عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

لغة آرامية

اللغة الآرامية لغة سامية شرقية-أوسطية، انطلقت مع قيام الحضارة الآرامية في وسط سورية وكانت لغة رسمية في بعض الدول العالم القديم ولغة الحياة في الهلال الخصيب، كما تعد لغة مقدسة. تعود بدايات كتابتها للقرن العاشر قبل الميلاد إلا أنها أصبحت اللغة المسيطرة في الهلال الخصيب بدأ من القرن الخامس قبل الميلاد بعد هزيمة المملكة الأشورية، وقد كتب بها سفري دانيال وعزرا، ومخطوطات البحر الميت، وهي اللغة الرئيسية في التلمود. من المؤكد أن الآرامية هي لغة يسوع المسيح، وبها تأثرت اللغة الفارسية والعبرية واليونانية واللاتينية.

ما زالت اللغة تستخدم لغة للتداول اليومي في الشرق الأوسط خاصة بين معتنقي الديانة المسيحية من أتباع كنائس مسيحية سريانية في بلاد سوريا والهلال الخصيب وتركيا وإيران، وفي ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الهجرة الكثيفة للناطقين باللغة الآرامية من السوريين والعراقيين إلى مدينة ديترويت، وفي السويد وألمانيا وهولندا بين المهاجرين من الشرق.

تطورت الكتابة الأرامية عبر العصور ليتوصل الآراميون لكتابة خاصة بهم في القرن السابع قبل الميلاد بالترتيب الابجدي. تطورت كثيرا في القرن السادس قبل الميلاد بحيث صارت "لغة الديبلوماسية" كما هو الحال مع الإنكليزية حاليا إلى أن انثبق منها خطان: حضارة سوريا الداخلية الآرامية التدمرية والسورية القديمة والآرامية السريانية.

1 اللهجات الآرامية

1.1 الآرامية القديمة

1.2 الآرامية الرسمية

1.3 الآرامية الغربية

1.4 الآرامية الشرقية

1.5 لهجات أخرى

2 النصوص الآرامية القديمة المكتشفة

2.1 نصوص آرمية من مملكة بيت بحياني

2.2 نصوص آرامية من بيث آجوشي

2.3 نصوص آرامية من شمال/ يأدى

2.4 نصوص آرامية من مملكة حماه

2.5 مملكة دمشق

3 تصنيفات

4 مواضيع ذات صلة

اللهجات الآرامية

الآرامية لفظة تشمل مجموعة لغوية غنية ومعقدة تتفرع إلى لهجات سامية نطقت بها المجموعات الآرامية المنتشرة في مختلف أنحاء الهلال الخصيب. وقد تعلم الآراميون من الكنعانيين فن الكتابة الأبجدية وحاولوا استعمال اللغة الكنعانية في كتاباتهم، غير أنهم كشفوا عن ذواتهم باستعمالهم تعابير آرامية مثل مقطع "بو" و"بيت". وسرعان ماتخلوا عن الكنعانية وأخذوا في استعمال لغتهم الخاصة. ان أقدم النصوص التي وصلتنا باللغة الآرامية ترقى إلى القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد، وفيها يبدو التطور واضحاَ من اللغة الكنعانية إلى اللغة الآرامية.يمكن تقسيم اللغة الآرامية إلى أربع فئات:

الآرامية القديمة

هي لغة الكتابات التي عثر عليها في شمال سوريا الحالية والتي ترقى إلى الفترة التي ما بين القرنين العاشر والثامن قبل الميلاد، حينما تخلّى الآراميون عن اللغة الكنعانية وشرعوا يستعملون لهجتهم المحلية. ثم اخذت هذه اللهجة في التطور والاكتمال. ومن الصعب القول ان هذه اللهجة كانت سائدة لدى جماعات أخرى من الآراميين، لعدم توفر نصوص تعود إلى تلك الحقبة ما خلا تلك التي اكتشفت في شمالي سوريا موطن الحضارة الآرامية.

الآرامية الرسمية

ظهرت لهجة جديدة في الكتابات التي وردتنا من شمالي سوريا بعد هذه الحقبة، وفي الكتابات الواردة في شريعة " بر ركوب" التي دونت أقدم اجزائها بالآرامية القديمة لغة سورية القديمة. وهذه اللهجة الجديدة هي التي تداولتها الوثائق الرسمية في مختلف المناطق الآشورية، ثم تبنتها الامبراطورية الفارسية بدورها كلغة رسمية في الدوائر الحكومية. ففي العهد الاشوري(1100 -612 ق.م) تبنت الدولة اللغة الآرامية وأصبح المشرفون على الشؤون الإدارية يتقنونها أكثر من الاكادية، لا سيما في المناطق النائية حيث استعملوا للمراسلات نموذجاَ من الآرامية المبسطة. كما أن عادة إرفاق جداول آرامية بالالواح المسمارية اخذت تزداد منذ ذلك التاريخ حتى في قلب الامبراطورية. وكانت هذه الجداول ترجمة آرامية موجزة لما تحتويه الالواح المسمارية، لاستعمال التجار بنوع أخصّ. ان الآرامية التجارية صارت أساساَ للآرامية الرسمية، إذ تبناها الشعب في مختلف ارجاء الامبراطورية، مفضلاً اياها في الأغراض الادبية على لغته الخاصة. كما نلاحظ في الالواح الأكّادية ان بعض الكتبة يسمون بـ"كتبة الآرامية". ونشاهد على تمثال " بر ركوب" في زنجرلي كاتباَ امامه وبيده ريشة وحبر ولوح مهيّأ للكتابة بهذه الآرامية الرسمية. ومن الجدير بالذكر ان بر ركوب هذا كان عميلاً مخلصاً للملك الاشوري. كما نرى هذه الآرامية منحوتة في كثير من الأختام والآنية عثر على العديد منها في سوريا أو منقوشة على الخزفيات. و قد انتشرت الآرامية الرسمية انتشاراً واسعاً في العهد الآشوري، وانتشرت من سورية جنوبآ وليس في الامبراطورية الآشورية فحسب، بل في الاقطار الأخرى أيضاً. فقد عثر على إناء من البرونز بالقرب من اولمبيا اليونانية تحمل اسماً محفوراً بالحروف الآرامية. ومن المحتمل ان تكون الأبجدية التي اخذها اليونان عن الساميين في سوريا وآسيا الصغرى من النموذج الآرامي أكثر مما هي من النموذج الفينيقي. أما في مصر فإننا نجد كتابات بالآرامية منذ عهد أسرحدون (680 – 669 ق.م). وقد اشتهرت المخطوطات التي عثر عليها في أسوان أو بالاحرى في الفنتين المصرية (جزيرة فيلة) هي عشر مخطوطات بيعت في اسوان سنة 1940. واكتشفت في طرطوس قيليقية كتابات أقدم. كما شقت هذه اللغة طريقها إلى قلب الجزيرة العربية نفسها. واستمرت الآرامية تشغل مكانتها المرموقة في العهد البابلي الحديث(626- 538 ق.م) وفي العهد الفارسي (538- 330 ق.م). وقد مرت هذه اللغة بفترة عصيبة في العهد اليوناني (312- 64 ق.م) حيث اخذت اللغة اليونانية تفرض نفوذهأعلى المناطق الهلنستية في كامل سوريا، غير انها قاومت هذا النفوذ، وظلّت سائدة في "الحضر" مثلاً رغم مظاهر الحضارة اليونانية الرومانية البادية في اطلالها. وعوّضت الآرامية عما فقدته في العهد اليوناني، إذ بسطت نفوذها في البلاد العربية حيث تداولها الأنباط والتدمريون مملكة تدمر حتى العهد المسيحي، وفي فلسطين حيث تمسكت بها الجماعات التي ناهضت الثقافة اليونانية.

الآرامية الغربية

انتشرت الآرامية الغربية في مناطق متفرقة من سورية وجنوبها وفي الممالك الآرامية السورية بقيت اللغة الآرامية هي السائدة بالرغم من سعة انتشار اليونانية. كانت الآرامية لا تزال لغة الشعب إبّان القرن الميلادي الأول، ولم تنافسها إلاّ اللغة العربية بعد قدوم المسلمين. واستمرت الارامية حتى زمن طويل ولم تنطفئ تماماً لانها لا تزال محكية في بعض قرى ومناطق سوريا ولو بصبغة متغيرة كثيراً. إن شهرة الآرامية الرسمية كلغة الثقافة والشؤون الدولية أخّرت استعمالها للأغراض الادبية، مثلما اخّرت اللاتينية استعمال اللهجات المحكية في إيطاليا للشؤون الادبية مثلا. إلاّ ان فرقاً اخذت تستعمل لهجاتها المحلية في الممالك داخل سوريا للكتابة بدلاً من الآرامية الرسمية. ويمكننا ان نميز اربع لهجات سادت الآرامية الغربية.

الآرامية اليهوديه: ظهرت هذه اللهجة في جنوب سوريا بالكلمات الآرامية والتعابير الواردة في يونانية العهد الجديد وقد بقيت هذه العبارات بصيغتها الآرامية في العهد الجديد (متى 27: 46، مرقس 3: 17، 5: 41، 7: 34، 14:36، 15: 34، اعمال الرسل 9: 36، 1: 19، 1 كور 16: 22، روم 8 :15، غلاطية 4: 6). وكانت آرامية الجليل هي اللهجة التي نطق بها المسيح ورسله وهي تختلف اختلافاً واضحاً عن لهجة الجنوب السائدة آآنذاك في اورشليم وما حولها (متى 26: 73). وقد كتب التلمود وأقدم المداريش بهذه اللهجة الجليلية نفسها. وبهذه اللهجة أيضاً جاء ترجوم "يوناثان" المنحول والترجومات الاورشليمية ونتف من الترجوم الفلسطيني بنوع خاص. أما طريقة النطق بهذه اللهجة فليست أكيدة رغم ما تقوله القراءات الرابينية.

الآرامية السامرية: ان السامريين ترجيحاً للتناخ بلهجتهم الخاصة التي تقرب كثيراً من اللهجة الجليلية. وقد كتبوا بها أيضاً قطعاً طقسية واناشيد وقصائد. أما الأبجدية الغربية التي كتب بها السامريون آراميتهم فهي تطور محلي للخط الكنعاني القديم. وقد زالت هذه اللهجة بعد الدخول الإسلامي وحلت العربية محلّها.

آرامية بلاد الشام المسيحية: استمر المسيحيون الأولون في بلاد الشام دون شك يستعملون اللهجة المحلية فيما بينهم، وأصبحت اليونانية اللغة الرسمية للديانة الجديدة وبها كتب العهد الجديد ما خلا إنجيل متى الآرامي. وشعرت في بلاد الشام الجماعات المسيحية التي انتحت جانب البيزنطيين بحاجة إلى نصوص دينية بلهجتهم الخاصة، فقامت بترجمات معظمها من اليونانية لكلا العهدين ولعدة رتب طقسية، وتدعى اللهجة في الجنوب " آرامية فلسطين المسيحية" التي كانت مستعملة كذلك لدى مسيحيي مصر الناطقين بالآرامية كذلك.

الآرامية الغربية الحديثة: ازدهرت هذه اللهجة في منطقة من سوريا ولا زالت هذه الآرامية مستعملة في ثلاث قرى واقعة في الشمال الشرقي من دمشق وهي: معلولا و بخعا و جبعدين، وقد عانت تغييراً كبيراً وتأثرت إلى حد بعيد في نحوها والفاظها باللغات التي سادت في دمشق وما حولها، ولكنها تعتبر لغة حية للآرامية الغربية.

الآرامية الشرقية

كان للآراميين الذين انتشروا في منطقة دجلة والفرات لهجاتهم المحلية الخاصة المختلفة عن الآرامية الرسمية. وقد أصبح بعض هذه اللهجات مكتوباً ومستعملاً للأغراض الادبية أيضاً. وانتشرات هذه اللهجات المحلية حتى في جبال أرمينيا و آشور. ويمكننا ان نميّز في هذه الآرامية الشرقية اربع فئات ايصاً:

الآرامية البابلية: وهي ظاهرة في التلمود البابلي وفي وثائق ترقى إلى ما بين القرنين الثاني والسابع للميلاد. ولم تكن هذه اللهجة موحدة، ويبدو اختلاف صيغها حتى في التلمود نفسه. أما كيفية التلفظ بها، فشأنها شأن الآرامية اليهودية- الفلسطينية، وهي تتبع الطريق المصطلحة لدى السلطات الرابينية التي كانت تتدواولها.

المندائيه: كتب المندائيون في العراق أدبهم بهذه الآرامية الشرقية. فهناك وثائق لهذه الديانة المستقلة كتبت بلغة تطورت محلياً من الآرامية القديمة، قد تكون صيغة صافية من الآرامية الشرقية غير المتأثرة بالعبرانية، كاللهجة اليهودية، أو باليونانية، كما هي الحال مع السريانية. ولكن الوثائق التي وصلتنا بهذا اللهجة ترقى جميعها إلى حقبة متأخرة، وقد طرأ عليها تغيير لفظي كبير وتأثرت كثيراً باللغة العربية.

السريانية:

لا بدّ ان هذه اللهجة التي أصبحت اللهجة للآرامية الشرقية، كانت مستعملة كلغة ادبية في سوريا القديمة قبل العهد المسيحي. إلا أن النصوص القليلة الباقية والعائدة إلى القرن الأول الميلادي لا تتيح لنا البتّ في هذا الامر. اما في منطقة الرها الآرامية، فقد حلّت فيها مدرسة مسيحية محل المركز الوثني وتطورت الآرامية الشرقية فيها إلى لغة ادبية مزدهرة ارتفع شأنها عالياً لا سيما بعد أن اتخذتها المسيحية لغة الدين والآداب لها. وفي القرن الخامس عندما ثارت الجدالات العقائدية في الشرق، استفادت اللغة من ذلك فائدة عظمى، إذ راحت كل فئة تعمل على صقلها واغناء مفرداتها وضبطها لتكون قادرة على التعبير عن حاجات الناس كلها، اللاهوتية والفلسفية والعلمية والطبية والفلكية واليومية. وكان للانغزال الذي سببته هذه الجدالات اثره العميق أيضاً في كلتا الفئتين الشرقية والغربية وفي تطور اللغة فيها، إذ اخذت الاختلافات اللفظية والكتابية تبرز واضحة منذ نهاية القرن السادس الميلادي. وهكذا انقسمت اللغة الآرامية من حيث اللفظ والخط إلى آرامية شرقية وآرامية غربية.

و قد جاهد المسيحيون للذّود عن لغتهم ضد التاثير البيزنطي المتصاعد، ولكنهم لم يفلحوا في منع تسرّب اللغة اليونانية إلى اللغة السريانية، بيد انهم افلحوا في نشرها في البلاد الفارسية ومنها إلى البلدان الشرقية، ثم إلى الشرق الأقصى، إلى الصين والهند. وما زالت متداولة في الهند لدى السريان الملباريين والملنكاريين كلغة طقسية. اما في المنقطة الغربية فقد امتدت إلى آسيا الصغرى وبلاد الشام، ودخلت البلاد العربية. وكان تأثيرها كبيراً على لغات كثيرة كالعربية والارمنية والايرانية، حتى استعملها الوثنيون والمانويون انفسهم لأغراض دينية. ثم تقلص نفوذها بعد الدخول الإسلامي امام اللغة العربية فظلت لغة ادبية حية القرن الرابع عشر ولم تزل لغة طقسية لدى الكنائس السريانية الشرقية والغربية.

السريانية الحديثة (السوادية) : ما زالت لهجات الآرامية الشرقية (السورث) محكية لدى الجماعات المسيحية القاطنة في جبال آشور والقرى المسيحية الواقعة في شمال شرق سوريا شمال العراق وعلى الضفاف الشرقية من بحيرة اورمية وجبال طور عبدين. ولم يتخلّ عنها اصحابها الذين ونزحوا إلى أمريكا أو أوروبا أو غيرهما من الاقطار البعيدة. الا انه قد طرأ عليها (السورث) على غرار الآرامية الغربية الباقية إلى الآن، تغيير كبير في اللفظ وتأثرت بالظروف وباللغات المجاورة كالعربية والتركية والفارسية وأخذ المتحدثون بها يستعملونها للأغراض الادبية أيضاً منذ القرن السابع عشر، تحت تأثير المرسلين الغربيين، فينشرون بها صحفهم ومجلاتهم وكتبهم، فسادت في هذا المضمار اللهجة الاورمية.

لهجات أخرى

هنالك لهجات آرامية أخرى كالمندعية والتدمرية والنبطية والحضرية وغيرها ولكن لافارق كبير بينها! والتدمرية - مملكة تدمر الواقعة في وسط سوريا وعاصمتها تدمر وتسمى بالميرا ،والنبطية هما لهجتان آراميتان، الأنباط (الأنباط: أنباط الدولة النبطية في الأردن وعاصمتها سلع بالآرامية أو البتراء باليونانية.

خلاصة القول، ان الخط الذي اقتبسه الآراميون الأولون من جيرانهم الكنعانيين سكان الساحل السوري أصبح مصدراً لمعظم الكتابات الحالية. فانتشرت إحدى صيغه في آسيا الصغرى الواقعة إلى الشمال من سوريا ومنها انتقلت إلى بلاد اليونان حيث اعطت الأبجدية اليونانية التي أصبحت بدورها مصدر اللاتينية الغوطية والأبجدية القورلية المستعملة في أوروبا والكتابات القبطية في مصر. وهناك صيغة أخرى انبثقت منها الكتابة البهلوية في إيران الوسطى ومن خلالها الافستية والسغدية والأبجدية المانوية التي منها اتت الكتابات الويغورية والمغولية والمانشؤية والكالموكية واليورياتية. واعطت صيغة أخرى منها الكتابات الخروشتية والبرهمانية ومن خلالها الكتابات التيبتية وكتابات مستعملة في الهند والجنوب الشرقي من آسيا واندونيسيا. وإحدى صيغها الأخرى كانت مصدراً للكتابة الارمنية التي منها جاءت الكتابات الجيورجية والقفقاسية. وعن إحدى صيغها نتجت أيضاً الكتابة العربية المربعة والخطين التدمري والنبطي، ومن هذا الأخير جاء الخط العربي باشكاله العديدة في الفارسية والتركية والاوردية والمالوية. وقد تفرعت الكتابة الماندية الغربية أيضاً من إحدى صيغ الكتابة الآرامية.

يتبع...

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها