هل إسم صليبا يؤكد تحدر سكان مدينة جبيل من
الصليبيين ؟
هنري بدروس كيفا
أهدي هذا الموضوع الى كل من يحمل إسم " صليبا
"
يتعجب بعض القراء لماذا لا أجامل كل من يردد مفاهيم تاريخية خاطئة
و أغلبهم لا يعرف بأنني إذا قبلت كباحث هذه المفاهيم الخاطئة فإنني
سأشجع هؤلاء الإخوة على تصديقها و ترديدها
.
هدفي ليس النقاش مع إخوة ليس لهم أي إطلاع على تاريخ شرقنا ولا
يعرفون الفرق بين مصدر و مرجع تاريخي و بكل تأكيد لا يملكون أية
منهجية علمية:
يطلب مني بعض الإخوة أن أعلق على بعض المفكرين
الذين يدافعون عن مفاهيم تاريخية مسيسة مثل الهوية اللبنانية و المشكلة
هي أن أغلب مسيحيي لبنان قد تعلموا منذ صغرهم بأنهم " لبنانيون
"
و أنهم أصحاب " هوية خصوصية "! إنني كباحث لا أستطيع أن أقنع
هؤلاء " اللبنانيين " طالما الكنيسة المارونية و الأحزاب المسيحية و
الإعلام يردد بأننا لبنانيين بينما نحن مواطنون في دولة لبنان و لم
يكن يوجد شعب لبناني أو هوية لبنانية لا في التاريخ القدم و لا في
التاريخ الحديث
!
ملاحظة : إنني لست من مؤيدي الفكر القومي السوري و لا الفكر العروبي و
لكنني من مؤيدي التاريخ العلمي
.
أولا - ما معنى إسم " صليبا
"
إسم " صليبا " هو باللغة السريانية الآرامية "
ܣܠܝܒܐ
"
و هو يعني الصليب و هذا الإسم قد إنتشر بين المسيحيين الآراميين اليوم
يوجد.
مئات العائلات السريانية التي تحمل هذا الإسم السرياني
.
من المؤسف أن بعض المؤرخين العروبيين يتلاعبون بالحقائق التاريخية
و الجغرافية مثل المؤرخ كمال الصليبي الذي كان يدعي بعروبة جميع
مسيحيي لبنان و بأن إسرائيل التاريخية لم تكن متواجدة جغرافيا في
فلسطين و لكن في شبه الجزيرة العربية و تحديدا في الحجاز !
و
كان يقدم تفسيرات خاطئة ليؤكد مزاعمه المزيفة
!
ثانيا - لماذا يجب نقد المفاهيم الخاطئة و المنطق الشعبي
!
تعرفت على شاب لبناني من عائلة صليبا و و عندما علم بأنني باحث
متخصص في التاريخ السرياني قال لي بأنه يحب التاريخ و هذا مما
شجعني أن أسأله " ما معنى إسمك صليبا ؟ "
و تعجب من سؤالي و
قال لي بسرعة : صليبا يعني الصليبي أي المقاتل الذي جاء من أوروبا!
قلت له :
إن إسم صليبا هو سرياني و يعني الصليب و ليس الصليبي
و هنالك عدة مطارنة و كهنة و عائلات في كل الشرق يحملون هذا
الإسم الذي يدل على إنتمائهم السرياني و ليس الأوروبي
!
و هنا ظهر لي أن هذا الأخ يحب التاريخ الشعبي الخرافي و المنطق
الشعبي لأنه أجابني " أنت مخطئ !
إذهب الى مدينة جبيل و أنظر
الى عشرات الأسماء " صليبا " المعلقة على أبواب المحلات التجارية
!
قلعة جبيل هي صليبية و كذلك سكان هذه المدينة و لا يزال إسم صليبا
يؤكد إنتماؤهم الأوروبي
..."
ثالثا - هل صحيح أن اسم صليبا يدل على إنتماء صليبي أوروبي ؟
أ - ملاحظة مهمة جدا : جميع المصادر
الأوروبية و العربية و السريانية
و الأرمنية لم تستخدم تعبير " الصليبيين " و لكن " الإفرنج " .
لقد ترك
الصليبيون أثارات عديدة في الشرق و هنالك بناء في مدينة صيدا لا
يزال اسمه حتى اليوم " خان الإفرنج " و ليس خان الصليبيين
!
المؤرخ السرياني ميخائيل الكبير عاصر الإفرنج و ذكر مهاملتهم القاسية
و هو يسميهم الإفرنج و باللغة السريانية "
ܦܪܢܔܝܐ
"
نفس الملاحظة
بالنسبة الى المصادر العربية و الأرمنية
.
ب - حتى المصادر الأروبية القديمة لم
تستخدم تعبير صليبي
Croisé :
و لكن المؤرخ الفرنسي المشهور
Joseph-François Michaud
هو
أول من إستخدم تعبير صليبي في تاريخه
Histoire des croisades
الذي صدر بسبعة أجزاء إبتداء من سنة ١٨١٢ م !
هذا المؤرخ قد
سمى هؤلاء المقاتلين الأوروبيين ب
Les Croisés
لأنه لاحظ بأنهم
كانوا يرسمون إشارة الصليب على أعلامهم أو ثيابهم أو دروعهم
!
ج - بصراحة إن إسم صليبا و صليبي هما
سريانيان و المعنى الأول
لهما هو الصليب و هذا الإسم السرياني كان متواجدا في الشرق قبل
هجوم الصليبيين بحوالي ٥٠٠ سنة . و هذا يعني أنه لا يوجد أية علاقة
بين إسم صليبا السرياني و الترجمة العربية للفظة
Les Croisés !
د - لا أعلم متى ترجمت لفظة
Les Croisés
الى اللغة العربية و
منطقيا إن هذه اللفظة " الصليبيين " بمعنى الإفرنج قد دخلت الى اللغة
العربية في القرن التاسع عشر و ليس قبله ! فالمؤرخ كمال الصليبي
لا ينتمي الى العرب كما كان يتوهم و لكن الى السريان أجداده مثله
مثل جميع مسيحيي الشرق
!
ه - إن جميع الإخوة الذين يحملون اليوم
إسم " صليبا " ينتمون الى
الشعب السرياني الآرامي و إن كان إسم كنيستهم اليوم " روم " أو "
مارونية " أو " كلدانية " أو " أشورية " أو " سريانية
" !
أخير وجود قلعة إسمها " القلعة الصليبية " في مدينة جبيل لا يعني أبدا
أن سكان هذه المدينة يتحدرون من الصليبيين !
إن إطلاق تسمية الصليبية
على هذه القلعة هو في التاريخ الحديث لأن التسمية الصليبية
Les Croisés
لم تكن موجودة في القرنين الثاني عشر و الثالث عشر! |