الجزء
الرابع عشر
(اننا نحافظ على عنوان هذه المقالات
بصيغته "تعقيب على مشكلة المطارنة الستة ومشاكل الكنيسة
السريانية الارثوذكسية" وسنستمر في استعماله لغاية إعادة
المطرانين الموقوفين ومعهم بقية الكهنة الى حضن الكنيسة، أما
محتوى المقالات فهو كما يلي في المقدمة العامة)
مقدمة
عامة:
هذ المقالة مكونة من عشرات الأجزاء، هدفها الإصلاح الكنسي
العام، لهذا تعالج مواضيع تخص البطريركية، والمطارنة،
والرهبان، والقساوسة والخوارنة، والشمامسة، والسنودس، والطقوس
الكنسية والصلوات، وبنية الكنيسة وتركيبها، والاديرة السريانية
ووضعها، وتركيبة المجالس الكنسية ودورها، ووضع المؤمنين الذين
يترددون الى الكنيسة ودورهم فيها. ونطرح فيها الأخطاء
والممارسات السلبية، والانحرافات الخطيرة التي دخلت الكنيسة في
العصور المتخلفة وتراكمت في جنباتها وأصبحت عادات سيئة يمارسها
الجميع من الاكليروس والعلمانيين وكأنها قوانين مقدسة، بعد ان
تحولت الى طبقة سميكة جداً من الشوائب الصلبة التي غطت تقريباً
كل شيء يتعلق بالكنيسة والكهنة والمؤمنين، ووضعت على عيوننا
غشاوة ثخينة لا تتركنا ان نرى حقيقة الأمور كما هي، لكن إلا من
خلالها، فاختفت الحقيقة أو تموهت، وأصبحت هذه الشوائب وكأنها
مقدسات ومسلّمات، وضاع الكثير من الجوهر في غورها ومتاهاتها.
للأسف ان هذا الوضع السلبي الجاري يمنع تقدم الكنيسة والكهنة،
ويحاول ان يطغي على الكتاب المقدس وتعاليمه، ويشوش صفاء
الايمان وبساطته.
لذلك ننتقد هذه الأخطاء والممارسات والانحرافات للتخلص منها
ومن شرورها التي كبّلت الكنيسة والاكليروس والمؤمنين، وزرعت
عقلية أصولية لدى الكثيرين من السريان الذين يرون في التجدد
والإصلاح تخريباً وزعزعة لكيانهم.
كما نقدم بعض الأفكار الإصلاحية التي من شأنها ان تفتح المجال
لإعادة النظر بمجمل الحياة الكنسية وبكل المظاهر الدينية
باستثناء الكتاب المقدس، والتي بتطبيقها تنال الكنيسة قوة
إيمانية تحررها من السلاسل المقيدة بها، وتمنحها دفعاً كبيراً
للاستمرار في الحياة لعدة أجيال قادمة وربما لعدة قرون، لكن
برفضها وتجاهلها نساهم في موت الكنيسة البطيء ودفنها وهي في
الحياة.
تابع إصلاحات للمطارنة
عيوب المطارنة الجسدية:
ان نظرة سريعة الى صحة المطارنة وبقية الاكليروس نجد ان
الكثيرين منهم لهم كروش وبعضهم من الوزن الثقيل. والكرش عيب
جسدي قبيح وهو عالة على صاحبه. لكن بالنسبة للكاهن فانه أكثر
من عيب قبيح، لأنه يكشف شخصية هذا الكاهن وضعفه أمام الاكل
والشرب، ويفضح شراهته وخرقه لقوانين الكهنوت القائمة على الصوم
والاعتدال بالحياة والقناعة بالحد الأدنى للمعيشة.
للأسف لقد أصبح الكاهن مضرب مثلٍ في الشراهة وحب الطعام، فيقال
بالسريانية الدارجة عن الذي يحب بطنه
ܐܟܠ
ܐܝܟ
ܩܫܐ
ܘܫܡܫܐ
(يأكل كثيراً مثل القسيس و...). ولهذا ولغيره من العوامل
الأخرى فقد الكاهن الكثير من احترامه الحقيقي بين الناس
والمؤمنين.
أما المطران البطين الذي لا يستطيع ان يدبر جسده وبطنه ليبقي
وزنه ضمن الحد المعقول، فكيف سيستطيع إدارة كنيسته وابرشيته
وهو ضعيف الإرادة أمام الطعام؟ فإن فشل في ترويض نفسه والسيطرة
على شهوة الطعام التي هي أصغر الشهوات، فكيف سينجح في السيطرة
على الشهوات الأكبر والاصعب؟ ان الكاهن الذي لا يستطيع ضبط
جسده ووزنه يبرهن على ضعف ارادته أمام الشهوات، ويعطينا صورة
مخجلة عن ضعف ادارته وتدبير كنيسته.
ان كل مطران/كاهن يبلغ وزنه فوق الحد المقبول (أي أكثر من
ثمانين كيلو) فهو إما مريض صحياً، وإما شرهٌ في الطعام، أو
الاثنين معاً. فإن كان مريضاً فنتمنى له الشفاء. وإذا كان سمنه
بسبب الشراهة والافراط في الطعام، فهو مدعو لإزالة كرشه وتخفيف
وزنه كي يكون صادقاً مع تعاليم المسيحية وصفات الكهنوت.
ان تخلي الكاهن عن شراهته وإزالة كرشه أو المحافظة على وزنه
المناسب يجب أن يتم بواسطة الصوم الدائم، والتقيد التام بمبدأ
الاعتدال المعيشي، وزيادة الركوع والسجود بالشكل الصحيح عشرات
المرات أثناء الصلوات اليومية. ان الصوم الدائم يقوي إرادة
الكاهن فيتمكن من السيطرة على شهواته وغرائزه، ويغلب بسهولة
شهوة الطعام. لكن ان استهتر الكاهن بالصوم فلن يستطيع ان يغلب
نفسه وجسده، وسيكبر كرشه أكثر.
للأسف ان الكثيرين من المطارنة والكهنة يقضون الكثير من الوقت
بالقضايا الاجتماعية. والقضايا الاجتماعية ترافقها موائد
الطعام العامرة. وموائد الطعام العامرة هي خرق لقوانين الرهبنة
والكهنوت والاعتدال في الحياة. لذلك تكبر الكروش وتخف الصلاة
ويقل الايمان. لهذا يجب على المطران والكاهن ان يقضي وقت فراغه
في دراسة الكتاب المقدس وشروحاته وممارسة الرياضة الروحية
الدائمة بدل العلاقات الاجتماعية المفسدة والتي تكبِّر البطون
وتصغر النفوس.
عندما يهجر الكاهن عاداته السلبية، وينجح في تطبيق تعاليم
المسيحية ومبادئ الكهنوت على نفسه وجسده باستمرار، سيتمكن من
السيطرة على نفسه وجسده بالتمام وإزالة كرشه ووزنه الزائد الذي
زاد على حساب الفقراء والجياع، وسيثبت حينها للجميع انه فعلاً
كاهن حقيقي لا يهتم بالأرضيات الا بالحد المقبول منها.
وسيحترمه الجميع، وسيرضى عنه الرب ويقول له: نعماً لك أيها
الخادم، اليوم نلتَ رضاي باستحقاق.
تروي قصص النساك ان كاهنا بديناً سأل أحد الآباء عن الطريق
الأقصر الذي يقوده للسماء فقال له بالسريانية مباشرة:
ܐܙܥܪ
ܟܪܣܟ
ܘܐܘܪܒ
ܦܘܠܚܢܐ
ܕܐܝܕ̈ܝܟ
ܘܟܢ
ܗܦܘܟ
ܠܝ
أي "صغِّر كرشك وكبّر عمل يديك، وثم عُد لي".
لذلك هذه نصيحة ذهبية لكل الاكليروس من أصحاب البطون والكروش
والوزن الثقيل، ومن الذين يتجاوز وزنهم الثمانين كيلوغراماً،
للعمل على إزالتها وتخفيف اوزانهم لأنهم لا يستطيعون الذهاب
بكروشهم وحمولتهم المرفوضة الى السماء.
سيارات فخمة للمطارنة:
للأسف لقد أصبحت كلمة مطران لدى السريان مرافقة للغنى والمال
والترف والسلطة وركوب السيارات الفخمة (لهذا أصبح منصب المطران
هدف كل راهب يسعى للوصول اليه بشتى الوسائل، لكن ليس بإيمانه
وتقواه واخلاقه وعلمه وادارته). وقد اعتاد بعض المطارنة على
ركوب سيارات من أحدث الموديلات، واستبدالها بأخرى جديدة من وقت
الى آخر، وبكلفة باهظة ربما تكفي لتمويل مشروع سرياني صغير في
الشرق. وكأن السيارة الجديدة أصبحت هدف المطران ليتبختر بها
مزهوا بنفسه ومتشامخاً على بقية المطارنة لان سيارته أغلى
وأجمل واحدث. وقد اعتاد بعض المطارنة من ان يطلبوا من مجالس
الكنيسة بان يشتروا لهم سيارات باهظة الثمن على حساب الكنيسة.
تعساً لذلك المطران الذي يطلب من الكنيسة ان تشتري له سيارة
فخمة غالية، وتعسا لذلك المجلس الكنسي الذي يستهتر بمال
الكنيسة فيشتري سيارة فخمة لمطرانه ليرضيه.
لا شك ان السيارة مهمة لكل افراد الاكليروس للتنقل السريع
لاداء الخدمات الكنسية، ويكفي ان تكون السيارة عادية بمبلغ
معقول كي لا تتحول الى هدف بحد ذاتها.
يجب التخلص من الأسماء التركية والعربية في
كنية المطارنة:
هناك عادة جميلة في الكنيسة السريانية الارثوذكسية وهي وجوب
إعطاء أسماء مسيحية للاكليروس، ونأمل ان تستمر هذه العادة
الجميلة. فإذا تقدم أحد العلمانيين للكهنوت أو الرهبنة وكان
اسمه عربيا أو تركيا فان اسمه هذا يزول مباشرة، ويُطلق عليه
اسماً سريانياً/مسيحياً. أما المطارنة فيختار لهم البطريرك
اثناء رسامتهم أسماء حملها آباء الكنيسة القدماء للاقتداء
بسيرتهم والتشبه بهم.
لكن الملفت للنظر ان معظم المطارنة الذين هم من تركيا يحملون
كنية تركية غريبة عنا وعن تراثنا لأنها تزيّف هويتهم السريانية
والمسيحية، ومن يسمع أسماء عائلاتهم يعتقد انهم أتراك. وبما ان
الاسم يدل على هوية الشخص وعلى قوميته ودينه وحضارته لذلك يجب
على جميع المطارنة تغيير أسماء كنيتهم التركية التي فُرضت على
عائلاتهم، ورميها والتخلص منها، لأنها تشوه صورة هويتهم
السريانية المسيحية. وهذا يشمل البطريرك ايضاً.
فعندما نسمع أسماء يوحنا (حنا)، الياس، افرام، جورج، نعلم ان
صاحب الاسم هو مسيحي، وعندما نسمع أسماء محمد وعلي وأحمد
فللحال نعلم ان صاحب الاسم هو على الاغلب مسلم. لذلك ان الاسم
يحتوي على هوية الشخص الدينية، واحياناً القومية.
وعندما نسمع أسماء مثل
Dawod, Ibrahim,Yusuf
فإننا نفهم مباشرة ان حاملها هو على الاغلب مسلم. ورغم ان أصل
هذه الأسماء من الكتاب المقدس إلا أن صيغتها هذه قرآنية
إسلامية، وتتضمن فكراً إسلامياً، (أي حرفها المسلمون الى هذه
الصيغة المغايرة للأصل، ودخلت القرآن بهذه الصيغة المغلوطة،
وأصبحت من التراث الاسلامي). لذلك إذا كنا نحمل هكذا أسماء
فيجب تحريرها من المفهوم الإسلامي، وذلك بإعادتها إلى أصالتها
الايمانية وصيغتها الصحيحة كما هي في الكتاب المقدس
Dawid/David, Abraham/Abrohom, Josef/Joseph/Yawsef
فلو ألقينا نظرة على المطارنة الذين هم من تركيا فنجد أسماء
عائلاتهم: أقطاش، أطاش، نايش، آيدين، قبلان، كربوز، جتين،
أورك، أوزمان، جيجك، الخ، وكلها أسماء تركية بحتة. كما ان معظم
أسماء عائلات قساوستنا المولودين في تركيا هي ايضاً تركية
بحتة، وقد أُعطيت لهم هذه الأسماء التركية قسراً بعد تأسيس
دولة تركيا الحديثة، وفرضتها عليهم الحكومة التركية بهدف تتريك
الناس وفرض الهوية التركية عليهم، وهكذا فعلت بأسماء كل
المواطنين في تركيا، وبينهم السريان.
وهذا يذكرنا بمحاولات الأحزاب القومية العربية والإسلامية في
المشرق كمحاولات حزب البعث العنصري في سوريا والعراق لتعريب
الثقافة والناس والارض والأسماء والسماء. حيث اضطر الناس بسبب
خوفهم من النظام أو مجاملة معه، أن يطلقوا على أولادهم أسماء
عربية، وخاصة تلك الاسماء تدل على الحرب والقتل والدماء مثل
أسماء جهاد ونضال وكفاح وحسام وغيرها. لذلك حان الوقف لنتحرر
من هذه الأسماء العربية الحربية والدموية ونرميها الى سلة
المهملات، واستبدالها بأسماء سريانية مسيحية مستمدة من تراثنا
المسالم. شخصياً لا أستطيع ان أتصور شخصاً سريانياً يحمل اسم
"جهاد"، فكيف إذا كان هذا الشخص كاهنا ومطراناً؟ الا يخجل من
اسمه الإسلامي المخيف والمعادي لدينه؟
كانت الحكومة التركية العنصرية بعد تأسيس الدولة التركية
الحديثة قد غيرت العشرات من أسماء القرى السريانية في
طورعابدين، وأزالت اسمها السرياني ووضعت لها اسماءً تركية
لتتريك الارض. ثم انتقلت هذه العدوى الى سوريا في سبعينات
القرن الماضي حيث قامت حكومة البعث العنصري في سوريا بإزالة
المئات من الأسماء السريانية للقرى خاصة في منطقة حلب،
واستبدالها بأسماء عربية بهدف تعريب المنطقة. وكأن العالم كله
ضد السريان المسالمين ولغتهم وثقافتهم واسمائهم، لأن كل
الأنظمة التي قامت على أراضي السريان التاريخية تظلم السريان
على طريقتها الخاصة، ومنها من تعمل على إذابتهم وطردهم من
مناطقهم ومسح بقايا حضارتهم. لذلك حان الوقت للشكوى والمطالبة
من الدولة التركية والسورية لاستعادة أسماء القرى والبلدات
السريانية التي حوّلتها الى تركية أو عربية، وخاصة تلك التي لا
زال سكانها سرياناً في منطقة طورعابدين.
كما حان الوقت لإلغاء الأسماء التركية والعربية من اسماء
العائلات السريانية، وخاصة من أسماء عائلات المطارنة والكهنة،
وإعادة استعمال أسماء عائلاتهم السريانية، واستعادتها حتى في
السجلات المدنية، لأن اسم العائلة يضم هوية الشخص، ولأن القس
والمطران سفير المسيحية والحضارة السريانية بين الناس، فيجب ان
تكون سفارته واضحة وناجحة وتعطي للناس اشارت صحيحة. وبهذا
الفعل الجيد يبرهنون على اصالتهم السريانية المسيحية.
الجزء
الخامس
عشر
من يرغب قراءة الأجزاء السابقة من هذا المقال عليه فتح هذا
الرابط
Syriac_Orthodox_Church/5
|