عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

كان واضحاً ان حزب الله لن يسلّم سلاحه إلاّ عندما يتحوّل لبنان الى جمهورية اسلامية

كارلوس إده

الانور

070528

قال عميد حزب الكتلة الوطنية اللبنانية كارلوس اده في تصريح أمس (ان للسيد حسن نصرالله عدة ميزات ولعل أهمها وخلافا لغيره من شخصيات المعارضة انسجامه التام في مواقفه مع عقيدته وفكره السياسي.

فقد أكّد السيد نصرالله في خطابه بالذكرى السابعة لتحرير الجنوب ما كنّا نخشاه دون ان نريد تصديقه لاعتقادنا ان مواقف مواطنينا من قوى (8 آذار) ليست ناتجة سوى عن سوء تفاهم أو خطأ في التقدير. وكنّا وما زلنا نحلم انه بإمكاننا التلاقي حول طاولة مفاوضات ليس لبحث اختلافاتنا بل لتظهير الأمور التي تجمعنا في هذا البلد الصغير والمعقّد.

ولكنني خرجت مع خطاب السيد حسن نصرالله من هذا الالتباس الذي كنت واقعا فيه، وتبيّن لي ان لبنان الذي أتطلع اليه ليس هو ذاته الذي يطمح اليه السيد نصرالله وانه مهما كانت التنازلات التي يمكن للبنان الذي نريد، ان يقدمها، فانها لا تشكّل سوى حلول مؤقتة في مراحل سيرة السيطرة على كل لبنان ولتحويله عن صورته.

منذ 14 شباط الماضي وأنا ألفت النظر الى الصراع العقائدي بين مشروعي (14 آذار) و(8 آذار) وأشدد على نتائج انتصار على الأصعدة السياسية والعدالة والحريات العامة والخاصة وتأثير ذلك على الاقتصاد وسوق العمل والاستثمارات فضلا عن علاقات لبنان بالمجتمع الدولي.

واليوم لا بد لي من اعادة النظر بهذا الموقف والذهاب أبعد في التحليل بناء على خطاب الأمين العام لحزب الله. فالحقيقة هي أننا نشهد منذ فترة - ودون ان نرغب بالاعتراف بذلك - وبعد مخاض طويل، ولادة جمهورية حزب الله الاسلامية الايرانية - اللبنانية. لم يعد الأمر مجرد دويلة، بل هي دولة بكل معنى الكلمة. اذ لا يمكن فهم بعض مواقف السيد نصرالله إلاّ على هذا النحو. فالجمهورية الاسلامية الايرانية - اللبنانية تريد إخفاء الجمهورية اللبنانية التي نعرفها.

 وحتى لو تطلب ذلك منه وقتا طويلا، فالسيد حسن نصرالله تكلم في السابق عن التغيير الآتي بعد خمسة أم عشرين أم خمسين سنة، فهم يملكون الصبر والمال والتنظيم والذكاء لأجل ذلك. بدون شك سيتركون مكاناً للأقليات في جمهوريتهم الاسلامية ولكن في حدود قبول تلك الأقليات لقواعد اللعبة وعدم تهديدها للنظام. أما فكرة لبنان كما نعرفه الآن والتي نحاول المحافظة على ما فيها من حسنات وتطويرها في دولة متنوعة، متعددة الطوائف وديموقراطية تتلاقى فيها وتختلط الأفكار بحرية، فهي لا تعنيهم على الاطلاق.

أما تلك الشخصيات التي تشارك في هذا المشروع طمعا بالحصول على بعض الفتات من المكاسب ودون التطلع الى مستقبل الأجيال القادمة. وكيف يمكن للبنانيين الذين يؤيّدون سياسة (8 آذار)، أو يسكتون عنها، ان لا يتنبّهوا الى ان انتصار هذه السياسة يؤدي الى تقدّم اضافي لمشروع الجمهورية الاسلامية الايرانية - اللبنانية?

حزب الله بات واضحا لقد بات واضحا ان حزب الله:

- لن يسلّم سلاحه إلاّ عندما يتحوّل لبنان الى جمهورية اسلامية ايرانية - لبنانية،

- يريد جيشا توافقيا في مهماته وعملياته العسكرية، بينما تبقى عمليات المقاومة من اختصاصه وحده.

- يريد حكومة وسياسة توافقية في كل شيء باستثناء الأمور الداخلية وبنطاق نفوذ جمهوريته وشعبه.

- يريد كذلك اختيار رؤساء الجمهورية والحكومة على قاعدة (التوافق) ذاته، في حين يعود تعيين رئيس المجلس النيابي الى الطائفة التي ينتمي اليها وحدها.

باختصار هو يريد حق فيتو في كل مؤسسات الدولة وسياساتها. كيف يريد السيد نصرالله ان تتوقف العمليات العسكرية في نهر البارد الهادفة الى فرض النظام والقانون بينما فتح الاسلام من حيث المبدأ تهديد للدولة ولحزب الله على حد سواء?

الجواب الوحيد المقنع على هذا السؤال هو ان هذه المنظمة قد خلقها وسلّحها ودرّبها ويأمرها النظام السوري بهدف واحد هو إضعاف الدولة اللبنانية برمّتها وإسقاط حكومة الأكثرية. وكالعادة يلعب النظام البعثي في دمشق دور مضرم النار واطفائي على حد سواء وتُماشيه في ذلك قوى (8 آذار) بكل طيبة وخاطر.

ان السياسة التوافقية الوحيدة التي يقبل بها حزب الله ونظام دمشق ورجاله في لبنان هي ان يقوم الشعب اللبناني وحكومته منهكين وضعفاء، بتسليمهم (توافقيا) السلطة كل السلطة كما كان الأمر منذ ما قبل ثلاث سنوات ولا شيء أقل من ذلك وسنشهد عندها عملية قمع سياسي بحجم لم نر له مثيلاً لغاية اليوم.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها