حوار ساخن عن الفيدرالية :
الأب كميل مبارك ، يُصارِح في الصميم
10-1-2010
حلقة "فكّر مرتين" ، على أو تي في ، يوم 4/1/2010 ، وما دار بها من
نقاش وطرح أمور ، أمرٌ لا بدّ من التوقّف عنده . فلسنا في صدد تقويم
الحلقة ، وإعطاء الطرح الأنسب او الخروج الى نتيجة مُرضية ، أو علاج
لمرض أو حل لمشكلة (لا هربًا ، بل التزامًا بمنهجية المقال) ، بقدر ما
لفتنا ، الصراحة والجرأة الكبيرة والفكر الواسع – لطالما تحلّى بها
الأب مبارك- بما نادى به .
لسنا بصدد تقييم ما قاله الاب مبارك ، ولا بوارد التأييد أو المعارضة ،
أو المسايرة أو التجاهل . بل نحن في صدد أن نضع ذواتنا في حضرة الجرأة
والواقعية والصدق والصراحة .
فالسياسيّون في بلادنا ، يلتزمون بتسويات الى حد المساومات ربما ،
حفاظًا على سلطتهم وزعامتهم وشعبيّتهم ومصالحهم ، وهناك غيرهم يحافظون
على وضعية "التدجين" والمسايرة ، خوفًا من شيء ما واحترازًا من خطر ما
.
وحده ، خرج الأب مبارك - وهنا لا أناقش مضمون ما قاله- من تلك العقد
والآفات كلّها ، ليجابه ويقول ، ويحتدّ ويناقش ويطرح ، بكلّ صراحة
وجرأة وقوة .
بغضّ النظر عن ما قاله الأب مبارك ، لأنه يحتاج ، الى مناسبة أخرى
للكلام عن المضمون ، يمثّل هذا لكلام إنتفاضة قوية في نفس الإنسان
أولاً ، ثمّ المسيحي في لبنان .
السياسيون ، لا أمل منهم ربما ، بعد تجربة من عشرين سنة بعد الطائف ،
فالطبقة السياسية تجدّد لنفسها تلقائيًا بتحالفات متناغمة وغير متكافئة
. ولكننا نحتاج من يرفع الصوت ، ويصيح ويضع النقط على الحروف . نحتاج
من يضع الإصبع على الجرح ، حيث الوجع والألم والمعاناة والاذية . نحتاج
من يقول الصدق بصراحة دون مواربة أوتحفظات . نحتاج الى الحل الموجود
الذي لا يقوله أحد .
وأريد أن أسأل هنا :
ألا يوجد حلولاً لمشاكلنا السياسية الموروثة منذ سنين وعقود وقرون ربما
؟
ألا يوجد حلولاً لمشاكلنا – إن وجدت- الطائفية والمذهبية ؟
ألا يوجد حلولاً لمشاكلنا الاجتماعية والإقتصادية والمعيشية ؟
ألا يوجد حلولاً لمشاكلنا التربوية والتعليمية والقِيَمية ؟
ألا يوجد حلولاً لمشاكلنا الأخلاقية والثقافية ؟
ألا يوجد حلولاً لقضايانا الكنسية والدينية والتنظيمية والطقسية ؟
بلى ، يوجد حلول ، وحلول كثيرة . ولكن نحتاج ، الى نموذج الأب كميل
مبارك ، من الصراحة والجرأة ، ليكشف الأمور ويطرح الحلول وينزع القشور
، ويدخل الى العمق ، فينكشف أصل المشكلة ، ويعطى الحل الأمثل ، بكل
تجرّد وشفافية وواقعية .
مشكلتنا في لبنان ، من أي موقع كان هي التالية : كل مسؤول ، أيًا كان ،
يضع الحق على غيره . ثمّ يعرف الحل لخير نفسه وغيره ، ولكن يخفيه ، من
أجل البقاء في السلطة (ولا أعني فقط السياسيين بل كل وظيفة لها بُعد
اجتماعي) ، والنهم منها "والتطنيش" عن كل ما هو مأزوم ومهترئ .
فعسى أن نأخذ من جرأة الأب كميل مبارك ، ونصارح على الملأ ، دون
الإختباء وراء الإصبع ، حتى نكون على افضل حال .