سلام حار إليكم أيّها الأخوان في أرض
الحضارات
أهنّئكم على موقعكم الثقافي هذا الذي علمتُ به عبر موقع التنظيم الارامي
الديموقراطي في السويد.
وقد أعجبني عرضكم لموضوع علاقة الخط السرياني السطرنجيلي بالخط العربي
الكوفي الخ......
وأودّ أن أبدي رأي فيه، كما يلذّ لي أيضاً، طرح بعض الأمور عليكم.
1
لستُ
أدري ما إذا كان مفيداً زجّ رأي " بعض علماء العرب " في موضوع إنبثاق الخط
العربي- الكوفي من السرياني أم لا،.... إذ تقولون بنظريّتكم
:
" ...فإنها
لا تذهب إلى تولد الخط الكوفي من السرياني، وهو يقولون: إن الخط المسند
اليمني خطان جنوبي ويسمى الحميري، وشمالي (ويسميه المستشرقون بالصفوي،
والثمودي، واللحياني)، وعن الصفوي تولد النبطي، وعن هذا تولد الحيري
والأنباري وعنه تولد الحجازي، وعن الحجازي تولد الكوفي، وهو أصل الخطوط
الحالية.
إن الفرق بين النظريتين، أن المستشرقين يستبعدون أن يكون الخط المسند
اليمني شمالي وسيطاً في أخذ عرب الحجاز خطهم عنه بواسطة الخط الحيري، وذلك
فيما يبدو، لسببين، أحدهما أن الشبه ضعيف بين الخطين، بينما هو قوي بين
الخط الكوفي والسطرنجيلي المشتق من السرياني"
إنّني أعتقد أن جميع من درس نمط الخط الكوفي _ وقد أوضحتم الأمر لاحقاً في
مقالكم القيّم لغويّاً- يعي أنه مشتقّ من الاسطرنجيلي (الذي يعني أكثر ما
يعني : المدوّر)، بحيث أنّ تلك النظريّة العربيّة القائلة بأنّ الخط
الكوفي لم يتكوّم من السرياني، تجعل الناقد العلمي يبتسم بعض الشيء في
محاولة أولئك الأخوان- العرب تسريب تلك النظريّة الهزيلة في تسلسل اللغات
من بعضها البعض) والمدّعية بأنّ الخطّ الكوفي ناتج من المسند= سواء كان في
الشمال أو الجنوب)، وكأنّنا نعلو قيمةً إذا ما سرّبنا تلك النظريّة (في
محاولة لتعظيم الدور العربي في مسيرة الأبجديّات...، أو ربّما، لحصر بدء
انيثاق الّلغة العربيّة من غير الآراميّة).
وبكلمة
أخرى، أستطيع أن أتقدّم بنظريّة تخصّني (في اعتقادي ...) بأنّ جدّي كان من
المساهمين في اكتشاف البارود...، لكنّن تبقى نظريّتي هزيلة أمام الرأي
العلمي العام الذي لا يعبأ بي وبنظريّتي..
ولو لم أكن أقدّر لكم مقالكم، لما أتيتُ على ذكر هذا النقد اللغوي. وفي
كتبي، أعطي لقيصر ما لقيصر ولله ما لله، وأبتعد عن ضعضعة رأي القرّاء في
هذا المجال اللغوي، وذلك لتسهيل إيصال المعلومات لهم بأقل النظريّات
المعتمدة.
إنّ الرأي الدولي المعتمد في جميع جامعات العالم وغير الخاضع لميول دينيّة
أو عرقيّة، يعتمد على هذا الجدول التالي
:
2
لا يُشبه المسندُ بأيّ شكل من الأشكال، الخطَ العربيَ (إلا إذا كان الغدّ
لناظره قريب !)، وإنّما يُشبه العديد والعديد من الخطوط المتواجدة في زمن
بزوغه؛ وإليكم شرح مبسّط، إلى جانب جدول بها للايضاح (دون نيّة لي بالجدل
البيزنطي) عرضتُه على قرّائي في كتبي (الآراميّون : قوميّة ولغة 3 أجزاء/
السريانيّة للجميع 6 ـ أجزاء لتنويرهم في أسبقيّة الأبجديّات والكتابات
القديمة
:
ونفتح هنا ببعض الاسهاب، الهلال اللّغوي – التاريخي، مستندين إلى الباحث
نفسه المذكور أعلاه ...وغيره بالطبع، لنعلم القرّاء الطامحين إلى دراسة أصل
الّلغة في الصحراء العربيّة، أنّ كتابات العربيّة الجنوبيّة المدوّنة
والواصلة إلينا إلى قبيل الاسلام بقليل، كانت في فترة ال :449-542
ميلاديّة.
ويعلمنا جرجي زيدان في : " العرب قبل الاسلام، ص. 215 "، أنّ أهل اليمن حضر
من أقدم زمانهم، ولم يُطلق عليهم اسم العرب قديما". ومن ذلك قول ملك من
ملوك حمير لأحد البدو : " ليس عندنا عربيت " ( إقرأ المرجع ياقوت، معجم
البلدان،4/60، مادة " أظفار"، وعربيت يريد بها العربيّة في لغة حمير). وهو
قول قديم يشير إلى أن أهل اليمن في عهد مملكة بني حمير، لم يكونوا عربا"،
ولم يتّصفوا بصفات العروبة التي لم تكن إلاّ في البادية. إنّ ياقوت الحموي
ينقل الينا كتابة" من على جدار سور في "أظفار"، عاصمة الحميريين، نسبة أهل
اليمن إلى شعوب أمّتها من كلّ ناح ما عدا الناح العربي. إنّ لغات المنطقة
الجنوبيّة لم تتّصف يوما" بالعربيّة، وخاصة" بالمعنى المتداول اليوم. كذلك
قلم هذه اللغات، فهو لا يشبه بشيء قلم اللغة العربيّة المعروفة اليوم، ولا
القلم العربي المتداول يشبه بشيءقلم لغات اليمن القديمة المسمّى : "
المسند ". الرجاء التمعّن بالجدول اللغوي اللاحق للتاّكد من هذا القول
اللغوي. فإذا كان القلم المسند يشبه اللغة العربيّ بشيء، فإننّا نقبل بكلّ
مبالغات المتعصّبين لأيّة أبعاد تُوصلنا إليها، ذلك أنّه قد يُشبه أيّة
كتابات أخرى، نذكر أكثر من خمس منها إلى جانبه، من أن يُشبه الخط العربيّ.
فلماذا يصر البعضُ على أنّ اللغة اليمنيّة القديمة، هي عربيّة ؟
وتوضيحا" للغموض الذي يسود عند البعض في بزوغ التدوين المسندي اليمني،
وجعله في طليعة الأبجديّات، فإنّنا نعلمهم أنّ الرأي العلمي لا يوافقهم
ميولهم الشخصيّة في هذا المجال، سيّما وأنّ المتّفق عليه أكاديميّا"، هو
أنّ الوجود الأولّ للتعبير الكتابي كان في الخطّ المسماريّ السومريّ-
الأكاديّ
( Écriture cunéiforme : Suméro- Akkadienne )
البارز قبل الألفيّة الثالثة السابقة للميلاد، الذي انبثق منه التدوين
الهيروغليفي
( HIÉROGLYPHIQUE )
الفرعوني (لا العربيّ!) مباشرة"
( Filiation directe )
حوالى الألفيّة الثالثة ق.م.، الذي بدوره اّدى إلى نشوء خطيّن :
الخطّ
أو " الكتابة " اللبنانيّة الجبيليّة – البيبلوسيّة
(Syllabique, ouest- sémitique Filiation par influence ou analogie )،
-
غير المفكّك بعد غموضُها- في منتصف الفترة ما بين الألفية الثالثة
والألفيّة الثانية ق.م. من جهة، والخطّ أو " الكتابة " البرو- كنعانيّة
( Proto- Cananéen )
حوالى الألفيّة الثانية ق.م. بتأثير مباشر وغير مباشر
( Filiation directe / Filiation par influence ou analogie ).ومن
هنا، بتوجّه مباشر، بدأت تحصل نشأة الّلغة – الأبجديّة – الفينيقيّة،
القديمة الطراز
(Phénicien archaïque)
من جهة أولى، والمحاولة الأوغاريتيّة
(Ugaritique) (
وما شابهها) من جهة ثانية، وخطوط " المسند " اليمني
(Sud-arabique)
من جهة ثالثة، في حقبات زمنيّة متشابهة فيما بينها (حوالى منتصف الفترة بين
الألفيّة الثانية والألفيّة الأولى ق.م.)، ذلك الخطّ اليمني الذي أدىّ إلى
بزوغ الخطّ الحبشي التقليدي في الحقبة نفسها الذي انبثق الخطّ النبطي (بعد
الميلاد) أو اللاتيني، أو العبريّ من الكتابات الآراميّة، الخ...، كما أدّى
الخط الحبشي التقليدي إلى بزوغ الكتابة الأمهريّة (الحبشيّة) فيما بعد
(بمساواة شبه مماثلة زمنيّا" لنشأة العربيّ المعاصر أو العبري المعاصر أو
الفارسي المعاصر)، الخ...
ولا
بدّ من الايضاح أنّ العبارة : " الآراميّة " – حسب البعض - ما هي إلاّ
تعبير للدلالة على مختلف الاصطلاحات : كنعانيّة، فينيقيّة، الخ...، كونها
في نهاية المطاف، ضمن منظومة واحدة بأسماء متفرّقة.
لذا، نرجو الطالب مطالعة ما جاء في أصل نشأة الأبجديّة في العالم، في كتاب
المؤرّخ الأكاديمي جون ف. هيلي
( John F. Healy : the early alphabet, 1990, B.M.C. ltd = Les débuts de
l’alphabet 2005, Seuil )
الذي يُدرّس في بعض جامعات أوروبا، حيث تُذكر أهمّ خطوط وأبجديّات العالم
وتحدّر بعضُها من البعض الآخر. ولطالبي المعرفة المقتضبة –السريعة، نعود
فندوّن الجدول – بالفرنسيّة – لمن يرغب بتلك المعلومات
).
3
في ما يخصّ ذكركم أيّها الأخوان العلماء، لقول الدكتور السامرائي
:
(يقول الدكتور " إبراهيم السامرائي " في مقال له في الثقافة السريانية ما
يلي: " أما كتابة اللغة الآرامية فأقدم قلم يعرف لها هو القلم الفينيقي،
وقد وجدت كتابات آرامية به في شمالي إنطاكية، وفي خرائب نينوى، وجزيرة
أسوان في مصر، ويرتقي عهد أقدمها إلى القرن الثامن قبل الميلاد
)....
سؤالي وتعليقي في آن واحد
:
*
إذا كنّا نريد أن نوازي- بشكل عام - اللغة الآراميّة باللغة الفينيقيّة (
ولستُ أعارض ذلك بشدّة...نظراً لتقارب أبجديّة الفينيقيّة بالأبجديّة
الآراميّة بشكل كبير جدّاً ) بالقلم الفينيقي الأقدم، لقلتُ إنّ القلم
الفينيقي موجود في بيبلوس/ لبنان، على قبر الملك أحيرام، وذلك في زمن أسبق
بكثير ممّا كتبُه الدكتور السامرائي، وتحديداً إلى القرن الحادي عشر قبل
الميلاد، علماً أنّ أقدم كتابة فينيقيّة ( كنعانيّة) تعود إلى ما بين
الألفيّة الثالثة ق.م والألفيّة الثانية ق.م، وهي غير مفسّرة بعد كلّياً .
إنّها ساميّة غربيّة، غير واضحة المعالم. وقد أوردتُ في كتابي : السريانيّة
للجميع الجزء الأوّل، الصفحة ( 31 ) ما يلي
:
*
وقد استخدم الآراميّون الأحرف الفينيقيّة (كما هو واضح
في نقوش حماة ودمشق..) في زمن يعود إلى القرن التاسع ق.م. ، إلى أن اعتمدوا
أبجديّتهم الأسهل بعد قرن (القرن الثامن ق.م ).....وهو معروف نقش الملك
كلمو باللغة الفينيقيّة في سمأل في القرن التاسع، على أّنّ أقدم الكتابات
الآراميّة تعود إلى الحقبة الممتدة بين القرنين العاشر ق.م. والتاسع ق.م.
(دوبونت سومر، الآراميّون، ترجمة البير ابونا، بغداد 2004، ص 76)؛
وكتاباتملكارت المكتوبة بلغة آراميّة خالصة - صرفة، تعود إلى النصف الأوّل
من القرن التاسع ق.م.......(راجع : آراميّة العهد الجديد : منشورات المجمع
العلمي/بغداد/العراق. د. يوسف متي قزي ، كلّية اللغات/جامعة بغداد – ومحمد
كامل روكان/كلّية الآداب/ جامعة القادسيّة).
4
أخيراً وليس آخراً : وقولكم أيضاً
:
وأقدم الكتابات السريانية التي بقيت لنا هي كتابات قبور نقشت على أحجار،
ويرجع الباحثون أقدم هذه النقوش إلى النصف الأول من القرن الأول، وقد كتب
عليه (ص د ن . م ل ك ث ا) أي الملكة صدان، وقد عثر عليه سنة / 1863م / وهو
محفوظ الآن بمتحف اللوفر في باريس.
والنقش الثاني غير مؤرخ أيضاً كالنقش السابق، إلا أن الباحثين يرجعونه إلى
القرن الثاني، وهو أطول من النقش السابق، وقد كتب عليه ( ا م ش م ش ا ت ت
هـ د ش ر د و ب م ع ن و )، وهو منقوش على برج قائم في خربة بجهة سمين فيما
بعد بدير يعقوب، واقعة في الناحية الجنوبية الشرقية من الرها، وكان ( فون
هلموث موتكيه
Von Helmuth Moltke )
أول من لفت الأنظار إلى وجود هذا النقش في سنة / 1839م...)
تعليقي على المقطع الأوّل
:
إنّ معلوماتي تدلّ على أنّه عُثر على الآثار الكتابيّة الأولى لسريانيّة
الرها في الرُها ودورا وضواحيها، على الساحل الغربي من نهر الفرات، وبيرتا
وسدين في تركيا، وقرب مدينة حماة في تركيا، وحتّ في القدس، ويرتقي تاريخ
بعضها كما مثلاً هي الحال في نقش عُثر عليه في بيرجيك، إلى سنة 6 ميلادي
!
فهل أنّ ذلك هو ما عنيتموه في تلك الفقرة لكم ؟
5
قلتم في مقالكم المذكور، للاعلام، ما يلي
:
السرياني الغربي: وضع في القرن التاسع مختلطاً بالسطرنجيليلي لسهولة
استعماله، ولم نزل نميزه حتى أمسى قائماً بنفسه في أثناء القرن الثاني عشر،
ومن الممكن أن يكون القلم المسمى السرطا، وبه نكتب الترسبات، ولم نزل عليه
واقتصرنا على السطرنجيلي لنزين به رؤوس الفصول.
ومن أقلام الخط السرياني التي اختصت بها بعض البلاد، الأنواع التالية
:
المدرسي (اسكوليثا): وهو قلم المصاحف والتحرير المخفف، ويقال له : الشكل
المدور، ونظيره قلم الوراقين في ما قال ابن النديم / 987م / في "الفهرست
ص18".
•
الدقيق
•
المقطع
•
الأكري أو الأغري
•
المضاعف أو المثنى
الجمرى : نسبة إلى دير جمر الذي بناه ناسك نسطوري حوالي سنة / 670م / وورد
ذكره في كتاب العفة لـ يشوعد ناح البصري طبعة بيجان / ص506 /، وذكرت هذه
الأقلام في كتاب مصون في خزانة بطريركية الكلدان بالموصل/عدد 111
تعليقنا المحبّ إليكم : هل تستطيعون الافصاح عن نوعيّة تلك الأقلام
السريانيّة بشكل أوضح ؟ ولمَ لا تدوّنون الخط السرياني المناسب إلى جانب
كلّ قلم ليُصار إلى فهم نوعيّته كما فعلتم بالخط الاسطرانجلي والسرطو
المذكورين في المقال الخاص بكم !؟
وهنا أورد ما دوّنّاه في الجزء الثاني من " السريانيّة للجميع "، عسى يكون
ذلك مفيداً لمن يرغب، وعسى تجيبوننا على نوعيّة الأقلام
السريانيّة....لنتكامل بالمعرفة في هذا المجال
:
انّه يصعب جدّ"ا جدّ"ا على المطّلع باللغات الساميّة وغيرها، الجزم في
العديد من أنواع اللهجات الآراميّة وأنواعها، لا سيّما القديمة منها.
ولئلاّ نولج القارىء في متاهات لغويّة وعقائديّة لا تفيد قضيّتنا بشيء،
فانّنا نورد في مجال اللهجات رأينا باختصار، معلمين قرّاءنا بما يلي
:
أ –
هناك على حدّ العديد من البحّاثة، (ومنهم مثلا" المطران اقليمس داوود في
كتابه المذكور ( اللمعة الشهيّة، ص.121 )، أو الدكتور أبو عسّاف أيضا"...)
من يورد أنّ أقلام اللغة الاراميّة هي (13)، فيذكرون الأبجديّات هذه على
النحو التالي ( والهلالان لنا في هذه التصنيف المستعار
:
1
القلم
السومريّ. انّه نفسه الذي استعمله اليهود في السامريّة وفي كتاباتهم
العبريّة دوما". ( انّه قديم العهد، وان بالطبع ليس بقدميّة الخطّ
الفينيقيّ).
2
القلم الفينيقيّ. ( القرن ما قبل الحادي عشر
).
3
القلم التدمريّ. ( حوالى القرن الأوّل للميلاد
).
4
القلم النبطيّ. ( أسّست دولة الأنباط سنة (169 ) ق.م. ولدينا كتابات لها
تعود إلى الفترة ما بين القرن الأوّل ق.م. ولغاية القرن الثالث وحتىّ
الرابع م. وقد قلنا في بعض كتاباتنا أنّهم من العرب.
ويلذّ
لنا تذكير القرّاء باّنّه في سنة (633) أو سنة (634) م. بعدما احتلّ خالد
بن الوليد الحيرة - وهي كلمة سريانيّة
ܚܪܬܐ
وتعني القصر – ساّل الفاتح العربي رجلاً من سكّانها، عبد المسيح بن بقيلة
قائلاً له :
" أعرب أنتم أم نبط " وقد عنى بكلامه آراميّين، فأجابه عبد المسيح ببلاغة،
وفصاحة، وعلم، ما جعل الوليد يستشكل الأمر :
"
نحن نبط استُرعبنا، وعرب استُبنطنا ".
وهذا
يدلّ على مدى الامتزاج في الأنباط، بحيث أنّنا قد نوافق قولالدكتور يوسف
متي قوزي والاستاذ محمد كامل روكان في كتابهما القيّم : " آراميّة العهد
القديم " عندما يعلماننا أنّ الأنباط هم مزيج من الآراميّين ( لغتهم كانت
الآراميّة )، والعرب ( أطلقت عليهم العبارة الآراميّة- السريانيّة :
عربايا، لغالبيّة عرقهم ولتكلّمهم بالعربيّة أيضاً )، واليهود، والفرس
)
5
القلم البابليّ. ( انّه القلم الذي اكتسبه اليهود في زمن السبي الثاني – اذ
انّ السبي الأوّل حصل على يد الملك الآشوريّ سرجون عام 721 ق.م. – الى بابل
سنة 587 ق.م.، وما زالوا يستخدمونه حتّى يومنا هذا.
انّه
القلم الآشوريّ كما يحبّ البعض تسميته. وبشأن الجلاء ( السبي/ المنفى )،
يعلمنا المرجع "المحيط الجامع في الكتاب المقدّس والشرق القديم " أن عمليّة
السبي تمّت تبعاً لعدّة مراحل :
في زمن تغلث فلاسر الثالث ملك آشوريا في سنة (734)، ثمّ في سنة ( 732 )،
ثمّ في زمن القائد الأكاديّ سرغون الذي سيطر على السامريا سنة ( 721)، ثم
في زمن القائد سنحريب الأكاديّ سنة (701)، ثمّ في زمن الملك أسرحدون وآشور
نيبال في القرن السادس، وأيضاً في زمن نبوخذنصّر البابليّ سنة (597) دون
نفي الكهنة، وسنة (587 )، وأخيراً في سنة (582).
6
القلم الاسطرنجليّ ( حوالى القرن الأوّل الميلاديّ. والبعض يصنّفه متحدّرًا
شكلاً من " المربّع "؛ وانتهى انجازه كلّياً في القرن الخامس ليسود في
القرنين السابع والثامن م.، وحتّى القرن الخامس عشر م).
7
القلم العاميّ المشتقّ من الاسطرانجليّ.
8
القلم الكلدانيّ ( انّه قريب من الاسطرانجليّ الذي انبثق منه. استعمله
اليهود بعد القرن السادس عشر).
9
القلم الغربيّ. ( انّه السرطو
" Sèrṭö "
الذي استنبطه يعقوب الرهاويّ بعد مؤتمر خلقيدونيا، أي في القرن السابع م.؛
وقد راج استعماله بعد القرن السادس عشر، وهو الأكثر استعمالا" اليوم).
10
القلم الملكي للروم ( في بلاد الشام).
11
الخطّ الملكيّ المشتقّ من الاسطرانجليّ، الخاص بالملكيّين في فلسطين.
12
القلم المندائيّ ( أي الصابئين ). والمندائيّون ( الصائبة ) هم أتباع مار
يوحنّا المعمدان.
الخطّ العربيّ ( المشتقّ من النبطيّ).
6_
أخيراً وليس آخراً : أشكر لكم فضلكم في تعميم ما ذكرتموه بصدد اللغة
الآراميّة- السريانية، وأستغلّ الفرصة لأعبّر بصراحة فائقة ما هو حاصل في
أيّامنا هذه بشأن اللغة السريانيّة
.
أ -
إنّه مؤلم كليّاً أن يعلمنا رئيس الطائفة السريانيّة، البطريرك زكا عيواص (
واسمه في المعموديّة " سنحريب " = يا أخي القمر، أكثر من الأخوة ) أنّ
الدماء التي تجري في عروق السريان هي عربيّة
!!!!
_ هذا يُشبه زعم العرب في الصحراء بأنّ الدماء التي تجري في عروقهم هي
بيزنطيّة !!!!؛ وقد علّقنا مطوّلاً على قوله في كتابنا " الآراميّون..."
ب40 صفحة، للتاريخ. أين الوفاء للجذور ؟
ب_
في مقدّمتكم العزيزة على قلبكم (أي ال : " تمهيد ")، بدا وكأنّ تقارض
اللغتين السريانيّة والعربيّة هما شقيقتان عملتا كلّ منهما على دعهم الأخرى.
_ في الواقع، العراقة بينهما هي كالأمّ والأبنة، سيّما وأنّ هناك ما لا
يقلّ عن 1300 سنة في بزوخ خطّيهما عن بعضهما البعض (والمراجع هي بالعشرات
لتأكيد ذلك، وأنتم لا شكّ تعرفونها كلّها)...
_ السريانيّة إنقرضت بسبب سيطرة العربيّة عليها كلّياً لعدّة أسباب لا تريح
دوماً قلب السريان، سيّما وأنّ أهمّ ناطق بلسان حالهم، كان ابن العبري
بقوله :
فكان الانتقال من السيّء إلى الأسوأ (مذكّراً إيّانا بالنير البيزنطي على
السريان المشرقيّين ورغبتهم بالتحرّر من الحكم البيزنطي- الروماني الظالم.
فاستقبلوا الفاتحين العرب بفتح أبواب دمشق لهم– ولذا كُتبً أنّ الفتع
العربي لدمشق كان يسيراً (سهلاً) - ، لكنّ ذلك كان على حساب لغتهم التي
راحت رويداً رويداً تتقهقر لتحلّ محلّها اللغة العربيّة، تلك اللغة
الآراميّة الأمبراطوريّة
( Araméen d’empire )
التي عُرف عنها أنّها اللغة المحكيّة
= Lingua franca
والدبلوماسيّة أيضاً في المشرق الآرامي وقتئذ، من بلاد
الفرس، إلى أرمينيا، إلى بحر الروم..(..
ج_
لو عمل السريان فعلاً على المحافظة على لغتهم، لما أصبحت في حال نزاع كما
هي عليه اليوم. أنظروا إلى جميع المؤسّسات في لبنان وفي الغرب، فإنّها شبه
ميتة، تدّعي المحافظة وتنشيط السريانيّة وهي براء من كلّ ذلك.
لم
تدر يوماً ما عليها أن تقوم به لنجدة تراثها ولغتها. ولقد أوضحنا ذلك كلّه
في كتبنا دون الاختباء وراء الأصبع ورشّ الياسمين والعطور كما فعلوا وما
زالوا يفعلون. ولا يضحكنّ ويسخرنّ أحد عليكم بقوله إنّه يفعل شيئاً لاحياء
التراث السرياني.
من ثمارهم تعرفونهم. ولذا، وطالما لا نطمح نحن إلى أيّ منصب سياسيّ، أو
زعامة روحيّة.....، فإنّنا اجتهدنا – بعد إتمام رسالتنا في الطب وعلم النفس
وطبع 55 كتاباً بصددهما– بوضع 13 كتاباً في اللغة السريانيّة (بإشراف
الملفونو العصامي إيليا عيسا حفظه الله للوطن) والقوميّة السريانيّة – دون
مسايرة أو مقايضة مصالح...- ، ثمّ
|