عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

فارس خشّان

 تعريف: فارس خشّان كاتب ومحلل سياسي لبناني

 


مواقيت الصلاة حسب... حزب الله

الجامعة الأنطونية ، ليست مقصدا جديدا لسكان الضاحية الجنوبية لبيروت، وبالتالي لمؤيدي "حزب الله"، بل هي خيارهم، منذ فتحت أبوابها، كما هي الحال بالنسبة لمدرسة المعهد الأنطوني في بعبدا.

وخلال السنوات السابقة، لم تطرح إشكالية الصلاة في الجامعة، بل كان الجميع يسلّم بأن هذه الجامعة، هي جامعة مسيحية وتديرها رهبنة لبنانية عريقة.

في المقابل، أثبتت إدارة الجامعة أنها تحترم خصوصية "حزب الله"، فكانت تصر على توفير حضور فاعل لأتباعه في الجامعة، مقدمة ما يلزم من دعم للتحالف القائم مع الحالة العونية، مكرّسة نشاطاتها لهذا التفاعل، سواء بالمواضيع المطروحة للنقاش أم بنوعية المحاضرين، الأمر الذي سبق له وشجع كثيرين من الهيئة التعليمية على إبراز معاداتهم لقوى الرابع عشر من آذار عموما، ولبعض رموزها الوطنيين خصوصا.

ولكن، فجأة تذكر مناصرو "حزب الله" واجباتهم الدينية، وضرورة أداء الصلاة.

لماذا الآن؟

لا وثائق يمكنها أن تعين على تقديم جواب حاسم، ولكن المعطيات السياسية المتوافرة، تؤكد أن قيادة "حزب الله"، ومنذ بدأ التململ في الطائفة الشيعية، من تجاوزات كوادر في "حزب الله" ، ومن بروز طبقة أبناء المسؤولين المصابين بالفساد، قررت استعادة شارعها بالشعار الديني، تماما كما حصل في بدايات نشوء هذا الحزب، ومع انتهاء حرب تموز التدميرية وانكشاف هول الكارثة التي سببها " الوعد الصادق" بأبناء الطائفة الشيعية.

وفي التجربتين نجح الحزب في شد عصب غالبية أبناء الطائفة الشيعية إليه، وها هو يكرر، مجددا، سيناريو الجذب نفسه.

وقبل قرار الصلاة في الجامعة الأنطونية، كان لافتا أن نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، وبعده ناطقون كثر باسم "حزب الله"، بدأوا التركيز على التنشئة الثقافية ، وفق مفهوم الحزب المذهبي لها، بحيث باتت مقاومة إسرائيل، والغرب من خلالها، تعني مقاومة الثقافة الغربية، بادئ ذي بدء، في استعادة كاملة للخطاب الثوروي الإيراني، الذي كان قد بدأ فرض ثقافته، بإغلاق الجامعات مع انتصار الثورة الخمينية.

في خضم ، ذلك، إستذكر مناصرو "حزب الله" في الجامعة الأنطونية واجب أداء الصلاة، من دون إعارة أي اهتمام للحالة العونية التي سيحرجها خروج الحالة القواتية بهذه المسألة الى العلن ، على اعتبار أن الحالة العونية في الجامعة الأنطونية مقدر لها أن تخرج من موقع القرار الطالبي إن تخلى عنها "حزب الله"، وهو من يرجّح كفتها على كفة القوات اللبنانية وليس الصوت الطالبي المسيحي.

وبهذه الخطوة، يستطيع "حزب الله" مجددا التقدم من الطائفة الشيعية، بخطاب لتوكيد الحاجة إليه، كحام للوجود وللعقيدة، وبأن الوضع إذا كان بهذا السوء في ظل توافر السلاح، فما ستكون عليه الحال، من دون "زينة الرجال"؟

ومن حق "حزب الله" أن يعتبر سلوكه هذا جاذبا للمنافع، فالمسلمون الآخرون، سيرون أنفسهم معنيين بما حصل في الجامعة الأنطونية، على اعتبار أن المنع يستهدف الصلاة، وليس أي شأن آخر، الأمر الذي يعيد الى الواقع، في ضوء نهوض الفكر السلفي في الطائفة السنية، التحالف الإسلامي- الإسلامي العريض الذي نادى به النائب وليد جنبلاط ورفضه " تيار المستقبل".

وما يرفضه " المستقبل على قاعدة سياسية سيقبله الآخرون على قاعدة ... دينية.

على اي حال، "حزب الله"، لا يصلّي على مواعيد الإيمان. مواقيته، سواء في التعاطي مع المسألة الدينية أم في المسألة الإسرائيلية، من السياسة إلى السيطرة تعود !

ولكم في الجامعة الأنطونية خير درس!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها