عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

مركز لتعليم لغة المسيح قولا وكتابة في "معلولا"

سوريا

دمشق- ابراهيم حميدي  

    الحياة     2004/08/1

بعد سنوات من التصميم والصبر, نجح جورج رزق الله في تجسيد حلم كان يراود اجداده منذ الفي سنة, وهو فتح مركز لتعليم لهجة السيد المسيح حفاظا عليها من الانقراض.

وكانت السلطات السورية افتتحت قبل ايام في بلدة "معلولا" مركز تعليم اللغة الارامية, ليكون الاول في العالم الذي يتضمن تعليم لهجة السيد المسيح كتابة في اطار تعليم اللغة الارامية وفق الخطوط التي رسمها استاذ اللغات القديمة في جامعة دمشق محمد محفل.

ورغم اعتقاد عدد من الخبراء, وبينهم محفل ذاته, ان اللهجة التي يتحدث بها معمرو قرى "معلولا" و"جبعدين" و "بخعة" الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا شمال دمشق "ليست لغة المسيح بل احدى اللهجات الارامية", اخذ رزق الله على عاتقه التنقل بين مسقط رأسه ومقر القرار في العاصمة السورية لـ "الحفاظ على لغة المسيح والاجداد".

وفي شباط (فبراير) الماضي, بدأ في تدريس 15 شخصا هذه اللغة ليكونوا معلمي المستقبل في المعهد بعد تسجيل نحو مئة طالب تترواح اعمارهم بين 7 سنوات و60 سنة بينم يوسف فرنسيس ذو الستين عاما واولاده الصغار. وقال عازر بركيل لـ "الحياة" ان الفصل الدراسي يستمر 45 يوما بساعات مكثفة لتعليم الطلاب على كتابة هذه اللغة ورسم ما كان اباؤهم ينطقون به.

وتضم القرى الثلاث نحو 12 الفا, لكن الذين يتحدثون هذه اللهجة الارامية هم من اولئك الذي تزيد اعمارهم عن 45 سنة, خصوصا في "جبعدين" ذات الخمسة الاف. ويقول رزق الله لـ "الحياة": "يتحدث الكبار عن الماعز والارض والشجر بالارامية" بينما يتحدث الشبان عن التلفزيون والامور العصرية بلغات اجنبية او عربية, لذلك ركز جهده على اقناع الجيل الجديد على تعلم اللغة نطقا وكتابة, بل انه اقنع بعضهم بنظم الشعر بـ "لغة المســـيح" وغناء بعض الاغنيات الشعبية وقول بعض الامثال الشعبية مثل "حزيرا كلمل ايرخ ذنبه جوثوكن سوستشا مآصله" أي "الخنزير لن يصير فرسا مهما طال ذنبه".

وتعتبر الارامية احدى اللغات السامية التي بدأت نقوشها في القرن 11 قبل الميلاد في بلاد الشام والعراق قبل انتقالها الى مصر. وتطورت عبر العصور الى ان راح الاراميون يطورون كتابة خاصة بهم في القرن السابع قبل الميلاد بالترتيب الابجدي. وكان محفل قال لـ "الحياة" انها تطورت كثيرا في القرن السادس قبل الميلاد بحيث صارت "لغة الديبلوماسية" كما هو الحال مع الانكليزية حاليا, الى ان انثبق منها خطان: الارامية التدمرية والارامية السريانية التي صارت لغة المسيح. واوضح استاذ اللغات القديمة انه نتيجة "الفتح الاسلامي راح نفوذ هذه اللغة يتقهقر لصالح العربية".

وساهم موقع "معلولا" المنعزل في استمرار الارامية بلهجتها السريانية الشرقية ما يعطي الانطباع ان القرى الثلاث "جزر ارامية في بحر عربي شاسع". لكن هذه "الحصانة" لم تضمن "حدودا امنا" من غزوات اللغات الاخرى لانها بلدة سياحية من الطراز الاول كونها تضم "فجا عميقا" يعتقد خبراء انه انشق امام القديسة تقلا اثناء هروبها من ابيها الوثني في العام 68 للميلاد. ويقول رزق الله ان الاهالي

"يتحدثون الكثير من الكلمات الواردة في الانجيل", بل ان كلمة "معلولا" بكسر الميم تعني "الفج".

وهناك لهجات اخرى من الارامية في اماكن اخرى بينها "طور عبدين" قرب الحدود السورية-التركية و "سنجار" شمال غربي العراق وقرب "بحيرة اورميا" في تركيا. وبعد افتتاح المركز وحضوره حصة دراسية قال محافظ ريف دمشق صلاح كناج ان تعليم "لغة السيد المسيح يدلل على الحضارة السورية العريقة التي وصل نتاجها وتاثيرها الى مختلف دول العالم".

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها