عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

الأمين العام للمنسقية

 الياس بجاني


بشير حي فينا وقادتنا الحاليين أموات

 

"ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها" (متى10/23)

نتذكر اليوم وللسنة 31 البشير، الباش، والقائد الوفي والمؤمن الذي رغم غيابه الجسدي لا يزال حياً في قلوبنا ووجداننا والعقول والضمائر. البشير لم يمت ولن يمت طالما بقي في هذا العالم الترابي لبناني واحد مؤمن بلبنان الحر والسيد والمستقبل وبالهوية اللبنانية وبكرامة وعنفوان المواطن اللبناني.

كم نحن اليوم بحاجة لقادة موارنة من خامة البشير وليس لقادة مسخ واسخريوتيين وطرواديين وتجار هيكل من القماشة المرتة الحالية التي تتحكم بقرارنا بدءاً بصرحنا البطريركي الذي أعطي له مجد لبنان، وانتهاءً بشركات الأحزاب التجارية والعائلية والمصلحية وغيرها من المواقع المارونية الرسمية والمجتمعية المخصية على خلفية عبادتها لتراب الأرض ولقبول القيمين عليها دور المسحاء الدجالين وأحجار العثرات والأبواب الواسعة والإنسان العتيق.

هذه القيادات اللبنانية الدينية والزمنية بسوادها الأعظم صغيرة بقيمتها وخسيسة بفكرها العفن لأنها تُغلّب مصالحا الشخصية على مصلحة الوطن والمواطن وغارقة في أوهام أرجل كرسي بعبدا الرئاسية.

هذا زمن بؤس ومحل الذي نمر فيه نحن الموارنة ومعنا لبنان وكل اللبنانيين. هذه القيادات المارونية المسخ حضورها غياب وغيابها نعمة. بشير حي فينا وهؤلاء الأوباش أموات وجثث تمشي بلا قلب وبلا روح. نتضرع للرب أن يسكن نفس شهيدنا ونفوس كل الشهداء في جنات خلده وأن ينعم على شعبنا بقادة يخافونه وليسوا من قماشة قادتنا الأوباش الحاليين.

إن بشير القضية والجرأة والإيمان والعناد والرجاء والـ 10452 كيلو متر مربع متجذرين في ضمير ووجدان وعنفوان كل لبناني شريف يؤمن بالسيادة والحرية والاستقلال وبكرامة وحقوق أخيه الإنسان اللبناني. اليوم نتذكر بخشوع وفخر وعزة وامتنان كل الشهداء الأبرار ومنهم البشير الذين سقوا أرضنا المقدسة بدمائهم الطاهرة ليبق وطن الأرز حراً، وكرامات اللبنانيين مصانة ورؤوسهم شامخة وجباههم عالية. البشير وكل الشهداء هم أحياء فينا ولن يموتوا أبدا.

في اليوم الرابع عشر من شهر أيلول سنة 1982، وفي ذكرى ارتفاع الصليب المقدس، ارتفعت روح البشير ومعها صليب وطن الأرز صاعدة إلى المصدر والمآل راضية مرضية. لم يكن البشير بعد تجاوز الرابعة والثلاثين عمراً حين أصبح رئيس جمهورية شاءها فاضلة، لكن ما حققه من أجل حرية لبنان العنفوان يرقى به إلى مصاف العظماء ومراتب القادة الذين دُمغوا بإنجازات المجد تاريخنا الحافل بالعطاءات.

حَلَمَ البشير بلبنان سيداً حراً مستقلاً، فصار الحلم نشيد كل اللبنانيين الأحرار والسياديين، والحلم لا يزال وهاجاً كما كان، وسوف يبقى وهجه طالما بقي العنفوان والإباء نبراسين لأحرار وطن الرسالة والحضارات. غيبت جسده شياطين الحقد وأبالسة الشر، لكن حلمه باق في وجدان شعبنا والضمائر ما دام للأرز شموخ، وللجبل سنديان، وللأرز رهبة وقداسة.

نذكر اليوم في صلاتنا بشير البطل ورفاقه البواسل الذين معه سقطوا على مذبح الوطن آخذين من استشهادهم الدروس والعبر، مبتهلين إلى الله كي يرفع عن الكواهل أثقال العبوديات، ويغمر في الفردوس أرواح الراحلين بأجنحة الرحمات. مع الذكرى 31 هذه، آمال تنتعش، ضمائر تتحفّز، عزائم تُشحذ، همم تُستنهض ورجاء يتجّذر.

آمن البشير أن لبنان الواحد هو لبنان الـ10452 كلم2 الذي علينا أن نضمّه بعد فرز، لكي يكون لجميع أبنائه بكل الطوائف والشعائر والمعتقدات، وأن هو غاب فلا يغيب عن خاطر ما آمن به من مبادئ وقيم وشمائل وشيم تظل عالقة في قلوب الأوفياء ونفوس الأمناء.

في ذكرى عيد ارتفاع الصليب، رُفع البشير من على صليب لبنان إلى غير هذا العالم، بقرار سياسي تقاطعت فيه مصالح أفراد ودول وفئات خشيت على مصالحها الشخصية من قيامة لبنان الواحد الحر السيد المستقل إلا انه رسم لنا الملامح ورحل. الفئات هذه هي نفسها التي لا تزال تتحكم اليوم بأعناق وأرزاق وأمن ومصير اللبنانيين بقوة السلاح المجرم والبلطجة، والغزوات، وخداع المقاومة والتحرير والممانعة، وهي تغتال أمانيهم والتطلعات، بالفعل والفكر والقرار والتنفيذ، والإرهاب والأصولية. ومع كل شروق شمس تغتال لبنان الواحد بتعدّديته الحضارية ورسالته، لبنان السيادة والقرار الحر، والديموقراطية والثقافات.

عملية الاغتيال استدامت إلى أيامنا بأبشع وسائلها وأشنع الأساليب من فساد إدارة وعبثٍ بمقدّرات وتلاعب في شتى المجالات، وذمية، وكفر وخلاعة وتدهور اقتصادي واجتماعي ومالي وسياسي وأمني ووطني، وتغليب الأنا الخاص على الصالح العام، وتفكيك أحزاب، واستفحال دويلات وعصبيات، وتسييس قضاء، وانتقاص سيادة بقوة السلاح، واستخفاف بالمُثُل الإنسانية والمدنية والدينية على كل مستوى. حلم البشير باق لنا محطة لن يتبخر، لأنه حلم شعب يريد الحياة كريمة والكرامة حياة، ينشد الوحدة والسيادة والسلام.

معاً في الذكرى 31 لاستشهاد البشير والرفاق، نرفع العيون والقلوب، وسط المخاطر والهواجس والمخاض الأليم، إلى فادي البشرية المتألمة السيد المسيح القائل: "وأنا إذا ما ارتفعت عن الأرض، جذبت إليّ كل أحد" (يوحنا 12/32)، سائلينه المصالحة مع الذات والنور والإيمان والقوة والرجاء لنواصل مسيرتنا ونرفع ذواتنا ووطننا وشعبنا إلى قمم النصر والسؤدد والخير والحق والحرية والسلام. البشير هو الخميرة التي خمرت قضية الحرية والسيادة والاستقلال وحصنت الوجدان اللبناني بالإيمان والرجاء في مواجهة الإرهاب والإرهابيين وكل قوى الظلامية والشر لن تقوى على إبطال مفاعيلها. "إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقي وحدها، ولكن إن ماتت فهي تأتي بثمر كثير!" (يوحنا 12/25)

في الخلاصة، لن نيأس ونحن نرى فجور وانحراف وجحود قيادات دينية وزمنية حضورها غياب لأن الله وإن أمهل فهو لا يٌهمل، وحساب هؤلاء سيكون عسيراً يوم الحساب الأخير حيث البكاء وصريف الأسنان. ويبقى إن المحكمة الدولية من اجل لبنان التي تحاول كل مكونات محور الشر المحلية والإقليمية وفي مقدمها طاقم الحكم في سوريا والمرتزقة تعطيلها بكافة السبل الشيطانية والإرهابية لإخفاء إجرامهم وإبعاد رقابهم عن سيف عدلها، هذه المحكمة وإن كانت لا تتعاطى بالتحديد مع ملف جريمة اغتيال البشير، إلا أنها تلاحق الجهات والمرجعيات المجرمة نفسها التي اغتالته وهي نفس الجهات التي اغتالت وحاولت وتحاول اغتيال كل رموز ثورة الأرز منذ عام 1975.

قريباً جداً ستلاحقهم العدالة الدولية التي لن يتمكنوا من التفلت من عدلها مهما ارتفع صراخهم وزاد فجورهم واستفحل جنون العظمة داخل عقولهم العفنة.

نختم مع النبي اشعيا (33/1و2) قائلين: "ويل لك أيها المُخرب وأنت لم تُخرب، وأيها الناهب ولم ينهبوك، حين تنتهي من التخريب تُخرب، وحين تفرغ من النهب ينهبونك".

بشير سنة 1982: "جايي أطلب منكم تقولو الحقيقة قد ما كانت صعبة تكون" http://www.youtube.com/watch?v=a1c_exhMFKk

الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي
*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com
*
تورنتو/كندا في 15 أيلول/2014
 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها