عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
   وديع طعمة

النازية البعثية؛ إلى متى؟

وديع طعمة

  تاريخ المقال : 2013-03-30

حزب البعث >العربي< الاشتراكي.

يقول المؤرخ ابن خلدون : إن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط. و يقول بموضع آخر : العرب إذا تغلّبوا على أوطان أسرع إليها الخراب.

بماذا يختلف هذا الحزب " العروبي " الذي لا يحوي بكل شعاراته على اسم " سوريا "، عن حزب هتلر المحظور بكل مكان في العالم؟ كان هتلر يعمل على تصفية الأعراق لكي يجعل من " عرقه الآري " الأول في كل مكان، و ها هم النازيين العروبيين البعثيين يفعلون نفس الشيء، عربوا كل شيء في البلاد، و اضطهدوا الأكراد و الآشوريين و الآراميين و الكلدان و الشركس و الأرمن و غيرهم، لحساب العروبة النازية التي منبعها جزيرة العرب وليس سوريا، يعني حتى نازية هتلر أخف بكثير من نازية هؤلاء العربان البعثيين، لأن هتلر لم يفرض عرق جديد على ألمانيا، بل عرق أصيل في البلد، ضد الأعراق الأخرى، بعكس هؤلاء البدو البعثيين الذين يفرضون عرق لا يمت لسوريا بصلة!

النظام السوري؛

لا هو نظام جمهوري، و لا هو برلماني، و لا هو ملكي، إذن ما نوع هذا النظام في سوريا؟

الجواب بكل بساطة : نظامي مافيوزي!

النظام الجمهوري، يتم من خلاله إنتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة، و من المعروف بسورية لا يوجد إنتخابات لرئاسة الجمهورية، كفرنسا و أمريكا، بل كان هناك ضحك على اللحى بإسم " استفتاء " . أما النظام البرلماني، فيتم عبر إنتخابات شعبية للبرلمان، و من خلال البرلمان يتم إنتخاب رئيس الجمهورية، الذي لا يقدم و لا يؤخر، كحال تركيا و ألمانيا، و النظام الملكي كالسعودية، هو الأشبه للنظام السوري " بالتوريث " لكنه ليس مثله أيضاً، فالملكي يتخذ الملك كل القرارات بدون برلمان و وزراء و بقية الحاشية، و من المعروف بسوريا بين " غير الطائفيين " أن الأسد ليس الآمر الناهي في البلد؛ بل المافيا البعثية " الإسلامية - الإخوانية " هي التي تأمر وتنهي، شاء الطائفيون الاعتراف بذلك، أم لم يشاءوا!

ملاحظة أولى : لست هنا بصدد الدفاع عن الأسد، فلست مؤيد له كي أفعل ذلك، خاصة أنه تحالف مع هؤلاء البدو البعثيين و عربانهم و عثمانيهم ضد الشعب السوري و حضارته، لكن كالعادة، كلمة الحق بالنسبة لي هي الغالبة، و لتكن لصالح من تكون؛ المهم عندي قول الحقيقة!

البعث و أسلمة الأسد؛

الحزب السلفي الظلامي المسمى بعث عربي " فردي " عمل على تعريب سوريا بالكامل، بشتى الطرق، إعلام، قوانين، كتب، مدارس، حتى أسماء المناطق و الشوارع لم تسلم منه، و على سبيل المثال لا الحصر " بلدة قبور البيض الآرامية " قام بتغيير اسمها " للقحطانية " على اسم جد العرب الأكبر! ناهيكم عن تزويره للتاريخ مراراً و تكراراً، كان ذلك منذ بداية حكمه النازي حتى تاريخ كتابة هذه السطور، أما الأسد الأب، فأمام الإنقلابات البعثية التي أستطاع السيطرة عليها عدة مرات، فهي كانت بسبب عدم تأسلم و تعريب سوريا بالكامل، فكان يستطيع السيطرة على الإنقلابات البعثية الإسلاموية التي لحد كبير كان الإخوان يسيطرون عليها، بحيث كانت تتم هذه الإنقلابات بإسم الإخوان، و يدعمها البعثيين، و إلا ماعلاقة إنقلابات الإخوان المسلمين، الفئة المحظورة في سوريا، بأسلمة رئيس الجمهورية حتى يستطيع الحكم؟ بمعنى آخر، لو كان البعث ضد الإخوان المسلمين، كيف أجبر الأسد على الرضوخ لمطلبهم بأن يكون الحكم في سوريا إسلامي عروبي ينص عليه الدستور ؟ كان ذلك بعد تسلّم الأسد الرئاسة بثلاث سنين، أي عام 1973 حين أقر أسلمة الرئاسة و عربانيتها في الدستور آنذاك! و بعدها بثلاث سنوات فقط، أي عام 1976 تسلّمت إخوانية مناصب كبيرة في الدولة، اسمها " نجاح العطار " و هي أخت المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا عصام العطار، الذي كان يحارب الأسد؟ و كان منصبها لربع قرن وزيرة الثقافة والإرشاد القومي (بين 1976 - 2000). ناهيكم عن تسلمها نائبة رئيس الجمهورية عام 2006 و الذي سنتكلم عن أفعالها ضد مشاريع بشار الأسد الآن..

منذ ذاك الحين و أسلمة سوريا و تعريبها تسير على قدم و ساق، عرّبوا سوريا، حذفوا تاريخ إميراطوريتها الآرامية و الآشورية و الفينيقية، اضطهدوا كل من لا يمت للعرب بصلة خاصة الجبهة الآرامية و الحزب الآشوري الديمقراطي و الأكراد عامة! إلى أن وصل الأسد الابن للحكم، و أعلن عن مشروعه الذي عُرف باسم " ربيع دمشق " وحين شهدت البلاد بعض الإنفتاح، شعر حزب البعث بخطر لهذه الإصلاحات " العلمانية " فبدأ البعث بالضغط على الأسد لكي لا يلحقهم أي خطر بشهادة قناة العربية التي تدعم الثورة السورية ضد بشار الأسد : من بعد الدقيقة 22

وكدلالة على أسلمة سوريا و تعريبها " رغماً " عن الأسد، فقد أغلقت الإخوانية " نجاح العطار " أخت المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا عصام العطار، معهد اللغة " الآرمية " و الذي كان قد فتحه الأسد تحت اسم " إحياء اللغة السورية الأم " ربما تمهيداً لعلمنة سوريا و إرجاع حضارتها العريقة، التي تبدأ أولاً بإحياء لغتها و نبذ لغة الاحتلال العربي، و علّلت ذلك بقولها : اللغة الآرامية لغة شبيهة باللغة العبرية لليهود! فما هذه الحصانة التي تتمتع بها هذه الإخوانية حتى تقف بوجه الأسد و مشروعه و تغلقه، من ثم تحوّل تلك الميزانية التي كانت مخصصة للمعهد، إلى كلية الشريعة و مدارس البوطي الشرعية و دعم القبيسيات، و دعم بناء الجوامع التي وصل عددها لـ 27 ألف جامع على حساب الدولة السورية المتعددة الأديان و الطوائف، و التي لم تحصل أي طائفة أخرى على دعم مشابه لها؟! من يحكم سوريا يا أصحاب العقول؟

النظام البعثي اليوم؛

النظام مازال يقدّم نفسه " أنهُ النظام العروبي الإسلاموي " الذي يقاتله العربان و الإسلاموين؛ يعتقد أنه قادر بذلك على كسب عطف العربان النازيين، فقد كان في السابق تمر كلمة سوريا، و الشعب السوري، على الإعلام، أما اليوم : الشعب " العربي " السوري! و الجمهورية العربية السورية! الدولة الإسلامية المعتدلة! الخ. و مازال يسجن " أصحاب العقول " العلمانيين، و يُطلق أصحاب اللحى بالعفو الشامل الذي هرونا به، و لم نسمع عن أي فاسد تمت محاسبته رغم زعمهم بأنهم أطلقوا حملة " لتنظيف سوريا من الفساد "، و رغم كل التقارير المثبتة عن تورط بعثيين علانية في دعم الغزاة الإسلاميين الجدد، إلا أنهم مازالوا على كراسيهم، و تم إلزاق كل ما حصل بسوريا بظهر الطائفة العلوية الأفقر في سوريا كلها، بالرغم من أن كل المناصب الكبيرة يتزعمها السنة باستثناء رئاسة الجمهورية التي على ما يبدو و كما رأينا من أفعال البعثيين و الإخوان حلفائهم، لا يُقدّم و لا يُؤخّر!

اليوم يسيرون بحسب الدستور الإسلامي العروبي الجديد، الذي سبق لهم و ادعوا أنه سيكون عصري و منصف للشعب السوري كله، فلا أكراد أخذوا حقهم في بلدهم، كما وعدوهم، و لا آراميين و لا آشوريين و لا مسيحيين و لا مرشديين و لا إسماعليين و لا غيرهم!

اليوم و كل يوم نشاهد على إعلامنا البعثي النازي، مهرجين بعثيين، يتكلمون عن " ديمقراطية البعث " و آخرون يقولون بأن الكلام عن التنوع الثقافي و الديني في سوريا كذبة كبيرة، لأن سوريا 90% منها عربية إسلامية! فمتى تنتهي هذه النازية البعثية في سوريا؟!

الآن يستغلون التوتر الطائفي في البلاد، فأطلقوا شيخ " علوي " اسمه موفق غزال و هو بمجلس الشعب البعثي، ليجمع العلوية تحت بسطار " الراعي " تمهيداً لاستمرار ثقافة القطيع التي عمل عليها البعث طيلة حكمه، فالانفتاح على الآخر، عدو كبير للبعث، و العلوية طائفة منفتحة على الآخر لا تتبع ثقافة القطيع و الراعي كالسنّة، فهل هي محاولة جديدة لإحياء الأسلمة القديمة التي عمل عليها البعثيون حين أجبروا العلوية أن يصبحوا تحت ظل الشيعة ليترأس الأسد العلوي السلطة؟! فها هم يجسون النبض عبر استفتاء إلكتروني عن مشروع " مجلس إسلامي علوي "! [ لاحظوا أن كلمة إسلامي تسبق كلمة علوي، مثل كلمة عربي تسبق كلمة سوري ]!

إلى من يؤيد هذه النازية : كيف ترفض الغزاة الجدد رغم أن من تؤيدهم لا يختلفون عن هؤلاء بشيء؟ بل معظمهم منشقون عن النظام الذي تؤيده؟ أليس البعث النازي هو من أوصلنا لهذه الحرب القذرة عبر تحالفه مع البدو في الخليج الذين أرسلوا لنا شيوخهم على مرأى ومسمع الجميع في النظام، لوهبة مسلمي سوريا أكثر من بطونتهم و تقبيسهم، و تحالفهم مع الإرهاب الفلسطيني المسمى حماس و فتح، و تحالفه مع العثمانيين الذين يحتلون أرضنا، و كله على حساب الوطن و المواطن؟!

استيقظوا؛ سوريا تضيع، فانقذوا ما تبقى منها!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها