عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

قومية ولغة سكان بغديدا

الأب د. بهنام سوني

يصعب جداً الحديث عن القومية والعرق في بغديدا ، تماماً كما يصعب مثل هذا الحديث لغيرها من القرى ، بسبب امتزاج الدماء واختلاط الأقوام ،. ان سكان بغديدا القديمة هم مزيج من قوميات عديدة لكونها جسراً مرت عليه عبر الأجيال شعوب عديدة .

يقول البعض إن بغديدا هي آرامية الأصل ، فعلاً بعد نصرانيتها حافظت بغديدا على القومية الآرامية التي تشكل في حينه أغلبية السكان فيها ، ثم بفضل التزاوج بين سكانها الآراميين المسيحيين دون سواهم من القوميات والأديان الأخرى ، حافظت على طابع القومية الآرامية، كما تحافظ اليوم على السورث الذي ليس سوى لهجة الأقوام الآراميين .

هناك من يقول إنها عربية الأصل : إذْ تنتسب إلى قبائل بني تغلب أو الحمدانيين وأياد والنمر . هناك قبائل عربية مسلمة لها صلاة القربى الدموية مع نفس العوائل المسيحية الساكنة في بغديدا أو تلكيف أو الموصل مثلاً : تويني وعيساوي ودهش .

أما لغة بغديدا الرسمية هي الآرامية السريانية السوادية (السورث) . هذه اللهجة هي اللهجة المشتركة بين السريان الشرقيين والسريان الغربيين . إن هذه اللهجة قديمة وهي أقرب لهجة إلى الآرامية التي تكلم بها السيد المسيح .

السريانية الغربية التي اختص بها المونوفيسيتيون الرهاوين هي لغة بغديدا الطقسية ، ويظن أنها دخلت بغديدا بعد اعتناقها للمونوفيسية في القرن السابع الميلادي ، كل مخطوطات بغديدا مكتوبة بالحرف السرياني الغربي (سعرتو) ، باستثناء بعض المخطوطات القديمة المكتوبة بالحرف الاسطرنجيلي ، وهو الحرف المشترك بين السريان الشرقيين والغربيين.

في الماضي غير البعيد كان الباغديدي يلفظ لغته السريانية الطقسية مثل الشرقيين ، غير أن كتابة السريانية في بغديدا تمت دائماً بالحرف الغربي .

إن الطقس في بغديدا هو الطقس السرياني الانطاكي ، وقد اختار الباغديديون بصورة خاصة الطقس السرياني الشرقي المسمى بـ (طقس تكريت) المطول بالنسبة للطقس السرياني الغربي الانطاكي ، كما تشهد كل المخطوطات الطقسية الباغديدية والتي ترقى إلى القرن الثالث عشر وما بعده.
كل المخطوطات حفظت لنا أسماء الباغديديين وغيرهم حسب اللفظ الشرقي ولو أنها كتبت بالحرف الغربي. ومع الأسف لم تصلنا سوى أربعة نماذج من السورث الباغديدي وهي محفوظة في أربع مخطوطات ترقى أقدمها إلى القرن الثاني عشر. * (

عن كتاب بغديدا نصوص سريانية وكرشونية وعربية واجنبية من بداية القرن (7) الى نهاية القرن (19)، طبعة روما، 1988 

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها