تعليقات تاريخية حول الروم الكاثوليك والعروبة
20111106
كتب المهندس باسل قس نصر الله مقالا حول إسهام طائفة الروم الكاثوليك في النهضة
العربية و قد أورد معلومات تاريخية حول التسمية"
الملكية " و قد نقل الكثير من المعلومات المنتشرة المليئة بالنظريات
غير العلمية :
إنتشار نظرية ما بقوة و بدون براهين تبقى عرضة للنقد.
من الممكن الإطلاع على المقال
"
الروم الكاثوليك والعروبة "الرابط
http://www.ulworld.com/index.php?inc=show_menu&dir_id=4&id=112
أولا - عنوان المقال يشد الأنظار
أ-
هنالك فرق كبير بين التعابير التالية : عربي (أصيل) و عروبي
و مستعرب أو ناطق باللغة العربية . فلو أخذنا مثلا مملكة المغرب في
شمالي إفريقيا نرى أقلية من المغاربة الذين يعودون بجذورهم الى العرب
الذين قدموا مع الفتوحات الإسلامية العربية بينما الأكثرية تنتمي تاريخيا
الى العنصر البربري. و طبعا الشعب البربريles
Berbères
هو
شعب غير عربي له إتنية خاصة. بعض المعلومات حول البربر
Berber people
الرابط
http://en.wikipedia.org/wiki/Berber_people
هنالك نسبة كبيرة من سكان المغرب تنتمي الى الشعب البربري
و لكنها مع الزمن صارت تتكلم اللغة العربية فإستعربت و بعض
البربر - و رغم أسمائهم البربرية - يؤكدون أن جذورهم هي عربية
فتحولوا مع الزمن الى
"عروبيين
" !
ب -
كثيرون من رجال الدين الروم يرددون أنهم "عرب" قبل العرب
أنفسهم و هذه مزايدة عاطفية لا تستند الى أية براهين علمية. الحجة التي يذكرنها
و هي إنتمائهم الى القبائل العربية المسيحية قبل إنتشار
الديانة الإسلامية لا يقبلها كل باحث في تاريخ العرب أو في تاريخ المسيحيين في
الشرق لأن تلك القبائل العربية المسيحية كانت قد دخلت الإسلام طمعا بالأسلاب و
الغنائم. ولا يخفى على القارئ أن العرب المسلمين قد إستطاعوا خلال عشرة سنوات
أن يقضوا على إمبراطورية فارسية كانت متواجدة مئات السنين و طردوا البيزنطيين
بعد تسلطهم على الشرق و مصر خلال ألف سنة
!
ج -
المهندس باسل قس نصر الله لا يذكر في مقاله أن طائفة الروم
تتحدر من القبائل العربية أو من الغساسنة و لكنه يردد عدة مرات"
الملكيون
"
بدون أن يذكر لنا من هم تاريخيا !
فهل هم خليط من عدة شعوب تبعت تعاليم الملك؟ أم هم من الشعب السرياني مع
بعض بقايا اليونانيين ؟
هل يوجد فرق بين عربي و عروبي و مستعرب ؟
الأرمني الذي
نجا من حرب الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعبان الأرمني و
السرياني الآرامي و الذي إستقبلته سوريا خلال و بعد الحرب العالمية
الأولى, هل نعتبره عربيا أم عروبيا أم مستعربا أي ناطقا باللغة
العربية :
سؤالي ألا يحق لهذا الأرمني أن يكون مواطنا سوريا وفيا
لما قدمته له سوريا و في نفس الوقت يحافظ على هويته الأرمنية
المهمة
!
ثانيا - هل حافظت الكنائس المسيحية في الشرق
على هويتها التاريخية ؟
يستعرض لنا المهندس باسل قس نصر الله ما ورد في الرسالة الرعوية الصادرة عن
اجتماع رؤساء الكنائس في الشرق المنعقد في لبنان عام 2000 إلى شعوب المنطقة
قاطبة و قد نقل حرفيا
"
لقد أراد الله بحكمته الأزلية أن نكون شهوده في هذه البقعة العزيزة من العالم ،
وهي إرادة نفرح بها ونستجيب لها. إن كنائسنا راسخة في هذه الأرض وهي في قلب
مجتمعاتنا تساهم في بناء الإنسان فيها وتشارك في الحياة العامة بكل أوجهها
ومتطلباتها وصعوباتها وتضحياتها ، وتقف بجانب الفقير والمحتاج والمحروم
والمظلوم
"...
من المؤسف أن الكنائس في الشرق لم تستوعب بعد
"
أهمية
"
تاريخ وجودنا في الشرق :
فنحن متواجدون فيه أكثر من ١٥٠٠ سنة
قبل إنتشار الديانة المسيحية و كنا نشكل في الشرق أكثرية عددية
ساحقة قبل إحتلال الفرنج لبلادنا
.
نحن لا نشك في حكمة الله و لكن قلة عددنا و إنقساماتنا و عمليات
تهجيرنا من مناطقنا التاريخية لن تسمح لنا أن نكون شهودا لمحبة
الله و لكن شهداء من أجل الله
!
هنالك رجال دين مسيحيين متخصصون في تاريخ الوجود المسيحي
في شرقنا الحبيب يحاولون نشر دراسات تاريخية علمية توضح أننا
مسيحي الشرق ننتمي الى شعب واحد هو الشعب السرياني الآرامي
.
فهذا مقال لسيادة المطران خضر في جريدة النهار الرابط
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Artikel/george_khodr.pdf
ورد فيه
"أننا
عند مجيئ رسل المسيح الى بلاد الشام أو الهلال الخصيب كنا آراميين"
و يقول أيضا
"أن
الطقس المعروف بالبيزنطيكان يؤدى فترة طويلة من الزمن باللغة السريانية
..."
كثيرون من رجال الدين يتسرعون في ترديد طروحات تاريخية
غير علمية يتنكرون فيها لجذورهم الحقيقية :
نحن نتمنى من الأساقفة
أن تكون لهم شجاعة المطران خضر أو أن يعالجوا موضوع هوية
المسيحيين المشارقة قبل فوات الأوان!
ثالثا - بعض التعليقات على ما ورد في مقال
"
الروم الكاثوليك والعروبة
"ينطلق
المهندس باسل قس نصر الله من طائفة الروم الكاثوليك و هو يحاول من خلال بعض
المراجع أن يشرح لنا تاريخ تسمية الملكيين
الروم الكاثوليك
!
أ -
كتب
المهندس باسل قس نصر الله " الأولى هي
تسمية
"
الملكييـن
"
حيث
أن
تسمية " ملكيين " قديمة العهد وتعود إلى القرن الخامس الميلادي الذي شهد الخلاف
بين مدرستي الإسكندرية وإنطاكية اللاهوتيتين، عندما تبنى مجمع خلقيدونيا، سنة
451، وجهة النظر الانطاكية ، بدعم من البابا لاون الكبير(440 - 461) ، وتثبيت
من الإمبراطور البيزنطي مرقيانس (450 - 457) ، مما زاد حدة الخلاف بين الفريقين
..."
*
غير صحيح أن صفة الملكيين قد أطلقت على أتباع الملك
مرقيانوس في القرن الخامس.
لا يوجد أي نص يوناني ام سرياني
من القرن الخامس
!
*
إن لفظة
"ملكيين"
هي سريانية آرامية و قد وردت في تاريخ المطران يوحنا الأفسسي في القرن السادس
بهذا الشكل
"السريان
الملكيين"
و الملك المقصود هنا هو يوستينوس الذي إضطهد
المناهضين لمجمع خلقيدونيا و أخرج المطارنة من كنائسهم بقوة
السلاح .
الإمبراطور مرقيانوس لم يضطهد مناهضي مجمع خلقيدونيا.
*
لقد أمر يوستينوس الذي سنة ٥١٨ م المطارنة و الرهبان أن
يقبلوا تعاليم بابا روما التي وردت في رسالة شهيرة له . السريان الذين
كانوا يسكنون المدن قبلوا بتلك التعاليم و لذا عرفوا بالسريان الملكيين.
ب -
ذكر المهندس باسل قس نصر الله
"
في حين أطلق أنصار المجمع على المعارضة لقب اليعاقبة ، نسبة إلى يعقوب البرادعي"
غير صحيح أن الخلقيدونيين هم الذين أطلقوا التسمية اليعقوبية
على السريان المناهضين لمجمع خلقيدونيا. فإذا عدنا الى مصادرنا
السريانية و الى تاريخ المطران يوحنا الأفسسي المعاصر لهذه الفترة
فنراه يشرح ظروف
التسمية اليعقوبية
!
ج -
أما بالنسبة الى تسمية
"الروم"
فهي ظاهريا تعني البيزنطيين
و لكن من يطلع على إنتشار السريان في الشرق يعرف أن الشعب
الآرمي( السرياني) قد إنقسم الى عدة كنائس متناحرة : السريان النساطرة
شرقي الفرات ثم السريان الملكيين و السريان اليعاقبة غربي الفرات.
و من الطبيعي أن تكون الآرامية أو السريانية اللغة الأم لهذا الشعب،
و ظلت لغة الطقس لهذه الكنائس لمئات السنين.
كانت المصادر العربية من القرنين التاسع و العاشر الميلادي تستخدم
لفظة
"
الروم
" -
و هي مشتقة من الرومان- لتقصد البيزنطيين
.و
عندما بدأ السريان الملكيون يتخلون عن السريانية و إستخدام الطقس
البيزنطي أطلق عليهم العرب تسمية
"الروم"
مع أنهم سريان آراميون
جنسا و لغة
!
الخاتمة
السريان الملكيون الكاثوليك و الأرثودكس هما طائفتان تنتميان الى
الشعب الآرامي كما يؤكد المطران خضر : كم كنت أتمنى من المهندس
باسل قس نصر الله أن يذكر لنا هوية هؤلاء المسيحيين قبل أن
ينصهروا بالبوتقة العربية حسب رأيه
!
لا أحد ينكر أن أغلبية المسيحيين في سوريا قد نست لغتها السريانية الأم و
إستعربت مع الزمن و لكن هل يحق لنا أن نردد أنها إنصهرت
و ذابت ضمن العرب الأصلاء ؟
هل العربي الأصيل يقبل من رجل أرمني أو بربري أن يقول عن
نفسه أنه عربي أو عروبي أو ناطق باللغة العربية؟
هل على المسيحي
الشرقي أو المسيحي الآرامي أن ينسى جذوره و هويته المميزة كي
يرضي بعض العروبيين ؟
لقد لعب أجدادنا الآراميون السريان دورا كبيرا في تعليم و نقل العلوم
و الفلسفة الى العرب في القرون التاسع و العاشر بدون أن يتنكروا
لهويتهم التاريخية فهل على أحفادهم أن يذوبوا و ينصهروا ضمن
العرب ليكونوا مواطنين أوفياء ؟
لا شك لقد لعب أبناء كنيسة الروم دورا كبيرا في النهضة العربية
و قد أن الوقت للعرب الأصلاء أن يساعدوا المسيحيين المشارقة
للحفاظ على هويتهم و لغتهم و حضارهم الآرامية المميزة
!
المسيحي الخائف الذي يردد أنه منصهر ضمن العرب لهو أكبر
مثل حي على عدم تقدم الشعب العربي في القرن الواحد و العشرين!
فإلى المسيحيين الشرقيين الذين يريدون تقدم الشعب العربي عليكم
أولا أن تتعرفوا على تاريخكم و جذوركم ليصبح دفاعكم عن العرب
الأصلاء مسموعا !
العربي الأصيل ليس بحاجة الى
"
مستعربين
منصهرين
"
خائفين و لكن الى مواطنين أرمن و بربر و سريان
آراميين متمسكين بجذورهم التاريخية و
"
شاهدين"
احياء على
تقدم و تطور الشعب العربي الأصيل
!
هنري بدروس كيفا
|