عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

فارس خشّان

 تعريف: فارس خشّان كاتب ومحلل سياسي لبناني

 


دفاعا عن " الجمهورية" في مواجهة القضاء


كتبها فارس خشّان الثلاثاء, 28 أغسطس 2012
لو كانت صحيفة " الجمهورية" ، تصدر في غير هذا اللبنان، لكنتُ أوّل من طالب بملاحقتها، لأنها أقدمت على نشر مستندات من ملف تحقيق سرّي، خارقة بذلك المانع القانوني، الذي وضعه المشترع لاعتبارات كثيرة، تبدأ بسلامة التحقيق ولا تنتهي بقرينة البراءة التي يتمتع بها كل ملاحق قضائيا، حتى ثبوت العكس.

ولكن، بما أن " الجمهورية" تصدر في هذا اللبنان بالذات، فلا بد من الوقوف معها ضد أي ملاحقة قضائية، على خلفية نشرها وثائق سرية تتصل بملف ميشال سماحة!

هذا الموقف المدافع عن " الجمهورية" لا علاقة له بتورط ميشال سماحة والجهة التي ينتمي إليها وحجم الجريمة المسندة إليه، إنما يتصل بأمور كثيرة، لا بد من سرد معظمها:

أولا، إن شيئا لا يقي ملف ميشال سماحة من التأثر بالضغوط سوى نشر الوقائع والحقائق، كما هي. لا يستطيع القضاء الإدعاء بأنّه لن يتأثر بتدخل مسؤول من هنا وحزبي من هناك ومخابرات من هنالك، فهو ، وفق المدير العامة للأمن العام وكثير من سياسيي الثامن من آذار، أفرج عن شادي المولوي، ليس لأن ملفه " نظيف" بل لأن السياسيين أرادوا ذلك!

ثانيا، إن ما أقدمت عليه " الجمهورية" واستدعى، بطلب سياسي، تحريك القضاء، لا يعتبر أخطر من نشر إسم المخبر السري في قضية سماحة. المخبر ، قبل التحقيق ، يحمل حصانة القضاء، ليس لشخصه فحسب بل لتشجيع اللبنانيين أن يكشفوا المؤامرات التي يمكن أن تتم دعوتهم الى المشاركة بها، أيضا. بمجرد كشف هوية المخبر السري ميلاد كفوري في ملف سماحة تكون قد سقطت السرية عن كل الملف. إن عدم التحرك قضائيا لملاحقة من رفع السرية ، عنوة عن إسم المخبر، يسقط قانونية كل ملاحقة بحق صحيفة " الجمهورية".

ثالثا، إن نشر وثائق من ملف ميشال سماحة، لا يستدعي هذا الإستنفار، طالما أن ما هو أخطر، لم يقابل بكلمة إعتراض واحدة أو بملاحقة قضائية واحدة. وهنا يستحضر الجميع، على سبيل المثال لا الحصر، ذاك التسريب الممنهج الذي وقف وراءه سماحة و"حزب الله" والمخابرات السورية، بما يتعلق بملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. بثت الإفادات السرية تلفزيونيا، ونشرت صحافيا، وأخذت إفادات الشهود، وعرضت على الشاشات وشهر بها في الصحف، وبعد ذلك، جرى كشف قائمة الشهود المعتمدين من الإدعاء العام في المحكمة الخاصة بلبنان وأماكن عملهم وسكنهم، في عملية لا يفهم منها سوى تهديدهم بأن يتحوّلوا الى شهداء.. الشهادة.

رابعا، إن الصحف التي يعتمدها "حزب الله" شاركت جميعها في نشر التحقيقات التي كانت تجري مع من يعتقلهم "حزب الله" وينسب إليهم جرائم التعامل مع العدو، حتى قبل أن يصبح هؤلاء بعهدة مديرية المخابرات وبالتالي القضاء العسكري.

إن ما يحصل في هذا اللبنان، لجهة خرق سرية التحقيقات، أكثر من أن يحصى، ولذلك، فإن استفراد "الجمهورية" بإبداء الحرص على سرية التحقيق، يعني مسألة خطرة، وهي أن جميع الضحايا والملاحقين الآخرين، هم بلا حقوق، وميشال سماحة بصفته من المخابرات السورية، هو ...محصّن!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها