مقالات سابقة للكاتب
طارق الحميد
tariq@asharqalawsat.com
الاعتراف
بالحكومة السورية المؤقتة
أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن «فرنسا ستعترف بالحكومة المؤقتة
لسوريا الجديدة ما أن يتم تشكيلها»، والحقيقة أن هذا أقل ما يمكن
تقديمه للثورة السورية، كما أنه الحد الأدنى المعقول للرد على جرائم
عصابات الأسد بحق السوريين، وهذا ما يجب أن يقوم به العرب، والغرب،
أيضا.
فعندما تقوم عصابات الأسد بقصف دمشق، وسائر المدن السورية، بالطائرات،
ويعلن أحد قيادات الحرس الثوري الإيراني أن بلاده قامت بإرسال ضباط،
وقناصة، وجنود مشاة، لدعم الأسد ضد الشعب السوري، وعندما يتم الإعلان
عن أن عدد القتلى في سوريا قد تجاوز 27 ألف قتيل، ونرى طفلا سوريا لم
يتجاوز العام الواحد وقد أصيب برصاصة من عصابات الأسد، ونجد يوميا أن
عدد القتلى السوريين على يد عصابات الأسد يفوق المائتي قتيل، فما الذي
يتبقى ليتحرك المجتمع الدولي، وقبله العربي، لإنقاذ السوريين من عصابات
الأسد؟ أمر محير بالفعل، خصوصا أن البعض يتحدث عن الحل السلمي، ورفض
التدخل العسكري، وآخر من تحدث بذلك، عربيا، هو الرئيس المصري، مما
يستوجب التساؤل حول كيفية إنقاذ السوريين، ووقف آلة القتل الأسدية،
طالما أن المجتمع الدولي، وقبله العربي، لم يقم بأي خطوات فعلية ملموسة
تشعر الأسد بأن لا أمل له مهما فعل، كما أن لا أمل لإيران لاستخدام
أنصاف الحلول بسوريا؟
ولذا، فإن أقل ما يمكن تقديمه للثورة السورية الآن هو ما اقترحه الرئيس
الفرنسي في خطابه أول من أمس حين قال إن بلاده ستعترف بالحكومة المؤقتة
لسوريا الجديدة لحظة تشكيلها. ويجب ألا يتم الاكتفاء بذلك وحسب، بل لا
بد أن نرى الآن - وتحديدا عربيا، والجميع من دون استثناء، ومن ضمنهم
السعودية ودول الخليج ومصر - استقبالا علنيا لقيادات المجلس الوطني
السوري المعارض، وقيادات الجيش السوري الحر، وهم على مستوى عال من
الجدية، وعدم الاكتفاء بلقاءات يقوم بها صغار الموظفين. بل لا بد من
رسالة واضحة، وعلنية، للأسد وإيران، مفادها أن اللعبة قد انتهت، وأن ما
يحدث في سوريا جريمة، وليس «سوء تفاهم» بين الشعب والنظام، كما يقول
وزير المصالحة الأسدي، في تصريحه الأخير المثير للشفقة!
هذا أقل ما يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي، وبالتحديد العرب اليوم،
لكنه لا يعني، بأي حال من الأحوال، أنه الحل الوحيد المطلوب، بل إنه
الأمر الملح الآن، وبأسرع وقت، لتكون الرسالة واضحة سواء لإيران أو
غيرها ممن يحاولون تمييع المواقف في الأزمة السورية، وخصوصا من يقولون
كلمة حق يراد بها باطل، من حوار، وعدم تدخل عسكري، وخلافه. فالاعتراف
بالحكومة السورية المؤقتة الآن، واستقبال القيادات السورية المعارضة،
وبشكل علني، وعلى أعلى المستويات، يعني أن الجميع قد تحرك فعليا لمرحلة
ما بعد الأسد، كما أنه يعني فعليا أن لا مجال اليوم لتطبيق أنصاف
الحلول، أو محاولات لبننة سوريا، وتمكين إيران من بسط نفوذها في أرض
الشام، وبأي شكل من الأشكال.
ملخص الحديث هو أن الاعتراف بالحكومة السورية المؤقتة أقل ما يمكن فعله
الآن لإرسال رسالة واضحة للجميع، مفادها أن لا أمل لمجرم دمشق |