مؤتمر حول
التأريخ عند السريان
0811228
القسم الأول
عقدت " جمعية الدراسات السريانية " في مدينة باريس"Société
d’études syriaques"
مؤتمرها السنوي في 14 تشرين
الثاني و كان موضوع المؤتمر"L’historiographie
syriaque"
أي
عملية التأريخ
(كتابة التاريخ) عند السريان .
موضوع شيق للغاية
شارك فيه عدد كبير من الباحثين
المختصين ، سوف أعرض على
القراء المواضيع التي طرحت و النقاشات التي جرت . من الممكن
مشاهدة برنامج المؤتمر على الرابط التالي
http://www.suryoye.be/index.php?option=com_eventlist&view=details&id=22:lhistoriographie-syriaque&Itemid=20
قبل عرض المحاضرات أحب أن أذكر أن جميع المحاضرين قد
إستخدموا التسمية
syriaque
و
syrien
للإشارة الى الشعب السرياني
و
syrien oriental
أي سرياني شرقي الى إخوتنا شرقي
نهر الفرات( اي أبناء الكنيسة الأشورية و الكلدانية اليوم ).
أولا - الفترة الصباحية رحبت الباحثة فرنسواز بريكل- شاتوني
F. Briquel-Chatonnet
بالحاضرين و شرحت عن أهداف جمعية الدراسات السريانية و هي
مؤسسة ثقافية مفتوحة لكل محبي التاريخ السرياني ، و هذه
الجمعية
تقودها نخبة من المتخصصين في السريانيات الذين يعلمون في
جامعات
و معاهد باريس المختصة في تاريخ و حضارة و لغة السريان
.
كما قدمت فرنسواز بعض الأسباب حول إختيار الموضوع و أخيرا
شكرت مدير معهد اللاهوت البروتستنتي حيث جرى المؤتمر.
أ
-
أثر التأريخ اليوناني
" L’héritage de l’historiographie grecque
شرحت الباحثة
Muriel Debié
عن تأثيرات التأريخ اليوناني
على المؤرخين السريان المشارقة و المغاربة .
و قد أكدت إن
قدامى
المؤرخين اليونانيين مثل هيرودوت وتاسيت و كزنوفون لم يؤثروا
على المؤرخين السريان و لكن المؤرخين اليونانيين المسيحيين مثل
أوسابيوس و سقراط فإنهم أثروا بقوة على المؤرخين السريان و
خاصة
في طريقة تدوين السنين و بداية العالم.
كانت الباحثة
Muriel Debié
قد عرضت بعض اللوائح حول
اسماء المؤرخين السريان مع عنواين كتبهم ، و شرحت أن عددا
كبيرا
من أعمال هؤلاء المؤرخين السريان هي مفقودة و لم يبق منها إلا
عنوان الكتاب لأن مؤرخ سرياني آخر قد ذكره
.
لقد أكدت أيضا أن هدف المؤرخين السريان - قبل سقوط بلادهم
في أيدي المسلمين - هو الكتابة عن كنيسة واحدة جامعة في حماية
إمبراطور مسيحي . هذه النظرة الى الكنيسة و الى الإمبراطورية
سوف
تتبدل كليا في القرون اللاحقة
.
ب -" بعض الأسرار التي تتعلق بكاتب تاريخ الرها
"
ألقى الباحث
Andrew Palmer
محاضرته حول " تاريخ الرها"
و قد ذكر عدة نقاط يكتنفها الغموض ، و أكد للحاضرين " أنه يجب
معرفة القرائة بين السطور " .
يعتقد
Palmer
أن مؤلف هذا التاريخ
المهم هو " أداي الذي خلف مار بالاها سنة 532 م مطرانا على
الرها
".
كما قدم عدة براهين تؤكد أن مؤلف هذا التاريخ لم يكن نسطوريا.
و هذه
الفكرة قد شاعت بين المؤرخين في أواخر القرن التاسع عشر.
ملاحظة : كتب البطريرك أفرام برصوم في اللؤلؤ المنثور صفحة127
"
كان مؤلفه مع اعترافه بالمجامع الأربعة يعرج الى النسطرة".
و من البراهين التي قدمها
Palmer
عن إبتعاد صاحب هذا التاريخ عن
النسطرة هو عدم ذكره للشاعر نرساي مع أنه أهم من الشاعر عبسميا
ابن أخت القديس أفرام
!
يطرح
Palmer
الأسئلة التالية:
- لما لم يذكر صاحب هذا التاريخ أسماء كل مطارنة و ملوك الرها
؟
-لما لم يذكر شيئا عن دخول الملك أبجر الثامن الديانة السيحية
أو تنصر الملك قسطنطين ؟
- لما لا يذكر شيئا عن أبجر الخامس الذي عاصر المسيح، و إنتشرت
حكايته بفضل تاريخ أوسابيوس ؟
أخيرا لقد فسر
Palmer
فيضان نهر ديصان الذي جاء في غير
موعده ، و نجاة الملك أبجر الثامن و تدمير مدخل كنيسة
المسيحيين
على إشارة الى دور الكنيسة.
ملاحظة : النص السرياني لا يذكر مدخل الكنيسة و لكن الكنيسة
بأكملها.
يجدر الإشارة الى أن هذا العالم
Palmer
قد وجه ملاحظة الى
العالم
Robert Thomson
الإنكليزي المتخصص في التاريخ الأرمني
قائلا " إن الملك أبجر هو أول ملك مسيحي و كذلك الشعب السرياني
هو أول من دخل الديانة المسيحية ".
و هو يلمح الى الباحث
Thomson
الى أن الشعب الأرمني ليس أول شعب قبل الديانة المسيحية .
سوف
نرى جواب الباحث
Thomson
في فترة بعد الضهر.
ج - تأريخ مكتوب بلغتين ( السريانية و العربية ) : إيليا مطران
نصيبين
الباحث
Antoine Borrut
من جامعة ميرلاند الأميركية و هو
متخصص في تاريخ بداية الإسلام قدم هذا البحث الشيق حيث قدم
عدة براهين حول أهمية المؤرخين السريان لفهم بداية التاريخ
الإسلامي
.
فهو
يشدد على عدم وجود مؤرخين عرب في القرنين السابع و الثامن
الميلادي و أن أقدم النصوص التاريخية العربية تعود الى بداية
القرن
الثامن الميلادي .
لقد ذكر الباحث
Borrut
أن المؤرخين العرب قد
ذكروا أن المسلمين قد إستولوا على جزيرة رودوس ( الجزيرة
الواقعة
بالقرب من الشاطئ التركي ) بينما نرى في تاريخ تيوفيل الرهاوي
أن
جيوش المسلمين قد إستولت على جزيرة إرواد الواقعة قرب الشاطئ
السوري .
لقد خلط المؤرخون العرب بين جزيرتي رود و إرواد
.
يؤكد الباحث
Borrut
أن الخلفاء العباسيين قد عمدوا في نهاية
القرن التاسع الميلادي إلى كتابة تاريخ موحد لتاريخ المسلمين،
لذلك
يرى أهمية كبيرة في التأريخ عند المؤرخين السريان .
لقد شدد
كثيرا
على تأريخ إيليا مطران نصيبين من 1008 الى
1049
م و خاصة
الى النصوص العربية التي نقلها المطران إيليا السرياني الشرقي
وترجمها
الى اللغة السريانية و كان هذا المؤرخ السرياني يذكر أسماء
المؤرخين
اللذين ينقل عنهم من الطبري و الخوارزمي . لقد علق الباحث
Borrut "
أنه من المهم أن نعود الى النصوص العربية التي ترجمها المطران
إيليا لدراسة كيف كانت تتم الترجمة " .
و أكد أيضا أننا نملك
مخطوطة
وحيدة لتاريخ إيليا و أن الترجمة العربية قد تمت على مراحل (
أربع
خطوط عربية مختلفة).
عقدت " جمعية الدراسات السريانية " في مدينة باريس"Société
d’études syriaques"
مؤتمرها السنوي في 14 تشرين الثاني و كان موضوع المؤتمر"L’historiographie
syriaque"
أي عملية التأريخ
(كتابة
التاريخ) عند السريان .
موضوع شيق للغاية شارك فيه عدد كبير من
الباحثين المختصين ، سوف أعرض على القراء المواضيع التي طرحت و
النقاشات التي جرت . من الممكن مشاهدة برنامج المؤتمر على
الرابط التالي
http://www.suryoye.be/index.php?option=com_eventlist&view=details&id=22:lhistoriographie-syriaque&Itemid=20
ثانيا - فترة بعد الظهر
أ - ولادة الكنيسة المونوفيزيتية حسب المؤرخين السريان
المغاربة
La naissance de l’Église miaphysite dans l’historiographie
syro-occidentale
و قد ألقى هذه المحاضرة الباحث
Jan van Ginkel
باللغة الإنكليزية
و هي حول الكنيسة السريانية المناهضة لمجمع خلقيدونيا
.
هذا الموضوع
كنت قد إخترته لأطروحة الدكتورا في جامعة السوربون لذا كنت
سعيدا
جدا لمتابعة هذه المحاضرة
.
لقد شدد الباحث
van Ginkel
على مجمع خلقيدونيا 451 م و أكد
أن " المونوفيزيتيين" قد عارضوا هذا المجمع حتى سنة 518 م و إن
"ولادة"
هذه الكنيسة قد تم بعد إضطهادات الأباطرة البيزنطيين
.
وقد ذكر بعض كتابات المونوفيزتيين الذين كانوا يعتبرون تعاليم
مجمع خلقيدونيا هي السبب الرئيسي لإنقسام الكنيسة .
و كان قد
نشر نصا حول رؤوية المؤرخين السريان الى العرب و إعتبارهم
كمحررين لهم من ظلم البيزنطيين .
و هذا ما دفعني - خلال النقاش
-
الى التعليق " يجب أن ننظر الى النصوص السريانية الأقدم ، مثلا
ما ورد في تاريخ الزوقيني حول العرب ( و منذ ذلك الوقت بدأ
أبناء
هاجر في إستعباد الآراميين إستعبادا مصريا ) و كنت قد ذكرت هذا
النص باللغة السريانية فعلق
van Ginkel
أن المؤرخين السريان
البطريرك ميخائيل السرياني و إبن العبري قد إعتبرا العرب
محررين
لهم لأن السريان كانوا لا يزالون يعانون في القرن الثاني عشر
من
ظلم الأباطرة لهم
.
أخيرا كان عنوان المحاضرة باللغة الإنكليزية
" Birth of the Syrian Orthodox Church or was it a history of
a divorce ?
ب - محاضرة د. أمير حراق كانت حول نظرة الراهب الزوقيني الى
إنتصارات العرب المسلمين .
لقد شدد الباحث حراق على أهمية
المؤرخين السريان و كان ذكر عدة نصوص من تاريخ الزوقيني
و قد رجح أنه راهب قد سكن في الجزيرة السورية و هذه النصوص
تتكلم عن معاناة المسيحيين من ظلم بعض الولاة القساة .
و قد
علق
الباحث حراق " يجب أن نميز و أن نفرق ما كتبه بعض البطاركة
الموالين لسلطة العباسيين و ما كتبه الرهبان القريبين من الشعب
".
و كان قد ذكر أيضا أن ما دونه الزوقيني حول نظرة المسيحيين الى
الى العرب المسلمين هو مهم جدا لفهم العلاقات التاريخية التي
تمت
في القرن الثامن الميلادي .
و كان د. حراق قد ذكر نص الزوقيني
حول ظلم العرب للشعب الآرامي السرياني بدون أن يعلق عليه ، لأن
الباحث
van Ginkel
قد علق عليه سابقا
.
ج - العلاقات بين تاريخ سعرد و بين مختصر التاريخ الكنسي
.
هذا هو عنوان المحاضرة التي ألقاها الباحث
Herman Teule.
لقد حاول هذا الباحث أن يسلط الأضواء على التاريخ المعروف
بالمختصرl'Abrégé
de la chronique ecclésiastique
و هو يرجح أن صاحب المختصر قد عاش في بداية القرن الحادي
عشر الميلادي .
و شرح الباحث
Herman Teule
عن أوجه
الشبه بين تاريخ سعرد الذي نشره المطران إدي شير في بداية
القرن
العشرين ضمن سلسلة
Patrologia orientalis
و بين " المختصر"
الذي نشره الأب بطرس حداد في بغداد سنة 2000
.
الباحث
Herman Teule
يعتقد أن كل من تاريخ سعرد و المتصر
قد إستقيا معلوماتهما من مصدر يجمع بينهما فهو يقدم براهين
عديدة
تثبت أن كلا التاريخين قد إتبعا نفس التسلسل لذكر الأحداث
التاريخية.
الخلاصة التي توصل اليها هذا الباحث هي أن المختصر يكمل تاريخ
سعرد و من هنا أهميته
.
لقد علق د. حراق " لما نطلق تسمية " مختصر
"
على كتاب ضخم؟"
ج - التأريخ عند الأرمن هو عنوان المحاضرة الأخيرة التي ألقاها
الباحث
Robert Thomson
من جامعة أكسفورد . لقد قدم لنا
هذا العالم
بنسخة عن أسماء المؤرخين الأرمن مع الترجمات لكتبهم
وعدد كبير من المراجع العلمية حول المصار الأرمنية
.
قبل طرح موضوعه ، قدم لنا هذا الباحث مختصرا عن كيفية دخول
الديانة المسيحية الى الشعب الأرمني ، و أكد أن الشعب الأرمني
قد
تعرف على الديانة المسيحية عن طريق المرسلين السريان خاصة من
الرها و قد ذكر أحد المؤرخين الأرمن الذي كتب سنة 460 م عن دور
السريان في تأسيس الكنيسة الأرمنية.
و كان المحاضر
Thomson
قد ذكر باللغة الفرنسية
" l'origine Syrienne "
أي الجذور السريانية
في الكنيسة الأرمنية . أي أنه رد بشكل علمي حول سؤال الباحث
Andrew Palmer
إذا كان الشعب الأرمني هو أول الشعوب التي
قبلت الديانة المسيحية
.
شرح العالم
Robert Thomson
عن عملية التأريخ عند المؤرخين
الأرمن و شرح كثيرا عن التأريخ عند موسى الخوريني و قال عنه
"لقد
أراد هذا المؤرخ أن يصور بطولة الشعب الأرمني في المقاومة
فنقل من الكتاب المقدس من سفر المكابيين عن كيفية قتال اليهود.
و قد ذكر الخوريني أيضا أن مدينة الرها كانت ضمن المملكة
الأرمنية
و أن ملوكها كانوا من الشعب الأرمني خاصة الملك أبجر
" .
لقد علقت - خلال فترة المناقشة - و قلت للباحث
Thomson"
إن تأكيدات موسى الخوريني عن جذور الملك أبجر الأرمنية ، علما
أن أبجر كان آراميا قد أثرت في أحد كبار المؤرخين السريان و هو
البطريرك ميخائيل الكبير الذي ذكر هو أيضا أن الملك أبجر كان
أرمنيا " .
و عندما سأل
Thomson
إذا كان ميخائيل الكبير هو الوحيد
الذي ذكر أن أبجر كان أرمنيا أجاب الباحث
Andrew Palmerأن
التاريخ
السرياني المنتهي بعام 1234 م هو أيضا يذكر أن أبجر هو
أرمني
!
ثالثا - النتائج
و في الختام قام الباحث دايفيد تايلور و قدم ملخصا صغيرا حول
هذا
المؤتمر حول عملية التأريخ عند السريان و قد ذكر " إن الحقائق
التاريخية تشبه سمكة الدلفين داخل البحر ، بعض الأحيان يقفز
فوق
المياه مما يسمح للبعض أن يروه ، بينما نحن لا نراه " .
الباحث
تايلور يشير الى أهمية النصوص لكتابة التاريخ . و كان قد طرح
السؤال
التالي " من يدون ( يكتب) التاريخ ؟
"
و ما هي الأسباب التي تدفع
البعض أن " يدونوا" التواريخ ؟
و علق أيضا على ملاحظة د. حراق
"
يجب أن نميز بين ما يكتبه بطريرك يعيش في بغداد و بين راهب
يعيش بعيدا عن مركز السلطة
".
أخيرا لقد طالب الباحث تايلور أن تقام مؤتمرات مشتركة بين
المتخصصين في تاريخ السريان و المتخصصين في تاريخ العرب
لأن العمل المشترك يقربنا أكثر من الحقائق التاريخية
.
|