عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

دراسة الدكتور غرانت آشيل في اصل النساطرة

الأسباط العشرة المفقودة والمسيحيون النساطرة

Asahel Grant (August 17, 1807 – April 24, 1844)

 

غرانت آشيل 1844-1807

لقد توصل الدكتور غرانت الطبيب والمبشر الامريكي الذي قضى عدة سنوات في منطقة كردستان وتجول في أنحائها التركية والعراقية والإيرانية إلى أن أكثرية يهود كردستان , أحفاد سبايا الآشوريين قد اتخذوا بتعاليم السيد المسيح بعد ظهوره وصاروا يعرفو بالنساطرة نسبة الى القديس نسطور او التيارية بالنسبة لتسميتهم القبائلية .

والدكتور غرانت هذا حل بين النساطرة على رأس بعثة أوفدها مجلس البعثات التبشيرية البروتستانتية الامريكية سنة 1835 وبحكم مهنته كطبيب كان يسهل عليه التوغل بين المسيحيين والأكراد في تلك المناطق الجبلية الصعبة والمحفوفة بالمخاطر. فاتخذ الدكتور غرانت من أورمية مركزا لاعماله وأسس عشر مدارس في القرى المسيحية في مختلف أنحاء المنطقة ومدرسة واحدة داخلية للبنات في أورومية .

وقد تعلم الدكتور غرانت لغة المسيحيين النساطرة وهي اللغة الآرامية السريانية وترجم بعض أقسام من الانجيل ومن العهد القديم الى هذه اللغة وجلب مطبعة لطبع الكتب بها , كما تعلم الكردية مما سهل عليه انجاز مهمته  وقد قضى الدكتور غرانت هو وعائلته ست سنوات في كردستان الواقعة في تركيا وايران والعراق , وبعد دراسة عميقة لعادات هؤلاء النساطرة وتقاليدهم وطقوسهم الدينية واتصالاته بشخصياتهم الدينية والقبائلية وبخاصة اتصاله بطريقهم الأكبر الذي كان مقره في بلدة جولامرك الواقعة بالقرب من منبع خابور دجلة , توصل إلى أن النساطرة القاطنين في كردستان هم أحفاد الأسباط العشرة المفقودة الذين سباهم الآشوريون وأبعدوهم إلى مناطق آشور النائية وهي المناطق التي ورد ذكرها في التوراة .

 وهي حلح وخابور نهر جوزان ومدن مادي وتتوسط هذه المناطق التي تشمل مساكن اكراد العراق وايران وتركيا مدينة نصيبين .

وقد كانوا على رأي الدكتور غرانت يهودا عندما نفاهم الآشوريون الى هذه المناطق الجبلية النائية , ثم لما ظهر السيد المسيح بعد سبعة قرون اتخذ معظمهم تعاليمه دينا لهم وذلك نتيجة البعثات المسيحية التي اوردها الحواريون اتباع السيد المسيح الى هذه المناطق للتبشير بتعاليم الدين المسيحي الجديد بينهم , وكان ذلك بعد وفاة المسيح بقليل كما يقول , مما يدل على أن الحواريين كانوا على علم بوجود الاسباط العشرة في تلك المناطق وكانوا على اتصال مسبق بهم. وقد حافظ هؤلاء اليهود المتنصرون على تقاليدهم وعاداتهم القديمة التي هي نفس تقاليد وطقوس وعادات ولغة وملبس اليهود القاطنينفي تلك المناطق وبينهم قلة لم يتنصروا  حتى انه كان من الصعب التمييز بين النساطرة وبين اليهود المجاورين لهم في المنطقة.

ويذكر الدكتور غرانت انه شاهد مخطوطا بالسريانية لدى المار شمعون الرئيس الروحي للنساطرة يرجع الى ماقبل أكثر من سبعمائة سنة يؤيد كون النساطرة احفاد الأسباط العشرة.

وقد أورد الدكتور غرانت أدلة كثيرة مفصلة لدعم ماتوصل اليه بخصوص اصل المسيحيين النساطرة في كتاب نشره بالانكليزية تحت عنوان "  النساطرة أو الأسباط المفقودة " وطبع هذا الكتاب في نيويورك سنة 1841 ثم ترجم الى الفرنسية وطبعت الترجمة في باريس سنة 1843.

ويرى الدكتور نيوزنر صاحب كتاب تاريخ اليهود في بابل ان الادلة والقرائن التي أوردها الدكتور غرانت في دعم الرأي القائل بأن النساطرة هم في الأصل من اليهود الذين نفاهم الآشوريون إلى منطقة كردستان ثم تنصروا بعد ظهور السيد المسيح تقيم حجة قوية لتقبل هذه النظرية.

ويشرح الاستاذ نيوزنر  بصورة مفصلة انتشار حركة التنصر التي اجتاحت المجتمع اليهودي في العراق بعد ظهور السيد المسيح مع بيان اسبابها. فمن جملة الاسباب التي ذكرها التذمر من تحكم وتشدد الرابيين الذين كانوا يدعون بأنهم يمتلكون الحق والامتياز بتوجيه حياة الطائفة اليهودية حسب تفسيراتهم للتوراة والتلمود. ومن هذه الاسباب ايضا مضايقات الرابيين بتحريم اختلاط ابناء الطائفة اليهودية بالاغيار المجاورين لهم وقبول اية مساعدة منهم وذلك خوفا من تأثرهم بالديانات الاخرى غير اليهودية ومنها المسيحية .

وكلما كان الوثنيون يشنون حملات الاضطهاد على اليهود كان الرابيون يمانونهم بالمسيح المنتظر الذي ينقذهم من آلامهم ومن عبوديتهم فيملكهم على العالم اجمع. ولكن الانتظار الطويل دون تحقيق هذه الأمنية ولد روح التذمر في نفوسهم . وفضلا عن ذلك كان الرابيون يفرقون بين بعض الطبقات من أبناء الطائفة اليهودية مما حمل الطبقة المهانة على الميل الى تقبل الدعوة المسيحية  التي تبشر بالاخوة وبالمساواة مقابل التفسيرات التلمودية التي وضعها الرابيون والتي تأمر بالعزلة وتدعي بالاستعلاء والتفوق على بقية الناس من غير اليهود.

وقد اقلقت حركة التنصر هذه بين اليهود وانسياقهم نحو المسيحية الرابيين بحيث أصبحت تجابههم مشكلة حرجة وعويصة في مجرى حياة اليهودية .

ولكن كل المحاولات المبذولة في سبيل ايقاف وتجميد هذه الحركة باءت بالفشل وصارت الجماعة المتنصرة تعرف بـ "المينيم Minim والشخص اليهودي المتحول الى النصرانية ب المين Min حتى صار كل مسيحي من أصل يهودي يعرف بهذا الاسم لتمييزه عن بقية المسيحيين.

عن ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق

الدكتور العلامة أحمد نسيم سوسة 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها