مستوطنات أمل وحزب الله

لا أدري بعد هذا التعدي الصفيق والغاشم على ممتلكات المسيحيين في عقر دار حزب الله وأمل، إن بَقِيَ إنسانٌ عاقل لا يزال مقتنعا أنّ ورقة التفاهم تحمي أتباع الصليب في لبنان! ولا أعلم أيضاً بعد العدوان على أملاك الأوقاف الاسلامية التابعة لدار الفتوى في الأوزاعي، هل مِن سويّ سيصدق أنّ هذا الثنائي يسير على السراط المستقيم في حين أنّ أفعاله هذه حرام ولا تجوز شرعا؟!

لسوء الحظ، لقد برهن لنا أمل وحزب الله مجاهرةً اليوم، أنّ خطرهما لا يقتصر على خصومهم السياسيين فقط، بل هو في الأساس مؤذٍ لكل من هو خارج ناديهم الفكري الضيّق حتى لو كان من اهل البيت، كما حصل تماماً مع المحاضر في مُجمع الحدث البروفيسور رائف رضا الذي تعالج في مستشفى الحياة!... يومٌ تلو الآخر، يُثبت ويَبسط هذا الديو مشروعه الالهي التوسّعي الاستيطاني على مقدرات الدولة اللبنانية، منقلباً كل لحظة ومع كل رمشة عين على مواقفه المزعومة من احترام لسيادة الدولة وبنائها!

فما الفرق إذاً بينهم وبين الممارسات الغاصبة الاسرائيلية؟

-اسرائيل تبني المستوطنات على أراضٍ يعتبرها حزب الله- أمل مُلكا للفلسطينيين، وهكذا يفعل الثنائي في صور والاوزاعي والغبيري وطريق المطار، ولكن مع مواطنين لبنانيين مسلمين ومسيحيين ومع مشاعات الدولة ومع أملاك تعود لمراجع روحية!

-اسرائيل تفرض تصاريح خاصة للإعلاميين الأجانب والفلسطينيين، وأمنيو حزب الله منعوا فريق أخبار ال "أم تي في" من متابعة تصوير تعديات البناء بذريعة أنّ التصوير يحتاج إلى ترخيص مباشر من حزب الله!

-اسرائيل ضربت الداخل اللبناني، وهكذا يفعل ديو الشر في كل زنقة من أزقة الدولة وفي كل بيت لبناني أسقط سلاحهم فيه شهيدا أو دفع أحد فلذات كبده إلى الهجرة قسراً، أو الاثنين معاً!

عذراً منكم لكنها الحقيقة، اسرائيل وحزب الله وأمل و كل الخلطة في ٨ آذار يريدون اللادولة في لبنان!

مهما حاول هذا الثنائي غسل يديه من مخالفات البناء والتعدي على أملاك الغير، فإنّ بصمات "زعراناته" تبقى دامغة بشكل واضح في برج أبي حيدر مع أصدقائهم الأحباش ومع أهالي بيروت والجبل من آيار عام 2008، ومع تلاميذ الطيونة ورأس النبع وزقاق البلاط وبشارة الخوري في 18 كانون الثاني 2011 يوم قمصان السود الارهابي. فهل من المنطقي أن تحصل كل هذه الجرائم على أرض سلطتهم ودون علم مخابراتهم وعناصرهم الأمنية والميدانية والعسكرية وضبّاط الارتباط ونسائهم ودبابيرهم ونحلهم؟

في الختام، لا يسعني إلا نصيحة إخوتنا في حزب الله وأمل لمراجعة حساباتهم بشكل دقيق وبالاخص مشروعهم السياسي والفقهي، والتنبّه جيداً لما يجري من حولنا من متغيرات شعبية نحو الحرية وخصوصا في سوريا، لأنّ أحدا لن يدوم لهم أكثر من أبناء جلدهم وشركائهم في الوطن.
www.tonihadchiti.com