المسيحيون لا يتعرضون لحرب إبادة في شرقنا الحبيب ...
2011-02-25
لقد وقعت
مأسي و مذابح و مضايقات جمة للمسيحيين في شرقنا و لا احد ينكر ان المسيحيين هم
ضحايا بريئة لبعض المتطرفين : و لكن لا يحق لأحد أن يدعي أن المسيحيين يتعرضون
لحرب إبادة جماعية . هنالك صراع خفي خاصة في العراق بين بعض رجال الدين
المسيحيين بالأخص الكلدان منهم و بعض الكتاب المغامرين و المدعين بالتسمية
الأشورية .
أ -
رجال الدين المسيحيين و رغم تعرضهم لكثير من الجرائم الشنيعة يحاولون وصف هذه
المأسي و المضايقات بكلمات دقيقة لأنهم يعرفون أن مفتعلي هذه الجرائم هم
مجموعات صغيرة لا تمثل شيئا و هم يعرفون أن المسلمين العراقيين هم ايضا ضحايا
الإرهاب و لا يريدون السوء لإخوانهم المسيحيين .
اتمنى
من القارئ أن يطلع على ما نشر بعد إنعقاد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في
لبنان على الرابط
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,484829.0.html
حيث نرى "
ضحايا الاعتداءات التي طالت المسيحيين " و " على وجوب حماية جميع المواطنين من
التعديات الإرهابية."
كما أكد
"أن "المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط هم مواطنون وأوفياء لأوطانهم ..."
ب -
كثير من الناشطين " الأشوريين" يضخمون من أهمية هذه المأسي و يحولونها الى "
حرب إبادة" و " خطة مدبرة" ... و أغلبيتهم الساحقة تعيش خارج العراق و لكنها
تدعي بالإهتمام بمصير إخوتنا المسيحيين و لكنهم يرمون الزيت على النار
بإستخدامهم تلك التعابير المتطرفة !
لقد نشر د.
جميل حنا مقالا عنوانه " القصارى في نكبات النصارى- شاهدعيان إبادة شعب- 1"
موجود على الرابط
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=479836.0
هذا المقال
فيه تشويه متعمد لتاريخ و هوية الشعب السرياني الآراميو وإتهامات باطلة بحق
المسؤولين في الحكومات العربية .
أولا - ما هي حرب الإبادة الجماعية
GENOCIDE
؟
كلمة حديثة
لمفهوم جديد في إدارة و ممارسة الحرب ضد دولة او شعب ما .
يتسرع بعض
المفكرين في إطلاق صفة حرب الإبادة على بعض المجازر التي أرتكبت ضد شعب ما
بينما المؤرخون و الحقوقيون يطلقون هذه الصفة على حالات نادرة. يعتبر الحقوقي
Raphaël Lemkin
رفائيل لمكين هو أول من إستخدم لفظة
GENOCIDE
حرب إبادة سنة ١٩٤٤ و قد إستخرج هذه الكلمة الجديدة من
GENO
كلمة يونانية تعني العرق او القبيلة و
CIDE
كلمة لاتينية تعني الدمار .
و هذا
المصطلح الجديد قد أطلق على الشعب الأرمني ضحية الحكومة العثمانية التي خططت
لإبادة الشعب الأرمني بكامله . في الرابط التالي يستطيع القارئ أن يتعرف أكثر
على تاريخ و المعنى الدقيق لمصطلح " حرب الإبادة" .
http://www.ushmm.org/wlc/en/article.php?ModuleId=10007043
إن شعبنا
السرياني الآرامي هو ثاني شعب يتعرض لحرب إبادة بعد الشعب الأرمني و للأسف أن
أحزابنا و مؤسساتنا و كنائسنا لا تهتم كثيرا لهذه القضية المهمة . يعترف مجلس
الأمم المتحدة بأربع حروب إبادة و هي :
* المجازر
الجماعية التي تعرض لها الشعب الأرمني خلال الحرب العالمية الأولى .
*
الهولوكست الذي قامت به ألمانيا النازية ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية
.
* المجازر
التي تعرض لها شعب التوتسي من قبل الهوتو في دولة راوندا في إفريقيا .
* مجزرة
سريبرينسكا
Srebrenica
التي تعرضت لها من قبل الصرب.
ثانيا - هل يتعرض المسيحيون لحرب إبادة " ثانية" ؟
إنني لا
اعرف من هو د. جميل حنا ؟
و ما
هو إختصاصه ؟
أغلب
مقالاته هي للدفاع عن الفكر الأشوري . و من المؤسف ان هذا الأكاديمي قد ردد في
مقاله هذه التعابير المتطرفة :
* " ألا
وهو دور الأجهزة والحكومة بمختلف شرائحها تنفيذ خطة مدبرة ومنظمة بإحكام للقضاء
وإنهاء الوجود المسيحي في العراق بغض النظر من كان الشخص المباشر لتنفيذ هذه
العملية الإجرامية,"
*" إن
جرائم الإبادة التي يتعرض لها الشعب المسيحي هي أحدى السمات البارزة التي يمتاز
بها تاريخهم.وما أشبه اليوم بالبارحة, الأعمال البربرية والتعطش إلى دماء
المسيحيين الأبرياء كانت وما زالت تنطلق من ذات المنبع التي تتغذى منه ألا وهو
التعصب الديني والقومي أو ما يسمى الجهاد ضد الكفار."
هذا
الأكاديمي المغامر يقارن بين حرب الإبادة الجماعية التي تعرض لها اجدادنا فعلا
سنة ١٩١٥ و ذهب ضحيتها أكثر من مئتي ألف شهيد مع ما تم في العراق من مجازر و
مضايقات و لا يستحي من ذكر ما تعرض له نادي آشور بانيبال الثقافي " .
وما الهجوم
البربري الأخير الذي أرتكب ضد نادي آشور بانيبال الثقافي في بغداد هو مثال ساطع
لنا سطوع الشمس." من المضحك المبكي أن هذا الأكاديمي لم يذكر الجريمة النكراء
التي تمت في كنيسة سيدة النجاة و ذهب ضحيتها أكثر من خمسين شهيد !
مقالة هذا
الاكاديمي بعيدة عن الواقع الذي يعيشه المسيحيون في شرقنا الحبيب :
لا يوجد
خطط مدبرة لإبادة المسيحيين و لا يوجد حكومات ضالعة أو مؤيدة للعمليات
الإجرامية التي تعرض لها بعض المسيحيين !
نحن لا
نستغرب من صاحب هذا المقال المتطرف أن يردد هذه العبارات بدون أن يدرك خطورتها
لأن الفكر الأشوري الذي يناضل من أجله لا يعمل من اجل المسيحيين و لكن من اجل
نشر فكر قومي مزيف لهوية المسيحيين السريان .
صاحب
هذا المقال يتجاهل هويتنا التاريخية فهو يتجاهل أن الأب إسحق أرملة هو من رواد
الفكر الآرامي و كان - رحمه الله - يؤمن أن السريان ينتمون الى الآراميين و لكن
هذا الأكاديمي د. جميل حنا يزيف نضال هذا الأب الفاضل الذي كان يسمي لغتنا
دائما اللغة السريانية او الآرامية .
كتب د.
جميل حنا " هذا الكتاب يعتبر وثيقة تاريخية نادرة, وذات أهمية كبرى تسجل تفاصيل
حملات الإبادة والأعمال الإجرامية التي مورست بحق الأبرياء من الأطفال والنساء
والشيوخ والعزل من السلاح.
وهي ذات
قيمة فائقة لأنها كتبت من قبل شاهد عيان من أبناء الأمة الآشورية ..."
يستطيع
القارئ ان يتعرف على حياة و دراسات الأب إسحق أرملة من خلال هذا البحث "
الخورفسقفوس اسحق أرملة ( + 1954 )"
على هذا
الرابط
http://www.syrcata.org/index.php?module=subjects&func=listpages&subid=221
حيث نرى ان
هذا الأب كان ضليعا و أمينا لهوية اجداده التاريخية فهو يسميهم سريان و له كتاب
غير مطبوع عنوانه " تاريخ الدول الآرامية السريانية ( خمسمئة صفحة )."
فمن العار
على أكاديمي مثل د. جميل حنا أن يزيف هوية الأب إسحق أرملة الى" أشورية مزيفة"
الخاتمة
أ-
هذا المقال لا يهدف الى الدفاع عن الحكومات العربية في شرقنا الحبيب لأن تعرض
المسيحيين لبعض الجرائم النكراء لا يعني أنهم يتعرضون لحرب إبادة .
ب-
دعاة الفكر الأشوري يضخمون الأمور و يحاولون بكل الطرق التأثير على الرأي العام
الدولي و المحلي .
لقد
إستفادوا من مأساة سيميل سنة ١٩٣٣ لأنها أدت الى تدخل عصبة الأمم خاصة لإيجاد
حل للمهجريين من السريان المشارقة و كانت عصبة الأمم قد إستخدمت التسمية
الأشورية
ASSYRIAN
في وثائقها .
الناشطون"
الأشوريون" يسعون الى نزع إعتراف الأمم المتحدة و الدول الكبرى بوجود " حرب
إبادة ضد الأشوريين" و هم يتوهمون أن ذكر بعض السياسيين الأجانب للتسمية
الأشورية سيكرسها بين أبناء الشعب السرياني الآرامي !
التسمية و
الهوية التاريخية تحددها المصادر و المراجع العلمية و ليس موظف في عصبة الأمم
سابقا او مستشار للرئيس الأميركي !
ج -
إن حرب إبادة حقيقية تعرض لها شعبنا السرياني الآرامي سنة ١٩١٥ و محاولات دعاة
الفكر الأشوري لتحويلها الى" حرب إبادة أشورية" هي مضيعة للوقت و ربط قضيتنا
بتسمية أشورية مزيفة لم يؤمن بها اجدادنا .
الفكر
الأشوري يريد أن يحول حرب الإبادة التي تعرضنا لها الى " ورقة سياسية" للحصول
على مكاسب سياسية !
النضال من
اجل حرب الإبادة التي تعرض لها اجدادنا يتطلب الصدق و الإخلاص : المنادون
بالتسمية الأشورية هم سريان أراميون مثلنا و تزييفهم للتاريخ يضعف حقوقنا .
د -
الأحزاب الأشورية تناضل من اجل طروحات غير حقيقية و لا تهتم بمصير المسيحيين
سكان الشرق الأصيلين .
لقد فشلت
في أن تكون ممثلة للأشوريين في العراق فها هي تعمل كي تكون ممثلة للمسيحيين في
العراق .
الكنائس
الوطنية الكلدانية و المارونية و السريانية لا تعمل مباشرة في الحقل السياسي و
لكنها اثبتت انها متجذرة في كل الشرق و تحاول ان تصمد فيه بينما بعض دعاة الفكر
الأشوري لا يزالون يتوهمون أننا " أبناء الأمة الأشورية" و أن الدكاكين الحزبية
الأشورية تمثل المسيحيين في شرقنا الحبيب و يحق لها أن تغامر في مصيرنا على
طاولة القمار !
ه -
لا شك أن
المسيحيين عانوا و تعرضوا لجرائم بشعة و لكن من اجل إيصال صوتنا الى مسامع
الحكام علينا أن نستخدم تعابير مدروسة واضحة كما فعل مجلس البطاركة الكاثوليك
في لبنان :
إستخدام
التعابير المتطرفة لا يخدم وجودنا المسيحي في الشرق .
المسيحيون
لا يتعرضون لحرب إبادة في الشرق و لكن لمحاولات يائسة من أقلية متطرفة تريد ان
تفرض طروحاتها الخاطئة ... |