عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

 

 

     فيس بوك

الفكر الاشوري المزيف

ردود و تعليقات

   متفرقات

تاريخ الكنيسة السريانية   

      تاريخ الشرق

علم الآثار

    الهوية الآرامية

اللغة الآرامية

 

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

 الاختصاصي في تاريخ الآراميين

الألف و التاء : منذ البداية ولدنا آراميين و سنبقى آراميين حتى النهاية.
نعيش معا و نموت معا و من الأفضل ألا نبقى مجرد متفرجين: دافعوا
معا عن هويتكم و تراثكم من أجل الحفاظ على وجودكم!

English

ردود و تعليقات

   

هل كل المصادر القديمة هي صادقة؟

20121206

لقد طرحت مؤخرا هذا السؤال :

"ما هي العلاقة التي تربط أسماء هاتين المدينتين :

الأولى " إديسا" في بيت نهرين أي الجزيرة و اسمها السرياني" أورهوي ܐܘܪܗܝ" و العربي "الرها" و حاليا و بالتركية" سانلي أورفا " و الثانية مدينة " اللاذقية " على الساحل السوري ؟"

 طبعا الجواب الصحيح هو الرابط الذي يجمع هاتين المدينتين إديسا و اللاذيقية هو الملك سلوقس نيكاتور الذي أعطى للمدن الشرقية أسماء يونانية ربما لتشجيع الشعب المقدوني للعيش في تلك المدن !

  بعض التعليقات التي تسلط الأضواء على هذه الحقبة المهمة من تاريخ شرقنا الحبيب :

 أولا - من هو سلوقس الأول نيكاتور ٣٥٨-٢٨١ ق٠م ؟

أشهر قواد الإسكندر المقدوني و قد لقب بنيكاتور و هي كلمة يونانية تعني المنتصر بسبب كثرة إنتصاراته العسكرية .

 بعد موت الإسكندر أراد قادة الإسكندر الحفاظ على وحدة إمبراطوريته الواسعة و لكنهم تقاسموا أملاكه فعليا و قسموها الى أربعة أجزاء متناحرة !

سلوقس الطموح لم يحصل على شيئ و لكنه عين قائدا لفرقة من الخيالة فشارك بقوة في المعارك الدائرة بين قادة الإسكندر و إستطاع أن يصبح مرزبان ولاية بابل حوالي سنة ٣١٩ ق٠م و لكنه حكم بابل بين ٣١٧ و ٣١١ ق٠م تقريبا .

و كان همه الحفاظ على ممتلكات الإسكندر الشرقية و لكنه أضطر على ترك الهند و الحفاظ على إفغانستان كي يحارب بقية قادة الإسكندر في سوريا و كيليكيا .

لقد تزوج ربما بطلب من الإسكندر من أميرة فارسية إسمها " أفاما " ستلد له إبنا أنطيوخوس و إبنتين هما هما"  " .

 Laodice and Apama  و يبدو أنه تزوج مرة ثانية في حوالي سنة ٣٠٠ ق٠م من Stratonice من أجل تقوية التحالف ضد البطالسة في مصر و قد جلبت له إبنة إسمها "  Phila " يبدو إنها الإبنة الوحيدة التي عرف إنها تزوجت بعكس  " أفاما و لاوديسي "هذا الرابط هو حول شجرة عائلة سلوقس و هو مفيد

      genealogy of Seleucus I Nicator:

http://www.seleucid-genealogy.com/Seleucus_I.html

 ثانيا -  مهما كانت المصادر قديمة يجب أن نطبق عليها نقدا داخليا .

 أ - نحن لا نلوم أحدا إذا كان ينقل نصوصا من هنا و هناك و يخلط النصوص الأمينة بمراجع غير علمية و يتوهم أن آراء فلان هي أصدق من مصادر تاريخ شعب ما !

ب - بعض القراء لا يميزون بين مصدر و مرجع أو كيف يكون أحد المؤرخين مصدرا و مرجعا في نفس الوقت :

تاريخ ميخائيل الكبير هو"مصدر" مهم لتاريخ السريان و علاقتهم مع الفرنج في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي و يعتبر تاريخه " مرجعا " لما حدث للشعب السرياني الآرامي في القرنين الخامس و السادس الميلادي !

تاريخ يوحنا الأفسسي الذي عاش في القرن السادس هو مصدر أهم بكثير من تاريخ ميخائيل الكبير لأنه يكتب عن أمور حدثت حوالي ٧٠٠ سنة قبله !

ج - إنني أتذكر أن بعض مؤرخي السريان من القرن التاسع الميلادي و تواريخهم منشورة في الأعداد الأولى من مجلدات C.S.C.O في بداية القرن العشرين حيث تناقلوا أن " سلوقس قد بنى عدة مدن في الشرق و سماها Edessa على إسم إبنته  و Laodice  على إسم إبنته ...."

د - أغلب المؤرخين المتخصصين في تاريخ الرها يذكرون أن إسمها اليوناني Edessa هو تيمنا بعاصمة المقدونيين القديمة Edessa التي لا تزال موجودة حتى اليوم !

 السؤال هو هل نصدق المصادر السريانية التي تذكر أن المدينة قد سميت Edessa على إسم إبنته !

أو بعبارة ثانية من أين نقل المؤرخون السريان هذه الفكرة " أن للملك سلوقس إبنة إسمها Edessa ؟ "

علما أن كل المؤرخين اليونان القدامى لم يذكروا أبدا وجود إبنة إسمها Edessa !

ه - بعض المتطفلين على التأريخ يعتقدون أن الباحث الأكاديمي يستخدم المصادر التي تؤيد فكرته و يستبعد المصادر التي تعاكس فكرته. إنني لست باحثا متخصصا في المصادر اليونانية و لكنني لم أجد أي مؤرخ يوناني قد ذكر أن Edessa هو إسم إبنة لسلوقس

و - المصادر السريانية من القرنين الثامن و التاسع الميلادي هي غير صادقة حول علاقة إسم Edessa مع الملك سلوقس لأنها بعيدة جدا عن الحدث ( حوالي ١٠٠٠ سنة) و لكنها مصادر مهمة لتاريخ شرقنا في القرنين الثامن و التاسع الميلادي :

 مثلا  أن أقدم النصوص التاريخية العربية تعود الى بداية القرن الثامن الميلادي و قد ذكرت أن المسلمين قد إستولوا على جزيرة رودوس ( الجزيرة الواقعة بالقرب من الشاطئ التركي ) بينما نرى في تاريخ تيوفيل الرهاوي أن جيوش المسلمين قد إستولت على جزيرة إرواد الواقعة قرب الشاطئ السوري .

 لقد خلط المؤرخون العرب بين جزيرتي رودس و إرواد !

ز - أخيرا إذا كانت بعض المصادر القديمة غير صادقة في سرد بعض الوقائع القديمة فهذا لا يعني أنه يجب أن نبتعد عن المصادر القديمة و ألا نعتقد أن المؤرخين القدامى السريان أو غيرهم قد تعمدوا إرتكاب تلك " الأخطاء " لتحقيق أهداف خاصة لهم !

  ثالثا - المصادر القديمة و الأسماء الجغرافية !

سوف أستشهد بما ذكره المؤرخ أبيانوس في تاريخ روما حول أعمال سلوقس نيكاتور Appian's History of Rome :

  http://www.livius.org/ap-ark/appian/appian_syriaca_12.html#%5B%A757%5D

 فهو يكتب :

 " Of these the two most renowned at the present time are the two Seleucias, one on the sea and the other on the river Tigris, Laodicea in Phoenicia, Antioch under Mount Lebanon, and Apamea in Syria."

 أي " و من بينها مدينتان الأكثر شهرة في الزمن الحاضر و هما سلوقيا على البحر و سلوقيا على نهر الدجلة , ثم لاوديسا ( اللاذقية ( في فينيقيا , و إنطاكيا تحت جبل لبنان , و أفاميا في سوريا ..."   قد يستغرب القارئ عندما يجد أن مدينة اللاذقية  Laodicea تقع في فينيقيا و ليس في سوريا و أن مدينة إنطاكيا العاصمة لسوريا تقع تحت أي أسفل جبل لبنان!

 السؤال المنطقي هو هل أخطأ المؤرخ  أبيانوس في جغرافية هذه المدن أم أن الساحل السوري كان المؤرخون اليونانيون يسموه فينيقيا و أن سلسلة جبال لبنان كانت تطلق فعليا على كل الجبال الساحلية حتى لواء الإسكندرون المحتل ؟

سوف أعطي مثلا من التاريخ الحديث و هو " ولاية لويزيانا الأميركية" فإن كثيرين من الناس يعتقدون أن نابليون بونابرت قد باع للولايات المتحدة سنة ١٨٠٣ ولاية لويزيانا بحدودها الحالية !

و لكن إذا دققنا قليلا في منطقة لويزيانا في نهاية القرن الثامن عشر فهي أكبر من الولاية الحالية بحوالي ١٠ مرات أو أكثر لأن حدودها الشمالية كانت كندا بالذات !

 أنظر الى هذه الخريطة

http://fr.wikipedia.org/wiki/Fichier:Louisiane_1800.png 

 الخاتمة

 أ - المصادر القديمة هي مهمة جدا لدراسة التاريخ القديم و رغم الأخطاء التي نجدها فهي تبقى الوسيلة الأمينة التي تعرفنا كيف كان الإنسان يفكر في تاريخه القديم .

ب - بعض المتطرفين لا يحترمون المصادر القديمة لأسباب سياسية معروفة :

 الأتراك يدعون أنهم متواجدون في تركيا قبل الشعب الأرمني و من له إلمام بسيط في تاريخ الشرق يعرف أن الشعب الأرمني متواجد في الشرق قبل الشعب التركي بأكثر من ٢٠٠٠ سنة!

ج - يجب نقد المصادر قبل إستخدامها و هذا ما يعرف بالنقد الداخلي للنص , و من هنا أهمية الإختصاص في التأريخ .

بعض المتطفلين على علم التأريخ يتوهمون إن مقالاتهم التاريخية التي يكتبونها خلال ساعة أو ساعتين هي بحث علمي لأنهم نقلوا من بعض المراجع بعض الطروحات التي تؤيد إيديولوجيتهم .

بعض العروبيين يرددون أن الشعوب السامية ( الشرقية ) قد خرجت من شبه الجزيرة العربية و بالتالي تلك الشعوب القديمة من أكادية و عمورية و كنعانية و آرامية كانت  تنتمي الى العرب القدامى !

هذه النظرية من بداية القرن العشرين لا يؤمن بها أي متخصص في تاريخ الشرق القديم ! 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها