عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

لبنانيون في البقاع يتكلّمون الآرامية ويلقّنونها لأولادهم

كريستيان بخيل تتعلم الارامية

كريستيان بخيل تتعلم الارامية

تعلبايا ــ سيرين قوبا

وُجدت اللغة الآرامية في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين عام 1200 قبل الميلاد، وهي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح، وما زالت منذ 3 آلاف سنة حتى اليوم حيةً في سوريا(معلولا وجبعدين وبخعا)، وهي لغة حية أيضاً في لبنان

يستغل هاني بخيل (50 عاماً) من بلدة تعلبايا في البقاع الأوسط إنهاء أولاده الخمسة عامهم الدراسي ليبدأ معهم «عاماً» دراسياً من نوع آخر. فبخيل الملتزم الدين المسيحي ملتزم أيضاً لغة «الأجداد» الآرامية التي تعلمها قراءة وكتابة في بلدة معلولا السورية، وهو يرفض أن «تموت» هذه اللغة، لذا تجده منكبّاً على تعليمها لأولاده على رغم «صعوبتها»!!
ويقول بخيل: «أفتخر بأنني أتقن اللغة الآرامية الصحيحة التي كان يتكلم بها أجدادي في معلولا». ويضيف أنه لم يبق ممن يتقن هذه اللغة في لبنان سوى 14 شخصاً منتشرين ما بين تعلبايا وجديتا وزحلة وبيروت.
أما عن عائلة طانيوس الكبوشي، وهي العائلة الوحيدة في مدينة زحلة التي ما زالت تتقن اللغة «الآرامية» وتتحدث بها مع كل أفرادها وعائلاتهم، فتقول أم الياس الكبوشي (72 عاماً) إن «أولادي السبعة جميعهم يتحدثون الآرامية بحيث إننا ننسى أحياناً التكلم باللغة العربية، فنحن دوماً نتحدث مع بعضنا باللغة الآرامية الصحيحة وغير المخلوطة بالعربي أو السرياني». وأضافت أن «الأولاد يعلمون الآرامية لأولادهم ويصرون على حفظ لغتنا الأم». ويقول الياس الكبوشي (42 عاماً) إنه تعلّم الآرامية من خلال السمع أولاً و«لا أعرف كتابة هذه اللغة التي ورثناها أباً عن جد، وهي لغة قيّمة ونادرة، واليوم أصبحت معظم الدول الأوروبية والعالمية تتشوّق للتعرف بها وتعلّمها، بحيث يتوافد كل عام الكثير من العلماء الأجانب والسياح الى بلدة معلولا السورية ليتعلّموها ويعلّموها في بلدانهم، فكيف لا نحتفظ نحن بها ونعلّمها لمن يأتي بعدنا هنا في لبنان».
ويأسف شكري شفيق (60 عاماً) من بلدة جديتا لأنه لم يستطع أن يعلّم أولاده اللغة الآرامية بكاملها. ويقول: «أولادي يعرفون بعض الكلمات، لكن محادثتي بعض الأقارب الذين يفضّلون أن نتحدث بالآرامية لا بالعربية، تشكل أحياناً بعض الإزعاج لبعض جلسائنا، إذ نحن في لبنان عندما تجتمع العائلات التي تتقن الآرامية في بيت أحدنا، لا يكون الحديث إلا بالآرامية، وهذا ما يغضب أحياناً زوجاتنا لأن بعضهن لا يدركن ماذا نتكلم». ويضيف «أتمنى أن يدخل أحد أولادي المعهد ليتعلم الآرامية الصحيحة ويتقنها ويعلّمها لأولاده ولمن يرغب فيها من أصدقاء».
ويوضح طنوس تجرة من زحلة (60 عاماً) أنه أُدخلت على هذه اللغة بعض الكلمات العربية التي حوّلت أصل الكلمة الحقيقية الى ما يعتبره البعض اليوم اللغة السريانية التي تعتبر قريبة من اللغة الآرامية، مثال تفاحة التي تعني بالآرامية حزورة، لكن الآن وخاصة الجيل الجديد يسمونها «تفاحتا» لسهولة اللفظ)، ويضيف: «أنا وزوجتي والأولاد غالباً ما لا نتكلم الآرامية إلا في وقت الضرورة أو «الحشرة» عندما أضطر لأقول لها شيئاً سرياً من دون أن يعلم أحد من ضيوفنا أو مَن نزورهم». ويصر تجرة على أولاده أن يعلّموا الآرامية لأحفاده. ويقول: «علّمت أولادي هذه اللغة منذ الصغر، وهم يتحدثون بها، لكنهم لا يكتبونها، لذلك أتمنى أن يتعلموا كتابتها ويعلّمون أولادهم اللغة الآرامية الصحيحة قراءةً وكتابة».
ويتابع «لم يعد أحد غيرنا في لبنان يتقن الآرامية، ونحن بصدد إرسال أولادنا الى بلدة معلولا السورية لتعلم أصول اللغة في معهد سيُفتتح في 8 تموز الجاري وهو الأول من نوعه في العالم».
وتجدر الإشارة الى أنه كان يوجد نحو 150 شخصاً يتقنون الآرامية في لبنان، وأن العدد تراجع كثيراً على أمل أن يرتفع مع بدء الدروس في معهد معلولا. واللغة الآرامية هي من أقدم اللغات وأجملها، وهناك تشابه في الكلام بين الآرامية المحكية والعربية.

عدد الاثنين ٩ تموز

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها