عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

فارس خشّان

 تعريف: فارس خشّان كاتب ومحلل سياسي لبناني

 


فارس خشّاناقرأ المزيد...

 

 

 

فارس خشّان


بَلى...إفرحوا


 الثلاثاء, 31 يوليو 2012 

في تلك اللحظات السعيدة التي حملت إلينا نبأ مقتل مجموعة صغيرة من كبار سفّاحي النظام السوري، أطلّ علينا "زعرانهم" بالعظات والإرشادات الأخلاقية.

قالوا لنا ووجوهم شاحبة: عيب أن تفرحوا!

بيننا من صدّق. كبت فرحته. كبت كلمته. كبت شكره.

بيننا من لام نفسه. بيننا من استغفر الله على فعلته.

أنا لم أفعل.

لما أزل فرحا. لما أزل أحمد. لما أزل أنتظر أكثر. لما أزل أطمح في أن تتطهر أرضنا وعيوننا وذاكرتنا وقلوبنا من رجسهم واقترافاتهم وجرائمهم وحقاراتهم وما تركوه وراءهم من عثث ووسخ !

عندما تخلو الأرض من العاطفة تصبح امتدادا للجحيم، وعندما تخلو الغرائز من حلم الإكتفاء يصبح الوعد بالجنة...وهم!

وأنا لن أعيش بلا عواطف ولن أكون أسير عظات من بهم عطب!

عندما يكون اخلاقيا ان يحزنوا هم على جلادينا، من حقنا ان نفرح نحن، بمقتلهم!

فكما الحزن عاطفة كذلك هو الفرح!

لا تصدقوهم. لا تكبتوا عواطفكم، فالفرح بمقتل سفاح فيه نبل كما الحزن عليه فيه كل السفالة!

من حقنا ان نرجو المزيد.. من حقنا ان نرى الارض نظيفة منهم..ومن جيناتهم...

ان لم نفعل، لن نحصد سوى غضب الله!

تذكروا دعاء امهاتكم وعجائزكم حين كانوا يقتلوننا ويعتقلوننا ويرجموننا ويشتموننا ويذلوننا ويقصفوننا ويجوّعوننا ويعطّشوننا ويقطّعوننا اربا اربا!

كم كانت الصرخات تعلو الى السماء متضرعة ان " يفرجيهم يوما" وان "يحرق قلوبهم على اولادهم" وان " يقطع نسلهم" وان " يبيدهم عن وجه الارض"!

دعاء القلوب المحروقة متى استجيب له، لا يكون مجرد ثرثرات، بل يكون بخورا وصل رحيقه الى السماء، فحلّ شيء من عدالتها على أرضنا!

وحده المجرم يستقبل العدالة بحزن أو بصمت. الضحايا يفرشون لها بساط الأهازيج والتهليل والتكبير!

والفرح بمقتل سفّاح مدرسة الإنسانية لأجيال مقبلة من الحكّام!

فرحنا يعلّمهم أنهم إن اقتدوا بمن سبقهم سيجعلون من موتهم مطلبا ومسعى ورحمة !

فرحنا سيريهم أنهم إن قَتلوا قُتلوا، وإن شربوا نخب تصفيتنا سنحوّل يوم مقتلهم الى أعياد!

فرحنا سيثبت لهم أن الله صنع الحرية وهم إن صنعوا العبودية حرقوا بنيران الغضب والثورة !

فرحنا سيؤكد لهم أن ما من ظالم إلا سيُبلى بأظلم، وأن من أخذ بالسيف بالسيف سيؤخذ، ومن أن يوم المظلوم أبقى من كل أيامهم!

فرحنا أرقى من أجسادهم البالية. فرحنا ممحاة لصفاتهم ولسلوكياتهم ولإجرامهم ولحرقتنا ولمظلوميتنا!

فرحنا هو العقل الكامل. هو قمة الخلقية . هو ذروة الإنسانية!

إطاعة القاتل ومجاراته ومداراته ومرافقته والإنصياع له والحزن عليه، هي الغباء وهي السفالة وهي الغنمية !

تنظيف الأرض من بعض سفاحيها، لا يرد عليه بالسؤال عن الغد، فالغد، مهما ساء، لن يكون بسوء هذا الأمس الطويل ، لأن الحرية تملك القدرة على تطهير نفسها، فهي تملك في مكوّناتها الترياق، تماما كالديموقراطية التي تعالج أمراضها بمزيد من الديموقراطية.

ليحزن من يحزن، فهم موتى يدفنون موتاهم!

نحن نفرح ورجاؤنا أن تكتمل هذه الفرحة!
 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها