هل ينجح المؤتمر الكلداني العالمي في تحقيق اعجوبة
حول هويتنا التاريخية؟
090206
نشر الأخ حبيب تومي مقالا في عدة مواقع يطالب فيه بعقد مؤتمر كلداني في هذه
السنة ، النص الكامل موجود على هذا الرابط
HabebTomi
لا شك أن الأخ حبيب تومي يطمح الى توحيد إخوتنا الكلدان خاصة من أجل الحصول
على حقوقهم العادلة في العراق .
لقد
أسرع بعض المفكرين الكلدان الأحرار في التعليق على هذه الدعوة و أغلب
ردودهم هي إيجابية لأنهم
يشعرون بخطورة وضعهم في العراق
.
بما أن الأخ حبيب تومي يطالب المفكرين الأحرار بتقديم آرائهم حول عقد هذا
المؤتمر و بما أنه يشدد كثيرا على " الهوية
الكلدانية التاريخية " سوف أعلق على القسم التاريخي مشددا على " أهمية
إنعقاد هذا المؤتمر الكلداني".
أولا - من هم الكلدان ؟
من المؤسف إن إخوتنا الكلدان يفتقرون الى مؤرخين متخصصين في
تاريخ الشعب الكلداني في تاريخ الشرق القديم مما سمح لبعض المفكرين
أن ينشروا مقالات مزورة لهوية الكلدان : هذا يؤكد أن التسمية الكلدانية
هي أسم
"
أسرة حاكمة " و ذاك يعتقد أن التسمية الكلدانية لا تشير الى
هوية لأنها تعني
"
عالم فلك أو منجم".
لا يزال البعض يعتقد أن التسمية
الكلدانية هي " مذهبية
"
لأنها تدل على إخوتنا اللذين إنفصلوا أو عادوا
الى الكنيسة الكاثوليكية ، و يعتقدون أن الكلدان قد إنفصلوا عن الكنيسة
النسطورية الأشورية بينما الحقائق التاريخية تثبت إن الإنفصال هو عن
الكنيسة السريانية الشرقية أي النساطرة
.
قد
يكون إنتشار هذه الآراء الخاطئة حول الكلدان قد دفعت أحد
السياسيين من " الاشوريين" الى طرح السؤال " هل وردت التسمية
الكلدانية في النصوص القديمة؟".
كثرة الآراء الخاطئة بين المفكرين
لا يعني أن هوية الكلدان التاريخية هي مجهولة
!
لا شك يوجد بعض الإرتباكات بين إخوتنا الكلدان حول هويتهم منهم من
يؤمن بأنه عراقي و منهم من يؤمن بأنه ينتمي الى الشعب الكلداني و البعض
يؤمن بالهوية الاشورية الحديثة و البعض يؤيد التسمية المركبة
!
قداسة البطريرك بيداويد الراحل قد قال " أنه اشوري " بينما قداسة
البطريرك مار عمانويل دلي
يؤكد "أننا الكلدان الآشوريين السريان شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي.
"
ثانيا- ما الفرق بين " الهوية الكلدانية التاريخية " و " الهوية الكلدانية
السياسية " ؟
قد لا ينتبه بعض القراء على دقة هذه التعابير ، و طبعا هنالك فرق
كبير بين " هوية كلدانية تاريخية " و بين " هوية كلدانية سياسية
" .
الأولى تستمد قوتها و سبب وجودها من تاريخ الشعب الكلداني و لا
تقبل بالتخلي عنه أما الثانية فهي تستمد قوتها من نشاطها السياسي و من
تحالفاتها الآنية و من الطبيعي - في سبيل مصالحها السياسية الحالية
-
أن تتناسى جذورها لأن السياسي الناجح يبحث دائما عن فن الممكن
و هو منفتح على كل التيارات . لكل من هذه المفاهيم نقاط سلبية و نقاط
إيجابية
.
أ - الهوية الكلدانية التاريخية تبحث عن هوية الكلدان الحقيقية و تدافع عن
هويتها بدون النظر الى
مصالحها السياسية.
لقد أوصل لنا المؤرخون اليونان القدامى قصص
عديدة عن الشعب الكلداني و حضارته ولكنهم عمموا آراء غير صحيحة
تاريخيا عن الشعب الكلداني الحقيقي مثلا الفترة الزمنية التي حكموا فيها.
لقد نقل
البطريرك ميخائيل الكبير في ملحقه طبعة شابو الفرنسية في
الصفحة 442 بعض
الحكايات غير الصحيحة عن الكلدان مثلا وجود
ملوك كلدان قبل الطوفان و بعده بلغ عددهم 40 ملكا !
و قد نقل ميخائيل
من تاريخ أوسابيوس الذي نقل بدوره من تواريخ فلافيوس جوزيف
اليهودي الذي إعتمد على ما ورد في أسفار التوراة . وقد إهتم علماء
أوروبا في العصر الحديث في تاريخ و هوية الشعب الكلداني القديم
.
نشر
فولتير الفرنسي
Voltaire
سنة 1756 كتابا عنوانه"
Essai sur les moeurs et l'esprit des nations "
ذكر في
مقدمته عن الكلدان أنهم إستخدموا الكتابة
الهيروغليفية مثل الشعب المصري القديم، و ربط بين الكلدان و بناء مدينة
بابل مما يوحي للقارئ
أن الكلدان هم من أقدم الشعوب !
و ذكر فولتير أيضا أن تسمية بابل
في اللغة الكلدانية تعني " الأب الإله " لأنه في اللغة الكلدانية كلمة باب
تعني الأب
!
يعترف
فولتير بإكتناف الغموض تاريخ الكلدان و يكتب
"
بعض
العلماء يؤكدون أن بلاد أشور و بلاد كلدو كانت تؤلفان إمبراطورية
واحدة ، محكومة بعض الأحيان بأميرين : الأول مقره بابل و الاخر
مقره نينوى.
و قد جرى نقاشات عديدة بين العلماء في أوائل القرن التاسع عشر
البعض منهم كان يدعي أن الكلدان ينتمون الى الشعب الآري و البعض
الأخر يؤكد أنهم ساميين.
الطريف
( و لكنه غير صحيح تاريخيا ) إن
العالم الفرنسي المشهور أرنست رينان كان قد أكد - في كتابه المشهور
تاريخ اللغات السامية - أن الشعب الكلداني ينتمي الى الشعب الكردي
!
ب - الهوية الكلدانية السياسية
إنني غير مطلع على طروحات الأحزاب الكلدانية الحديثة و مفهومها
حول الهوية الكلدانية التاريخية ولكنني من خلال مقالات بعض الإخوة
اللذين يدافعون عن الهوية الكلدانية لاحظت أنهم لا يعرفون الدراسات
العلمية حول الكلدان القدامى .
و بعض الأحيان يخلطون بين التاريخ
الكلداني العلمي و تاريخ الكلدان المسيس ( أحدهم لا يزال يدعي بوجود
الكلدان قبل 5300 سنة قبل الميلاد !)
و
كثيرون من الكلدان
–
إستنادا
الى التوراة الذي ذكر " أور الكلدانيين " - يعتقدون أن الكلدان كانوا
متواجدين في بلاد أكاد في الألف الثالث و الألف الثاني قبل الميلاد!
علما أن أغلب المؤرخين المتخصصين في تاريخ الشرق القديم يؤكدون
أن القبائل الكلدانية
هي آرامية و قد جائت من الغرب بادية سوريا و إستوطنت بلاد أكاد في أواخر
الألف الثاني ق.م أو في بداية الألف
الأول ق.م .
و
قد عرضت هذا الموضوع سابقا على هذا الرابط
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=15986
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=16085
ج
-
بعض التعليقات حول هوية الكلدان
1 -
للأسف
الشديد لا يوجد إحصائيات حول نسبة الكلدان اللذين
يؤمنون بإنتمائهم الكلداني ، أو إنتمائهم التاريخي الآرامي ، أو العراقيو
أخيرا الكلدو اشوري السرياني أو الاشوري
!
2
-
نحن لا نعرف إذا كان أحد الكلدان يؤمن بالهوية الاشورية يحق له
أن يشارك في المؤتمر ؟
3
-
إن أهم أهداف المؤتمر المعلنة هي الدفاع عن الهوية الكلدانية السؤال الذي
يطرح هو عن أية هوية كلدانية :
التاريخية أم السياسية ؟
4
-
لا أحد يستطيع أن يتلاعب بهوية الكلدان التاريخية : لقد رأينا سابقا
كيف فشلت محاولات " أشورة " الكلدان بالإستناد الى تفسيرات غير
علمية من نوع ( لا يوجد شعب كلداني لأن التسمية الكلدانية تعني المنجم
أو عالم الفلك و غيرها
).
5 -
إن
الدراسات العلمية حول هوية الكلدان القديمة تعتمد كثيرا على المصادر أي
الكتابات العديدة باللغة الاكادية . أما كتابات اليونان القدامى فهي لا
تعتبر من المصادر و لكن من المراجع و يجب نقدها لأنها تحتوي معلومات غير
صحيحة عن الكلدان
.
. 6 -
إن إخوتنا اللذين يؤمنون بالهوية الكلدانية التاريخية لا يصدقون أبدا ما
ورد في تاريخ ميخائيل الكبير بتناقل السلطة بين الكلدان خلال فترة طويلة (
أربعون ملك كلداني ) . أو أن الكلدان القدامى كانوا يتكلمون اللغة
الكلدانية إستنادا الى فولتير أو غيره!
7 -
للأسف أن بعض إخوتنا يطالبون بالدفاع عن هوية الكلدان التاريخية و لكنهم
يصدقون بعض الطروحات المزورة لهوية الكلدان الحقيقية
.
هذا الخلط بين هوية الكلدان الحقيقية/ الآرامية مع هوية كلدانية شوفينية قد
تبعد شبابنا عن العمل القومي
.
ثالثا - لغة كلدانية أم لغة آرامية/ سريانية ؟
أحب أن أشكر الأخ حبيب تومي على أمانته حول تاريخ الكلدان القدامى فهو يكتب
" ولعل آخر ما قدمه للمسيرة الحضارية البشرية قبل حوالي ثلاثة الاف سنة هو
التقويم الشمسي وهو تقسيمه الوقت الى السنة والشهر والأسبوع واليوم والساعة
والدقيقة والثانية ".
من المعلوم أن الشعب الكوشي هو الذي طور علم الفلك في بلاد أكاد قبل أن
تدخل القبائل الكلدانية/ الآرامية في أواخر القرن الحادي عشر و تسيطر على
هذه البلاد . الإيجابية في هذه الفكرة أن المفكر حبيب تومي لا يدعي أن
حمورابي كان كلدانيا بعكس ما يؤمن بعض القوميين الكلدان.
حمورابي كما هو معروف كان " عموريا
" .
إنني أخالف الأخ حبيب تومي في إسم اللغة التي يتكلمها الكلدان فهو يكتب "
المؤتمر يعمل مع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانيـــــة ، التي عملت عبر
التاريخ على الحفاظ على اللغة الكلدانيـــة ( كلذايا) وطقوسنا واسمنا
القومي الكلــــداني وأثبتت الكنيسة عبر التاريخ انها مؤسسة أمينة للحفاظ
على تراث شعبنا وتاريخه
".
لقد وجدت قاموسا من أواخر القرن التاسع عشر حول اللغة الأكادية القديمة و
عنوانه " قاموس كلداني - فرنسي " .
فهل
سيستغل القوميون هذا الخطأ و يدعون أن اللغة الأكادية كانت كلدانية أو - لا
سمح الله - هل سيقوم أحد المغامرين و يدعي أن الكلدان القدامى كان لهم لغة
كلدانية خاصة ؟
أم أن الكلدان في القرن الواحد و العشرين سيلتزمون بالتسمية العلمية للغة
أجدادهم ؟
قام البطريرك بيداويد الكلداني سنة 1975 بإعادة طبع قاموس المطران يعقوب
أوجين منا الشهير و لكنه عمد الى تبديل إسمه من " دليل الراغبين في لغة
الآراميين " الى
"
قاموس كلداني - عربي " .
الحجج
الواهية التي ذكرها في مقدمته غير مقبولة على الصعيد العلمي و الأدبي لأن
المطران يعقوب أوجين منا كان يؤمن أن كل المسيحيين في شرقنا الحبيب كانوا
ينتمون الى الشعب الآرامي و أن إسم لغتهم " التاريخي و العلمي هو اللغة
الآرامية/السريانية".
إن أغلبية رجال الدين الكلدان تستخدم تعبير " اللغة الآرامية أو السريانية
" ، في مقاله الأخير سيادة المطران سرهد جمو يستخدم تعبير " اللغة الآرامية
الحديثة ".
من الغريب أن " الأحزاب الاشورية " قد بدأت تستخدم أو تصحح بعض مفاهيمها
حول لغتهم و يسمونها " اللغة السريانية " و نرى اليوم " نزعة جديدة" عند
بعض إخوتنا الكلدان حول " اللغة الكلدانية
".
أخيرا أن أبحاث إدوارد ليبنسكي تؤكد أن لغة القبائل الكلدانية الأم كانت
اللغة الآرامية و أنهم تعلموا اللغة الأكادية في بلاد أكاد بدون أن يفقدوا
لغتهم الأم .
كما
لا يخفى على القارئ أن اليهود قد تعلموا " اللغة الآرامية " أثناء السبي
البابلي الثاني الذي دام من سنة 587 الى 538 ق.م.
إن إستخدام تعبير
"
اللغة الكلدانية " لهو تعبير خاطئ لأنه غير تاريخي و غير علمي و الكنيسة
الكلدانية - عبر دراسات الباحثين فيها - تستخدم تعبير " اللغة الآرامية
/
السريانية " .
أما
إذا كان يوجد تيار ( علمي أو غير علمي ) داخل الكنيسة الكلدانية يناضل من
أجل تعميم إستخدام تعبير " اللغة الكلدانية " فنحن نتمنى على الأخ حبيب
تومي أن يعرفنا على هذا التيار و إن أمكن على الأسباب أو العوامل التاريخية
.
لقد فشل الفكر القومي الاشوري في تعميم تعبير " اللغة الاشورية " فهل ينجح
الفكر الكلداني الجديد ؟
لقد أحببت أن أعلق على العوامل التاريخية و اللغوية و لكني أريد أن أعلق
على شق سياسي و هو أمنيتنا أن ينجح المؤتمر الكلداني العالمي أن يكون "
علميا " أي أن تكون عودة الكلدان المعاصرين الى " جذورهم " التاريخية
الحقيقية .
معلومات البطريرك ميخائيل السرياني حول وجود 40 ملك كلداني !
هي معلومات خاطئة منقولة عن مراجع يونانية غير أمينة .
المؤرخ الفرنسي إرنست رينان يدعي أن الكلدان ينتمون الى الأكراد و الفيلسوف
الفرنسي فولتير ذكر أن الكلدان و الأشوريين قد حكموا في إمبراطورية واحدة و
اليوم يطالب إخوتنا الكلدان في معرفة " هويتهم الكلدانية التاريخية " فهل
يحق لنا أن نسأل إخوتنا هل هوية الكلدان التاريخية هي الهوية الآرامية ؟
لما حلت تسمية " بلاد الآراميين" بدل التسمية القديمة بلاد أكاد ؟
هل يحق لنا أن نطرح السؤال
:
عن أية هوية سيبحث المؤتمر الكلداني العالمي ؟
هل هي الهوية الكلدانية التاريخية الحقيقية ؟
و هنا نحن نريد أن نعرف من هم الكلدان القدامى ؟
هل هم عرب ؟
هل هم آراميون ؟
هل هم أكراد ؟
هل هم أشوريون ؟
أو هم"
شعب كلداني مستقل " ؟
بعض الدلائل تشير الى أن المؤتمر الكلداني العالمي سيبحث حول هوية الكلدان
التاريخية المسيسة أي مشاكل الكلدان اليوم من تشتتهم السياسي و إبعادهم عن
تمثيلهم السياسي و غيابهم عن الإعلام و غيرها .
إن
دعوة الأخ حبيب تومي حول دراسة هوية الكلدان التاريخية هي غير واضحة فهو
يستخدم تعبير " اللغة الكلدانية
"
و يعترف بالقومية الاشورية و السريانية
.
بينما نرى قداسة البطريرك مار دلي الثالث يقول بكل شجاعة " لكن أؤكد أننا
الكلدان الآشوريين السريان شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي. ليعش العراق
بكافة قومياته عربا وكردا وأراميين وأيزيديين وصابئة وشبك ".
كلمة قداسته شجاعة و صادقة لأنه لا يعترف إلا بالهوية الآرامية التاريخية
كتسمية و هوية موحدة لكل المسيحيين في العراق.
ملاحظة مهمة إن كلمة قداسته ليست بنظرية جديدة فأجدادنا السريان المشارقة
قد حافظوا على هويتهم الآرامية ، فالمطران يعقوب أوجين منا كان يؤمن أن
هويتنا التاريخية هي الآرامية و كذلك الأب المؤرخ ألبير أبونا.
نتمنى للمؤتمر الكلداني العالمي القادم أن يكون طموحا الى العمل الى توحيد
كل المسيحيين في العراق و ليس فقط كل الكلدان
.
و
نتمنى أن يدافع عن هوية الكلدان التاريخية الحقيقية التي توحد كل المسيحيين
في العراق لا بل في كل الشرق .
نتمنى لإخوتنا أن ينجحوا في عقد هذا المؤتمر و نحن لا زلنا نؤمن و نعتقد أن
الإنسان في وقت الضيقة يستطيع أن يصنع العجائب ، لقد إستطاع الطيار
الأميركي مؤخرا أن ينقذ حياة 155 راكب لأنه خلال ثواني قليلة إتخذ قرارات
صعبة و لكنها صحيحة
.
فإلى المؤتمر الكلداني العالمي القادم نحن ننتظر منكم قرارات صعبة ، حكيمة،
شجاعة من أجل توحيد شعبنا و إنقاذه من الطروحات التاريخية الخاطئة و
الإنقسامات السياسية التي أضعفته!
"رابطة
الآكادميين السريان/ الآراميين
"
|