عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

المرأة المقنعة وآبار النفط، هما رمزا السعودية المعاصرة .

فقد أدت ذكورية المجتمع ، والقراءة الضيقة للشريعة الاسلامية الى ابقاء المرأة في حالة من العزلة والإبعاد في الوقت الذي حصلت فيه المرأة على أغلب حقوقها في العالم .

أما في السعودية ، فليس للمرأة الا الذل والهوان ، مهما تكن جنسيتها أو وضعها الاجتماعي . وأمورها في تدهور عوضا عن أن تتحسن.

تخضع السعوديات للدونية التي حكمهن بها القرآن ، ولنعدد أربع نقاط رئيسة يظهر فيها ذلك بكل بوضوح:

 

1- ميراث المرأة نصف ميراث الرجل، حسب القانون الاسلامي . كما ترث الزوجة نصف حصة الزوج في حال وفاته (هكذا وردت في الكتاب) بالمقابل، يحصل الأرمل على الضعف في الحالة ذاتها . ويبرر غلاة المدافعين عن القرآن ذلك بأن الرجل يتحمل في الاسلام نفقات اضافية تتمثل في اعالة من تبقى من العائلة.

2-شهادة الرجل أمام المحكمة تعادل شهادة امرأتين على اعتبار انها أكثر عرضة للتأثر وتغيير الرأي . في حال الطلاق، على المرأة التي تريد الانفصال عن زوجها أن تبرر طلبها، بينما يكفي الرجل ان يلفظ كلمة الطلاق ليكون له دون أية أسباب. أما بعد الطلاق أو وفاة الزوج فلا تحتفظ المرأة بأولادها الا حتى سن السابعة يؤولون بعدها الى حضانة الزوج أو عائلته، ومع انه يحق للأم زيارة الطفلة ، فانه غالبا ما يرفض ذلك خاصة اذا كانت اجنبية الجنسية.

 وتزيد القراءة الذكورية للقرآن من سوء حالة المرأة في المملكة . فهي ليست فقط كائناً ((قاصراً)  و(( عاجزاً)) ، وانما تثير الشبهات أيضاً، وعلى الرجل مراقبتها دائما . وقد بني القهر الذي جعل المرأة تابعة لرجل أو عائلة ، أحكامه على هذين الاعتبارين.

3- الارتياب يسود نظرة المجتمع السعودي للمرأة . ويعود هذا الشعور الذي لا يُعلن عنه صراحة الى أهواء المرأة الجنسية كما عبر عن ذلك أحد الأئمة السعوديين في خطبة له على شاشة التلفزيون ، عندما قال: (( الجن يختبئ تحت عباءتها) ، وهي هذه الشياطين الشريرة التي تجعل منها مصدر مشاكل اذا ما تُرك لها العنان . هل توصلت (الوهابية) انطلاقا من هذه النظريات الى تشريع (الختان) ، كما يقال هنا؟ ان أجوبة علماء الفقه السعوديين تبقى غامضة حول هذه النقطة . وهم يقولون ، بالاستناد الى حديث: ان محمد حين سألته امرأة عن هذه العملية الوحشية نصحها بأن لا تعرض نفسها لجروح بالغة . وهم يستخلصون من ذلك ان الاسلام لا يشجع ولا ينصح بالختان ، على انه لا يمنع ذلك أيضاً.

4- الفصل بين الجنسين يمكن ان يُنظر اليه كوسيلة لحماية المرأة ليس فقط من أهواء نفسها ، وانما أيضا من تحرشات الرجال . من هذا التكالب على محاربة الاختلاط . ونذ نعومة أظفارهم ، يُفصل البنون عن البنات ويدوم ذلك كل فترة التعليم . كما تحاط مدارس البنات بأسوار عالية يراقبها باستمرار رجال الشرطة . ولا تخرج الطالبات عادة الا اذا جاءهن المرافق المخصص لهذا الغرض وباذن الأهل . وما حادثة الحريق والذي ذهب ضحيته العشرات من الفتيات، بسبب منع الدخول الى المدرسة للغير ، الا جريمة بحق الانسانية. وفي الجامعات تخصص لهن قاعات خاصة منفصلة عن قاعات الطلاب ويستمعن الى المدرس عبر شاشة تلفزيون داخلي . وعندما تتخرج الطالبة من الجامعة فانها تعيش أيضاً في عالم نسائي خالص.

 يقف على رأس هذه المعركة ضد الاختلاط ، (المطاوعون) ، وتجد استطالاتها السوريالية في الأمكنة العامة . فالحدائق العامة ، وحدائق الحيوان لها أوقات زيارة محددة لكلِ من الجنسين على حدة. اما المطاعم فهي تخضع لرقابة البوليس الديني الصارمة . وكثيرا ما تغلق هذه المطاعم ابوابها خشية الاصطدام مع المطاوعين .  وما تبقى عادة ما يرفض استقبال النساء بمفردهن . فقط مطاعم الفنادق الكبرى ما تزال تستقبل الأزواج في جو مريح وقبول ولهذا يمكن أن نفهم لماذا تجني المطاعم ارباحا كبيرة في المملكة.

على غرار ذلك يمنع على المرأة ارتياد الفنادق بمفردها . ------هكذا وتحت غطاء الحفاظ على الاخلاق ، تُسمم حياة المرأة اليومية بهذا الاهتمام المرضي الذي يمارسه عليها المطاوعون . 

تُرغم المرأة هنا على ارتداء العباءة والحجاب الكامل ، وذلك لحمايتها من نظرات الرجال ولحماية الرجال من الوقوع في براثنها من جهة ثانية. كما يحاول المطاوعون تطبيق ذلك على النساء الأجنبيات . عندما تُسأل السلطات السعودية عن هذا الموضوع ، تلجأ الى المراوغة قائلة انه ليس هناك ما يرغم المسلمة على ارتداء الحجاب ، انما عليها فقط الالتزام بقواعد الحشمة والتواضع في لباسها.

 القرآن ذاته لا يعالج هذه النقطة بدقة، فالآية 59 من سورة الأحزاب ((يا ايها النبي قل لأزواجد وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما)) يبدو وكأنها تنصح بالحجاب لتفادي ما يطلق عليه اليوم اسم (التحرش الجنسي).

المرأة ممنوعة من قيادة السيارة ولا حتى الدراجة. وقد قامت 49 امرأة من ارقى العائلات ، وبينهن حفيدة مؤسس الوهابية ، بخرق هذه القاعدة اثناء ازمة الخليج عام 1990 ، في مظاهرة شهيرة في قلب الرياض . وقد اثار ذلك غضب رجال الدين الذين طالبوا الحكومة بمعاقبة الجانيات . وبالفعل تم ايقاف هؤلاء النسوة عدة ايام وصودرت جوازات سفرهن ، كما طردت العاملات منهن من وظائفهن . ثم اصدر مجلس الأئمة فتوى جاء فيها ان قيادة المرأة للسيارة يخالف السلوك الاسلامي ، وتبع ذلك حملة اعلامية على العابثات بالنظام وعلى عائلاتهن بتحريض من المطاوعين . السيل من المخابرات الهاتفية الغاضبة ورسائل الاقذاع والاهانة ورشق الجانيات بالحجارة نماذج من الضجة والاستنكار التي نجحت الشرطة الدينية في اثارتها عند المحافظين في المجتمع السعودي.

تحتاج المرأة السعودية ايضا الى اذن سفر اذ لا يحق لها السفر لوحدها . كما ليس بمقدورها متابعة دراستها في الخارج دون ان يصاحبها ولي امرها وقد جاء قرار المنع عام 1977 بعد قصة الحب الشهيرة التي جمعت طالبين يدرسان في الجامعة الأمريكية في بيروت: الأميرة مشاعل حفيدة الامير محمد بن عبد العزيز ، ومحمد الشاعر ابن شقيقة وزير الاعلام الحالي(تاريخ الكتاب). وقد انتهت هذه المغامرة التي عاشها الاثنان علانية رغم تحذيرات الأهل الصارمة ، نهاية مأساوية كما نعرف. فلدى عودتهما الى السعودية ، تم اعدام الفتاة رميا بالرصاص بينما قطع رأس الشاب . وقد حول التلفزيون البريطاني هذه القصة الى فيل شهير جر عليه غضب السلطات السعودية التي استدعت السفير البريطاني وأبلغته أنه (شخص غير مرغوب فيه) وطردته.

واذا ما أضفنا الى كل ما تقدم ان النساء ، كالرجال. لا يملكن أية حقوق سياسية ، لا نبالغ اذا قلنا ان السعودية هي البلد الذي تلقى فيه المرأة اسوأ معاملة في العالم . فحتى في ايران تتمكن المرأة من العمل والتصويت وقيادة السيارات مما يجعلها اكثر تقدما في هذا المضمار . وليس استخدام الاسلام الا خدعة كبيرة ،  فهل تخالف سوريا والجزائر وتونس تعاليم الاسلام؟ وهل يكون الاسلام في الارض التي تقوم عليه اقدس معالمه، أداة لتخلف المجتمع؟.

هناك احتقار لحقوق الانسان وحقوق المرأة ، وما تزال السلطة المالكة تُغرق البلد في جو القرون الوسطى لاحكام سيطرتها عليه أكثر!

هل تحرك الغرب أو توجه بالنقد لما يجري  من انتهاك لحقوق البشر هنا؟

ان الوزراء الامريكيين والاوروبيين ينسون، بمجرد ان تحط اقدامهم هنا، انسانيتهم وارتباطهم بالقيم التي تقدمها حضارتهم . ويبدوا وكأنهم قد عقدوا مع الاسرة المالكة حلفا مبطنا : فمن جهة توزع السعودية ثرواتها ، وتضمن بقاء سياسة متوازنة لأسعار النفط . وبالمقابل تستفيد من حماية الغرب وغضه الطرف عن كل هذه الانتهاكات لحقوق الانسان .

عمولات، تقابلها انتهاكات، نتيجتها صمت مطبق.

 للحديث بقية: الاسلام بين النفاق وانفصام الشخصية.

من كتاب السعودية الديكتاتورية المحمية

جان ميشيل فولكيه

اصدار ميديويست للنشر

منشورات اليان ميشيل

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها