عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

فارس خشّان

 تعريف: فارس خشّان كاتب ومحلل سياسي لبناني

 


السنّة وألاعيب عون وحزب الله

بتناغم مع "حزب الله"، قرّر العماد ميشال عون أن يخوض معركته الإنتخابية تحت عنوان " الخطر السني"، مثلما كانت قوى 14 آذار قد خاضت إنتخابات العام 2009 تحت عنوان " شودرة لبنان".

وعلى هذا الأساس ، تنصرف الدعاية العونية الى إثارة مخاوف المسيحيين، من خلال المزايدة في ادعاء حمايتهم، الأمر الذي فضحه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في مجلس الوزراء عند مواجهته للوزير جبران باسيل، طالبا منه الكف عن المزايدة، لأن السير بها غير ..حكيم.

ولا يترك العونيون شاردة وواردة ،بما في ذلك اعتماد التزوير، من أجل تكريس الإنطباع بصحة ما يدّعون.

وفي هذا السياق، يمكن فهم الترويج لرسالة الرئيس فؤاد السنيورة المزوّرة التي يظهر فيها بأنه داعية "جهاد"، كما يفهم الترويج لمغالطة كبرى تقلب العداء المستحكم بين القيادة السعودية وبين تنظيم القاعدة الى " حلف مقدس"، كما يفهم إهمال المواقف التعايشية لكبار الشخصيات السياسية والدينية السنية لمصلحة مواقف بعض الهامشيين التقسيمية، الذين يجعل الإعلام العوني من بعضهم نجوما، كما يفهم تذكر الأمين العام لـ"حزب الله" في خطابه في " أربعين الحسين"، وبعد سنوات طوال، استهداف بعض المسيحيين على أيدي "المجموعات التكفيرية"، حتى بدا وكأنه يستعد لتقديم صورة "مزوّرة" مفادها أن حزبه ، ومن خلفه الجمهورية الإسلامية في إيران، هو الحامي الجديد للمسيحيين في الشرق.

والخطر في هذه الدعاية يتضخم عندما يأخذ منحى " أنتي- إنساني" يتمثل في الموقف من النازحين السوريين الى لبنان، إذ إن هؤلاء أضحوا مجرد ساتر يخفي وراءه تدفق مجموعات " إرهابية" إلى لبنان.

لا تقيم هذه الدعاية أي اعتبار للعقل، فهي تأتي ، بعيد حملة شنتها هذه الدعاية بالتنسيق مع المخابرات السورية تشكو من أن لبنان هو من يرسل هكذا " إرهابيين" الى سوريا لمساندة " المجموعات المسلحة" فيها.

ولكن، بما أن الدعاية السياسية تحلّل أي شيء خدمة لشعار مزيّف، فلا بأس أن يتحوّل المتهم بالتصدير الى متهم بالتوريد، لأن الأهمية تكمن، حصرا، في " شيطنة" هذا الحدث الإنساني.

ولكن القائمين بهذه الدعاية السوداء، لن يحصدوا سوى الرياح، وهي تجتاحهم وتجتاح بلادهم، فإثارة هذه الموجة من الكراهية ، لأسباب سياسية، في هذا الزمن، هو كلعب طفل في النار، داخل غرفة نومه.

موجة الكراهية هذه، تأتي في زمن مستنفرة فيه عواطف الطوائف في الشرق، حيث تشكّل الطائفة السنية أكثرية ساحقة ماحقة.

هناك شعور لدى هذه الأكثرية بأن ثمة حلفا للأقليات يتكوّن بقيادة إيرانية ، وبموافقة إسرائيلية، هدفه تطويعها وإخضاعها وإذلالها.

شعور بدأ يترجم نفسه في انتفاضة الأنبار في العراق، وفي مسعى توحيدي في الخليج، وفي مؤازرة ما يسمى تطرف في أكثر من بلد ومكان، من بينها لبنان، وفي اشتباكات المنتمين الى خط واحد، كما يحصل في نزلة صيدون في صيدا، بعد أسابيع عن انفصال " أنصار الله" عن "حزب الله".

ولا يمكن كثيرا الإطمئنان الى مواعظ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن وجوب وأد الفتنة السنية – الشيعية في مهدها، فهي بالنسبة لغالبية السنة مواعظ خبيثة، فنصرالله ، هو المسؤول الأول، عن أثارة الفتنة من خلال قيادة ضرب الإعتدال، فهو من يستعمل سلاحه لـ" الإستكبار"، في كل مكان، وهو المسؤول الأول عن تنفيذ خطة الإطاحة بالرئيس سعد الحريري وتياره عن السلطة، والإتيان بنجيب ميقاتي الذي بالكاد يمثل نفسه رئيسا للحكومة، وفق نموذج سوري- إيراني حاول في يوم من الأيام أن يحوّل شخصا مثل أميل لحود، ممثلا وحيدا للمسيحيين.

ويدرك اللبنانيون، ممن لا ينجرفون مع الدعاية السياسية السوداء، أن ادعاء قوى 8 آذار يتقدمها "حزب الله" وعون الإصلاح هو تزييف مطلق، بأبعاد طائفية.

يستند هؤلاء الى مثل صارخ يتمثل في طريقة التعاطي مع المفتي محمد رشيد قباني.

بتمويل من "حزب الله" وبمساندة من عون، شنّت قوى 8 آذار حملة شعواء ضد المفتي على اعتبار أنه " فاسد" و" سارق".

كانت خلفية الهجوم مواقفه الداعمة لقوى 14 آذار.

يوم انجرف الرئيس فؤاد السنيورة الى " فخ الإصلاح"، ووافق على تشكيل لجنة تحقيق بمزاعم الفساد، تراجعت قوى 8 آذار عن اتهاماتها، وعملت الى جذب قباني الى صفوفها.

وبات قباني، فجأة ، " الصالح الأكبر" عند "حزب الله" وعند عون وعند واجهات الحملة عليه ، ونقصد بهؤلاء الرئيسين عمر كرامي وسليم الحص، ومعهما أمثال عبد الرحيم مراد.

وتأسيسا على كل ذلك، فإن الدعاية العونية هي أخطر ما يمكن أن يتعرّض له لبنان، في هذه الفترة الدقيقة، فأمثال جبران باسيل يمكن أن ينفعوا على المنابر، ولكن لا قيمة لهم على المعابر، وأمثال ميشال عون يمكنهم أن " يتمرجلوا" بعبارات سوقية، ولكنهم ، بالخبرة، ما حصدوا إلا الهزائم لهم ولأتباعهم وللمسيحيين الذين باسمهم يتحدثون.

الدعاية السوداء التي يبرز العونيون في طليعة القائمين بها، هي الخطر الحقيقي على لبنان، في المسألة السنية.

ومن يدقق جيدا، يجد أن السنة في لبنان، بغض النظر عن انتشارهم السياسي وعن هواهم الحزبي، يوحّدهم شخص واحد بالقرف، هو العماد ميشال عون، يقرّبهم شخص واحد باستنفار العصبية، هو السيّد حسن نصرالله.

ولمن يتكئ على فائض القوة، عليه أن يستخلص العبرة من الملحمة السورية.

البطش مهما طال فإنه كالكذب...حبله قصير!
 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها