عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

فارس خشّان

 تعريف: فارس خشّان كاتب ومحلل سياسي لبناني

 


الأسد والمنحبكجي

 الجمعة, 21 أكتوبر 2011 

"منحبكجي" وجمعُها "منحبكجية"!

إنها كلمة جديدة تدخل الى القاموس الشعبي، وذلك بفضل الثوّار السوريين.

وتعني هذه الكلمة أولئك الذين يتجمعون ، بطلب من السلطات الأمنية السورية، دعما للرئيس السوري بشّار الأسد، رافعين صوره المكتوب عليها " منحبك".

وجماعة "منحبكجي" مشهورة في كل الأنظمة الديكتاتورية، إذ سجل التاريخ ، بحديثه وقديمه، خروجها الى الشارع، لمناصرة الحاكم المغضوب عليه من شعبه.

و يهدف "المحبوب" من استعراض "المنحبكجية" إلى إفهام المجتمع الدولي أنه يملك شرعية شعبية ، تسمح بإبقائه في السلطة الى الأبد، على اعتبار أن "من خلّف ما مات".

ولكن مدرسة التاريخ علّمت أن "الـمنحبكجية" لا يملكون أي مقوّمات مساعدة "المحبوب"، لأنهم ، بسلوكياتهم المطيعة، يثبتون للعالم كله، مدى بطش الديكتاتور.

فماذا فعل "المنحبكجية" لمعمر القذافي ولصدام حسين ولحسني مبارك ولزين العابدين بن علي ولنيكولاي تشاوشيسكو ولسلوفودان ميلوسوفيتش ؟

لا شيء إيجابيا.

كانت موافقتهم على السير تحت رايات "منحبك"، بمثابة إعتراف منهم بأنهم مصابون بعوارض "عقدة استوكهولم" حيث يحمي المخطوف نفسه بادعاء حبّه لخاطفه.

وكانت موافقتهم على السير تحت رايات "منحبك"، مبررا لإقناع الديكتاتور لنفسه، بصحة اعتماده على خيار القتل والقمع والقصف والتنكيل.

وكانت موافقتهم على السير تحت رايات "منحبك"، دافعا للديكتاتور ليغرق أكثر فأكثر بعشق السلطة المطلقة، فيهمل دروس التاريخ ليشبع غرائزه.

"منحبكجية" الأسد، ليسوا أفضل حالا من "منحبكجية" غيره من الديكتاتوريين. يخرجون من مكاتبهم الوظيفية الى الشارع. يعدون أنفسهم برضى السلطة وتقديماتها. يحظون برعاية أجهزة المخابرات الحاكمة لتحقيق بعض مطالبهم الصغيرة. يثقون بأن سلامتهم متوافرة.

يقبل "المنحبكجية" التباري مع مواطنيهم، بلا تكافؤ للفرص. الآخرون، إن تظاهروا ماتوا أو جرحوا أو اعتقلوا أو نُكّل بهم.

" المنحبكجية" يخسرون احترام ذواتهم، واحترام الآخرين لهم. يقمعون المبادئ والمسلمات. يئدون نداءات التحرر. يُخسّرون أنفسهم سلفا مغامرة صناعة الغد. يضربون مجتمعهم بأيديهم، بدفعهم الثوار، الذين سينتصرون حتما، الى مزيد من التشدد والى مزيد من العنف وإلى مزيد من اللا تسامح.

" المنحبكجية" سيكونون لقمة سائغة في يد الديكتاتور، إن نجا، فهم أقنعوه بأن الطغيان لهم مؤيدوه، الذين كلما افتقروا والوا، وكلما اضطهدوا طاعوا، وكلّما انغشوا ابتسموا، وكلّما صمتوا ارتاحوا!

"المنحبكجية" كانوا في الطرق والساحات وعلى شاشات الإعلام، بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لبنان. عادوا "ثورة الأرز" ووالوا رئيسهم وساندوه ، وكرهوا اللبنانيين وخاصموهم، فماذا كانت النتيجة، غير مزيد من الإستباحة لأعراضهم، وغير المزيد من حرمانهم خيراتهم، وغير المزيد من احتقار كراماتهم؟

لو أن "المنحبكجية" تفاعلوا مع خلفيات الثورة اللبنانية، يومها، لما كانوا اليوم يعانون سكرات الموت، ولما كان كل واحد منهم أصبح رفيق حريري آخر وسمير قصير آخر وجورج حاوي آخر والسبحة طويلة.

ولو أن " المنحبكجية" فهموا أبعاد تلك الثورة، لما كان شبيحتهم يعيثون في بلادهم قتلا وفسادا ورعبا، مثلهم مثل "حزب الله" في لبنان الذي يوزع ثماره القاتلة في سوريا، اليوم.

" المنحبكجية" مثلهم مثل لاحسي المبرد، يتغذون من دمائهم إلى أن تقتلهم دماؤهم، ومثلهم مثل من خلق فراكشتاين ليموت بين فكي فرانكشتاين!

"المنحبكجية" يصنعون ، بخنوعهم ، كل الويلات.

هم يخافون من الصح، فيفترسهم الخطأ. هم يعادون الحرية فيذلّهم الظلم. هم يحاربون الأحرار فينهشهم الطغاة.

"المنحبكجية" مصيرهم كالح. يوم يسقط ديكتاتورهم يُحبطون ويسارعون الى صناعة ديكتاتور آخر، بتذللهم أمام الحاكم الجديد. لا حبهم يحمي ولا كرههم يدوم. مثلهم مثل مياه السواقي ، إما تتبدل مياهها وإما تتعفّن.

لا معيار لهم في قياس الرأي العام، فهم جماعة تذوب في فرد طاغ، وغيرهم كل فرد فيهم يمثل جماعة بأسرها.

كثرتهم قلة، لأنها تفتقد الى معاني التحرر السامية، وقلّة الثوار كثرة لأنها، تختزن الروح الإنسانية.

" المنحبكجية" مياه مالحة، والثوار روح العطر. الكثرة هناك لا تروي، والقلة هنا تفوح في كل الأرجاء!

" المنحبكجية" يتظاهرون محميين، وعندما تحين لحظات الحسم، يتركون ديكتاتورهم في الحفر وفي المجارير!
 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها