عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

بقلم: نينوس صوما اسعد
سويد ستوكهولم


السريانية الكنسية الموسيقا(الجزء السابع والعشرون)

جدل كنسي حول استعمال الآلات الموسيقية (4)

  

بعد أن عرضنا آراء لبعض آباء الكنيسة السريانية الرافضة لفكرة إدخال الآلات الموسيقية الى الكنيسة في اقسام مقالنا "جدل كنسي حول استعمال الآلات الموسيقية"، عرجنا على معالجة رأي معاصر لكاتب سرياني محشو بافكار سياسية على حساب علم الموسيقا والحقائق التاريخية واثبتنا عدم صحة المعلومات التي نقلها، ثم ناقشنا حادثة "يوم طلع البدر علينا" الذي استُحدِثَت مؤخراً واثبتنا عدم صحتها تاريخياً وبأن مبتكريها قد قلدوا الشعانين المسيحية.

ننتقل في هذا الجزء من مقالنا الى عرض رأينا الشخصي في استعمال الآلات الموسيقية كنسياً، وسنقوم بعرض توصيات مهمة حول كيفية استعمالها كي تنسجم مع تراثنا الكنسي الادبي منه والموسيقي ومع مسيرة الكنيسة التاريخية. كما سنعرض ايضاً توصيات اخرى لعازفيها لئلا يقعوا بأخطاء ومطبات تبعدهم عن فكر الكنيسة وتبعد طريقة تعاطيهم للآلة الموسيقية عن خصوصيات الموسيقا السريانية الكنسية وعن اهدافها الإيمانية وعن أهداف نصوص الصلوات السامية.

 رأينا الشخصي في جواز استعمال الآلات

كنا قد عرضنا رأينا الشخصي بشكل مختزل حول استعمال الآلات الموسيقية كنسياً في بداية مقالنا الجزء الرابع والعشرين وكتبنا التالي:

"كما أن على النغمة أن تكون خادمة مطيعة للمعنى، فعلى الآلة الموسيقية أن تكون خادمة للنغمة والمغنى".

فكما أن على النغمة الموسيقية أن تكون خادمة مطيعة للمعنى الذي يتضمنه النص الشعري الكنسي ومعبرة عن روحانيته، فعلى الآلة الموسيقية المتواجدة في الكنيسة أن تكون خادمة مطيعة للّحن السرياني الكنسي الأصيل ولجميع خصائصه الموسيقية من نغمات وكومات وسلالم واوزان موسيقية، ومعبرة عنه بكل تفاصيله الدقيقة وخصوصياته. وكذلك للمغنى الكنسي (الإنشاد) بجميع خصائصه ومعبرة عنه بكل دقائقه.

وعليه تجنب الامر المعكوس في استخدام الآلة الموسيقية، اي عدم الذهاب باللحن الكنسي وإنشاده الى الآلة الموسيقية كما يحصل في البعض من كنائسنا اليوم، فاللحن الكنسي اصبح في عصرنا هذا في خدمة اللآلة الموسيقية، حيث يتم إطالته او تقصيره او تغيير سرعته وتغيير أوزانه وكوماته الموسيقية على ايدي بعض الموسيقيين والعازفين لجهلهم بألحاننا الكنسية وبخصائصها الموسيقية والإنشادية ليستقيم معهم العزف، فيفصّل اللحن على مقاس الآلة الموسيقية ويذهب اللحن بذلك إليها، وهذا أمر خطير على مستقبل ألحاننا.

وأما الذين يقولون اليوم بجواز استعمال كل انواع الآلات الموسيقية في كنائسنا المشرقية وخاصة الكنيسة السريانية الارثوذكسية دون معرفة بتفاصيل وخصائص ألحاننا الكنسية ولا بتاريخنا الكنسي الموسيقي، يعملون بجهد حثيث وإصرار لإدخالها الى الكنيسة وخاصة الإيقاعية منها تقليداً لكنائس شقيقة اخرى ليستعملوها بطرق صاخبة لا توافق فكر الكنيسة. فعلى هؤلاء مراجعة التاريخ الكنسي وخاصة الموسيقي منه لمعرفة حقيقة الأمر ويدرسوا هذه المعضلة بشكل علمي وَجَدّي ليصلوا الى حلول موسيقية أفضل ونتائج مقبولة وما هو المناسب من الآلات الموسيقية لإستعمالها لأجل تجنب الاخطاء، وليأتي العزف هادئاً روحانياً موافقاً لفكر الكنيسة ومعبراً عن ألحاننا ولخصائص موسيقانا الكنسية.

لقد قمت شخصياً بالعزف على آلة الاورغ في الكنيسة السريانية لمدة تجاوزت العشرين عاماً لكوني مؤمن بإدخال الموسيقا والآلات الموسيقية المناسبة الى الكنيسة من اوسع ابوابها لكن بشكل عقلاني مدروس، وأن يكون استعمالها عاملاً مساعداً في إبراز هوية ألحاننا وإنشادنا الكنسي ومساهماً في تنظيمها وإظهار جماليتها وقيمتها التاريخية، وألّا يكون تواجدها في الكنيسة الهدف بعينه. لأن إستخدامها كنسياً بشكل مقنّن ومتناسب مع موسيقانا السريانية سيعطي مستقبلاً نتائجاً جيدة ستنعكس على موسيقانا وعلى كنيستنا مثل:

1- تساهم الآلات الموسيقية بشكل فعلي في إقبال المؤمنين الى الكنيسة بشكل اكبر ومتواصل.

2- القضاء على حالة نسيان الألحان التي تسلكها الكنيسة، فعدد العارفين والمهتمين بالألحان آخذ بالنقصان وبوتيرة تسارعية.

3- تساهم في إنتشار التراتيل بين رواد الكنيسة وبالتالي حفظهم للألحان ونصوصها، وهذا يساهم في زيادة عدد المهتمين بالالحان الكنسية.

4- القضاء على حالة "فوضة الألحان" التي تعتري الكنسية بسبب عدم المعرفة الجيدة بالألحان السريانية الكنسية وبخصائصها الموسيقية.

5- القضاء على حالة "فوضة الإنشاد" بسبب عدم المعرفة بأساليب الإنشاد السرياني وبخصائصها. وكقول المثل: كل يغني على ليلاه.

6- تخلق دوافع حقيقية لإنشاء مدارس تهتم بالالحان الكنسية.

7- تخلق فرصاً للاكليروس والمهتمين للتخصص في الموسيقا السريانية الكنسية.

بالإضافة الى فوائد اخرى جانبية، ولهذا استخلصت بعض التوصيات للتقيد في تقنين استعمال الآلة الموسيقية لتكون خادمة مطيعة للحن الكنسي ولإنشاده، اي للنغمة والمغنى معاً.

 توصيات في استعمال الآلات الموسيقية

ورغم أن النغمة الزاهدة البسيطة التي تتميّز بها ألحان الكنسية السريانية هي من نوع النغمات التي تدخل الى وجدان المصلّي دون تكلّف ولا تحتاج لمجمِّلات داعمة ليتقبّلها، فإذا كان لا بدّ من إدخال آلات موسيقية عليها فيجب تحديدها وتحديد عملها ودورها في الكنسية مثل:

1- أّلّا يكون وجودها في الكنيسة هدفاً رئيسياً في حد ذاته وإعتبارها من آنية الكنسية او قطعة اثاث او تحفة للزينة.

2- أن تستعمل بطريقة عقلانية لأجل مخاطبة فكر الانسان دينياً وروحياً، وأن تبتعد عن مخاطبته عاطفياً وجسدياً.

3- أن تكون عاملاً مساعداً ومكملاً في خدمة الأعمال الكنسية الموسيقية وليس عنصراً رئيسياً طاغياً عليها، لتكون خادمة مطيعة لأنغام ألحاننا السريانية الكنسية.

4- أن تخدم خصائص الألحان السريانية الكنسية وخاصة ما يتعلق بموضوع التقيّد بحجم السلالم الموسيقية وانواعها وكوماتها الموسيقية، لأنها الوحيدة التي بقيت للسريان من موسيقا سريانية اصيلة متداولة تميّز هوية تراثنا الموسيقي السرياني الكنسي عن غيره من موسيقات الشعوب الاخرى ، فعلى الآلة الموسيقية أن تراعي هذه الخصائص للحفاظ على تراثنا كما ورثناه عن أجدادنا دون تغيير او تحريف،

ملاحظة: "الموسيقار والباحث السرياني نوري اسكندر كان قد حدد خصائص الحاننا السريانية الكنسية واستخرج وحدد كومات سلالمها الموسيقية، فعلى من يرغب التعرف عليها عليه مراجعة اعماله الموسيقية والكتابية".

5- أن تخدم خصائص الإنشاد السرياني الكنسي للمحافظة على اساليبه وعلى الطريقة السريانية في الغناء، لأن الإنشاد الكنسي فقط هو الوحيد الذي بقي للسريان من طرق للغناء، وأما المتداول من الموسيقا والآداء خارج جدران الكنيسة فليس بسرياني إنما يعود لتراث الشعوب المجاورة لنا، وهذه حقيقة وإن كانت مرّة. والأمر ليس كما يقول البعض بان كل شئ سرياني دون أن يقدموا لنا وثائق تثبت صحة إدّعاءاتهم. 

6- تجنب الآلة الموسيقية القيام بأي تغييرات في ألحاننا الكنسية لئلّا تؤدي الى تشويهها وتخريبها فتغيّر بالذوق الموسيقي العام عند السريان عن جهل أو معرفة من عازفيها وبأعذار موسيقية غير مقبولة. فنتمنى على المتمكنين منهم الحفاظ على ألحاننا الكنسية كما ورثوها، لنقلها سليمة لأجيالنا القادمة.

7- أن تلعب الآلة الموسيقية فقط دور تذكير المنشدين والجوقات بمجريات الألحان الكنسية والمحافظة على الطبقات الصوتية. اي أن تقوم بدوري اللإيصن والمليس المعروفين في الكنيسة البيزنطية المشرقية.

8- أن تكون الآلة الموسيقية خادمة مطيعة لأنغام الألحان الكنسية وليس العكس كما يحصل في أيامنا هذه، فالكثير من الألحان السريانية الكنسية قد سجلت مؤخراً في الشرق والغرب "العالم السرياني" بآيادي موسيقيين بارعين لكن غير مُلمّين بالقدر الكافي بألحاننا الكنسية، فأتت مشوهة بإيقاعات غريبة عن روح الكنيسة واحياناً راقصة، ومأطّرة بموازير موسيقية معينة غير لائقة لها وليست من صلبها ففقدت نكهتها السريانية الاصيلة، وتحولت من صلاة الى أغنية غير معبرة عن المعاني الروحية لنصها الشعري. وبذلك أتت النغمة الكنسية في هذه الحالة خادمة للآلة الموسيقية، وهذه من الامور الخطيرة في المسيرة  المستقبلية لألحاننا السريانية الكنسية.

 توصيات لعازفي الآلات الموسيقية

إن إرتباط الآلة الموسيقية بعازفها يضعه امام مسؤولية كبيرة في كيفية استخدامها عزفاً وقيادةً وإدارة الشؤون الموسيقية في الكنيسة. ولكي يأتي عزفه متناسباً ومنسجماً مع موسيقانا الكنيسة فلنا بعض التوصيات ومنها:

1- على عازف الآلة الموسيقية في الكنيسة أن يكون الإيمان غامراً قلبه ليكون عزفه صلاةً وليس غناءً، فما يطبق من شروط دينية وكنسية على المرتِّل "الشماس المنشد" يطبق على عازف الآلة الموسيقية ايضاً، وعليه ألّا يتعاطي عزف الألحان والتراتيل الكنسية كفن فيغفل هدف النغمة عن المعنى ويحسب لغة النغم والعزف غاية في ذاتها. لأن تفريغ اللحن من هدفه الديني والكلام الروحي من مضمونه هو من كبائر الكنيسة والصلاة، ويعتبر علّةٌ قاسيةٌ ونوع من الزنى الروحي.

2- تجنب العازف في الكنائس استعمال الآلة الموسيقية للإستعراض الموسيقي الخارج عن تراثنا وروح موسيقانا الكنسية، لئلا يسقط في مطب طريقة العزف السوقية المتبعة في الحفلات مبتعداً عن الكنيسة والصلوات، فَيُخرِج اللحن الكنسي عن مساره الديني والنص عن هدفه الإيماني، لأن هذا من الأخطاء القاتلة بحق الكنيسة والإيمان المسيحي وبحق موسيقانا السريانية الكنسية.

3- تجنب العازف من إدخال المؤمنين الى حالة نشوة طربية، لئلّا يسقط في مستنقع الخطيئة ويسقطهم معه.

4- تحديد الدور التجميلي للآلات الموسيقية في مرافقاتها الموسيقية للصلوات، لعدم وقوع عازفي الآلات الموسيقية في اخطاء موسيقية قاتلة تأخذ موسيقانا إلى عوالم غير كنسية وغير روحية. وعلى الكنيسة القيام بهذه المهمة او توكيلها الى موسيقيين مختصين في الألحان الكنسية لتحديد كيفيته.

واخيراً إن رغبنا المحافظة على التراث الكنسي الموسيقي مع إدخال الآلات الموسيقية عليه، علينا أن نحافظ على خصائص موسيقانا وإنشاد ألحاننا والتقيد بالتوصيات السابقة مع تقنين دور عمل الآلة لكي ننسجم مع تقليدنا الكنسي ونحافظ على تراثنا كما حافظ آبائنا عليه وسلموه لنا بكل آمانة وصدق.

وأما في حالات الكنائس التي تفتقد الى عازفي آلات موسيقية ولأجل تحسين هيكلية الألحان الكنيسة فيها، فعلى قيادة الكنيسة القيام بتعليم قانوني "الإيصن والمليس" الموسيقيَين المستَعمَلين في الكنسية البيزنطية للشمامسة والكهنة، وفرضهما على الكنيسة السريانية ضمن قوانين واضحة، لأجل الإستفادة القصوى منهما في تحديد وضبط الطبقات الصوتية للمنشدين ومصاحبة الصلوات قدر المستطاع للتعويض عن الآلات الموسيقية في الكنائس التي تفتقدها. فمعظم كنائسنا تفتقد لعازفي آلات موسيقية تصاحب الصلوات بإنتظام، وإن وجدوا في قسم منها فهم من المتطوعين وليسوا من الموظفين فيها، فتواجدهم يعدّ مؤقتاً.

آلات صاخبة ورقص وكنيسة

لا شك بأن استعمال الآلات الموسيقية بشكل عقلاني هو حالة حضارية مثل الموسيقا الكنيسة الغربية التي تتسم بالوقار والحكمة والعظمة، ورغم أن هذه الحالة غريبة عن تراثنا إلا أنها اصبحت جزء هام من كنائسنا الشرقية ومن متطلبات عصرنا.

لكن بعضاً من هذه الكنائس غالت في طرق استعمالها وفي انواعها وتبنّت "الطريقة الامريكية" في إقامة صلواتها، وادخلت الى طقوسها (بالرغم من قولها لا طقوس في صلواتها) الآلات الموسيقية الحديثة وخاصة الإيقاعية الصاخبة منها واستعملتها بشكل خاطئ لا ينسجم مع فكرالكنيسة المسيحية.

هذه الآلات قد أخذت بأعضاء تلك الكنائس الى التصفيق والرقص في القداديس، والقائمون على شؤونها الموسيقية يتمسكون  بأعذار غير مقبولة كقولهم بتقليد ما ورد في العهد العتيق من عزف دفوف امام قادة اليهود، ورقص النبي داؤد حول تابوت العهد، وحوادث اخرى توراتية.

1- متناسين أن استخدام الآلات الموسيقية في الكنيسة للطرب والصخب والرقص او لخلق اجواء من الهستيريا الدينية هو مخالف لطبيعة الله ولهدف الكنيسة ويبعدهم عن الفكر المسيحي الرافض تماماً لهذه المظاهر.

2- متناسين بأنهم يعيشوا في عهد النعمة وليسوا تحت الناموس (عهد الشريعة) ليقلدوا اليهود في ما ورد في العهد القديم.

3- ضاربين بعرض الحائط ما ورد على لسان القديس يوحنا الذهبي الفم: "قد سمح الله للإسرائليين بأن يستعملوا الآلات نظراً الى تخنث آدابهم ونقص في شعورهم، وليساعدهم في ضعفهم ويبعدهم عن الأوثان". وما قاله غيره: "بأن الله أجاز لليهود الترتيل للجم ميولهم المنحرفة نحو عبادة الأصنام".

4- تناسوا ما كان قد أكده معظم آباء الكنيسة الأوائل بأن استعمال الآلات الموسيقية في الكنيسة هو مخالف لطبيعة الله الذي لا يسمع لآلات جامدة لا روح فيها تعزف له، إنما يسمع فقط لاصوات الحناجر الحية البشرية والصادرة من القلوب الخاشعة والممجدة والمسبحة له.

إن استعمال الآلات الموسيقية الصاخبة وخاصة الايقاعية منها تخلق اجواء غير محببة كنسياً، لهذا أرى  بأن الإعتدال في الامور هو أنسب الحلول، واستعمال الآلات الموسيقية القريبة من فكر الكنيسة كعامل مساعد للألحان والإنشاد مع التقيد في التوصيات السابقة في كيفية استعمالها وعزفها ستعطينا نتائج مقبولة.

 حفلات الموسيقا الدينية

منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي بدأت ظاهرة إقامة الحفلات الدينية تتصاعد بقوة عند الأقليات الدينية في معظم انحاء المشرق، كردّة فعل دينية على اصحاب الاديان الكبيرة المسيطرة على المجتمع المشرقي كما وضّح ناقد في احد مواقع الإنترنيت واعتبرها عقدة نقص لدى الأقليات.

ويرى الكثيرون من المهتمين بأن هذه الظاهرة هي تقليد للحفلات الدينية التي تنشط في الكنائس الاوروبية الكبيرة. وبعضهم يعتبرها ردة فعل على الموسيقا الهابطة المتداولة على الساحة المشرقية، وهذا أمر حسن.

كما أكّد كاهن على إحدى الفضائيات بأنها ردة فعل على الطقوس الكنسية الطويلة المملّة الغير مفهومة من الأغلبية الساحقة. وهذا رأي غير سليم وغير مرضي بحسب رأينا، ومبرراته غير مقبولة  لأنه تهرّب واضح من المسؤولية التي تقع على عاتق من يتعاطى الإنشاد الديني كنسياً من كهنة وشمامسة ولجان ومهتمين، وهذه المسؤولية تتجلّى في تنظيم وإظهار أهمية تراتيل وألحان الطقوس القديمة ذات القيمة التاريخية والروحية الكبيرتين للمؤمنين، وشرح ما تتضمن من نصوص واشعار تحوي شروحات دينية تذهل العقول ولها قيمة ادبية لا تقدر بأثمان. فعدم المعرفة تدفع الإنسان نحو الأسهل ونحو المُستَهلَك ليقطع بذلك علاقته بجذوره وتراثه.

كتب ناقد فيسبوكي فاقتبس الآتي: "إن الحفلات الموسيقية الدينية هي ظاهرة استغلال غير اخلاقية من قبل بعض الطوائف الدينية في سبيل إستقطاب اكبر عدد من المريدين والتابعين بعذر أن الخلاص لا يتم إلّا من خلالها، وكأنها الوحيدة من تملك الحقيقة، لتكبر حجماً وتتعاظم تسلطاً. ودخل على خط إستغلال هذه الظاهرة مغنيين ومغنيات من الدرجات الدنيا لإستقطاب جمهور اوسع لزيادة رساميلهم". إنتهى الإقتباس.

من المستغرب أننا نعيش في القرن الواحد والعشرون ونسلك في تفكيرنا اسلوب القرن التاسع عشر او ما قبله في إقناع هذا او ذاك في تغيير طائفته، فأين الوحدة المسيحية التي ينادي بها الجميع، فهل هي حالة دجل وبوس لحى فقط ؟!.

نعم لقد أضاف البعض من المطربين والمطربات المشهورين الى رصيدهم الغنائي اعمال موسيقية ذات قيمة اخلاقية لها جمهورها لكونها من النوع الملتزم بالكلمة واللحن. فبرز من هذه الحركة مرنمين ومرنمات ذات اصوات جميلة متخصصة ومقتدرة في الإنشاد الديني، وبرزت ايضاً فرق موسيقية تقدم اعمال دينية موسيقية بأساليب مختلفة، فاشتهرت واخذت مكانها في المجتمع المشرقي وسط  معمعة الموسيقا الهابطة المسيطرة على شارعه. وبالرغم من أن لنا بعض المآخذ البسيطة على هذه الظاهرة، إلا انها ظاهرة حسنة تساهم في تطوير الأعمال الموسيقية الكنسية. وتمتاز بإستعمال الآلات الشرقية الوترية بالإضافة للآلات الغربية وهذه خطوة جيدة في الموسيقا الدينية الملتزمة. ممّا يدفعنا الى تشجيع الموسيقيين على  استعمالها في الكنائس لإبراز الروح الشرقية في موسيقانا ولأنها مطواعة اكثر في خدمة خصائص الموسيقا والإنشاد الكنسي وخاصة السريانية منها. ولابأس من إعطائها دوراً مناسباً ما في الكنيسة، مع التقليل من أهمية دور آلتي الاورغ والبيانو كآلات رئيسية في الموسيقا الكنسية والتركيز اكثر على إعطائهما دور آلات داعمة للآلات الموسيقية الشرقية.

 الجزء الثامن والعشرين

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها