بيار أمين الجميل افتدى لبنان واللبنانيين
*تورنتو/كندا في 21 تشرين الثاني/1
إن الإنسان المؤمن بربه وبكتبه المقدسة وبتعاليمه وبموت وقيامة
السيد المسيح لا
يموت،
بل
يرقد
على
رجاء
القيامة بانتظار يوم الحساب الأخير،
والرب الذي وهب الإنسان نعمة الحياة هو وحده يقرر متى يستردها
وليس أي مخلوق أخر.
اليوم ونحن نصلي في الذكرى الخامسة لروح الشهيد الشيخ النائب
بيار أمين الجميل نردد بايمان وخشوع ووقار ما قاله النبي أيوب
رغم كل المصائب التي حلت عليه فيما كان الشيطان يحاول جاهداً
إيقاعه في التجربة دون أن يتمكن من أن يحقق هدفه اللعين هذا
كون إيمان أيوب بربه كان قوياً وراسخاً: "عرياناً خرجت من بطن
أمي، وعرياناً أعود إلى هناك، الرب أعطى والرب أخذ تبارك اسم
الرب". (ايوب01/21).
يقول السيد المسيح: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ.
مَنْ آمَنَ بِي، وَإِنْ مَاتَ فَسَيَحْيَا" (يوحنا 25/11). إن
تعلقنا بلبناننا الحبيب حتى الشهادة يعزينا
ويقوي
إيماننا ويرسخ الرجاء في نفوسنا ويساعدنا
على
تقبل
غياب
الشهداء
الأبرار
برضوخ كامل لمشيئة أبينا السماوي فهم
لا
يموتون
بل
يبقون أحياء
في
وجداننا
وضمائرنا وقلوبنا وعقولنا وفي كل عمل نقوم به يهدف لخدمة
ومساعدة الآخرين الذين هم بحاجة إلينا.
يقول الشاعر: "ما استحق أن يعيش، من عاش لنفسه فقط". لذلك
فالشخص المؤمن يجد لذته في أن يحيا لأجل غيره، عملاًً بقول
الرب، "تحب قريبك كنفسك" (متى39/22).
ولهذا يحب كل الناس من أعماق قلبه وتكون محبته للآخرين
محبة عملية حسبما قال الرسول يوحنا: "يا أبنائي، لا تكن محبتنا
بالكلام أو باللسان بل بالعمل والحق". (1يو18:3).
هذه المحبة العظيمة، والله هو محبة، تتميز بالعطاء والبذل
والتفاني سواء من الناحية الجسدية، أو الناحية الروحية. لذلك
فإن الشخص المؤمن والمعطاء والصادق هو بطبيعته إنسان نقي وتقي
وشفاف وصادق ومحب يخاف الله الذي حلقه على صورته ومثاله.
هذا
الإنسان يجهد بفرح كبير ليكون خادماً يخدم غيره في كل
المجالات، لا لأنه مطالب بهذا، وإنما لأن الخدمة جزء من طبيعته
ونفسيته وثقافته، ومكون أساسي من مكونات كيانه الإيماني. في
خدمة الآخرين يشعر بالحب ويتغذى روحياً من تقديم الخدمات أكثر
مما يغذي غيره بها. وإذا كانت الخدمة هي من عمل الملائكة
(عبرانيين14:1)، فكم بالأولى البشر. وقد أعطانا السيد المسيح
المثال الأبلغ في هذا الشأن إذ قال: "ومن أراد أن يكون الأول
فيكم، فليكن لكم عبدا، وهكذا ابن الإنسان جاء لا ليخدمه الناس،
بل ليخدمهم ويفدي بحياته كثيراً منهم". (متى 20/27 و28)
جاء في إنجيل القديس يوحنا (15/13): "ما من حب أعظم من هذا: أن
يضحي الإنسان بنفسه في سبيل أحبائه". وقال
أبينا غبطة البطريرك صفير في أحدى عظاته: "إن الوطن الذي لا
يفتديه شبابه بأرواحهم لا يستمر ويزول. إن خدمة الآخرين وبذل
الذات من أجلهم هي أعمال مقدسة والمسيح الإله قبل الصلب
والعذاب والإهانات وقدم نفسه على الصليب فداء للإنسان ليعتقه
من نير وعبودية الخطيئة ويحرره.
إن الشهيد لا يطلب شيئاً لنفسه من مقتنيات هذه الدنيا الفانية،
وإنما يسعي لنيل بركات الله ليستحق عن بجدارة أفعاله وإيمانه
العودة إلى منزل أبيه السماوي، والمسيح قال لنا: "ماذا ينفع
الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه". (متى 16/26).
الشهيد هو قربان طاهر يقدم نفسه طواعية على مذبح الله بمحبة
واندفاع وفرح من أجل أحبائه تماماً كما هو حال كل شهيد من
شهداء وطن الأرز الأبرار. عرفاناً بجميلهم نقول أنه وبفضل
استشهادهم بقينا، وسوف نبقى بإذن الله طالما بقي الشباب
اللبناني مؤمنا بلبنان وبرسالته وعلى استعداد تام ودائم
للشهادة.
الشهيد
بيار أمين الجميل لم يمت لأنه باق
في
كل
جهد وعمل
يقوم
بهما
أي
لبناني
من
أجل
الحفاظ على سيادة
واستقلال
وحرية
وطنه الحبيب،
ولصون كرامة
وعزة
اللبنانيين،
كما أن عائلة
الجميل
هي
نبع
معطاء
لا
ينضب
في دفق
الإيمان
والوطنية
والشهادة
للحق والشهداء من
أجل
لبنان
الرسالة
والقداسة
والقديسين.
نصلي من أجل أن يسكن
الله
روح
الشهيد
بيار
فسيح
جناته
إلى
جوار
البررة
والقديسين وأن يلهم عائلته ومحبيه الصبر والسلوان. |