذه الأخبار  هامة، لانها مصدرنا الوحيد في كتابة تاريخها. ومع ذلك يجب ان ننتبه إلى ناحية هامة، وهي ان هذه الأخبار وصف لحرب مملكة دمشق ضد الآشوريين، أو لحروبها ضد داوود وضد مملكتي "إسرائيل" و "يهودا".

وبعبارة ادق هي وصف الخصم لهذه الحرب. وبما انها كذلك نشك في دقتها لأنها تصف الأحداث من وجهة نظر الخصم. ونحس لذى قراءتها انها متحيرة كما سيتبين لنا.

لقد حارب "شاول" (نهاية القرن الحادي عشر ق.م. ـ صموئيل الأول 14: 47) جميع أعدائه حواليه، ومنهم ملوك "صوبا" الذين لم يذكر اسمهم.

ولم يدكر كيف ومتى وأين ولماذا حاربهم. ونرجح ان "صوبا" في البقاع الشمالي وسلسلة جبال لبنان الشرقية (انظر ما يتبع).

وأما عبارة ملوك "صوبا" فالقصد منها ـ على الأرجحـ ملوك الآراميين الذين كانوا في المنطقة الممتدة من سهل البقاع وحوض الاردن غرباً حتى البادية شرقاً، ومن منابع العاصي شمالاً حتى نهر الزرقاء جنوباً.

وقد تكون عبارة ملوك صوبا صدى لما ورد في سفر التكوين 31: 44ـ 54 عن اللقاء بين "لابان" الآرامي و "يعقوب" زوج ابنته.

 لقد كان "لابان" شيخ القبائل الآرامية، وكان "يعقوب" شيخ قبائل بني إسرائيل، والتقيا في مكان ما بجبل عجلون، ووضعا رجمة وعموداً شاهدين على التجاور بينهما.(80)

وحسب ما ورد في إخبار لاحقة، كانت في المنطقة الممالك الآرامية التالية:

 "بيت رحوب" إلى الشرق من جبال عجلون، وإلى الشمال من نهر الزرقاء، حتى المناطق الممتدة إلى الشرق من بحيرة طبرية شمالي نهر اليرموك، ونظن ان تل "دير علا" هو عاصمتهم القديم، و "آرام طوب" إلى الشرق منها، و "جيشور" في منطقة بانياس وإلى الشرق من بحيرة الحولة، و "آرام معكة" في منطقة البقاع الجنوبي حوالي بحيرة القرعون وعلى السفوح الغربية لجبال الشيخ، ودمشق في سهول دمشق.

ونرجح ان كتّاب سفر العهد قد جمعوهم تحت هذا الاسم لأن مملكة "صوبا" كانت اقواهم.

هذا عن الحكايات الأولى في كتاب العهد القديم أما في عهد الملك داوود (النصف الأول من القرن العاشر ق.م.) فاستمر الصراع بينه وبين جيرانه وصورته الأخبار منتصراً عليهم من غير ذكر الأسباب التي دعته لخوض هذه الحروب، أو كيف دارت المعارك؟

وكيف انتهت بمفاوضات أو بدونها! وكيف دار داوود المناطق المحتلة؟ وفيما يلي عرض لهذه الأخيار:

عندما أراد داوود الانتقام من "حانون بن نحاس" ملك "عمون" لأنه أساء معاملة رسوله، وقف الآراميون من بيت رحوب و طوب و معكة مع بني "عمون" ضده، فانتصر عليهم وأخضعهم لسلطته.

وفي هذا الصدد يذكر سفر صموئيل الثاني الإصحاح العاشر: 15 – 19 ان "هدد عزر" قد جمع الآراميين لنجده التحالف المنهزم.

أما الإصحاح الثامن 3 – 8 فيخبرنا ان داوود قد هاجم هدد عزر بن رحوب ملك صوبا حين ذهب ليرد سلطته عند الفرات. وحسب هذه الرواية ينتسب هدد عزر لآرامي بيت رحوب التي مر ذكرها واذا كان الأمر في صوبا في نهاية القرن الحادي عشر ق.م.، بينما حكم هدد عزر في النصف الأول من القرن العاشر ق.م..

وحين مات داوود خلفه الملك سليمان (النصف الثاني من القرن العاشر ق.م.) الذي وجد من الأنسب له ان لا يسير على سياسة والده ويشن الحروب على جيرانه كان سليمان حكيماً مسالماً، انصرف للعمران حسب رواية سفر الملوك الأول. ومن خلال هذا السفر، نتعرف على اللاموضوعية في رواية الأحداث، والأسباب التي دفعت محرري اسفار العهد القديم التاريخية إلى نهج هذا الأسلوب.

حين نقرأ سيرة داوود، نواجه صورة مختلفة الالوان: كل شيء فاسد، المجتمع ممزق، والاخطار الخارجية تكاد تقضي عليه، فيأتي البطل المنقذ "داوود" الذي يحقق الانتصارات ويخضع الأعداء لسلطانه لأنه يعمل الأفعال الجيدة في نظر الرب.

ثم لا يلبث ان يصبح كافراً مرتداً يرتكب المعاصي، فيعاقبه الرب، ويتخلى عنه. فيظهر سليمان ولا شيء في سيرته يخالف سيرة ابيه حسب ما نقرأه من سفر الملوك اياه. فهو الحكيم (الملوك الأول 3: 16 وما بعد) القى الذي عزز كيان الدولة (الملوك 4: 1 – 6) والذي عمل المنكر (الملوك الأول وما بعده).

 ذلكم هو شيرة داوود و سليمان... وما احسب اننا، اذ نذكر ذلك في حاجة إلى ان نتحدث عن فارق بين كتابة سيرة الملك ورواية الأحداث التاريخية، فكل شيء هنا مبتور. لقد استطاع داوود  اخضاع جميع جيرانه وخاصة الممالك الآرامية لسلطانه (صموئيل الثاني 8: 3 -8) وجعل فيها ولاة تابعين له وفي سياق الحديث عن هذه الحروب تذكر الغنائم التي حصل عليها داوود من الأعداء، وأسماء قادة جيشه والمبرزين من المحاريين ولا يذكرون أسماء الولاة، أو أي شيء عن أعمالهم؟ فهل كان هناك ولاة حقاً؟!.

وفي عهد سليمان، وبعد ان اصبح كافراً مرتداً، يذكر سفر الملوك (الأول 11: 23 _ 25) ان الله قد أقام خصماً له هو "رزون بن اليداع"، الذي تمرد على سيده هدد عزز ملك صوبا بعد ان هزمه داوود، فهرب من عنده إلى "دمشق" حيث أقام فيها ملكاً، واصبح خصماً عنيداً لـ "سليمان"، وملكاً على آرام.

ولم يحد مدوّنو أخبار  هذا الفر عن منهج غيرهم، الذين سطروا أخبار الملوك البابليين والآشوريين أو الفراعنة. فوقعوا فيهما وقعوا فيهمن التبجح وطمس الحقائق، وذكر ما هو رافع علياء أسيادهم. ويظهر عدم الدقة في تدوين هذه الأخبار لو تساءلنا هل ان رزون ملك في دمشق بعد ان طرد والي داوود؟

وهل تم ذلك في عهد "داوود" ام "سليمان"؟! وكيف طرد الإسرائيليون من المنطقة؟!.

وفي الواقع ليس في هذه الأخيار ما يفيد في الإجابة.

ونرجح ان "رزون بن ايل يدع" هو من الأسرة الحاكمة في دمشق اصلاً، وكان تابعاً لـ "هدد عزز" ملك "صوبا". فتمكن من قيادة الآراميين بدلاً من هندز، وخطى بهم من حال إلى حال. من حال الدفاع عن منازلهم إلى حال الهجوم على الخصم. لذا سمي بالخصم العنيد.

وهذه الروية تفيدنا في القول ان "رزون بن ايل يدع" هو مؤسس مملكة "دمشق" الآرامية القوية وريثة مملكة صوبا.

 واذا كان معاصراً لـ سليمان" يكون قد حكم في النصف الثاني من القرن العاشر ق.م.

ونرجح انه كان معاصراً لـ "داوود" ايضاً، ولهذا السبب قد حكم في الربع الثاني والربع الثالث من القرن العاشر، ويمكن من السيطرة على الأراضي الممتدة من منابع العاصي في الشمال، حتى نهر الزرقاء في الجنوب، ومن حفرة الانهدام في الغرب حتى البادية في الشرق.

هذا كل ما نعرفه عن هذا الملك. وفي سفر الملوك الأول 15: 18_20 نجد ان ملك "يهوذا" (908 _ 868 ق.م.) قد قدم الفضة والذهب إلى بن هدد (= برهدد الأول) بن طبريمون بن حزيون ملك دمشق لينقذه من بعسا ملك "اسرائيل" (906 _883 ق.م.) ويبدو من هذه الرواية ان برهدد الأول (ابن هدد اله الطقس) قد اعتلى العرش عند مطلع القرن التاسع ق.م. وعلى هذا الأساس يكون والده طبريمون وجده حزبون قد حكما في النصف الثاني من القرن العاشر أي بعد رزون.

ومن بين هؤلاء الملوك الأربعة يحتل برهدد الأول مكانة مرموقة، فقد عثر في قرية "البريج" بجوار حلب (انظر ص 133) على نصب نذره برهدد للرب " ملقرت"، وفيه يصف نفسه بـ "ملك آرام".

ويتضح من هذه العبارة المملكة دمشق الآرامية قد امتد نفوذها إلى تلك المنطقة. أما وان برهدد قد نذر هذا النصب إلى الرب ملقرت، وليس للرب هدد اله الآراميين، فيعود إلى رغبته في تمتينا واصر الصدافة مع مدن ساحل بلاد الشام مثل صيدا و صور اتي عبدت وقدست للرب ملقرت  . (81)

هذا من جهة ومن جهة ثانية كان "هدد" و "بعل" و ملقرت اسماء لرب الطقس. وقد يكون المقصود ليس ملقوت بل هدد. لقد كان برهدد (حسب معلوماتنا المتوفرة حتى الآن) اول ملوك دمشق الذين جمعوا الآراميين حولهم، وأقاموا علاقات جيدة مع ممالك المدن الساحلية.

ومن مركزه القوى هذا سارع لنجدة آسا ضد نعسا، فهاجم مملكته من الشمال، وسيطر على حوض الاردن حتى مصب الزرقاء به، وجبال الجليل، السهول الشمالية حتى نهر المقطع، وجبال الكرمل. وعند ذلك كف بعسا عن تهديد "آسا"، وتراجع إلى السامرة (الملوك الأول 15 _ 17_ 22).

 ولا نستبعد ان يكون دافع برهدد لهذه الأعمال هزيمة آرامي برد النهرين أمام الآشوريين الذين سيعجلون في اكتساح بلاد الشام.

فسعى لجمع كلمة الآراميين والممالك المجاورة، والقضاء على النزاعات بينهم، حتى يستعد لمجابهة الآشوريين، ومما يعزز وجهة نظرنا هذه، ان برهدد الثاني خليفة برهدد الأول، قد قاد المملكة في هذا الاتجاه، وجمع حوله ممالك بلاد الشام كلها، ليلقى الملك الآشوري "سلمانصر" الثالث (858 _ 824 ق.م.) في "قرقر" جنوبي جسر الشغور عام 853 ق.م.. لقد ذكر الآشوريين هذه المعركة في أكشر من مناسبة، ودونوها على التماثيل والرقم التي خلدت اعمال سلمانصر.

ولو لم تكن على درجة كبيرة من الأهمية لما دوّنت مراراً.

ويستدل من هذه الروايات ان  التحالف قد ضم برهدد ملك دمشق، و ارخوليني ملك حماه و آحاب ملك اسرائيل، وامير قوية (في اقليم كيليكية) وامير مصر (اقليم في بلاد الشام) وامير ارقافات (عرقا في لبنان)، و ماتينو بعل امير مدينة ارواد (جزيرة ارواد) وأمير أوستانو و ادولو بعل وامير "سيانو" قرب جبلة، و جندب امير بلاد العرب، و بعاسا من "بين رحوب" وامير بلاد عمون أي اقليم عمان الحالي (راجع ص 55).

واذا ما دققنا في الأمر نجد ان الأقاليم من كيليكية في الشمال، وحتى عمون في الجنوب، قد تحالفت مع برهدد، ضد الآشوريين الذين ادعو النصر على هذا التحالف. ونرجح ان سلمانصر لم ينتصر عليهم، لأنه عاد من قرقر إلى آشور فور انتها القتال مباشرة، وبقيت الأوضاع في بلاد الشام كما كانت عليه قبل الحملة.

هذا ما كان من أمر برهدد مع الآشوريين حسب روايتهم. وأما ما كان من أمره مع آحاب خليفة بعسا (871- 852 ق.م.) ملك اسرائيل، فيذكر سفر الملوك الأول 20: 1-3 كيف ان برهدد قد حاصر السامرة، وبرفقته اثنين وعشرين ملكاً يقودون جيوشاً جرارة فخافها آحاب، وكاد ان يستسلم، لولا ان جاءه نبي لم يذكر السفر اياه فمنعه من الاستسلام امتثالاً لأمر الرب، الذي وعده بالنصر وحسب رواية السفر اياه ارتد برهدد مهزوماً، وفقد كثيراً من جيشه.

ولم يذكر السفر اسباب الحروب بين برهدد الثاني و آحاب.

ونرجح ان "آحاب" قد استغل الظروف السياسية وخاصة التهديد الآشوري لـ "دمشق" ورغبة ملك دمشق في مسالمة جميع جيرانه ليجمعهم ضد سلمانصر الثالث، فعقد صلحاً مع برهدد دونما حرب على ان يناصره آحاب على سلمانصر مقابل إعادة المدن التي سيطر عليها برهدد الأول اليه، ولما وقعت الحرب حارب "آحاب" إلى جانب برهدد. واغلب الظن ان رواية حصار السامرة التي اشير اليها أعلاه جزء من الحدث وليس كله.

وبعد ذلك بثلاث سنوات هاجم ملكا اسرائيل و يهوذا بلدة رامون في جبال عجلون وعندما دارت رحى الحرب بين برهدد الثاني والملكين جرح "آحاب" وعاد إلى السامرة حيث دفن وعاد الجنود كل إلى مدينته.

ومما يلفت النظر ان هذه الروية لا تذكر شيئاً عن نتائج المعركة، ولا على مجرياتها، مثلما تحدثت عن المعارك السابقة فلماذا ياترى؟.

لاشك ان مدوّني الأخيار قد ارادوا التستر على الهزيمة التي لحقت بالملكين في حتن انهم (وعلى النقيض من ذلك) صوروا هزيمة برهدد أمام آحاب على غير حقيقتها.

 وفي كل مرة تقع الحرب بين الآراميين والإسرائيليين، يقع بنو إسرائيل في قبضة الآراميين عندما يكون ملوكهم قد اغضبوا الرب، وينتصرون على الآراميين عندما  يعملون ما يرضي الرب.

وبعبارة أخرى ما كانت حروب ملوك "إسرائيل" و "يهودا" مع جيرانهم لتقع، لولا انهم أغضبوا الرب فأوقعهم في أيدي أعدائهم، ثم لم يلبثوا ان يسمعوا كلام أنبيائهم، ويطيعوا الرب، فينجيهم وينصرهم على أعدائهم. وروايات هذه خلفياتها ووقائعها نشك في صحتها.

لقد تميزت فترة حكم "برهدد" بمقاومته للآشوريين، وبتضامن جيرانه الملوك معه ضد أعداء الآراميين التقليديين الآشوريين. ولم يخل عهده مثلما لم يخل عهد "هدد عزر" من حركات سياسية معادية، فتمرد عليه رجل يدعى "حزائيل" اغتاله وهو مريض على فراش الموت حسب رواية (سفر الملوك الثاني 8: 7-15)، وجلس كانه على عرش آرام في دمشق حوالي عام 843 ق.م..

وفي بداية عهده حارب "يورام بن آحاب" ملك "اسرائيل" 851 – 844 ق.م.)، و "اخزيا بن يهورام" ملك يهودا" (854 – 840 ق.م.) (الملوك الثاني 8: 25- 29)، في جبال عجلون، وهزمهم وضيق عليهم الخناق في كل مكان.

وقد حافظ على مكانة دمشق في المنطقة، فقاد الملوك الآراميين ضد الآشوريين، والزم "ياهو" ملك اسرائيل على السير في ركابه، ومعاونته على الآشوريين، الذين هاجموا دمشق بقيادة "سلمانصر" الثالث حوالي عام 831 ق.م.، فحاصروها وهزموا الحلفاء، ولكنهم لم يدخلوا المدينة، بل ضربوا غوطتها، وضربوا كثيراً من المدن التي كانت تابعة لها، وخاصة تلك التي تقع في جبال "حوران .(82)

والغريب في الأمر ان سلمانصر الثالث لم يذكر ان "حزائيل" قد استسلم له، أو دفع الجزية، بل تحدث عن استسلام ملوك صيدا و صور وياهو ملك "اسرائيل" وعن الجزية التي دفعوها له.

ونرى في ذلك ان مملكة "دمشق" الآرامية لم تستلم للآشوريين، وإن تفرق بعض حلفائها من حولها، فقد بقيت القوة الأعظم في بلاد الشام طيلة عهد "حزائيل" الذي توفي على الأرجح عام 802 ق.م.، وحل محله ابنه "برهدد" الثالث، الذي سار على سياسية والده، في تزعم آرامي بلاد الشام، وكبح جماح ملوك "اسرائيل" في محاولاتهم المتكررة السيطرة على جيرانهم، أو الخروج على زعامة مملكة دمشق.

وتحدثنا كتابة أمر بنقشها ذاكر ملك حماه على نصب عثر عليه في تل آفس 45 كم جنوب غرب حلب شمال سراقب، عن تحالف قاده برهدد الثالث ضده. وضم عدة ملوك منهم: ملوك "بيت أجوشي" و "قوية" و "جرجم" و "سمال" و "ملاطية"، الذين حاصروا ذاكر في مدينة حزرك الواقعة إلى الشمال من حماه ( انظر ص 131 – 132).

ولم يتمكنوا من إخضاعه حسب الكتابة إياها. وتوحي لنا هذه الكتابة ان بعضاً من الآراميين أو على الأقل ملك حماه، لم ينضووا تحت لواء "برهدد" الثالث. وان كانت هذه الكتابة خالية من أي تاريخ، فاننا نرجح ان ذلك قد حدث حوالي عام 800 ق.م.، عند بداية عهد برهدد في الحكم (انظر ص 129 وما بعد).

وفي عهد هدد نيراري الثالث (809- 782 ق.م.) استمر الضغط الآشوري على بلاد الشام، وقد ذكر هذا الملك انه هاجم بلاد الشام، وقدم له الجزية "مرئي" ملك دمشق (سيدي ملك دمشق)، أي ان الآشوريين لم يكتبوا اسم الملك بل لقبه الذي تناديه به رعيته وهو (مرئي=سيدي)، ومرد ذلك على ما نظن ان برهدد (ابن الرب هدد) اسم مقدس لم تردده رعيته بل استعاضت عنه بكلمة (مرئي=سيدي) فنقله الآشوريون كما سمعوه. واذا كان الأمر كذلك يكون المقصود برهدد الثالث، ويكون هذا الحدث قد وقع بعد عام 800 ق.م..

وسواء أكان "مرئي" هو نفس برهدد الثالث أم لا، فلا يغير من الأمر شيء.

ونرجح أن سبب المواجهة بين التحالف الذي اشرنا اليه أعلاه، بين ذاكر ملك حماه، هو أن هذا الأخير قد خرج على الاجتماع الآرامي في مقاومة الآشوريين. وحينما سنحت الفرصة لـ "هدد نيراري" سارع إلى دمشق، فهزم ملكها، وتسلم منه جزية كبيرة. ومما يعزز وجهة نظرنا هذه ان الكاتب الذي وصف اشمل، حيث قال أن ملكها قد استسلم واجبر على تقدم جزية من الفضة والذهب والحديد والملابس الكتابية المزركشة، والأثاث الخشبي المرصع بالعاج(83) ، إلى جانب أشياء أخرى لا تحصى.

ولو لم يمن برهدد (=مرئي) وعاصمته دمشق هدف حملة هدد نيراري الثالث لما خصه بهذه العبارات القوية.

وقبل ان نستطرد في الحديث عن ملوك دمشق الآراميين لابد ان نلفت النظر إلى الوضع الذي نشأ في آشور بعيد الثورة سلمانصر الثالث التي تزعمها ابنه اشوردان ابلي عام 827 ق.م..

لقد تمكن الملك العجوز من السيطرة على الوضع حتى اعتلى شمشي هدد الخامس العرش (823- 809 ق.م.)، فوضع حداً للاضطرابات الداخلية. وتمكن هو وخلفاؤء من بعده هدد نيراري" الثالث (809-782 ق.م.) و "سلمانصر" الرابع (781- 772 ق.م.) و "اشوردان" الثالث (772-754 ق.م.) و "آشور نيراري" الخامس (754-745 ق.م.)، من ان يحافظوا على كيان الدولة، ولكنهم لم يحاولوا إخضاع ممالك بلاد الشام إلى سيطرتهم وتحويلها إلى مقاطعات آشورية.

 لذا تميزت هذه الفترة ببعض النزاعات الداخلية في بلاد الشام مثل الحرب بين "برهدد" الثالث وحلفاؤه من جهة، و "ذاكر" ملك حماه من جهة اخرى والحروب بين "برهدد الثالث وملوك اسرائيل...الخ. وقد تميزت ايضاً بشبح اخبارها. فالمصادر الآشورية لم تذكر شيئاً، واسفار العهد القديم حوت جملا قصيرة عنها.

وفي عام 845 ق.م. اعتلى عرش آشور تجلات فليصر الثالث (745-727 ق.م.) وباعتلائه العرش بدأت صفحة جديدة في تاريخ آشور. وقد برهنت أعماله على انه مؤسس النهضة الآشورية الحديثة، ومحقق أهداف أسلافه في تأسيس إمبراطورية عالمية. وعندما تسلم الحكم كان خطر "اورارتو" قد ازداد، ونفوذها قد وصل بلاد الشام الشمالية، والدول الآرامية تتحالف معها ضد آشور.

ولم يأبه تجلات فليصر بهذه الأخطار بل أزالها من أمامه، وقضى على الممالك الآرامية الشمالية، وحولها إلى مقاطعات آشورية. ولشدة بطشه خضع له بقية ملوك بلاد الشام، وكان يحكم في دمشق آنذاك الملك "رحيانو- رقيانو" الذي اعتلى العرش بعد برهدد الثالث على الأرجح.

وقد ذكر في سفر الملوك الثاني 15:37 ان "رصيني" ملم آرام كان ملكاً في أيام "يوثام" ملك "يهودا" الذي حكم (757-741 ق.م.).

وعلى هذا الأساس نرجح ان "رحيانو / رصيني" قد اعتلى العرش قبل اعتلاء تجلات فليصر عرش آشور، وسعى إلى المحافظة على مكانة مملكته، كما كانت في زمن سلطة برهدد الثالث (مرئي).

لقد كانت لهذا الملك حروب مع اسرائيل و يهوذا، ومع تجلات فليصر الذي غزا دمشق عام 738 ق.م. ثم عام 733 ق.م. حيث دمرها وقصى على المملكة الآرامية وضمها إلى مملكته وحولها إلى مقاطعة آشورية .(84)

وكانت مملكة دمشق اقوى الممالك الآرامية في الجناح الغربي لبلاد الهلال الخصيب، وكما رأينا تصدت للآشوريين مراراً، وحاربت ملوك اسرائيل كلما حاولوا الخروج على سياستها.

وحسبما ذكر في أخبار الآشوريين والإسرائيليين كانت هذه المملكة اتحادية. اذ تذكر رواية سفر الملوك الأول 20: 1 ان  "برهدد" الثاني قد حشد مع قواته اثنين وثلاثين ملكاً مع قواتهم، حاصر بهم "آحاب" في السامر. ونظن ان اثنين وثلاثين ملكاً ما كانوا الا  شيوخاً تابعين لدمشق.

واذا كان الأمر كذلك نرى ان هذا الواقع يعكس الصورة التي كلنت قائمة في بلاد الشام الجنوبية وعند وصول الآراميين إلى السلطة. فهذه رسائل العمارنة وحوليات فراعنة مصر فيما بعد تذكر ممالك كثيرة في المنطقة التي خضعت للآراميين .(85)

وعندما هاجم تجلات فليصر الثالث دمشق ذكر في حولياته . (86)

انه استولى على مناطقها الستة عشر، أي ان لدمشق ستة عشر منطقة جعل منها الآشوريون خمس ولايات في عهد "تجلات فليصر" الثالث .(87)

والواقع أننا اذا استنتجنا من هذه الأخبار ان دمشق كانت مملكة اتحادية تضم العديد من الممالك أو الأمارات أو المشيخات الصغيرة. فأننا نضع في الحسبان احتمالاً آخر وهو ان مملكة كانت مقسمة ادارياً غلى مناطق يديرها شيوخ، أو أمراء أو ملوك. ورغم ان سفر الملوك قد ذكر الرقم /32/ وحوليات "تجلات فليصر" الرقم /16/ (اي نصف الرقم السابق)، ماننا في الواقع لا نأخذ بأي من الرقمين لآنه من الجائر ان يشمل كل منهم حلفاء لدمشق.

ومع ذلك يبدو الرقم /16/ اكثر قبولاً من الرقم /32/، لأنه يقترب بكلمة منطقة وليس بكلمة مملكة أو ملك.

ولا شك في ان المناطق الصحراوية المجاورة قد تبعت هذه المملكة. فالآشوريون دون غيرهم اطلقوا عليها اسم: ش-اميريشو: حميرينو آي ذات الحمير، بلاد الحمير، لأنها كانت، على الأرجح، سوقاً لها، ومحطة لقوافلها القادمة من الجبال والصحراء.

أي قبل استخدام الجمال في القوافل.

وإلى جانب هذه الأخيار التي دفعتنا إلى ما ذكرناه، نذكر أن الملك "هدد يسعي" (انظر ص 90) قد لقب نفسه ملك جوزن، و سيكاني و ازران التي كانت مدناً متجاورة لا تبعد عن بعضها سوى بضعة كيلو مترات.

وفي نص آخر من "ارسلان طاش" (خداتو) يذكر نص مشوه (سوف ننشر النص قريباً) ان احد ملوكها قد اصلح أراضي "صرين" و "بيت إدي" و "حلح" و "لبان" وكلها مدن متجاورة منتشرة في منطقة صغيرة. أما "ذاكر ملك حماه فقد ذكر انه "ملك حماه ولعش" ونستنتج من هذا كله انه كان من عادة الملوك الآراميين ان يبقوا على المدينة التي يخضعوها لسلطانهم مستقلة ادارياً أو ذاتياً.

هذا من جهة أخرى فإن التعبير ملك كذا وكذا يدل على المناطق الادارية التي تتألف منها المملكة والتي كانت على الأرجح نفس مناطق نفوذ المدن التي وجدوها امامهم. وبعبارة اخرى فان الآراميين قد حافظوا على مناطق النفوذ السابقة.

هذا فيما ذكر عن سلطة دمشق ورقعة نفوذها، وكان بودنا تحديد تلك الرقعة بدقة، وذكر عن اسماء الممالك أو الامارات أو المشيخات التي شملتها، ولكن ذلك غير ممكن في الوقت الحاضر لعدم توفر الوثائق وخاصة الوثائق التاريخية.

ومع ذلك اعرض فيما يلي إلى الأسماء التي وردت في كتاب العهد القديم، والتي نعتقد أنها كانت من مناطق مملكة دمشق الآرامية.

آ- بيت رحوب

 وكما  اسلفت ورد ذكرها عدة مرات في اسفار كتاب العهد القديم ونرجح انها كانت تمتد إلى الشرق من جبال "عجلون"، وتجاورها من الجنوب مملكة "بيت عمون".

ويعتقد الباحثون الآن ان "رحاب" الواقعة إلى الحنوب من "اربد" هي بيت "رحوب".

ومع تقدم الآثار وازدياد رقعة المناطق الاثرية المستكشفة، اصبح لزاماً اعادة النظر في هذه الفرضية وفي كتاب العهد القديم عن هذه المملكة:

يذكر كُتّاب العهد القديم ان سبط "جاد" استوطن في شرقي الاردن إلى الخنوب من النهر الزرقاء، وان نصف سبط "منسي" قد استوطن جبال عجلون إلى الشمال من النهر الزرقاء، والواقع ان هذه العبارات ذكرت (سفر العدد32: 39 وما بعد، يشوع 13:8 وما بعد، 17: 1 ومابعد، يشوع 13: 24-28) تختلف كثيراً عن مثيلاتها التي تتحدث عن مناطق نفوذ الاسبط الأخرى.

وففي حين يتحدث سفر يشوع 16: 1 وما بعد عن حدود سبط ابناء "يوسف" بكثير من التفصيل، يكتفي بالقول ان سباط "منسي" (ابناء ماخير) قد اقتسموا مع غيره من الاسباط كل الاراضي المجاورة لممالك الجشوريين والمعكيين وجبل حرمون وباشان ... الخ.

وقد اثبتت الابحاث الاثرية عكس ذلك، فالآراميون لم يبرحوا المناطق الممتدة إلى الشرق من نهر الاردن، والممتدة من نهر الزرقاء جنوباً وحتى منابع الاردن شمالاً.

وهذه حفريات  "ديرعلا" الواقعة إلى الشمال من مصب نهر الزرقاء تكشف عن نصوص آرامية على غاية كبيرة من الاهمية. ليس فقط لأنها تثبت وجود الآراميين في المنطقة، بل لأنها تلقي الضوء على بعض الاخطاء الواردة في روايات اسفار كتاب العهد القديم.

وعنوان احد النصوص هو: هذه هي سطور أو كتابة بلعام بن بعر (بعور) رجل ناظر (عراف) الالهة (88) . ولبلعام هذا حكاية طويلة في سفر العدد (اصحاح 22: 24 وما بعد) تنبئنا ان بلعام يقطن مدينة "فتور" التي على النهر في ارض بني شعبه (العدد 22: 5).

وان كانت هذه العبارة فيما مضى لا تدل على شيء فانها الآن وفي ضوء المكتشفات في "تل دير علا"، وانهر الزرقاء، والشعب المقصود هو "بين رحوب". وفي ضوء ذلك نعتقد ان نصف سبط "منسي" (ماخير) لم يقطن شرقي النهر شمالي الزرقاء كما ان "جاد" لم يقطن شرقي النهر جنوبي نهر الزرقاء كما يفترض الباحث "نوت" (89).

وليس ما ذكر في سفر "يشوع" عن استيطان "جاد" و "ماخير" شرقي النهر سوى التذكير بحياة البداوة التي عاشها هذان السبطان عندما كانا ينقلان طلباً للمرعى قبل ان يستقرا في بقعة ما من بلاد كنعان، وهي عودة بالذاكرة إلى تلك الفترة الزمنية التي كان فيها "لابان" ىلآرامي و "يعقوب" الاسرائيلي متجاورين رعاة اغنام لا أكثر.

لذا نحن نفهم مما مرد في سفر يشوع على ان سبط "منسي" قد تنقل في المنطقة، ثم وعد بها ولكنه لم يتمكن من الاستقرار فيها بدليل انه لم يذكر فيما بعد عنه الحديث عن حروب ملوك آرام واسرائيل (90).

ب- طوب

لهذه الكلمة معاني كثيرة فقد اقترنت بكلمة ارض "راض طوب" في (سفر القضاء 11: 3-5) اما في (سفر صموئيل الثاني 10: 6-8) فقد اقترنت بكلمة رجال (رجال طوب).

 فهي على مانظن اسم لتلك البقعة من الارض التي تمتد إلى الشرق من جبال عجلون حتى البادية.

وقد ما ورد في ثبت تحوتمس الثالث اسم "طوب" وذكرت في رسائل العمارنة. وحسب ما ورد في ثبت تحوتمس الثالث  ورسائل العمارنة نظن انها هي قرية "الطيبة" الحالية إلى الغرب من مدينة "بصرى" جنوب الطريق العام بين "درعا و "بصرى" (91) .

وتأسيساً على ذلك فانها كانت تشمل المنطقة الحدودية السورية-الاردنية من "ام قيس" في الغرب حتى بصرى في الشرق. وقد وقفت إلى جانب العمونيين ضد داوود.

 

ج- جيشور

ونسقي جل اخبارها من كتاب العهد القديم. وقد روى كتاب سفر التثنية 3: 14 ان "يائير ابن منسي" اخذ كل "كورة ارجوب" إلى تخم الـ "جشوريين" والـ "معكيين"... الخ.

وقد ذكرت قبل قليل ان سبط منسي لم يستقر شرقي نهر الاردن بل كان "آرام بيت رحوب" في المنطقة الممتدة بين نهري الزرقاء واليرموك. ومعنى ذلك ان الـ "جشوريين" قد جاوروا "بيت رحوب" من الشمال، و "آرام معكي" من الجنوب.

 أي ان بلادهم قد امتدت من سفوح جبل الشيخ الجنوبية حتى نهر اليرموك. ولم يتعرض لهم بنو اسرائيل (سفر يشوع 13: 13)، لانهم كانوا في الاراضي الخصبة الداخلية بعيدين عن اطراف الباديةالتي تنقل فيها الاسرائيليون عندما كانوا كغيرهم بدواً رحلاً.

وقد تزوج الملك "داوود معة بنت تلماي ملك جشور"، فانجبت له "ابشالوم" (صموئيل الثاني 3: 3) الذي لجأ إلى اخواله عندما قتل اخاه (صموئيل الثاني 13: 73-39).

ومن هذه الرواية نعرف ان تلماي هو ابن عمي هود. وتأسياً على ذلك يكون عمي هود قد حكم قبل عصر داوود وان تلماي معاصر لداوود.

د ــ آرام معكة

وكانت إلى الشمال من "جشور" على سفوح جبل الشيخ الغربية وقي البقاع الجنوبي ونجد نتفاً من اخبارها في بعض اسفار كتاب العهد القديم في معرض الحديث عن حروب داوود مع مملكة دمشق (صموئيل الثاني 10: 3-8) اخبار الايام الأول ( 19: 6 وما بعد).

وفي معرض الحديث عن هجوم "برهدد" الأول على مملكة "اسرائيل" (الملوك الأول 15: 18 وما بعد)، ذكر انه دمر مدن "عيون" و "دان" و "آبل السقي". أي انه احتل مدينة "آبل" من اراضي "بيت معكة". وهي اليوم "ابل السقي" في المنطقة الحدودية بين فلسطين ولبنان في البقاع الجنوبي تابع لقضاء "مرجعيون".

ه ــــ آرام صوبا

ورد الاسم عدة مرات في اسفار كتاب العهد القديم مقترناً بكلمة آرام. وقد كتب "صوبا" أو "صوبه". ويرجع "هاليفي" ان "صوبا" هي تحريف لكلمة "صهوبة" التي تعني بريق الذهب أو النحاس.

والذي اصبح اسمها في عصر الاحتىل الروماني "خالكيس" (عنجر) (92). وقد كانت سلسلة جبال لبنان الشرقية غنية بالنحاس، لذا يظن لن صوبا كانت تشمل الاراضي الممتدة إلى الشمال الغربي من دمشق، من البقاع غرباً، وحتى البادية شرقاً.

والواقع ان عبارات اسفار العهد القديم لا تساعد على تحديد موقعها بدقة بل بشكل تقريبي. ففي سفر صموئيل الأول 14: 47/ ذكر ملوك "صوبا" بعد "الموآبين" و "بني عمون" و "آدوم" وقبل الفلسطينيين الذي كانوا اعداء لـ "شاول" الملك. اما سفر صموئيل الثاني 38: 5-13/ فيروي ان داوود قد ضرب "هدد عزر بن رحوب" ملك "صوبه" غندما ذهب ليرى سلطته عند نهر الفرات.

وفي الاصحاح العاشر: 6، 28/ استأجر بنو عمون آرام بيت رحوب وآرام صوبا ورجالاً من ملك "معكة". واخيراً في سفر اخبار الايام الأول 18: 3/ روى ان "داوود" قد ضرب "هدد عزر" ملك "صوبه" في حماه.

وليس عجباً ان لا نجد في هذه المواضع ما يساعدنا على تحديد موقع بلاد "صوبا أو - "صوبه" بدقة.

سجل لاعمال وقعت قبل تدوينها بعشرات السنين0 بدأ التدوين بعد عام 800 ق.م.) على رأي بعض البحاثة الذين استنتجوا هذا للتاريخ من مقارنه بعض جمل اسفار العهد القديم مع بعض الكتابات التي عثر عليها في فلسطين وشرقي الاردون(93).

ومهما يكن الأمر فاننا نجد في عبارة ملوك "صوبه" تصويراً لواقع القبائل الآرامية العديدة التي كانت منتشرة في اواسط بلاد الشام من سهول حمص شمالاً وحتى سهول حوران جنوباً.

ومن البقاع غرباً وحتى البادية شرقاً. ولما تغير هذا الواقع ونشأت مملكة دمشق، بقي اسم "صوبه" عالقاً في اذهان الرواة فقط.

والاخير

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها