عن أحوال حكومة
جسر الشغور
كتبها فارس خشّان الاثنين, 08 أكتوبر 2012
على وقع قرار الحسم الذي اتخذه بشار الأسد، في جسر الشغور، تشكلت حكومة
نجيب ميقاتي، بعد أشهر من تسميته، تنفيذا لقرار الحسم الذي اتخذه بشار
الأسد، في لبنان، ضد قوى 14 آذار عموما وضد سعد الحريري، خصوصا!
كان بشار الأسد يعتقد بأنه يملك قدرة الحسم حيث يشاء، في كل من لبنان
وسوريا!
لديه ثقة دائمة بأجهزته البطاشة في كل من لبنان وسوريا.
في لبنان لديه "حزب الله" الذي يُدرك الجميع إستعداداته الجُرمية، ولديه
مرتزقة يعرف الجميع إستعداداتها لبيع روحها قبل وطنها.
في سوريا لديه عسكر وشبيحة ودبابات وطائرات وسفَّاحون.
وتوالت الأيام والأشهر، وإذا بثوار سوريا ينقلبون على الحسم ويبسطون
سيطرتهم على جسر الشغور، بقوة أكبر من تلك التي كانوا عليها، سابقا. أسلحة
كتائب الأسد أصبحت بيد الثوار. دباباته. مدفعيته الثقيلة. المواقع
الحسّاسة. المدى الجغرافي الإستراتيجي. طرق الدعم.
لم يبق لبشار الأسد في جسر الشغور السورية، سوى التقهقر.
وحال بشار الأسد مع " جسر الشغور " اللبنانية، ليست أفضل.
من سمّاه رجله في لبنان، أي نجيب ميقاتي، يتبرّأ منه. أينما تحدث يحاول أن
ينفي أي صلة له ببشار الأسد، وكأن " صديق الثروة" أصبح طاعونا. أصبح مذلّة.
لا يهم إن كان ميقاتي، الذي يهرب من الموقف السياسي الى " القصائد " السمجة
عن عشقه لمدن لبنان، وعن أطروحات عقيدة النأي بالنفس في حكومة متورطة حتى
أذنيها بالدماء السورية، سواء عبر عسكر "حزب الله" و " الحزب السوري القومي
الإجتماعي" أم عبر " عنتريات" ميشال عون، ( لا يهم) إن كان يتواصل مع
الأسد، بواسطة شقيقه الأكبر طه وابنه عزمي، لأن الأهم هو هذا التبرؤ من "
طاعون الشام" !
أما رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي كان سابقا على تواصل أسبوعي
مع الأسد، فأحسن الإفادة من ملف ميشال سماحة التفجيري، ليفجّر جسوره مع
الأسد، الذي تحوّل عبءا على الشخص وعلى الموقع وعلى السمعة وعلى التواصل
الدولي وعلى الثقة الداخلية.
وحالة وليد جنبلاط في التعامل مع الأسد، هي حالة فجّة بوضوحها. من استعان
به " طاغية دمشق" في بداية الثورة لجذب تأييد دروز سوريا، سارع الى التملص.
لم يحتمل وليد جنبلاط مشهد بشار الأسد. إستعمل لسانه وتخلّص منه. لاحقا،
هرب طلال إرسلان. بقي له، بالكاد، وئام وهّاب!
ومحمد الصفدي، الذي وُعد بأنه التالي في نادي رؤساء الحكومة بعد نجيب
ميقاتي، يئس، حتى من إمكان أن يعود نائبا. ذهبت طموحاته بذهاب جسر الشغور
من سطوة بشار الأسد.
وميشال سماحة، الذي اعتبر الزمن زمنه، والساحة ساحته، أُدخل الى السجن،
ومعه نشرت أسماء بينها علي مملوك وبثية شعبان، على "صنوبر بيروت".
وسليمان فرنجية، باتت رحلات صيده، بعيدا عن السمع، طويلة جدا!
سقطت حكومة جسر الشغور.
لكن "حزب الله"، كما يحاول أن يمنع سقوط بشار الأسد في سوريا، يحاول أن
يمنع سقوط هذه الحكومة في لبنان.
في سوريا ، يستعمل فرقا مقاتلة. في الحكومة يستعمل فرقا قاتلة. كثيرون
يحدثونك عن هذه الفرق في الخفاء، لكنهم يخشون من بطشها إن خرج سرّهم الى
العلن!
ماتت حكومة جسر الشغور، لكنها حُنّطت، ومنع دفنها!
جثة هذه الحكومة، راحت تنعكس سلبا على البلاد. كل النوائب في أوجها: فحيح
الطائفية. إنعدام الأمن. شلل الأجهزة. فراغ المؤسسات. فرار السيّاح. قرف
الناس. هروب الإستثمار.
ولكن هذه الجثة على ما تنتجه من ويلات ومصائب للبلاد، فيها رحمة للمستقبل.
جثة تأكل محنطيها. تأكل داعميها. تأكل كل من فيها.
نجيب ميقاتي، بتلك الصفات السيئة التي سمحت بإيصاله الى رئاسة الحكومة، إن
لم يستلهم طريق محمد الصفدي، فهو يكون قد اختار طريق سليم الحص!
ميشال عون، بتلك الإنتهازية الفاقعة، إن صمد في الساحة، فلن يكون أكثر من
طلال إرسلان ماروني!
ميشال سليمان، بدأ يستلهم تجربة كميل شمعون. سار على دربه الى الأروغواي،
وسيعود على دربه الى لبنان. فتى العروبة الأغر، تحوّل الى رأس حربة، يوما!
"حزب الله" يبقى قويا، لكن، صورة المافيا، تلتصق به أكثر فأكثر، حتى لو
حاول أن يستعيد قناع المقاومة!
ولكن في ظل هذا المشهد، ثمة مشكلة في 14 آذار. مشكلة تمنعها من حصاد
إيجابيات للبلد.
صراع الأحجام فيها، كأنه على سباق، مع صراع الحقائق للوصول الى الأحلام.
هؤلاء أسقطهم بشار الأسد. 14 آذار قد يسقطها الطاغية الذي في نفس كل من
زعمائها وأحزابها!
سقطت جسر الشغور. سقطت حكومة جسر الشغور. وحده الشغور في 14 آذار يمنع
لبنان من أن يملأ كل...شغور!
|