طرابلس والغطاء الرابع عشر
الوضع في طرابلس أحجية لبنانية.
والأحجية، متى كانت أمنية وعسكرية، تعني ، بعرف أصحاب الخبرة، لعبة
مخابراتية قذرة!
للمرة الرابعة عشرة، منذ خروج جيش النظام السوري من لبنان، في العام 2005،
تندلع الإشتباكات العنيفة في طرابلس، ويطالب الجيش اللبناني بغطاء سياسي
للدخول الى المدينة المفتوحة أصلا أمامه، لأنها جزء لا يتجزأ من مجال عمله
ومن مجال سيادته!
ماذا تراه كان يفعل الجيش اللبناني ،في المرات السابقة، وممّن كان يطلب
غطاء ليخرج منها، ولماذا كان يخرج منها طالما أنه يعتبرها بقعة ساخنة وبقعة
ملتهبة وصندوق بريد إقليمي؟
وما هي مهمة الجيش في طرابلس التي على أساسها يطالب بغطاء سياسي، هل هي
الفصل بين المتقاتلين مع عدم مساءلتهم على التقاتل، وهل هي منع الظهور
المسلح، لفترة مع إبقاء السلاح للإستعمال لاحقا؟
ولماذا يتم ربط التفجير في طرابلس بالعامل الطائفي، فهل العامل الطائفي
يستكين أشهرا ليعود فينفجر أياما، وفق توقيت مريب!
وكيف يتم ربط التفجير بمجريات الثورة السورية، طالما أن التدهور في طرابلس
سابق للثورة، بكثير، ومن ينسى محاولة بشار الأسد أخذ وكالة دخول الى طرابلس
في العام 2008، من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، لوقف التدهور؟
وكيف تسكت الدولة اللبنانية على مسارعة العواصم الغربية ووكالات الأنباء
العالمية على اعتبار ما يحصل في طرابلس هو انتشار للثورة السورية إقليما،
فهل الأسد يحكم في لبنان؟ وهل الجيش اللبناني هو مثل كتائب الأسد معادية
للشعب ولحرياته؟
طرابلس التي يقتل أبناؤها ويهجرون وتحرق منازلهم ومحالهم، دوريا، هي ضحية
لمسألة أخرى ، غير تلك التي يتم الحديث عنها.
هي ضحية " شيطنة" الإسلام في لبنان وسوريا، خدمة لنظام ديكتاتوري قمعي
قاتل.
قبل الثورة، كان نظام الأسد، يستدرج عطف العالم، من بوابة طرابلس. هو
وحلفاؤه سلّحوا المجموعات المتقاتلة الأولى. سلّحوها بالخفيف فيما سلّحوا
جبل محسن بالثقيل، ليتمكن من خلق توازن رعب، إن فلتت الأمور من أيادي
المخططين. ومن بين هذه المجموعات من لا يزال يوالي النظام السوري، ولا يزال
محميا من "حزب الله".
مع اندلاع الثورة ، نظروا الى طرابلس، وجعلوها صندوق بريد، لإقناع العالم
بأن نجاح الثورة هو نجاح للإسلام المسلّح.
ومع وصول النظام الى مرحلته الأخيرة، تمّت الإستعانة بطرابلس، لترسم صورة
إسلامية للثورة وداعميها.
وفي الحكم اللبناني عموما وفي طرابلس خصوصا من يتآمر على عاصمة الشمال من
أجل بشار الأسد. الجيش الذي يترك المدينة، فجأة، يحتاج الى أيام للعودة
اليها، حتى يوفر لنفسه ما يسميه غطاء سياسيا. وحين يدخل يتصرف وكأنه قوة
فصل وليس قوة حسم. يتعايش مع المسلحين ومع السلاح، خلافا لطبيعة الأمور
وخلافا للقوانين المرعية الإجراء.
دخول الجيش اللبناني، للمرة الرابعة عشرة الى طرابلس، لن يغيّر شيئا، لأن
حيثيات الدخول الحالية مثلها مثل حيثيات الدخول السابقة.
في لحظة معيّنة ستعود طرابلس الى لغة الموت، لأن من بيدهم إتاحة المجال
للحياة يتقاعسون... ويتآمرون!
|