بيت نهرين و بيت آرامايي
شكرا لك أخ وسام على هذا
الموضوع حول الآراميين
أجدادنا .
هو ملخص مفيد جدا لمعرفة
تاريخ الآراميين و لكن الباحث
يستخدم بعض التعابير
الجغرافية و التاريخية
الخاطئة :
أ - بلاد ما بين النهرين هي
الجزيرة السورية أي بيت نهرين
أحد أهم مواطن الآراميين و
كانت هذه التسمية الجغرافية و
التاريخية تمتد من نهر الفرات
الى رافده البليخ ثم الخابور.
بلاد أكاد و بلاد أشور لم تكن
ضمن بيت نهرين !
الأغاني القومية التي ألفها
إخوتنا من السريان المشارقة
لا و لن تغير الحقائق
التاريخية و الجغرافية !
إن مصطلح " بلاد ما بين
النهرين " أو
MESOPOTAMIA
صار في بداية القرن العشرين
يقصد به العراق !
ب - البابليون : لم يعرف
تاريخ الشرق القديم شعبا إسمه
أو إتنيته هي بابلية .
التسمية البابلية في اللغة
الأكادية القديمة تشير الى
سكان مدينة بابل الشهيرة و
ليس الى هوية بابلية خاصة .
بعد سقوط الإمبراطورية
الكلدانية الآرامية سنة 538
ق0م كان وسط العراق القديم لا
يزال يسمى " بلاد أكاد ".
و قد ترك لنا ملوك الكلدان
كتابات أكادية عديدة تذكر "
بلاد أكاد " !
و لكن الفرس سيطلقون تسمية"
بلاد بابل أو مرزبانة بابل "
على بلاد أكاد ... و للأسف
لنا سوف ينقل قدامى اليونان
تعبير أو تسمية " بلاد بابل "
و " البابليون "
و " اللغة البابلية
"....علماء القرن التاسع عشر
سوف يرددون نفس هذه التعابير
مما سيوحي بوجود شعب بابلي
حقيقي و لغة بابلية حقيقية !
أخيرا عندما يتكلم علماء
اليونان في التاريخ القديم عن
" البابليين " فهم يقصدون
الآراميين الذين صهرت قبائلهم
الكلدانية و الآرامية بقايا
الشعوب القديمة و صارت تطلق
على هذه المنطقة تسمية " بيت
آرامايي " أي بلاد الآراميين
.
أجدادنا من السريان المشارقة
قد تركوا لنا عشرات المصادر
السريانية حيث نراهم قد
حافظوا على إستخدام التسمية
الوطنية " بيت آرامايي ".
هنري بدروس كيفا
الآراميون
“تاريخ مصر والشرق الأدنى
القديم”
مقدمـة
لم تكن سوريا يوما من الايام
دولة لها طابع الدول المعروف
أو كيانها بل انها كانت تشتمل
على مجموعة من الدويلات
والشعوب خلقها المركز
الجغرافي للاقليم كما خلق من
اليونان مثلا دويلات المدن
... واستطاعت بعض هذه
الدويلات أن تفرض نفسها على
التاريخ ، كما فعلت اسرائيل
في بعض عهودها بفضل التراث
الذي قدمته للأنسانية...
التوراة... التي كانت أول
رسائل التوحيد على أيدي
الهداة من الانبياء
والمرسلين..
ولكن سورية البقاع كان لها
شأن آخر... سكنها الآراميون
منذ عهد لاندريه على وجه
التحقيق ، وهم يمثلون الموجة
الثالثة من موجات الهجرات
السامية، وكانوا يجوبون أنحاء
وادي الجزيرة من ناحية الشمال
ويتحركون الى الشرق ناحية
العراق والى الغرب ناحية
سورية حتى بدأوا يستقرون في
العراق الاوسط من منتصف الألف
الثاني قبل الميلاد. وهناك
بدأوا يظهرون كمجموعة متناسقة
أخذت لونها الخاص من الثقافة
والقومية كما تأثرت تأثرا
واضحاً بجيرانها المباشرين
وان حافظت على لغتها ...
الآرامية.
وكما قدر للاسرائيليين أن
يفرضوا دينهم على التاريخ
استطاع الآراميون أن يفرضوا
لغتهم على العالم حين كانوا
يقتعدون منه القمة في الثقافة
فغدت لغتهم لغة المراسلات
الدولية حتى كتبت بها توراة
الاسرائيليين أنفسهم.
* * *
ولعل أول مرة نلتقي فيها باسم
الآراميين كانت عن طريق نصوص
مسمارية ترجع الى القرن
الرابع عشر قبل الميلاد تشير
إلى انهم منتشرون في الصحراء
الواقعة إلى غرب ما بين
النهرين وإلى انهم كانوا في
أول امرهم قبائل رحلًا
يتنقلون في البادية بين نجد
في الجنوب وحدود الشام في
الشمال ونهر الفرات في الشرق
وخليج العقبة في الغرب و أنّ
ظروف الصحراء كانت تدفعهم إلى
اللجوء إلى البقاع الخصيبة
أحياناً فيغيرون عليها حتى
استطاعوا أن يكونوا إمارة بين
بابل والخليج العربي عرفت
باسم " كلد " ومنها جاءت كلمة
الكلدانيين - ودخلوا بعد سقوط
دولة ميتاني في القرن الثالث
عشر إلى بلاد ما بين النهرين
التي عرفت باسم " آرام
النهرين " . وقد ورد ذكرهم
كذلك في القرن الحادي عشر في
نصوص الملك الآشوري تقلات
فلاسر الأول حيث يشار إلى أن
مواطنهم تنتشر من الفرات
الاوسط إلى سورية غرباً ;
ولعل مما يسر لهم الاستقرار
إضّطراب الامور في بابل إثر
غزوة الحيثيين لها ثم تدمير
الحيثيين لمملكة ميتاني بعد
قرن ونصف من الزمان.
ويرجح أنّ كلمة " آرام " تعني
الارض العالية ونحن نلتقي بها
مضافة إلى غيرها مثل "آرام
صوبا " و" آرام مكة " و "
آرامنهر إيم " ( النهرين - أي
الفرات ورافده الخابور ) و "
آرام بيت رحوب " و " آرام
دمشق " و " فدان آرام " (
ومركزها حرّان ) وهي تسميات
تردد ذكرها في التوراة وتعني
جميعاً الارض المرتفعة في هذه
النواحي.
* * *
وقد سمى البابليون الأرض
الواقعة بين شمال ميزوبوتاميا
إلى الجبال وغرباً إلى
كبادوشيا باسم " سوبارتو " أو
" سوري " ( في قراءة اخرى )
وهو اسم عرفت به سورية البقاع
لدى الكتّاب الكلاسيكيين وحين
أصبحت آشور وجنوب سورية
آراميتين امتد اطلاق الاسم
على البلاد الجنوبية حتى
أصبحت كلمتا " سوري " و "
آرامي" مترادفتين . وإذن
فسورية البقاع موطن الآراميين
الذين قدر لهم أن يستقروا
به.. تمثل سورية الحقيقية
والآراميون على ذلك في نسيج
الشعوب السورية بمثابة لحمته
وسداه يشغلون من الاراضي
السورية أخطرها شأناً
ويتوسطون أعرق الحضارات إلى
الشرق وإلى الجنوب الغربي
ويتصلون اتصالاً مباشراً
بالجيران الشماليين...
الحيثيين... الذين تأثروا بهم
كذلك كما سنرى , إذ كانت
حضارة الحيثيين حضارة شعب أقل
غموض نواحي تاريخه كانت هذه
البقعة مسرحاً لاحداثه... ومن
اجل هذا كانت كبادوشيا
المنطقة التي نلتمس الضوء
منها لينعكس على ناحية من
حضارة الآراميين.
دويلات الآراميين
لم يكن الآراميون حين تعرفنا
إليهم دولة وانما كانوا
مجموعة من القبائل عرفت في
كتب العمارنة وفي الكتابات
المسمارية تحت اسم " أخلامو "
( اي الرفاق أو الاصدقاء)
ولعلها تسمية عرفهم بها
الاموريون. كما عرفت شعبة
منهم كذلك - كما اشرنا من قبل
- تحت اسم "كلدو". وقد
استطاعوا فيما بين القرنين
الرابع عشر والثالث عشر قبل
الميلاد أن يضغطوا على
الاموريين والحوريين
والحيثيين وان يأخذوا خير
المواقع التي يشغلونها في
وادي الاورونت (العاصي)، ولم
يستطيعوا أن يتقدموا غرباً
إلى أبعد من ذلك فلم يتأثر
بغزوتهم الكنعانيون أو
الفينيقون على الساحل.. وحين
اشتد ساعدهم استطاعوا أن
يثيروا الاضطراب في جموع
الآشوريين حتى كادوا يقضون
عليهم ، واستمر النزاع في
القرن التاسع قبل الميلاد في
عهد الامبراطورية الآشورية
الأولى ثم انتقل بعد ذلك إلى
سورية حيث كانوا قد أسسوا
دويلاتهم التي قاست من ضغط
الآشوريين إلى درجة منعتهم من
أن يجمعوا صفوفهم ليقيموا
دولة موحدة.
كانت دويلاتهم المدن تنتشر في
الفرات الاوسط وفي وادي
الاورونت في سورية البقاع.
وكانت غارات الآراميين على
الشام مستمرة في الوقت الذي
كان الصراع قائما بين
الدويلات الكنعانية وقد
تمكنوا من الوصول إلى شمال
الشام وكونوا دويلاتهم فيما
بين حلب وجبال طوروس ومن
بينها امارة " سمأل " بين
انطاكية ومرعش ومكانها الآن
زنجرلي وفي اواخر القرن
الحادي عشر استطاعوا أن
يستولوا على دمشق ( حين ظهرت
دولة الاسرائيليين ) وكانت
دويلة امتدت شرقاً إلى الفرات
وجنوباً إلى اليرموك ( على
حساب الاسرائيليين ) كما
حاددت الآشوريين من ناحية
الشمال الشرقي .
ومنذ بداية القرن العاشر
استطاعت أن تضم إليها جميع
سورية الداخلية إلى الشرق من
لبنان وجميع سورية الشمالية
وحوران ثم اتصلت اتصالًا
مباشراً بالاحداث التي توالت
في جارتها اسرائيل بل إن
المعارك بينهما بدأت قبل أن
تغدو دمشق دولة يوم كانت صوبا
مركز النشاط عند الآراميين
وكان يحكم اسرائيل ملك في أول
عهدها بالملكية.. شاؤل . ولئن
كسبت اسرائيل الجولة الأولى
في ايام داود إلّا أنّه
قدَّر لها في أخريات عهد
سليمان أن تخسرها على يد
"رصين" الذي نقل مركز النشاط
من صوبا إلى دمشق، وساعد
انقسام الدولة بعد سليمان على
تمكين الآراميين من بسط
سلطانهم وفرضه حتى على
الاسرائيليين أنفسهم حتى
اضطرت يهوذا إلى دفع الجزية
إلى " بنهدد" الذي هاجم
اسرائيل وضم جلعاد ( شرق
الاردن ).
اللغـة
ولغة الآراميين فرع من فروع
كتلة اللغات السامية الغربية
التي انتشرت في بداية الالف
الثاني قبل الميلاد شمال غربي
ما بين النهرين ظلوا يحتفظون
بها دهراً طويلًا واستطاعت
بعد سبي بابل أن تغلب اللغتين
البابلية والآشورية.
وبعد سقوط نينوي عام 612 ق. م
أصبحت بلاد آشور آرامية وكان
من الشائع في بابل أن تكتب
العقود باللغتين البابلية
والآرامية
وحين غزا الفرس بابل عام 528
ق. م. كانت اللغة الآرامية
شائعة في الشرق كله حتى بين
طبقة الحاكمين من الفرس
فاستعملوها لغة للتفاهم بين
أجزاء الامبراطورية حتى غدت
لغة المكاتبات الرسمية.
وحين قام النزاع بين الفرس
والرومان ظلت لغة الآراميين
تفرض نفسها على سائر اللغات
فأبادت اللهجات الكنعانية
والاكدية . وقد عثر على مئات
بل الآلاف من الوثائق كتبت
بلهجات آرامية متعددة فهي لم
تكن لغة الامبراطورية
الفارسية الرسمية فحسب وانما
كانت لغة دولية - إن صح
التعبير - استعملها الفرس في
دواوينهم وكتبت بها برديات
عثر عليها في مصر كما كتب بها
التلمود البابلي وكذلك كتبت
بها بعض أسفار التوراة
والانجيل على الارجح , وظلت
تحمل لواء الثقافة دهراً
طويلاً حتى نالها ما نال
غيرها على يد الزمان.
الخـط
ومن الخط الآرامي أخذت خطوط
كثير من الكتابات فاليهود
استبدلوا حروفهم الفينيقية
فيما بين القرنين السادس
والرابع قبل الميلاد بحروف
آرامية ، والخط العبراني
المسمى بالخط المربع مشتق من
الخط الآرامي ، واتخذ العرب
الشماليون الحروف الآرامية
فأخذوا خطهم من الخط النبطي
أحد أشكال الخط الآرامي ( وهو
الخط الذي كتب به القرآن
الكريم وتطور عنه الخط العربي
الحديث ) وأخذ الأرمن والفرس
والهنود ( الخط البهلوي والخط
السنسكريتي ) خطوطهم من اصول
آرامية . ونقل الكهنة
البوذيون الخط السنسكريتي (
المشتق من مصدر آرامي ) من
الهند إلى قلب الصين وكورية .
. . . وهكذا يكون الخط
الفينيقي ( أصل الخط الآرامي
) قد انتقل على أيدي
الآراميين إلى جميع نصف
العالم الشرقي في حين أن
اليونان نشروا الخط نفسه إلى
نصف العالم الغربي .
ديانة الآراميين
لعل اهم معبودات الآراميين
التي نستطيع أن نتعرف عليها
هو " حدد " (هدد أو ادد) وهو
إله عرفه الآراميون عن
الاموريين والكنعانيين كان
إلها للامطار وما يصحبها من
زوابع ورعود وبروق ، وهو نافع
حين يرسل الماء الذي ينفع
الزراعة وهو مهلك إن أرسله
سيولا جارفة ، ومن هنا جاء
لقبه " رمون " أو " رمان " أي
المرعد مثير العواصف ، ونشأة
"حدد" في هذه البقعة نشأة
طبيعية في ارض تلتمس الامطار
لتعيش عليها المزروعات .
وصورة الاله تمثله حاملا شوكة
مثلثة الطرف ومطرقة ، كما
يمثل أحياناً واقفاً على ظهر
ثور ( رمز الاخصاب والقوى
المولدة ) .
وقد اقترن بمعبود الحيثيين "
تشوب " الذي يمثل في العصور
الكلاسيكية كـ " زيوس" يحمل
الصاعقة والبلطة الحيثية
المزدوجة . وتشوب - كما نعلم
- هو معبود الشعبة الشرقية من
الحيثيين . وامتزجت عبادة "
حدد " كذلك بعبادة الشمس فأخذ
عنها أشعتها تزين رأسه ، وقد
عرف في العصر الروماني تحت
اسم " جوبيتر الدمشقي ".
ولـ " حدد " زوجة هي "
أتارجاتس " , ويدخل في الجزء
الأول من تركيب اسمها الالهة
المعروفة " عشتار " وهي تمثل
الامومة وتصور لابسة تاجا
وبصحبتها أسد في بعض الاحيان
- كما تفعل عشتار . وتجمع في
رمزها بين الهلال وقرص الشمس
وتظهر أحيانا محجبة وكان
كهنتها - ككهنة عشتار -
ينذرون أنفسهم لها فهم في
أغلب الامر خصيان . وقد كانت
عسقلون في فلسطين مركزاً آخر
لعبادتها وكانت تعدل "
أفروديت " .
وقد انتشرت عبادتها في أوربا
- كما حدث بالنسبة لعبادة
الالهة ايزه المصرية - فأقيم
معبد باسمها في روما وكان أهم
مراكز عبادتها وعبادة " حدد"
منبج الحالية (هيرابوليس:
المدينة المقدسة) وإن انتشرت
عبادتها معا في أنحاء سورية
.
وكانت هناك إلى جانب " حدد "
و " أتارجاتس " آلهة آخرون
أقل شأناً استعارهم الآراميون
من الشعوب المجاورة واعترفوا
بهم ومن بينهم " شمش " وهو
إله آشوري ، " رشوف " الاله
الفينيقي الذي يمثل على هيئة
مقاتل ، وكذلك " بعل شمين "
وهو معبود له صفات " حدد " و
" ركاب " أو سائق المركبات ثم
" سهر " الاله القمري الذي
كانت حرّان مركزا لعبادته .
تطور علاقة الآراميين
بجيرانهم
لئن كنا نعرف شيئا - أو لا
نكاد نعرف شيئا - عن سورية
المعاصرة للامبراطورية
البابلية القديمة إلا أننا
نستطيع أن نقرر أنه ما دامت
فينيقيا قد خضعت لها فلا بد
أن سورية تأثرت بها على الأقل
فتلقت نصيبها من الهجرات
السامية البابلية والكنعانية
وأما أي نوع من الشعوب غزا -
أو حأول الغزو - من الشمال -
حيث كان يتقدم الحيثيون كذلك
- فأمر لا يزال يحتاج لكثير
من الضوء ، ذلك لأنه رغم أن
الغزو البابلي في اخريات
الاسرة البابلية الأولى يشير
إلى تحركات حيثية نحو الجنوب
فأننا نستطيع إلى جانب ذلك
أيضا أن نقرر من وراءها
مااوردته كتب العمارنة
ومخلفات بوغاز كوى أننا
نستطيع أن نلقي بعض الضوء على
سير الامور في هذه المرحلة إذ
أنها تشير إلى ان شعبة غير
سامية شقت طريقها إلى الامام
وأن عناصر من نفس الجنس كانت
تضغط من الخلف . .
المصدر / موقع دراسات سريانية
للدكتور نجيب ميخائيل
ابراهيم.....وهذا جزء من
المقال ،،،،،،،،
وسام موميكا _ بغديدا
السريانية |