اللغة السريانية الآرامية هل هي عقبة ام مقبرة للفكر الأشوري؟
20110302
لقد
إنتشر الفكر الأشوري خاصة بين السريان الشرقيين النساطرة في بداية القرن
العشرين .
في عام
1935 , صدر ليوسف مالك كتاب بالإنكليزية هو " الخيانة البريطانية للآشوريين " ,
جاء فيها : " رغم أن الآشوريين يمثلون " أمـة " واحدة , وإنهم الورثة الحقيقيون
للإمبراطورية العتيدة , إلا أنهم منقسمون مذهبياً إلى خمس طوائف دينية ... هي
النساطرة – الكلدان – السريان الكاثوليك – الموارنة – اليعاقبة " .
ثم يذكر :
"
... إن ملاحظة بسيطة تكفي لتدل على ما سبق, إن السلطات فيما إذا تناول حديثها
طائفة اليعاقبة أو كنيسة اليعاقبة مثلاً , فأنها لم تكن توحي بوجود قومية
يعقوبية "(يوسف مالك, الخيانة البريطانية للآشوريين , ترجمة يونان ايليا يونان
سنة 1981 ص 13 ).
لقد مرت
اكثر من ٧٥ سنة على صدور هذا الكتاب و لا يزال إخوتنا السريان المشارقة يرددون
هذه الأفكار السياسية التي لا تتطابق مع تاريخ السريان المشارقة الذين كانوا
يؤمنون بهوية سريانية آرامية .
رغم عدم صحة الطروحات التاريخية في الفكر
الأشوري فإنه ينتشر في اواخر القرن العشرين بين بعض السريان الغربيين لأنه كان
يروج فكرا قوميا ينادي بالوحدة بين الطوائف السريانية . و لكن هنالك عقبة كبيرة
تعترض المنادين بالفكر الأشوري و هو إسم لغتنا الأم !
من جهة السريان المغاربة
متمسكون بإسم لغتهم السريانية و من جهة أخرى السريان النساطرة كانوا يجهلون ان
الشعب الأشوري القديم لم يكن له لغة خاصة به و لكنه كان يتكلم اللغة الأكادية
التي كانت منتشرة في كل الشرق القديم . هذه العقبة قد تتحول الى مقبرة للفكر
الأشوري في السنين القادمة للأسباب التالية ...
أولا - هل الكنيسة السريانية الأرثودكسية تعترف بوجود لغة "أشورية"؟
إتصل بي
صديق من السويد متذمرا لأن أحد المدعين بالهوية الأشورية قد حشره و قال له " إن
البطريرك الراحل يعقوب الثالث قد ذكر أن السريان يتحدرون من الأشوريين و
الآراميين و أن مطران حلب يوحنا إبراهيم يعترف بوجود اللغة الأشورية " .
هدأت
من روع صديقي و ذكرت له أن الأراء في المواضيع التاريخية و اللغوية اذا لم تكن
مسنودة ببراهين علمية فهي مجرد أقاويل لا وزن لها.
أ - ما مدى صحة رأي قداسة البطريرك الراحل يعقوب الثالث ؟
ترك لنا
هذا البطريرك عدة دراسات لغوية حول اللغة السريانية و هو فعلا قد ذكر ان
السريان يتحدرون من الآراميين و الأشوريين و قد نقل هذه الفكرة الخاطئة من
مقدمة " اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية" للمطران إقليمس داود .
و كان
هذا المطران قد ذكر في مقدمته " "فينتج من ذلك ان الامة السريانية جمعاء شرقا و
غربا كانت قبل المسيح تدعى عند اهلها ارامية او آثورية كما ورد اسمها دائما في
الكتاب المقدس و ان اسم السريانية لم يكن الا اختصار اثورية اختصره اليونانيون
الذين كثروا في بلاد الارامية بعد الاسكندر ذي القرنين و قلبوا ثاءه الى السين
لسهولة اللفظ .
ثم لما
اعتنق الاراميون الديانة النصرانية اهملوا اسمهم القديم و تسموا باسم
السريانيين تمييزا لهم من الاراميين الوثنيين فلم يكن اسم السرياني اسما للملة
بل للديانة و ناهيك ان الباقين من الآراميين القدمآء في اثور و اذربيجان و جبل
عبدين الى يومنا هذا لا يتخذون لفظة السرياني ... للملة بل للديانة فان هذه
اللفظة عنهم مرادفة للفظة المسيحي و النصراني ."
إن البطريرك الراحل قد أخذ هذه
الفكرة من مقدمة المطران داود" "فينتج من ذلك ان الامة السريانية جمعاء شرقا و
غربا كانت قبل المسيح تدعى عند اهلها ارامية او آثورية ..." فهو لم يبحث في
مصادرنا السريانية و لا يقدم أية براهين تسند رأيه .
ملاحظة صغيرة:
إن التسمية
الأشورية في المصادر السريانية الشرقية و الغربية لم تكن مستحبة و كان اجدادنا
يستخدمونها للإشارة الى الظلم و القسوة .
ب - هل المطران يوحنا إبراهيم يعترف بوجود لغة " أشورية" ؟
سيادة
المطران يوحنا إبراهيم هو باحث في السريانيات و ناشر لعدد كبير من الكتب حول
تراثنا السرياني. لا احد يعتقد ان سيادته قد جامل الأحزاب الأشورية المتطرفة و
رضي بأن تسمى لغتنا " أشورية" او لمح ان اللغة السريانية متحدرة من " الأشورية"
!
سيادة المطران جورج صليبا قد ذكر في مقدمة كتابه " معلم اللغة السريانية "
...
لهجة طور عبدين هي أكدية عتيقة .
و هذه نظرية جديدة لا يؤمن بها احدا من
علماء اللغات الأكادية و الآرامية . إنني لا أعتقد ان سيادة المطران إبراهيم
يرى بأن يزور إسم لغتنا الى " أشورية" ، و قد وجدت في أحد المواقع الذي يخلط
بين هويتنا السريانية الآرامية و التسمية الأشورية كلمة تشجيعية لذلك الموقع
تجدونها على الرابط
http://www.a-olaf.com/home/viewtopic.php?f=16&t=69
و قد ورد
فعلا في كلمته " لقد أسعدنا جدا المشروع الرائع الذي أقدمتم على تنفيذه وهو
دليل كنائس وأديرة أبناء اللغة السريانية ، مكتبة الألحان السريانية والآشورية
, دليل أبناء اللغة السريانية الاقتصادي و مكتبة الكتب السريانية .." من يدقق
يلاحظ أن سيادة المطران إبراهيم يعدد المنتديات الموجودة في ذلك الموقع فهنالك
منتدى او مكتبة الألحان السريانية والآشورية .
نحن كنا نتمنى من سيادته ألا
يستخدم تعبير " الأشورية" لأن بعض رجال الدين السريان لا يزالون يصدقون
الطروحات الأشورية التي تزيف تاريخ و هوية السريان الآراميين و لأن البعض
يستغلون بعض التعابير و يحملونها معاني لم يقصدها كاتبها .
لقد شرحت
لصديقي أن سيادة المطران لم يعترف بوجود لغة " أشورية" و أنه إذا غامر احد رجال
الدين السريان و اعترف بوجود لغة " أشورية" فهذا لا يعني أن الكنيسة السريانية
تعترف بوجود لغة " أشورية" و لكن هذا الإعتراف يعني أن رجل الدين هذا لا يدافع
عن إسم لغتنا العلمي و أنه غير مطلع على تاريخ اللغات القديمة .
ثانيا - بعض محاولات الفكر الأشوري اليائسة !
أ-
يردد بعض المناضلين للفكر الأشوري أن اللغة الآرامية قد ماتت و بعضهم يدعون
انها لا تزال تحتضر في جبال القلمون في ضيع معلولا و بخعة و جبعدين و هم يقصدون
ان التسمية الآرامية - إذا صحت - تطلق على سكان هذه الضيع !
و هذا يعني - في
احلامهم وسط النهار - ان اللغة السريانية هي غير الآرامية و كما يردد السيد
أشور شليمون(بدون براهين) أن اللغة السريانية هي مزيج من عدة لغات سامية قديمة
( نظرية جديدة بدون براهين و من يهمه الأمر فليسأل السيد شليمون لما ينف الإسم
السرياني و يردد اللغة " الأشورية")
ب-
السيد شليمون يستخدم كل الطرق كي يثبت تسمية اللغة " الأشورية" فهو - كما يقال
- ملكي أكثر من الملك : الأشوريون القدامى كانوا يسمون لغتهم أكادية و هو
السرياني الشرقي الذي يتكلم اللغة السريانية يريد ان يسميها " أشورية" !
في مقال له
- عنوان رنان - " مختارة سد البوشرية " أشطر" من الباحث هنري بدروس كيفا!"
و لكن
المضمون كلام فارغ كالعادة . تجدونه على الرابط
http://www.samaalkamishli.com/ma/viewtopic.php?f=43&t=8510
* -
أولا إنني لا أدير موقع التنظيم الآرامي و لست مسؤولا فيه .
* -
إن
المختارة ليلى لطي هي " أشطر" مني و لكنها " أمينة" على إسم لغتها الأم أكثر
منك !
* -
السيدة
ليلى لطي هي مختارة الحي الذي ولدت فيه و كان يسمى " حي السريان" بسبب الوجود
المكثف لإخوتنا من السريان المشارقة النساطرة و لكنهم بعد سنة ١٩٧٦ قلبوه الى "
حي الأشوريين" !
*-
لقد تحدثت عدة مرات مع السيدة ليلى لطي و هي تؤمن بالتاريخ الأكاديمي و ليس
التاريخ المسيس .
في المقال
الذي تستشهد به و هو على الرابط
Artikel/Layla_Latte.htm
فهي تقول
حرفيا " ليش بدنا نمحي حضارة آلاف السنين ولغة جدودنا لغة الشرق كلو( بنقصد هون
اللغة الآرامية-السريانية)".
ج - ما هو هدف السيد شليمون المبطن ؟
كتب السيد شليمون " حيث تقول ليس كل من ينطق لغة لأمة يصبح في تعداد تلك الأمة
وأتت بمثال حيث قالت الشعب الأميركي يتكلم باللغة الإنكليزية ولكنه ليس
بأنكليزي الهوية. "
*
يتوهم السيد شليمون أن د. أسعد صوما او أنا شخصيا او كل باحث متخصص في تاريخنا
السرياني يستطيع أن " يساوم" حول الحقائق التاريخية !
*
إن الولايات المتحدة تتكلم اللغة الإنكليزية و هم لا يدعون انهم إنكليز و لكنهم
أمة أميركية و يسمون لغتهم " أميركية" !
*
السريان المشارقة يتكلمون اللغة السريانية الآرامية و بالرغم من ان كنيستهم
صارت مؤخرا تسمى أشورية و أن رجال الدين فيها يسمون لغتهم زورا " أشورية" فنحن
لا نعتقد أن اي باحث أكاديمي يقبل بهذا التزوير الفاضح !
*
إذا كان عندكم احلام سياسية و طروحات تاريخية خاطئة فنحن عندنا أمانة للعلم و
لتراث اجدادنا .
*
الفرس تكلموا اللغة الآرامية و الأرمن ايضا تكلموها و لكنهم حافظوا على هويتهم
التاريخية .
*
السريان المشارقة من كلدان و نساطرة هم سريان بالجنس و ليس باللغة . كتب السيد
شليمون " شيئا نريد إفهام هذين الأخوين منذ زمان وحتى لو قبلنا أن كل الهلال
الخصيب مرة من المرات استخدم اللغة التي يحلو لهما تسميتها الآرامية وذلك لا
يعني بأنهم آراميون."
*
السيد شليمون المحترم - انت لا تستطيع ان تعلم احدا في مواضيع تاريخية انت لا
تملك الشجاعة كي تتحقق فيها - فنصائحك احتفظ بها !
*
نحن لا ننتظر منك ان تقبل أن اللغة الآرامية كانت محكية في شرقنا في فترة ما :
قبولك او رفضك لا يؤثر في تاريخ إنتشار لغتنا الآرامية .
*
أيها " الفهمان" لسنا نحن من يسميها " اللغة الآرامية" و لكن كل المصادر
القديمة و المراجع العلمية .
أخيرا صحيح أن المختارة ليلى لطي هي أشطر مني و
لكنها مثقفة و غيورة و تعرف بأنني باحث متخصص في التاريخ السرياني و هي لن تقبل
ان تسمى لغتنا " أشورية" حسب رغبتك اليائسة .
ثالثا - لما يتشبث الفكر الأشوري بتسمية " اللغة الأشورية " ؟
هنالك
أسباب عديدة:
أ -
البعض منهم
قد تعلم منذ ولادته بأنه يتكلم " اللغة الأشورية" و كثيرون منهم يؤمنون أنها
فعلا " أشورية" .
ب -
في مقال سابق عنوانه "قاموس شيكاغو " ألأشوري " و أللغة ألأكادية" موجود على
الرابط
http://www.Henyi/20.htm
ذكرت فيه
العالم
I.J
GELB
بنفسه يسمي اللغة في المقدمة باللغة الأكادية. و ان كل القواميس الجديدة و كل
العلماء المتخصصين في تاريخ الشرق القديم يستخدمون الإسم العلمي و هن اللغة
الأكادية .
ج -
السريان المشارقة الذين يؤمنون بالفكر الأشوري يريدون ان يجدوا حلا يسمح لهم
بتسمية لغتنا السريانية باللغة " الأشورية"!
د -
لا يريدون الإسم الحقيقي للغتهم الأم و هو اللغة السريانية الآرامية لأن هذه
التسمية العلمية تفضح بقية طروحاتهم الكاذبة .
ه -
لا يريدون الإعتراف بإسم لغتنا العلمي مخافة ان يبتعد عنهم بعض الضالين من
السريان و الكلدان.
و -
لقد رفعوا شعارات عديدة منها " لغة واحدة شعب واحد" متوهمين أن إسم لغتنا هو "
الأشورية" فرددوا مرارا هذه الشعارات و اليوم حيث يستطيع كل مثقف ان يتابع و
يتأكد من صحة الطروحات بواسطة النت : إسم لغتنا العلمي هو السريانية الآرامية !
الخاتمة
إن تطرف
الفكر الأشوري في الإدعاء بوجود لغة " أشورية" و محاولات مشبوهة تسمح له ان
يطلق التسمية " الأشورية" على اللغة السريانية سوف تلقي الشك في بقية طروحات
الفكر الأشوري !
المقالات غير العلمية التي تحاول الدفاع عن " اللغة الأشورية"
تدفع القارئ الى الرجوع الى الدراسات الأكاديمية .
و بما ان الجامعات العالمية
تسمي لغتنا سريانية أرامية فإن القارئ المثقف يفهم ان التطرف الأشوري يركض وراء
قضية خاسرة . كلما تطرف المدافعون عن " اللغة الأشورية" تتحول اللغة السريانية
الآرامية من عقبة الى مقبرة للفكر الأشوري !
تخاذل بعض معلمي اللغة السريانية
في الماضي القريب قد زاد فيكم روح التعصب و التطرف فصرتم تنكرون وجود لغة
سريانية و تؤكدون موت اللغة الآرامية.
نحن نراهن اليوم إن المؤسسات السريانية
الآرامية ستدافع عن إسم لغتنا. |