هل التسمية السريانية هي دينية أم قومية تاريخية؟
رد مباشر على مقابلة غير منشورة مع المطران المختطف يوحنا ابراهيم
.
من الممكن الإطلاع عليها من خلال هذا الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=wu5-FhyYLoQ#t=31
لقد تمنى علي بعض الإخوة التعليق و إيضاح ما ورد في هذه المقابلة مع سيادة
المطران الموقر يوحنا ابراهيم و قد رفضت لأنه لا يزال مخطوفا و قد ذكر لي بعض
الإخوة أن هنالك فروقات عديدة بين ما أنشره و بين ما ورد في هذه المقابلة
.
هذه المقابلة هي مهمة جدا خاصة في نهايتها حيث أكد سيادته بأننا لسنا بحاجة الى
" حماية الغرب المسيحي ".
وهو ينتقد بطريقة غير مباشرة محبة الغرب المزعومة لأنها من أحد أهم أسباب
إضطهاد بعض الحركات الإسلامية المتطرفة للمسيحيين المشارقة.
قبل نشر تعليقي , إنني أشارك كل السريان الطيبين الذين يعملون في الخفية أو
العلن لفك أسر المطرانين المخطوفين
.
أولا - ضياع الهوية السريانية
أ-
سيادة المطران يردد بأسى في نهاية المقابلة عن ضياع السريان حول ما يصيبهم
اليوم من مأسي و لكنه من المؤسف إنه لا يزال يردد بعض المفاهيم الخاطئة حول
إنتشار التسمية السريانية بين الآراميين.
فهو يؤكد أن الآراميين عندما دخلوا الكنيسة السريانية أصبحوا سريانا و يذكر
أيضا أن التسمية السريانية هي دينية و ليس قومية
.
ب -
يؤكد سيادته أن سكان سوريا كانوا آراميين بنسبة ٨٠ بالمئة و طبعا هذه هي حقيقية
تاريخية لأن الآراميين كانوا يشكلون أكثرية ساحقة في كل مناطق سوريا لفترة
زمنية طويلة ( أكثر من ٢٥٠٠ سنة ).
و لكن المشكلة هي أن سيادته لم يذكر أن الآراميين في كل شرقنا الحبيب كانوا
يشكلون أكثرية سكانية ساحقة
.
ج -
سيادة المطران لا يزال يؤمن بنظرية كاترومير
QUATRMERE
و هو باحث فرنسي كتب عن الأنباط سنة ١٨٣٥ و ذكر أن الآراميين قد تخلوا عن إسمهم
الآرامي عندما دخلوا الديانة المسيحية و صاروا يعرفون بالسريان . هذه النظرية
هي غير علمية:
*السريان
لم يتخلوا عن إسمهم الآرامي
.
*غير
صحيح أن الآراميين قد عرفوا بالسريان بعد دخولهم الديانة المسيحية:
فالتسمية السريانية قد أصبحت مرادفة للتسمية الآرامية منذ القرن الثالث قبل
الميلاد و هذا واضح جدا في الترجمة السبعينية حيث تترجم تسمية الآراميين بإسم
السريان
.
د -
مشكلتنا هي أن بعض علماء اللغة في نهاية القرن التاسع عشر قد نقلوا نظرية
كاترومير بدون أي تحقيق و ذكروها في مقدمات قواميسهم مثل المطارنة إقليمس داوود
و أوجين منا و توما أودو.
نحن لا نلوم السرياني إذا صدق هذه النظرية لأنه وجدها في مقدمات هذه القواميس ,
و لكننا نلوم كل سرياني "يستغل" هذه النظرية ليدعي أن بعض الشعوب القديمة
المنقرضة قد تخلت عن تسميتها القديمة عندما دخلت الديانة المسيحية...
ه -
من المؤسف أن سيادة المطران إبراهيم يردد هذه النظرية غير العلمية كما فعل عدد
كبير من المطارنة قبله .
و قد إنتقدت المطران إسحق ساكا - رحمه الله - لأنه كان قد كتب أن التسمية
السريانية لا تشير الى قومية محددة وذلك في دراستي حول مقدمة المطران أوجين منا
.
ثانيا - نقد لبعض الأخطاء التاريخية المهمة
أ -
بيت عربايا لقد ذكر المطران ابراهيم في هذه المقابلة أن سكان منطقة بيت عربايا
هم العرب منذ القرن الثالث و قد أصبحوا " سريانا " بعد دخولهم الديانة المسيحية
.
أمر مؤسف جدا أن يردد أحد رجال الدين السريان أن بيت عربايا هي منطقة عربية:
*بيت
عربايا في اللغة السريانية لا تعني العرب و لكن البادية و قد إستخدم أجدادنا
عدة تسميات ليدلوا بها على العرب مثل" أبناء طي "و" أبناء هاجر" و لم يستخدموا
تسمية " عربيايا / عربيو " إلا في القرن الثامن و بعده
.
*إن
مدينة نصيبين الآرامية كانت عاصمة بيت عربايا و هي مدينة مار افرام أهم قديس في
الكنائس السريانية:
فهل القديس افرام هو من جذور عربية؟
و هل نصدق نظريات خاطئة يرددها
بعض رجال الدين أم نصدق تاريخنا الأكاديمي؟
*كل
سرياني مثقف يعرف أن مار افرام كان يسمي جميع السريان بالآراميين و هذا واضح من
نصه
:
"..
ܟܰܕ ܡܶܬܪܓܶܫ ܒܪܶܥܝܳܢܳܐ ܓܽܘܚܟܳܐ ܕܶܝܢ ܥܒܰܕ ܢܰܦܫܶܗ ܒܶܝܬ ܐܳܪ̈ܳܡܳܝܶܐ ܘ ܝܰܘܢܳܝܶܐ
ܦܝܠܘܣܦܐ ܕܐܳܪ̈ܳܡܳܝܶܐ "
أي
أن أفكار ( برديصان ) قد أثارت السخرية ( الضحك ) بين الآراميين و اليونان
...
ب -
الحج الى طورعبدين ؟
يتكلم سيادة المطران عن طورعبدين كأنها وطن السريان المقدس و إن كان صحيحا أن
أغلب السريان الذين يعيشون في سوريا و لبنان قد قدموا من طورعبدين فهذا يجب ألا
يدفعنا الى تجاهل بقية السريان في الشرق إن كان في لبنان أو سوريا أو العراق
... فالسريان هم أحفاد الآراميين و ليسوا أحفاد شعوب منقرضة غير معروفة و
هويتهم السريانية القومية تؤكد أن كل الشرق هو وطنهم المقدس و ليس فقط طورعبدين
!
ج -
من خطط لحرب الإبادة؟
السنة القادمة ستكون الذكرى المئوية الأولى لحرب الإبادة التي تعرض لها أجدادنا
الأبرياء!
شيئ جميل من سيادته أن يذكر المشاهدين أن شعبنا السرياني الآرامي قد تعرض لهذه
الحرب المجرمة و لكنه يذكر" يردد البعض أن الألمان هم الذين خططوا لحرب الإبادة
و أن بعض الشعوب في المنطقة قد قاموا بتنفيذها و لن أذكر أسمائهم هنا
..."
*كل
العالم يعرف أن الحكومة العثمانية هي التي خططت لحرب الإبادة ضد الأرمن و فيما
بعد ضد السريان
...
*هل
هي مهارة سياسية بإتهام الألمان بتخطيط حرب الإبادة أم هو تهرب من ذكر الحقائق
كما هي؟
*هل
كل مسؤول سرياني يحق له أن يفسر " الأحداث التاريخية "حسب مصالحه الشخصية أو
مصالح الشعب السرياني كما يتحججون؟
ه-
الآراميون المسلمون قرب معلولا؟
لقد ذكر سيادة المطران في بداية المقابلة أن الآراميين الذين دخلوا الديانة
المسيحية صار إسمهم سريانا و لذلك نرى أن بعض القرى قرب معلولا قد بقيت آرامية
لأنها ظلت مسلمة!
هذه النظرية غير صحيحة كما شرحتها مرارا.
*قرى
جبعدين و بخعة كانت مسيحية مثل معلولا و قد دخلت الإسلام في التاريخ الحديث و
لا تزال الكنائس موجودة (فارغة) فيها.
*سكان
معلولا و بخعة و جبعدين هم سريان أصيلون يتحدرون من الآراميين و هويتهم هي
سريانية آرامية!
ليس فقط المسيحيون هم سريان
!
الخاتمة
أرجو من القارئ أن يسمع هذه المقابلة ثم يتأكد من النقاط التي أنتقدها.
لا شيئ يستطيع ان يمنع الباحث الأكاديمي من النقد البناء و من واجب كل باحث
سرياني أن يصحح كل معلومات تاريخية خاطئة مهما كان الإنسان الذي يرددها
:
أ -
أكن كل الإحترام الى رجال الدين السريان و لكن إحترامي لهم يجب ألا يمنعني أن
أصحح إذا كان يوجد أخطاء تاريخية
.
ب -
إعتماد التارخ الأكاديمي هو هدفنا و هو الذي يسمح لنا إنتقاد بعض رجال الدين
المتهورين الذين يدعون بوجود مسيحيين عرب
!
يجب تصحيح ما ذكره المطران ابراهيم : سكان بيت عربايا كانوا آراميين و ليسوا
عربا!
نحن لا نستطيع أن نتجاهل ما ذكره هذا المطران لأننا نحبه و ننتقد بقية رجال
الدين الناكرين لجذورهم السريانية لأنهم هم أيضا يدعون بوجود عرب في نصيبين و
بيت عربايا !
ب -
ليت القارئ يستفيد و يتعلم :
ترديد الأخطاء في بعض الأحيان في مواضيع تاريخية يعرضنا الى نقد الآخرين ...
ليس كل ما يردده المطارنة اليوم هو حقيقة تاريخية.
الآراميون لم يصبحوا سريانا بمجرد قبولهم الديانة المسيحية كما ردد سيادة
المطران ابراهيم
!
أغلب العلماء السريان قد حافظوا على إسمهم الآرامي الذي يدل على هوية آرامية
واضحة و سأكتفي بذكر نص سرياني لإبن العبري يقول فيه
"ܠܐ
ܨܒܝܢ ܐܳܪ̈ܳܡܳܝܶܐ ܕܢܬܚܠܛܘܢ ܥܡ ܐܰܪ̈ܡܳܝܶܐ"
”لم
يرغب الأراميون (اي السريان) ان يختلطوا مع الأراميين الوثنيين“.
ج -
للأسف إن مفهوم سيادة المطران ابراهيم يفقد التسمية السريانية من مدلولاتها
القومية و التاريخية الحقيقية.
نتمنى أن يعود الى كنيسته و أبناء رعيته كي
يساعدنا في نشر تاريخ أكاديمي يسمح لنا الحفاظ على هوية أجدادنا التاريخية! |