عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

الفصل الرابع

التقلبات الطارئة على الدول الآرامية ونهاية هذه الدول

(القرن الثامن قبل الميلاد)

تأليف

أ. دوبون سومر

منذ ان اصبح ((حدد ـ نيراني)) الثالث، امبراطور أشّور، سيد المنطقة بلا منازع، اصبحت سياسته ترمي الى بشط نفوذه على سورية، ولذلك سعى بشكل أو بآخر الى اشعار السلالات الحاكمة فيها، ولذلك سعى ان تحررت من نفوذ الأشّوريين، بأهمية قوته المتعاظمة، وبأنه سيعيدها الى دائرة نفوذه.

وفي الفترة الواقعة بين 805 ـ 280 قزم. باشر في شن الغارات على الدول الآرامية تحقيقا" لحلمه: وتفيد الرموز والكتابات الأشّورية المكتشفة في عدد من المدن والمواقع، انه اقتحم مدينة ((آباد)) عاصمة ((بيت آجوشي)) في عام 805 ق.م. وفي عام 804 ق.م. غزا مدينة ((آزاز)) (= اعزاز) 1 الواقعة الى الشمال قليلا" منها. وفي عام 803 ق.م. سار بقواته لاحتلال مدينة ((بعلي)) (حاليا" مجهولة الموقع) ومنها احتل البلاد حتى وصل الى البحر في عام 802 ق.م. وفي بعض النقوش والكتابات الأخرى المكتشفة يصف مجموعة الاعمال والانتصارات التي حققها بقوله: بدءا" من ضفاف نهر الفرات، خضعت لي بلاد العمورّيين، وكذا الأمر بالنسبة لكل من صيدا وصور وعمري 2 وايدوم وفلسطين الواقعة على البحر المتوسط غربا"، وفرضت على كل هذه الامارات والممالك الخزية والضرائب، ثم زحفت نحو دمشق وتمكنت من احكام الحصار عليها وبداخلها ملكها ((ماري)). وبفضل عتابة الرب أشّور سحقت قواته. وجاءني فيما بعد طائعا" ذليلا"، وانحنى لتقبيل قدمّي، ودفع الجزية المفروضة عليه ومقدارها 2300 تالانت 3 من الفضة و 20 تالانت من الذهب و 3000 تالانت من البرونز و 5000 تالانت من الحديد، وكميات من الاقمشة المتعددة الالوان والكتابة واسرّة من العاج، وعدد من المقاعد العاجية المطلية بالذهب والمزينة بأحجار كريمة. كما تنازل لي عن كل جزائنه وامواله التي تسلمتها منه في ساحة قصره الكائن في قلب دمشق عاصمة مملكته . 4

  لقد اعتادت الحوليات الشّورية اطلاق اسم ((ماري)) على ملك دمشق ((الآرامي)). وفي تقديرنا فان ((ماري)) هذا هو نفسه ((بار حدد بن حزائيل)) مثلما تشير الته وتؤكده النقوش والكتابات المحفورة على مسلة الملك ((زاكير))، ومن جهة اخرى يسميه العهد القديم ((بنهدد الثالث)) . 5

  ان اهتمام الشّوريين وغيرهم في غزو دمشق للسيطرة عليها، يرجع الى عدة اسباب منها: انها كانت اقوى الممالك الآرامية واقدرها على الصمود. وانها تشكل قاعدة أساسية للمقاومة والدفاع عن الشعب الآرامي. وسقوطها يعني اkهيار كل الدول الآرامية، وحين فتحت ابوابها الى ((حدد ـ نيراى)) الثالث االأشّوري، اصبحت سورية بالكامل تحت سيطرة الأشّوريين. وتبع ذلك انهيار الدول المجاورة الأخرى مثل: فينيقيا واسرائيل وايدوم والأمارات الفلسطينية، وبذلك امتد نفوذ الامبراطورية الشّورية حتى حدود مصر جنوبا".

  وأما (( يهواحاز)) ملك اسرائيل فقد بادر كغيره الى تأدية الجزية الى الغزاة الأشّوريين. ومن جهتها، فان مملكة اسرائيل، كانت قبلئذ تعاني الأمرين من ضغوط ملك دمشق ((حزائيل بن حدد))، الذي كان يطمح الى احتوائها . 6 وقد ادى الغزو الأشّوري لدمشق الى اضمحلال قوة ملكها، كما اثقلت كاهله الغرامات والاموال، التي سددها الى ((حدد ـ نيراي)) الثالث. وقاد ذلك الى تضاؤل وزنه الدولي في المنطقة. وقد استغل ملك ((اسرائيل)) المدعو ((يهواش بن يهواحاز)) (798 ـ 783 ق.م.) خليفة ((يهواحاز)) انهيار دمشق واعلن الحرب عليها فور اعتلائه عرش اسرائيل، وتمكن بعد ثلاث معارك طاحنة نشبت بينهما من احتلال كل المقاطعات وامدن، التي كان ((بن حدد)) الآرامي، ملك دمشق قد ضمها الى مملكته. 7

 وتوالت الحروب ضد دمشق، خاصة في عهد ملك اسرائيل المدعو ((يربعام بن يهواش)) (783 ـ 743 ق.م.)، الذي ورد اسمه صراحة في النص التوراتي التالي: هو رد تخم اسرائيل. . . . الى بحر العربة 8 . . . .

   وحسب ما تقدم، فقد استطاعت اسرائيل ان تعيد الى سيادتها كل المناطق التي سبق ان سلختها منها دمشق، لاسيما الاجزاء الواقعة في شرق الاردن وبذلك تكون قد انتهت تلك الحروب، التي استعرت بين الدولتين على مرّ قرن الزمن.

  ومع ذلك فان الاسرائيليين ظلوا يحقدون على الآراميين لأسباب تاريخية. وحين تولى عرش ((اسرائيل)) المدعو ((يربعام بن يهواش)) الثاني تنبأ نبي ((اسرائيل)) المدعو (عاموس))، المشهور بقسوته، بالدمار الكامل لدمشق والممالك الآرامية الاخرى ، وفي ذلك يقول:

هكذا قال الرب. من اجل ذنوب دمشق الثلاثة والاربعة لا ارجع عنه لانهم داسوا جلعاد بنوارج من حديد. فارسل نارا على بيت حزائيل فتأكل قصور بن حدد. واكسر مغلاق دمشق واقطع الساكن من بقعة آون 9 وماسك القضيب من بيت عدن 10 وبسبي شعب آرام الى قير 11 ، قال يهوه 12 .

وتولى عرش الامبراطورية الشّورية بعد ((حدد نيراري)) ابنه ((زلما ـ نصّار)) الرابع (782 ـ 772 ق.م.)، الذي كان عليه منذ توليه العرش، التصدي للغزوات الخارجية، واهمها تلك، التي كانت تشنها مملكة ((أرارات))، المتواجدة في اقليم بحر ((وان)). ونشير هنا ان مملكة ((أرارات)) قد تنامت قوتها بسرعة الى الحد، الذي باتت به تهدد شمال الامبراطورية الأشّورية بالاجتياح.

  ولذلك جهد ((زلما ـ نصّار)) الرابع لتوجيه ست حملات عسكرية ضد ملكها ((ارجيستيس)) الأول، فاقتحم بقواته جبال الارز، التي من المرجح ان تكون جبال الأمانوس في 775 ق.م. وفي عام 773 ق.م. اعلن الحرب على مملكة دمشق، كما غزا ((كاتاريكا)) في عامي 772 ق.م. تمهيدا للتفرغ لمقارعة مملكة ((أرارات)).

  وفي عهد خلفه ((أشّوردان)) الثالث 772 ـ 752 ق.م. شهدت الامبراطورية الشّورية ازمات خانقة جدا منها: ضعف السلطة والمخاوف من تنامي قوة المملكة الاوراتية، والصراع ضد الميديين وتفشّي الطاعون، الذي اباد الكثيرين، والثورات المتلاحقة، التي انفجرت في كل من ((أشّور)) و((أرابكا)) و((جوزانا)) . . . وقد ساهمت كل هذه الازمات في تقليص نفوذ الشّوريين في البلاد السورية.

  ومثلما رأينا فان القوات الأشّورية تدخلت من جديد في غزوتين متتابعتين ضد ((كاتاريكا))، الأولى عام 765 ق.م. والثانية عام 755 ق.م.، وما ذلك الاّ لأهمية موقعها، حيث تشكل منفذا هاما على نهر العاصي، مما يستوجب مراقبتها باستمرار. غير انها لم تتقدم بعيدا نحو الجنوب، مما جعل كلا من حماه ودمشق في منأى عن أي خطر. وكذا الأمر بالنسبة لمملكة ((سمأل)) في الشمال، اذ كانت تمر في فترة رخاء وهدوء في عهد ملكها ((باناموا بن قرل)). وفيها عثر على نصب من البازلت عرف انه شيد على شرف الاله ((حدد)) (شكل :9) عليه كتابات آرامية 13 تشهد على فترة الرخاء، التي كانت تمر بها هذه المملكة، المتمثلة في اهتمامها بزراعة مختلف انواع الحبوب، مثل الحنطة والسعير وزراعة الكرمة وتشييد المدن.

  ويمكن اعتبار عهد ((أشّور نيراى)) الخامس (754 ـ 745 ق.م.)، خليفة ((أشّور ـ دان))، بداية عهد انحطاط الامبراطورية الشّورية.

   وبالرغم من ذلك، فانه في عام 754 ق.م. اثر توليه العرش، شن هجوما" على مملكة ((آباد)) في عهد ملكها ((متّي ـ ايل))، نتج عنه اندحار ((متّي ـ ايل)) وارغامه على عقد معاهدة تحالف معه. . . وبصدد ذلك نشير الى أنه عثر على لوح كتبت عليه نصوص تلك المعاهدة بالخط المسماري 14 . ومن بين الالتزامات التي تعهد بها ملك ((آباد))، وضع كل قواته بتصرف ملك ((أشّور))، وفق النص التالي: اذا تحركت القوات الأشّورية بناء على اوامر أشّور لغزو الاعداء فان على الملك ((متّي ـ ايل)) 15 ان يستنفر قواته وعرباته العسكرية بكل صدق لوضعها بتصرف ملك ((أشّور))، واذا تجلف عن تنفيذ هذا الالتزام، فان ((سن)) اله حرّان سيطوق ((متّي ـ ايل)) مع حاشيته واولاده وكل سكان مملكته ويعمل بهم تعذيبا وتشريدا في الحقول دونما رحمة. وهناك كوارث ومصائب اخرى ستحيق بملك آباد اذا لم ينفذ ما تعهد به تجاه ملك أشّور.

 غير ان هذا الحلف، الذي اكره عليه ملك آباد بقي ضعيفا ومتفككا، أما أشور - نيرارى ، فانه بعد حملته العسكرية تلك، لم يغادر إمبراطورتيه طيلة ما تبقى من ولايته، كما تدل على ذلك مجموعة النقوش المكتشفة وغيرها من الرموز العائدة له، والتي تشير ايضاً الى انه بعد ذلك لم يقم الاّ بغزوتين: الأولى في عام 749 ق.م والثانية في عام 748 ق.م. على بلاد النايري 16 . وفي تلك الفترة عينها بدأ ((ساردور الثاني)) ملك ((ارارات)) وخليفة ((ارجيستيس)) في التوسع بفتوحاته: في الشمال ثبت سلطانه في حوض (اراكس))، وفي الغرب اجبر كلا من ال((ميليد)) وال((كومّوخ)) على دفع الجزية اليه بعد ان اغتصب منهما مواقع هامة، لم يستطع ((أشّور نيراني)) الاحتفاظ بها طويلا، لأن الملوك المجاورين له، الخاضعين لنفوذ أشّور، انقلبوا عليه وتحالفوا مع ملك ((ارارات)) ضده، بنسب مختلفة، الأمر الذي أدى في النهاية الى سقوط الامبراطورية الأشّورية.

وفي سورية بادر ملك ((آباد)) بدوره الى الغاء تحالفه السابق المعقود مع ((أشّور))، ونشير هنا، انه عثر مؤخرا" في قرية ((السفيرة))، الواقعة على مسافة عشرين كيلو ميترا تقريبا الى الجنوب الشرقي من مدينة حلب، على مجموعة قطع وبقايا من مسلة عليها كتابات آرامية، اهمها تلك التي يرد فيها صراحة نص معاهدة تحالف رسمية، معقودة ما بين ملك ((كاتكا)) المدعو ((بارجأ ياه)) 17 وبين ((متّي ـ ايل)) ملك ((آرباد)) 18 . واذا لم نخطئ فان من جملة اهداف هذه المعاهدة التخفيف من حدّة حركات العصيان، التي كانت مدعمة من ملك ((ارارات)) ضد الامبراطورية الأشّورية.

   ولتتأمل هذا النص الهام من المعاهدة ، التي يستهل بما يلي:

انها مواثيق معقودة ما بين((آباد ياه)) ملك ((كاتكا)) وبين ((متّي ايل)) بن ((عطار سماك)) ملك ((آباد))، وما بين ابناء ((بارجأ ياه)) وابناء فروع ((متّي ـ ايل))، ومواثيق أخرى معقودة ما بين ((كاتكا)) وبين ((آباد)) وما بين مواطني ((كاتكا)) ومواطني ((آباد)) وحلفائهما؟ ، وما بين كل الآراميين وبين ((موسري))، وينسحب اثر هذه المواثيق حتما، الى كل الابناء الذين سيولدون وسيعيشون في المستقبل، بحيث يشمل جميع بلاد الآراميين بما فيهم اعلاهم واسفلهم (فروعهم واصولهم) 19 وكل من له علاقة بالبلاط الملكي 20.

  وهكذا فأننا نجد في مستهل نصوص المعاهدة وما تتضمنه من مواثيق ما يثبت ان آباد تمثل دوما مركز هذا التحالف الكبير، بدليل الاشارة الى ان حلف يعقد مع آرباد ينسحب اثره على كل الآراميين، اضافة الى مملكة ((موسري)).

  ان المصطلح كل الآراميين يعني ان الالتزامات الواردة في المعاهدة، تشمل جميع الممالك الآرامية، التي على الرغم من عدم توفر الروابط المتينة فيما بينها، وعلى الرغم من النزاعات الداخلية القائمة فيما بينها ايضا، فأنها تبقى متمسكة بمشاعر قومية ووطنية تكون سببا" في جمع كلمة الآراميين وفي وحدتهم تجاه اعدائهم، اضافة الى دوافع واسباب اخرى سياسية وعرقية. اذ تحت أي ظرف خطير ضاغط تتداعى بعقوبة صادقة الى تكوين جبهة قومية مانعة. ورغم عدم وضوح بعض الكتابات الموجودة على النقوش، فانه تم اكتشاف الكلمات التالية وفهم معناها مما افاد كثيرا في الدراسة واستنتاج معلومات قيمة، مثل: بدءا من لبنان ومن بلعات أو البقاع حتى كاتكا. فالأسماء: لبنان ، و كاتكا والبقاع تعني سورية وتعني ايضا وقوف كل الممالك الآرامية السورية ضد الخطر الشّوري. والجدير بالذكر ان مملكة حماه في الجنوب تبقى دوما اساسية في هذا النزاع. أما دمشق فهي كحماه وكآباد، فضلا" عن كونها تعتبر واحدة من أكبر العواصم الآرامية وأهمها، فأنها تتمتع بموقع مميز يجعلها بعيدة عن متناول الخطر، فلا تتأثر بنزاعات المنطقة كغيرها، ولذلك لم تشارك بالتحالف المذكور، الاّ بقدر من الفعالية.

   ومن جهة اخرى، فان بلاد ((موسري))، التي تشير اليها النقوش مباشرة بعد مصطلح ((كل الآراميين)) تعتبر من حلفاء ((آباد)) الاساسيين. وهنا لابد من القول، ان مختلف النصوص الأشّورية متفقة على انها تقع على حدود بلاد لـ ((كابادوس)) 21 .

  والآن أين تقع ((كاتكا))؟. ان هذا الاسم لم يرد في الوثائق الأشّورية ولا في غيرها. ولذلك لابد من قبول المسلمة، التي تجعل موقعها في المكان، الذي عثر فيه على النصب أو المسلات، التي تتعلق بها. . . وبناء على ذلك فان مملكة ((كاتكا)) تقع الى الشرق من مملكة ((آباد)) على امتداد نهر الفرات، وأن بلدة ((السفيرة)) تقع على حدود المملكتين.

  ولكن مما يبعث على الاستغراب والتساؤل، هو ان ((كاتكا)) نفسها لم يرد ذكرها اطلاقا 22 في كل ما خلفه الأشّوريون من الوثائق، التي عنت بتدوين احداث تلك الفترة من تاريخهم، كما لم يرد ذكر لها في لوائحهم، التي تتضمن كل اسماء الدول، التي ارتبطت معهم بعلاقات ودية أو غير ودية. واذا ما كانت موجودة بالفعل، فان اسقاطها من اللوائح المذكورة يعود سببه الى كونها أمارة صغيرة لا شأن لها وبالتالي لأنها لا تشكل أي ثقل في الصراعات القائمة في تلك الفترة، بين أمارات وممالك المنطقة. غير ان هذا الحكم ليست له صفة الاطلاق، لأن النقوش المتوفرة لدينا تفيد ان ملك ((كاتكا))،كان يفاوض ملك ((آرباد)) ندّا لندّ. وفوق ذلك فانه هو الذي فرض على ((آرباد)) عقد معاهدة بدا فيها هو الطرف الأقوى، تماما مثلما كان يفعل ((لأشّور نيراى))، مع خصومه، كأملاء شروط قاسية عليهم. وعلى هذا الاساس، فان ((بار جأياه)) ملك ((كاتكا)) الزم ((متي ـ ايل)) ملك آرباد على توقيع معاهدة يرد فيها النص التالي: اذا نقض متّي ـ ايل عهوده وحنت بيمينه، فعليه ان يتحمل مسؤولية تحويل مملكته الى ذرات من الرمل. وسأحرق آرباد مثلما تحترق هذه الشمعة، وسأرشها بالملح، حتى لا تقوم لها قائمة . . .! وسأحرق ايضا متّي ـ نفسه جزاء على نقصه لعهوده، كما افعل الآن بهذه الشمعة . . .! واقطع لحمه كتقطيع لحم هذا العجل 23 .

ويلاحظ هنا ان ملك ((كاتكا)) يتصرف وكأنه السيد. . . لدرجة ان بعض النقاد افترضوا ان اسم كاتكا هنا ليس في الحقيقة سوى لملك أشّور، وأن ((بارجأ ياه)) ليس في الحقيقة سوى ملك أشّور 24 . واذا كان هذا الرأي مغايرا للواقع فان صحته قليلة الاحتمال. لأننا مهما دققنا لا نجد أي سبب يدعو ملك أشّور الى حذف اسم مملكته واسمه من نصوص المعاهدة، وبخاصة الى اسقاط اسم الاله ((أشّور)) العظيم من قائمة الآلهة، التي اشهدوها على صك المعاهدة 25 . هذا من جهة، ومن جهة اخرى، فان أي ميثاق يعقد بين طرفي نزاع بأشراف الآلهة وحمايتها، فانه، حسب المبادئ العامة، لابد وان يكون موقعاه متساويين، تجاه الشوط المنصوص عنها في الميثاق، وأي منهما ينقض عهده أو يحنث يمينه، ولو كان قويا ومتميزا، فانه سيتحمل غضب الآلهة مع العواقب الوخيمة. . وعلى هذا الاساس فان ملك ((كاتكا)) عندما اقدم على تهديد ((متّي ـ ايل))، لم يكن بالضرورة مميزا عنه، حيث لم يتكون لدينا أي انطباع عن هذا الاخير، بما يفيد انه أدنى مرتبة منه، أو هو من تابعيه، حتى ولو كان رئيس دولة صغيرة. ومهما تكن المفاوضات في العلاقات بين الدولتين، فان المتوجب هو تحديد هوية((كاتكا)) كهدف اساسي من خلال عرض بعض الدراسات الحديثة عنها، التي قد تساعد على ازالة ما كان منها غامضا.

   ان بعض ما وصلنا عن غزوات الملك ((تيغلات بيلزر)) الثالث المدونة، يرد ذكر لملك ((كاسكا)) المسمى ((داد ـ ايلو)) 26 ، كما ان اللوحة، التي دونت فيها اسماء البلدان، التي خضعت له، يرد فيها اسم ((كاسكا)) قبل اسم من ((شمأل)) و ((جورجوم)) و ((ميليد)) (ملاطيا). ويأتي في التسلسل مباشرة بعد كل من ((طابال)) و((تونا)) و((توكهانا))... الخ. وحسب التنظيم، الذي اعتمدته اللائحة (تسجيل البلدان من الشمال الى الجنوب)، نجد ان ((كاسكا)) تقع في شمال سورية، وتحديدا في المنطقة بين ((جورجوم)) و((ميليد)) (ملاطيا) و((طابال)) 27.

   ومن الناحية اللغوية، فان الاسم ((كاسكا)) هو ((كاتكا)) نفسه، والفارق اللفظي البسيط بينهما مرده، اللهجات المحلية، التي كانت سائدة آنذاك، وهذا التعليل مقبول ايضا 28. فاذا ما اخذنا به لكونه يتفق مع الحقائق، التي وردت في بعض النقوش الآرامية عن مملكة ((موسري))، احدى حليفات ((آرباد))، وعن علاقاتها مع دول المنطقة، يتبين لنا بما لا يقبل الجدل، ان ((كاتكا)) تقع في اقصى شمال سورية.

   ان اسم ((كاسكا)) هو على الاغلب الاسم القديم ل ((كاتكا))، ومن المرجح ان يكون حثّي الاصل 29. وعلى الرغم من ان اسم ملكها ((داد ـ ايلو)) من الاسماء الآرامية، وهو كما نعلم معاصرا للملك ((تيغلات بيلزر)) الثالث، فان هذا التناقض لا يشكل شيئا ذا قيمة، لان السبب يعود الى ان هذا البلد كان خاضعا فيما مضى للنفوذ الآرامي، كما كانت تحكمه سلالة من اصل آرامي، وان الملك ((بارجا ياه)) 30 لآرامي، المعاصر للملك ((أشّور تيراي)) الخامس، هو على الارجح، وحسب التحريات والد ((داد ـ ايلو)) 31.

   وهكذا فان الائتلاف، الذي كان قائما فيما بين الدول الآرامية، تشمل، في الواقع، سيطرته سورية من جنوبها حتى جبال طوروس شمالا"، الى ما بعد مملكة ((سمأل))، أو حسب نصّ منقوش على مسلة آرامية: من البقاع حتى كاتكا، وقد انضمت اليه فيما بعد مناطق اخرى في اقصى الشمال، هي بالتحديد منطقتا: ((ميليد)) و((كوموخ))، التان سلخهما فيما سبق ملك مملكة ((ارارات)) من قبضة الشّوريين.

   وبعد كل ما سلف وسندا للتحريات السابقة، لا نستغرب ان يكون موقع (=كاتكا)) في اقصى شمال سورية. وبالإضافة اليها، فقد تم مؤخرا العثور على مسلة عائدة الى ملكها، الذي اقامها في منطقة ((حلب))، تؤكد كتاباتها صحة ما ذهبنا اليه.

   وكذلك عثر في قرية ((السفيرة)) القريبة من حلب، على عدد من المسلات، داخل احد المعابد القديمة، عليها كتابات مقروءة الى حد ما. . . ولكن اهمها مسلة عليها كتابات واضحة. وعند دراستها تبين انها نصوص لمعاهدة معقودة فيما بين ملكي ((كاتكا)) و((آرباد)). أما المسلات الأخرى، فان ما عليها من نقوش لا يشير الى أية معاهدة مماثلة منجزة فيما بين ملك ((آباد)) وغيره من دول الائتلاف؟ . غير انه عثر مؤخرا على آثار احتفال رسمي، في احد المعابد المشهورة، بمناسبة عقد حلف فيما بين الملك ((متّي ـ ايل) وملوك آخرين. وهذا الحلف الذي يضم كل دول الائتلاف، يرمي في الحقيقة الى مجابهة الشّوريين والتصدي لهم، وبمناسبته جرى تقديم الذبائح والقرابين في المعبد للآلهة: وان جميع النقوش العائدة الى الملك ((بار جأباه)) تشير اليه صراحة أو تلميحا,

وبغية احياء ذكرى هذا الحلف المتعدد الاطراف والاهداف، جرى تشييد عدد من المسلات كشاهد على الأيمان والمواثيق المتبادلة بين جول الائتلاف. وبعد ذلك تشير التوراة، الى انجاز معاهدة في سيناء مماثلة، دشنت بإقامة اثنتي عشرة مسلة بعدد الدول الموقعة عليها، تخليدا لذكراها. وبعد ذلك تشير التوراة، الى انجاز معاهدة في سيناء مماثلة، دشنت بإقامة اثنتي عشرة مسلة بعدد الدول الموقعة عليها، تخليدا لذكراها. ولكن ماذا حدث لهذا الائتلاف ؟ . ان المواثيق، التي كانت مبرمة من قبل اطرافه، كانت ترمي على ما يبدو، ووفق ما نراه، الى استمرار آثارها، والى تمتين العلاقات بين هؤلاء الاطراف أكثر فأكثر. ولكن من سوء الحظ نشبت ثورة في بلاد أشّور اطاحت بالملك ((أشّور ـ نيراني)) الخامس، واعتلى العرش بعده في عا745 ق.م. الملك ((تيغلات بيليزر)) الثالث المشهور بعنفه وقسوته. لقد جمع في يده كل السلطات، وفور تسلمه العرش، بادر الى غزو مملكة (ارارات))، وضرب القوات الآرامية الأخرى، التي كانت تشكل مع قوات المملكة الاورارتية قوة صدامية هامة.

    وفي عام 743 ق.م. خاض معركة فاصلة ضد ((ساردور)) ملك مملكة ((ارارات)) وحلفائه: ((متّي ـ ايل)) ملك آرباد و ((سالوميل)) ملك ميليد و((تاركولار)) ملك جورجوم و((كوشتاسبي)) ملك كومّوخ، في مكان يقع بين ((كالبي)) و((كيستان)) (حاليا تسمى الأولى ((خالقتي)) والثانية تسمى ((قسطل)) في منطقة ((كومّاجين))).

   وتم في هذه المعركة سحق الجيوش المتحالفة وفرّ بنتيجتها الملك ((ساردور)) ولحقت به القوات الأشّورية حتى معبر على نهر الفرات يقع على حدود مملكته، وبذلك انتهى نفوذ مملكة ((ارارات))، الذي كان سائدا في سورية. ولما كانت ((آرباد)) تعتبر بنظر الملك ((تيغلات بيليزر)) قلب المقاومة الآرامية وأشدها لذلك قرر احتلالها. وهكذا فقد حاصرها لمدة ثلاث سنوات سقطت في نهايتها تحت حكمه، أي في نهاية عام 740 ق.م.، وتحولت بعدئذ مع البلاد التابعة لها الى ولاية أشّورية. أما الملوك الآخرون، ادوات الحلف، التابعة لها الى ولاية أشّورية. أما الملوك الآخرون، ادوات الحلف، وهم: ملك دمشق وملك صور وملك كومّوخ وملك كي وملك كركميش وملك جورجوم، فقد استسلموا في مدينة آرباد بعد سقوطها، وارغموا على دفع الجزية للملك الأشّوري المنتصر. غير اننا نعرف شيئا عما جرى للملك ((متّي ـ ايل)). الاّ انه من المتوقع ان يكون قد عومل بدون رحمة، وذلك بسبب نقصه لعهوده ومواثيقه، التي كان قد التزم بموجبها بمهادنة أشّور بكل صدق. وبالرغم من احتلال ((آباد))، ولأول مرة، فان الحكومات السورية الاخرى اعادت تنظيم قواتها، وانشأت حلفا جديدا فيما بينها كان ركيزته ((أزري ـ يو)) ملك ((كؤدي)) 32. لقد استعرضنا سابقا عدة احتلالات وقعت لهذه المملكة (المسماة: سمأل)، ولكن الوضع اختلف في عهد ((أزري ـ يو))، حيث يرجح ان يكون قد اغتصب السلطة بالعنف في عام 739 ق.م. من الملك الشرعي آنذاك المدعو ((بارسو)) ابن ((باناموا بن قرل)) وخليفته، بسبب موالاته للأشّوريين، واثر انفجار ثورة ضده لنفس السبب ايضا. لذلك عمد ((أزري ـ يو)) الى تصفيته قتلا مع سبعين من اخوته وقوام ضباطه. وكل هذه الوقائع مدونة على نصب ملكي آرامي ويرد فيها تاريخ اعتلاء الملك ((باناموا)) الثاني بن ((بارسور)) 33 العرش، دون الاشارة الى مغتصب السلطة منه ((أزري ـ يو)) الذي انت على ذكره المصادر الأشّورية. أما النص الآرامي فيشير الى ان ((أزري ـ يو)) قد ملأ السجون بالمعتقلين وحوّل معظم المدن الآهلة الى مدن مهجورة، كما يصف الدمار والبؤس، اللذين حلاّ بالبلاد في عهده. ويذكرها هذا الانقلاب، الذي نفذه ((أزري ـ يو)) بكل عنف وقسوة، بأفعال المغتصب ((يهوا)) التي منها تصفيته لأفراد الاسرة المالكة. وبعد تسلم السلطة باشر في تنظيم المقاومة ضد الاحتلال الأشّوري. غير ان الملك ((تيغلات بيليزر)) تدخل في الوقت المناسب لإفشاله. ففي عام 738 ق.م. سار بقواته نحو مدينة (كولاّني)) عاصمة بلاد ال((عمق))، التي تسميها التوراة ((كالنو))، وباحتلاله اياها تحولت البلاد الى مقاطعة أشّورية. ثم حرك جيشه باتجاه مواقع قوات ((أزري ت يو)) وحلفائه، وتمكن من احتلال الكثير من المدن الممتدة على طول الشاطئ الفينيقي شمالا مع مدن اخرى تابعة لمملكة حماه، كما سقطت ((خطاريكا)) في قبضته 34 .

   أما ((أزري ـ يو)) المهزوم فقد تم خلعه رسميا، ونصب مكانه على الفور ((باناموا)) الثاني احد ابناء ((بارسو))، بعد ان نجا بأعجوبة من المجزرة، التي احاقت بالأسرة المالكة. والنقش الآرامي يوجز ذلك كما يلي: لقد نصبه ملك أشور ملكا على عرش والده. ان ((باناموا)) هذا يرد اسمه مع الامراء والملوك من دافعي الضرائب والغرامات في اللائحة المبينة في الحوليات، التي كان ينظمها ((تيغلات بيليزر)) الثالث لتأريخ اعماله ومنجزاته ولتخليد غزواته المشهورة التي قام بتنفيذها في عام 738 ق.م. ضد ((أزري ـ يو)) وحلفائه 35.

   وفي اللائحة المشار اليها ترد اسماء الامراء بالتسلسل كما يلي: كوشتاسبي امير كوموخ، وراصّون امير دمشق، ومناحيم امير السامرة وحيرام امير صور، وشافات بعل (سيبتيبعل) امير بيبلوس (جبيل) واوريكّي امير كي وبيزيريس امير كركميش، ايني ـ ايل امير حماه، وباناموا امير سماّل ، وتارخولارا امير جورجوم، وسالومال امير ميليد (ملاطيا) وداد ايلو امير كاسكا. كل تلك الاسماء وردت بالتتابع بعد ذكر ملوك الممالك والامارات التالية: الطابال ـ طونا ـ طوخان ـ اوشتوندا ـ خوبشينا ، في منطقة جبال طوروس، واخيرا يختتم اللائحة باسم ملكة الدولة العربية.

   والخلاصة، فان ((تيغلات ـ بيليزر))، بعد قيامه بتلك الغزوة الموفقة في عام 738 ق.م. استطاع ان يبسط نفوذه على كل البلاد الواقعة فيما وراء نهر الفرات، بدءا من ((كابادوس)) و ((كيليكيا)) الى صور والسامرة ودمشق وبلاد العرب، وقد ارتبط نجاحه في قدرته على تفتيت الائتلاف، الذي كان قائما فيما بين دمشق وآباد منذ عام 740 ق.م.، والذي كان يقود الحكومات السورية ويوجهها بفعالية.

  ونشير هنا، ان ((ميناحيم)) ملك اسرائيل، كان يرد اسمه في النصوص مباشرة بعد اسم ملك دمشق. ومن جهة يرد في التوراة ان قول 36 ملك أشّور غزا هذه البلاد. وان (ميناحيم)) قدم له الف ((تالانت)) من الفضة بغية تثبيته في ملكه 37، كما يرد فيها انه بعد موت سلفه المغتصب ((شالوم)) طلب المساندة والدعم من ملك أشّور لتثبيته في عرشه. وثمة موقف آخر مماثل اتخذه ((باناموا)) الثاني، بعد اغتصابه السلطة، وقبل تبعيته لأشور: ان ((باناموا)) هذا وكأنه تابع مخلص للملك ((تيغلات ـ بيلزر)) الثالث، الذي اقطعه مكافأة على موقفه منه، جزءا من مملكة ((جورجوم)). كل ذلك مدون في النقش الآرامي العائد ل ((باناموا))، الذي يصف فيه عهده، ويقول في مستهله: لقد بيض السجون، واطلق سراح الاسرى اليؤوديين، الذي اعتقلهم أزري ـ يو، كما ازدهرت مملكته في ايامه، بشكل لم تره من قبل، حيث ازداد انتاج الغلال وكثرت قطعان الغنم والبقر، مما ساعده على تحقيق اهداف مملكة يؤودي وآمالها . . . كان والدي باناموا مرموقا بين عظماء الملوك . . . كما كان يملك الكثير من الذهب والفضة وذلك بفضل حكمته وأمانته . . . لقد تمسك بأهداب سيده ملك أشّور العظيم، مما اهله لوضعه فوق مصاف الملوك الاقوياء. . . انه طوع بنان سيده تيغلات ـ بيلزر وهو مرافقه المطوع في غزواته، التي اكتسح بها البلدان من المشرق الى المغرب. . . ومن نتائجها نفيه وتهجيره للسكان من المشرق الى المغرب وبالعكس، كما نال الحظوة عند سيده تيغلات ـ بيلزر الذي انعم عليه بأقطاعه اجزاء ومدناً من جورجوم وسّع بها رقعة مملكته. وعلى هذا الاساس من الصعب تصور مدى تبعيته وخضوعه المذلين لملك أشّور.

   وفي الجنوب كان الوضع مختلفا جدا لأن دمشق والسامرة لم تنصاعا لضغوط تيغلات ـ بيلزر، فما كان منه، فما كان منه، ان قرر توجيه ضربة ماحقة اليهما 38 لقاء موقفهما المعادي له. ففي عام 734 ق.م. زحف بجيشه نحو فلسطين واحتل ((خاطاريكا)) مع عدد من المدن الفينيقية المنتشرة على الشاطئ الفينيقي مثل: جبيل وسيميرا وعرقة وأبيل عكا 39 . وبعد ان احتل شمال اسرائيل، شرع في الهجوم على مدينة غزة واوقع فيها السلب والنهب.

   كان الموقف خطيرا بالنسبة لكل من يهودا وإسرائيل ودمشق. اما ((احاز)) ملك يهودا مكان اكثر حضورا واستعدادا لّلاستسلام، في حين كان ((فقح)) ملك و ((رصين)) ملك دمشق مستعدين لأي احتمال مهما كانت خطورته ولمجابهة تيغلات ـ بيليزر مهما كلفتهما من تضحيات. ولعلهما كانا يأملان في حالة غزوهما من الجهة الجنوبية مساندة (احاز)) ملك يهوذا لهما. الاذ انه في رفضه تلك المساندة، جعلهما يتحالفان ضده من اجل احتلال العاصمة ((القدس)) وخلعه عن عرشه وتنصيب الآرامي ((بن طبئيل)) مكانه. وعندما اصابه الذعر لجأ الى النبي ((اشعيا)) الذي وعظه ونفخ فيه روح الثقة والاقدام 40: احترز واهدأ. لا تخف ولأضعف قلبك من اجل ذنبي هاتين الشعلتين المدخنتين بحمو غضب رصّين وارام وابن رمليا. لأن ارام تآمرت عليك بشّر مع افرايم وابن رمليا 41 نصعد على يهوذا ونقوضها ونستفتحها لأنفسنا ونملك في وسطها ارام دمشق ورأس دمشق رصين وفي مدة خمس وستين سنة ينكسر افرايم حتى لا يكون شعبا. ورأس افرايم السامرة ورأس السامرة ابن رملتا. ان لم تؤمنوا فلا تأمنوا.

   الاّ ان ((احاز))  رفض الانصياع إلى ما قاله ((اشعيا)) واسرع إلى تقديم كل ما يملك من الذهب والفضة إلى تيغلات – بيليزر مرفقة بهذه الرسالة:

وارسل احاز رسلاً الى تيغليت ـ بيلزر ملك أشّور قائلا": انا عبدك وابنك. اصعد وخلصني من ملك آرام ومن يد ملك اسرائيل القائمين علي. فاخذ احاز الفضة والذهب الموجود في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك وارسلها الى ملك أشّور هدية 42.

واستجاب الملك الشّوري لطلب ((احاز)) وشرع على الفور بغزو ((اسرائيل)) وبعد ان احتل منطقة ((نفتالي)) بالكامل، نفى كل سكانها الى بلاد أشّور. وبعدئذ، وتحت ردود فعل مما حدث، نشبت ثورة في السامرة ضد الملك ((فقح)) انتهت باغتياله، بسبب سياسته المعادية لـ ((أشّور))، التي جرت على البلاد الويلات والمصائب، واستبدل بالملك ((ليوثام بن عزيا)) صنيعة أشّور وزعيم المعارضة 43. وبهذا التغيير عزلت دمشق بعد ان اصبحت دون حليف: لذلك باشر ((تيغلات ـ بيلزر)) في ممارسة ضغوطه عليها 44 خلال ل\العاصين 733 و 732 ق.م. وانتهى الأمر به الى شن هجوم كاسح عليها. وبعد ان انزل بها الكثير من الخسائر الفادحة، خاف رصّين على حياته وتسلل خفية كالجرذ الجبان الى داخلا المدينة للتخفي خلف ابوابها تاركا معاونيه وقادته تحت رحمة ((تيغلات ـ بيلزر))، الذي اعدمهم عن طريق الخوازيق، بعد ان شهر بهم بعرضهم في مشهد على جمهور دمشق. أما ((رصّين)) فقد حوصر داخل مثل طير داخل قفص.

   لقد خرب ((تيغلات ـ بيلزر)) معظم بلاد المملكة ودمرها. وما فعله: قطع اشجار الغوطة الغناء وخرب بساتينها كما احتل الخضرا 45، احدى منتجعات الملك مع عدد كبير من المناطق التابعة لدمشق، ودمر كل شيء كان يصادفه، الابنية والبساتين وغيرها تماما كما يفعل الاعصار. وبالنهاية سقطت دمشق عام 732 ق.م. في قبضته والقى القبض على ((رصّين)) واعدمه ثم هجر ونفى سكان دمشق 46.

   وبسقوط دمشق، انتهى عهد هذه المملكة مع حلفائها التابعين، واعاد تيغلات ـ بيلزر ترتيب الاوضاع والتقسيمات الادارية فيها، بان جعل منها اربع مقاطعات أشّورية، وفي نفس الوقت اخضع العرب الى دائرة نفوذه مع ملكتهم ((شمشي)). وفي ((اسرائيل)) لم تستقر الاوضاع التي فرضها طويلا" وبدا ما يشبه وجوده ثورة تكاد تنشب ضد عميله الملك ((ليوثام بن عزيا)). عندئذ تدخل فورا واخمدها. وبعد اعادته ترتيب الاوضاع فيها، بفرض سلطانه عليها لاسيما على مدينة ((عسقلان)) التي اعلنت العصيان منذ مغادرة الأشّوريين الى الجنوب وفلسطين. صحيح ان ((احاز)) انق1 عرشه من السقوط بطلب الحماية من الأشّوريين، الاّ انه في نفس الوقت جرّ على البلاد، بعمله هذا مآسي ونكبات لا حد لها.

   والنص التالي الذي وصلنا عنه يشير صراحة الى مواقفه الموالية ل ((تيغلات ـ بيلزر)): ثم عاد الرب يكلمني ايضا قائلا" لأن هذا الشعب رذل مياه شيلوه 47 الجارية بسكوت وسر برصّين وابن رمليا. لذلك هو السيد يصعد عليهم مياه النهر القوية 48 ملك أشّور وكل مجده فيصعد فوق جميع مجاريه ويجري فوق جميع شطوطه ويتدفق الى يهوذا يفيض ويعبر يبلغ العنق ويكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك ياعمانوئيل 49.

   رأينا فيما سبق ان الملك ((باناموا)) الثاني المتربع على عرش ((سمأل))، كان تابعا مخلصا ل ((أشّور)). ان ((باناموا)) هذا قد مات في الحرب الطاحنة، التي نشبت بين قوات أشّور وحلفائها من جهة وبين قوات ملك دمشق في العام 733 او 732 ق.م. من جهة أخرى. وتشير الكتابة المنقوشة على تمثاله انه فارق الحياة بين قدمي سيده تيغلات ـ بيلزر، بينما كان يقوم بواجبه في تقديم الدعم العسكري. والكتابة اياها، يرد فيها وصف جنازته الفخمة بما يلي: لقد بكاه اخوانه الملوك، كما بكاه الجيش الأشّوري وتحت رعاية تيغلات ـ بيلزر نقل جثمانه من دمشق الى أشّور، وفيها اقيم له مأتم عظيم تكريما لمآثره واخلاصه.

   ويقول ابنه ((بار ريكوب))، خليفته على العرش، في هذا الصدد: أما انا بار ليكوب بن باناموا، فقد اجلسني سيدي تيغلات ـ بيلزر على العرش، تكريما للثقة التي اولادها والدي، ولإخلاصي المطلق له. . .

 لقد ازدهرت البلاد في عهد ((بار ريكوب)) (أي بلاد سمأل)، ويدل على ذلك روعة القصر الجديد، الذي شيده. وما يزيد فيها اتصاله بالقصر، الذي شيده سلفه البعيد ((كيلاموا)) بأروقة عريضة. وعلى احدى احجار القصر وجدت كتابة آرامية (شكل 11) مع صورة منحوتة عليها للملك يبدو فيها واقفا ومرتديا رداء أشّوري النمط 50 وفيما يلي ترجمتها: انا بار ريكوب بن باناموا ملك سمأل، وخادم تيغلات ـ بيلزر العظيم، الذي له السيادة على الجهات الاربع بلا منازع. نظرا لا خلاصي الشديد له، الذي يعتبر امتدادا للثقة، التي اولاه اياه والدي، فان الرب ((ريكوب ايل)) 51 مع سيدي تيغلات ـ بيلزر نصباني على عرش والدي. فانا معيل اسرة، كان والدي فيها أكثر حرصا من غيره على التمك بولائه للملك الأشّوري. لقد كنت ارافق موكبه، ان الى الصيد أو الى الحرب ممسكا بعربته، مع العديد من عظماء الملوك من مالكي الذاهب والفضة 52. ومنذ تسّمي العرش، ازدهرت البلاد، وعم الخير أكثر بكثير من ذي قبل، الى حد درجة ان اشقائي الملوك الآخرين، كانوا يتطلعون دوما غيرة مني للاقتداء بي . . . واشير هنا الى ان اجدادي، ملوك سمأل عجزوا عن تشييد قصور فخمة مثل قصري الرائع. وقبلي لم يكن في سمأل سوى قصر ((كيلاموا)) الوحيد، الذي كان بالنسبة لملوك سمأل مقرا شتويا وصيفيا في آن واحد. . . والآن اختلف الوضع حيث قلما نجد نظيرا لقصري الفخم المشهور بالأبهة.

لقد عثر مدينة ((زنجيرلي)) على عدد من القطع الاثرية، تعود للملك ((بار ريكوب)) منها بشكل خاص نقشه( شكل 11 ) يبدو فيها الملك جالسا على عرش اخّاد ساحر وكاتبه واقفا امامه 53 ومعه عدد من سبائك ذهبية وفضية، وقد دون اسمه على كل منها 54. ان في ذلك ما يدل على حياة البذخ، التي كان يعيشها هذا الملك التابع الصغير، مما اهله ليكون ملكا قويا بنظر الآخرين. غير اننا لم نعرف بالضبط، متى وكيف تمت نهايته. ومن المرجح ان يكون عهده قد امتد لبعض الوقت بعد وفاة تيغلات ـ بيلزر المفاجئ وذلك في عام 727 وخلفه فيما بعد على عرش أشّور ابنه ((زلما ـ نصّار)) الخامس (727 ـ 722 ق.م.). ولكن لم نعثر على أي نص وثائقي ي}كد ذلك. ولما كانت النقوش والوثائق التي تركها الملك الأشّوري ((سرجون)) (722 ـ 705 ق. م.). لا تشير البتة الى مملكة ((سمأل)) ولو تلميحا، فانه من المعتقد ان يكون دورها قد ابتهى في عهد (زلما ـ نصّار)) الخامس وتحولت الى مقاطعة أشّورية، وذلك اثر ثورة فاشلة انفجرت ضد الأشّوريين. هذا وتدل التحريات الأثرية ان مدينة ((سمأل)) وقصورها، قد احترقت ودمرت. . .

 وفي عصر لاحق تم تشييد قصر جديد فيها، وعلى احد ابوابه وضع الملك ((اسار ـ حدّون)) مسلة كبيرة تمجيدا لانتصاراته في حروبه وتخليدا لها 55. وفي ظل حكم ((زلما ـ نصّار)) الخامس، لم تنفرد حكومة ((سمأل)) وحدها في مقاومة الأشّوريين، بل حذت حذوها حكومات المنطقة لتخلص مبدئيا من دفع المتوجبة عليها . ففي عام 724 ق.م. رفض ((هوشع)) ملك اسرائيل تسديد الجزية الى ((زلما ـ نصّار)) الخامس، بالرغم من كونه صنيعة أشّور وتابعا له. , , وشجعه على موقفه منه ملك كصر، الذي وعده بمساندته، وما ذلك الاّ لأنه كان يخشى من خطر الأشّوريين الزاحف من الشمال، وهذا التخوف حمله على حث ملوك فلسطين لمقاومة النفوذ الأشّوري. وعندما وصلت ((زلما ـ نصّار)) انباء تلك المؤامرة، قام في عام 722 ق.م. بمجابهة ((اسرائيل)) وحاصر عاصمتها الناصرة لمدة ثلاث سنوات، حتى ناءت تحت كابوس الحصار 56.

    واما الملك ((سرجون)) خليفة ((زلما ـ نصّار)) فيعتبر بحق اول ملك أشّوري سجل نصرا حاسما على ((اسرائيل)). لقد دشّن عهده باحتلال الناصرة، مما جعل عهده مبعث فخر في تاريخ الأشّوريين اكثر من العهود الاخرى العائدة لمن سبقه من الملوك.

   ومما ير النقوش التي خلّفها: لقد حاصرت مدينة الناصرة، عاصمة اسرائيل، وبعد ان سقطت في قبضتي اسرت من سكانها 27900 ونقلت منهم الكثير الى المنفى في خمسين عربة. واعدت الامور الى ما كانت عليه في اسابق . وبسقوطها اصبحت كدمشق مقاطعة أشّورية، واعدت فرض الجزية بنفس النسبة، التي كان يؤديها الملوك السابقون. 57.

   واما ملك ((حماه)) المدعو ((يوبئدي)) 58، فانه حتى ذلك التاريخ، نجح في المحافظة على عرشه، عكس الملوك الآخرين من دافعي الضرائب، لكنه ما لبث ان انجاز الى ملك مصر بتحريض منه، وشجعه على ذلك تمكّن ملك مصر من استمالة ((حانون)) ملك غزة اليه، ونجاحه في دفع كل من ((آباد)) و ((سيميرا)) و ((دمشق)) في الخروج على طاعة الأشّوريين 59، بإعلان العصيان عليهم. وبالرغم من ان هذه العواصم الاربع كانت خاضعة لنفوذ الأشّوريين بنسب مختلفة، فان شعوبها من آراميين وفينيقيين واسرائيليين تحالفت فيما بينها وانتفضت فجأة في عام 720 ق.م. ضد الأشّوريين لتتحرر منهم. ونذكر هنا ان هذه الشعوب لم يسبق لها ان تضامنت فيما بينها، كما هو الحال.

   لقد بذل ((يوبئدي)) ملك حماه جهده لتقوية جيشه وتجهيزه لمواجهة أي احتمال، وعلى الرغم من نجاحه في ذلك، غافله ((سرجون)) بهجوم كاسح مشابه لذلك، الذي قام به سلفه ((زلما ـ نصّار)) الثالث في عام 853 ق.م. ولقد التقى الجيشان في ((قرقر)) على نهر العاصي ذات الموقع الاستراتيجي المميز، ودارت بينهما معركة طاحنة سجّل فيها (سرجون)) نصرا حاسما. وفي الكتابات المنقوشة، التي خلفها، نراه يزهو ويفتخر بانتصاره واصفا هذه المعركة بما يلي: في قرقر، تلك المدينة الهامة، نجحت في محاصرة قوات ملك حماه، وبعد سقوطها احرقتها ودمرتها. اما ملك حماه فقد سلخت جلده، وقضيت بعدئذ على كل العصاة، الذين جهدوا في مقاومتي، وفرضت على حماه الهدنة والسلام، بعد ان استوليت على الفي عربة وستمائة حصان، اخذت كل ذلك معي الى أشّور، مع عدد كبير من اهالي حماه. . . وبعد ان استقرت الاوضاع لصالحه نفى عددا كبيرا من المعتقلين، وأحل محلهم 6300 مستوطنا أشّوريا، كما نصب على حماه حاكما أشّوريا".

   وتابع زحفه باتجاه الجنوب، لملاقاة الجيوش المصرية وقوات ((غزة)). وفي مدينة رفح، الواقعة على الحدود الفلسطينية ـ المصرية دارت معركة طاحنة، انتهت بانتصار الأشّوريين. اما القائد المصري، فقد تمكن من الفرار، لكن ((حانون)) ملك غزة وقع اسيرا، واقتيد فيما بعد الى أشّور.

   ان الانتصاريين، اللذين حققهما ((سرجون)) في ((قرقر))، مكّناه من بسط سلطانه على كل سورية وفلسطين. ففي عام 717 ق.م. سقطت ((كركميش)) تحت سلطته، بعد مقاومة فعالة، وبعد تحالفها مع اسيادها الحثيين دفاعا عن استقلالها، دون جدوى، ولعلها آخر معقل مضاد يستسلم له. . . وهذا ما جعل الملك الأشّوري، بعد ان استتبت السيطرة الكاملة له، ان يهتف بفخر واعتزاز مما هو مدون في نقش خلفه لنا قائلا":

   ايها الضباط. . . لم يعد امامي وجود لأي ملك كعارض بعد الآن!

   وهل حظ كلنو الاّ كحظ كل من كركميش وحماه وآرباد، وه حظ الناصرة الاّ كحظ دمشق؟.

لقد غيرت معالم الدود، ونقلت السكان من بلد لآخر، حسبما تقتضيه المصلحة ونهبت كل موارد الاعداء التموينية. . . ومرغت عروش الملوك في التر ووضعت يدي على كل ثروات هذه الشعوب. . . ومثلما يؤخذ البيض من العشوش المهجورة، فاني وضعت يدي على هذه الاملاك دون منازع، وبعد الآن يستحيل على أي ان ينبس شفة بعد الآن. 60.

   وبعد هذه الفترة انتهى الدور، الذي كانت تلعبه الحكومات الآرامية. ولم يعد للآراميين أي وجود في بلاد ما بين النهرين، كما هو الحال قبل قرن من الزمن. . . واذا ما وردت تسميتهم في النصوص الأشّورية ب ((بلاد آرام))، فان المقصود منها، الاشارة فقط الى مكان توزع واستيطان القبائل الآرامية في بلاد بابل.

الفصل الخامس


1- ربما تكون مدينة "اعزاز" الحالية (المعرب).

2- يطلق عليها "خومري" التابعة لبيت "عمرى".

3- التالانت كان وزنة تعادل 150 كغ ( المراجع - المدقق).

4- Luck,l,§740.

5- ان نفس التسمية ترد في معظم كتابات المؤرخين، وربما كان اسم "ماري" "سيدي" اختصاراً لاسم "ماري- حدد". و "حدد" هوالرب. وهكذا فان اسم كل ملك يتألف من اسمين مثل "حدد- ايدري" أو "حدد ايزير"، والاخير تسمية التوراة " بنهدد" الثاني، وبعض المؤرخين يرفض هذا التعليل، اذ يعيدون اسم " ماري" بحسب المصادر الاشورية إلى سلالات الملوك، التي حكمت دمشق، ومن هؤلاء المؤرخين:Meyer   و   Dhorme واما المؤرخ Vaux حديثاً، فيعيد نسبه إلى والديه "حدد" و "حزائيل":

 انظر:

.Revue Biblique, 1934, P. 512

6- سفر الملوك الثاني، الاصحاح الثالث عشر:4.

7- سفر الملوك الثاني، الاصحاح الثالث عشر:24.

8- سفر الملوك الثاني، الاصحاح الثالث عشر:25- 28.

9- ربما تكون مدينة "بعلبك" الواقعة في سهل البقاع بين سلسلتي لبنان الغربية والشرقية.

10- هي بلا شك " مملكة بيت آديني" الواقعة في الفرات الاوسط.

11- موقع غير معروف وغير محدد حتى الآن.

12- عامون، الاصحاح الاول: 3-5.

13- عثر على هذه الكتابة في " جيرجان" القريبة من " زنجيرلي" في عام 1890 م.

14- F. Weidner, Archiv fur Orientforschung, vill (1932), P. 17-34.

15- في النص الاشوري ورد هكذا : متّي- إيلو".

16- وهي عبار عن بلا جبلية تقع إلى الشرق من بلاد أشور بالقرب من "ديالى".

17- وردت تسمية "كاتكا" في النص السامي بدون حرف صوتي هكذا ( ك ت ك ) وهذا قريب من لفظ الاسم المعوف.

18 نشر هذه المعلومات Ronzevalle في Méinges de I' Universite

H. Bauerكما درسها ايضا ً  Saint joseph XV (1930 -1931), P. 237 - 260. 

Archiv fur Orientforschung, VIII, 1932, P. 1 -16

19- هذه العبارة " الاعلى والاسفل" الآراميان" يحتمل ان تدل على الطبقتين الاجتماعيتين العليا والدنيا ( الفوقية والتحتية)، تماماً كالمعاني تروز إلى المصطلحات: الرأس والذني والاطراف والخذع الوراد في "اشعيا، الاصحاح التاسع: 14". غير انهيمكن ان يكون للفظين: "اعلى" و "اسفل" معنى جغرافياً وليس اجتماعياً مثل: كالبلاد الممتدة من اعلى النهر حتى مهبطه او منصه، في الفرات الاوسط حسب تعليل Bauer أو كالبلاد الآرامية الممتدة بين المناطق الجبلية والسهول.

20- " كل من له علاقة بالبلاط الملكي"،اصطلاح يبدو انه يدل على جماهير الموظفين العاملين في البلاط. والقسم الثاني من النقش منحوت على الوجه الآخر للمسلة، عبارة عن مواثيق محررة في نصوص، جاء ترتيب الاطراف الموقعة عليها، مختلفاً قليلاً عن الترتيب الوارد في النص المكتوب اعلاه وللفائدة نبين ما يلي: مواثيق معقودة بين بارجأياه ملك كاتكا وبين متّي إيل بن عطّار ساماك ملك آرباد وبين ابناء بار جأياه وأبناء متّي -إيل وبين احفاد بار جأياه واحفاد متّي -إيل ومع احفاد أي ملك يخلف اياً منهما ومع بني جوشي ومع... آرام(؟) ومواثيق بين كايكا وآرباد وبين مواطنيهما وبين آلهة كايكا وآلهة آرباد... ويلاحظ هنا وجود بغض التشويش في التسلسل، والاسمان الواردان بعد " بني جوشي" غير واضحين.

21- هذا الاسم يتكرر في سفر الملوك، ومعناه فيه "مصر".

22- حقاً لم يرد ذكرها اطرقاً بهذه الصيغة بل بصيعة اخرى هي " كاسكا"، راجع ص 101- المدقق-.

23- ان مضمون هذه المعاهدة، يرد عادة في الاحتفالات ذات الطابع السحري- الديني.

24- هذا رأي كل من " كانتينو" Cantinesu و " دوسّان " Dossin .

25- انظر الصفحة 106 وما بعد هذا الكتاب.

26- انظر 772§. Luck ,l

27- جاء في لوائح الملك " سرجون" ان "كاسكا" اتحدت مع " طابال" و "كيليكيا".

28- الفرق هو فقط بين الحرفين "ت" و "س". وهناك كثير من الاسماء لها نفس الوضع،  بحيث يرد نص لـ " زاكير" اسم " خازريك " أو " خادريك " في العهد القديم دلالة على " خاطاريكا ".

29- وفي النصوص الاشورية يرد ان الـ " كاسكيين " ذكروا في النقوش التي خلفها " تيغلات- بيليزر " الاول، حيث كانوا يعيشون في براري الـ " سوبارو "، ويمثلون مملكة " خاطًي "، وقد ثاروا واحتلوا فيما بعد كل بلاد الـ " سوبارو " ( أو بلاد ما بين النهرين).

30- هو ابن " جأياه ".

31- على ما يظهر ان " داد- إيلو " نفس الشخية السابقة أي ابن " جأياخ ".

32 - 770§. Luck ,l

33- هذا النقش عائد للمك " بار ريكيب " بن الملك " باناموا " الثاني، عثر عليه بالقرب من مدينة " زنجيرلي" عام 1888م.

34-  770  §. Luck ,l

35-  77 §. Luck ,l

36- فول: هو الاسم البايلي لـ " يتغلات- بيليزر " الثالث.

37 - سفر الملوم الثاني، الاصحاح الخامس عشر: 19.

38-815  § , Luck, l  

39- هذا الاسم هو نفس: " آبيل بين معكا " واسمه اليوم "آبيل".

 40 - اشعيا، الاصحاح السابع : 4 - 9.

41- هو فقح ملك اسرائيل.

42- سفر الملوك الثاني، الاصحاح السادس عشر: 7-8.

43- سفر الملوك الثاني، الاصحاح الخامس عشر: 29-30.

44- 777 -776  § , Luck, l  

45- قد تكون منطقة عدرا الواقعة على بعد 20 كم شمال مدينة دمشق.

46- سفر الملوك الثاني، الاصحاح السادس عشر: 9.

47- قناة " شيلوه " كانت تمد مدينة القدس بمياه الشرب، وهنا ترمز إلى حماية النبي " اشعيا".

48 يقصد بالنهر هنا ، نهر الفرات ، الذي يرمز إلى نفوذ الملك الاشوري ورعايته.

49- اشعيا، الاصحاح الثامن: 5-8.

50- انظر Cooke, N° 6 نفس المرجع الشمار اليه سابقاً.

51- ريكوب-ايل هو الاله الخاص للسلالة الحاكية في سمأل.

52- في القديم كان الملوك التابعون يتسابقون لنيل الشرف في مرافقة الملك الاشوري.

53- Ausgrabungen in Sendschirli, Planches 60,61,62.

54- المرجع الاخير Planche58

55- المرجع الاخير I, Planche 1

56- سفر الملوك الثاني، الاصحاح السابع عشر: 3- 6 والاصحاح الثامن عشر: 9- 12.

57-Luck,ll,§55.

58- ويسمى ايصاً: ايلو- بئدي.

59- Luck,ll,§55.

60- اشغيا، الاصحاح العاشر: 8-9 و 13-14 .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها