هل كانت اور كلدانية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد؟
20110213
لقد نشر موقع التنظيم الآرامي مقالا مهما للأخ الفاضل حبيب تومي
عنوانه " بابا الفاتيكان يعتزم زيارة اور الكلدانيين فلماذا لا ندعوه
لزيارة القوش و.." و موجود على الرابط
HabebTomi
قبل التعليق أحب أن أذكر القارئ بالمثل الصيني " عندما يشير
الحكيم بإصبعه الى القمر ، عليك أن تنظر الى القمر و ليس الى
إصبع الحكيم ". نحن من المفكرين الذين يتعلمون من مواقف الأخ
حبيب تومي الحكيمة و لكننا في نفس الوقت نتمنى أن تكون
طروحاتنا التاريخية مبنية على براهين موثوقة كي يتعرف السورايي
أننا فعلا ننتمي الى شعب واحد
.
إنني أؤيد الفكرة الرئيسية في مقال الأخ حبيب تومي : زيارة البابا
بندكتوس السادس عشر هي ضرورية لأنها ستشجع العائلات المسيحية
في البقاء في وطنهم العراق كما أن هذه الزيارة ستسلط الأضواء على
أوضاع العراقيين الصعبة.
إنني أختلف مع الأخ حبيب تومي حول نقطة تاريخية مهمة و هي
هوية الكلدان التاريخية
:
أ-
هل القبائل الكلدانية كانت متواجدة في العراق في القرن الثامن
قبل الميلاد لأن التوراة قد ذكرت أن ابراهيم قد رحل من اور الكلدانيين ؟
و هنا نحب ان نعرف من هم الكلدان ؟
ب -
هل القبائل الكلدانية هي آرامية جنسا و لغة و هي متواجدة في
العراق منذ القرن العاشر او الحادي عشر قبل الميلاد حسب دراسات
بعض العلماء المتخصصين في تاريخ الشرق
.
اولا -
النقاشات حول جثة
OTZI
المحنطة في الجليد
لقد وجدت هذه الجثة المحنطة في الثلج في جبال الألب سنة ١٩٩١و قد سميت
OTZI
و عمرها حوالي ٥٣٠٠ سنة ! و قد وجدت بعض
الأسلحة بالقرب منها .لقد تسرع بعض العلماء في محاولة تفسير
موت هذا الإنسان في منطقة جبلية علوها ٣٢٠٠ متر : البعض ذكر
انه مات بسبب البرد و البعض يؤكد انه وقع في حفرة ثلجية صارت
مقبرة له و منهم من يقول انه صياد بسبب الأسلحة و منهم من يعتقد
بأنه كان تاجرا متنقلا
...
في حوالي سنة ٢٠٠١ إكتشف احد العلماء ان جثة
OTZI
مصابة
بعدة جروح طفيفية و جرح عميق في كتفه و سرعان ما وجد احد
الأطباء بواسطة الأشعة قطعة غريبة داخل الجثة و قد أكتشف لاحقا
انها رأس سهم ! و هنا تطورت النقاشات حول
OTZI :
فهو مات
قتلا و ليس بسبب البرد او الجليد و إنتشرت عدة آراء حول مقتل
OTZI
و قد انتشر و تغلب الرأي الذي يقول ان
OTZI
قد جرح في
السهل و هرب من اعدائه نحو قمة الجبل حيث مات و لكن ابحاث
اخيرة قام بها طبيب أثبت فيها ان السهم قد قطع احد شرايين القلب
وأن الجرح القاتل لم يترك ل
OTZI
إلا عدة دقائق قليلة قبل مفارقة
الحياة ! و هذا يعني ان
OTZI
قد قتل في منطقة عالية غير مأهولة
و دفع العلماء الى محاولات جديدة لمعرفة من خلال الجثة و الأغراض
التي وجدت بقربه لما و كيف قتل في أعلى الجبل ؟
هذا رابط فيه شرح مفصل و صور عن جثة
OTZI
http://en.wikipedia.org/wiki/%C3%96tzi_the_Iceman
و هذا رابط آخر من
BBC
http://www.youtube.com/watch?v=GK204JvfYk0&feature=fvw
ما هو الهدف من ذكر هذه النقاشات حول
OTZI
؟ بكل بساطة
إن النقاشات تتطور فخلال العشر سنين الأولى كانت النقاشات حول
كيف مات
OTZI
بينما في السنين الأخيرة صارت النقاشات هي حول
مقتل
OTZI
و أسبابه ؟
ثانيا - هل كانت اور كلدانية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد ؟
أ -
لا يزال بعض إخوتنا من الكلدان متأثرين بنظريات الفنان
عامر حـنا فـتـوحي المزيفة فهو يدعي ان الكلدان القدامى كانوا متواجدين
في العراق قبل السومريين و هذه نظرية لا يؤمن بها إلا السيد فتوحي
و من المؤسف ان بعض الأكاديميين الكلدان يصدقون هذه النظريات
التي تبعدهم عن تاريخهم الأكاديمي
.
هنالك مقال للأديب مايكل سـيـﭙـي عنوانه " الكـلـدانيّـون يحـتـفـلون بـ
أكـيـتو 7311 ومؤتمر النهضة الكـلـدانية2011 " على الرابط
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,482070.0.html
*
إن أكيتو هو عيد وثني و قد توقف أجدادنا عن الإحتفال به و هو
اليوم من صنع الفكر الأشوري متوهمين أنه إحتفال أشوري
.
*
إن سنة 7311 هي خرافية و تدل أولا عن مدى تجاهل الكلدان
لتاريخ الشرق القديم بشكل عام و التاريخ الكلداني بشكل خاص.
*
أنه لمن المؤسف حقا " ربط" مؤتمر النهضة الكلدانية 2011 بطرح خرافي لا يوجد
اي عالم متخصص في تاريخ الشرق قد سمع به
!
*
ألا يستطيع القيمون على هذا المؤتمر أن يتأكدوا من صحة هذا
الرقم الخيالي 7311 ! هل النهضة القومية تبنى على طروحات
تاريخية غير علمية ؟
إذا كان الكلدان متواجدون في العراق منذ 7311 سنة حسب طروحات
الباحث فتوحي فإنه من البديهي - حسب نظريته الفذة - الكلدان كانوا
متواجدين في اور في القرن الثامن عشر قبل الميلاد
!
ب -
كتب الأخ حبيب تومي" اقترن اسم اور الأثرية في التاريخ باسم اور
الكلدانيين" . هذه الجملة يكتنفها بعض الغموض
:
*
لم يرد تعبير " اور الكلدانيين" في الكتابات الأكادية القديمة و لكن
فقط في التوراة
.
*
الباحثون في تاريخ الشرق القديم لا يعتبرون أسفار التوراة كمصدر
وثيق
.
*
إن أسفار التوراة قد كتبت على مراحل زمنية : أقدمها تعود الى القرن
السادس قبل الميلاد
.
*
إن تعبير " اور الكلدانيين" يعني ان هذه المدينة كانت كلدانية في
القرن السادس قبل الميلاد و ليس في القرن الثامن عشر قبل الميلاد
!
ج -
تاريخ الكلدان حسب المراجع العلمية
:
طبعا لا يوجد اي ذكر للتسمية الكلدانية قبل تاريخ السومريين و حسب معلوماتي
المتواضعة لا يوجد اي ذكر للكلدان
في اللغة السومرية
القديمة. هنالك دراسات تاريخية عديدة حول تاريخ القبائل الكلدانية
سوف أذكر اهمها
:
KUPPER, J.R., Les Nomades en Mésopotamie au temps des rois de Mari
Brussels (1957).
http://books.google.fr/books?id=O1MnjkHpfQ0C&pg=
PA121&lpg=PA121&dq=reine+aram%C3%A9enne&source=
bl&ots=p17iZI2cpg&sig=hnyHMRglOqiwHG0Dhftwd6yhrbg&hl=fr&ei=
TcnUS_OAJoiC_AaJ9_mxDw&sa=X&oi=book_result&ct=
result&resnum=7&ved=0CCQQ6AEwBg#v=onepage&q=reine%20aram%C3%A9enne&f=false
BRINKMAN, J.A., A Political History of Post-Kassite Bahylonia. Rome
(1968) PP 267-285.
http://books.google.com/books?id=iykVSxTD7usC&pg=PA267&lpg=
PA267&dq=the+arameans&source=bl&ots=XhI3QYGOiZ&sig=
5phQtCcr99YBQLgYhE6Rm4Hn6YI&hl=fr&ei=LLipSdW_GOTSjAe38JTjDw&sa=
X&oi=book_result&resnum=6&ct=result#v=onepage&q=the%20arameans&f=false
LIPINSKI, E, The Arameans, Their Ancient History, Culture, Religion.
In Orientalia Lovaniensia Analecta. T-100 (2000).
http://books.google.ca/books?id=rrMKKtiBBI4C&pg=PA26&dq=aram+naram&lr=&as_brr=3#v=
onepage&q=aram%20naram&f=false
هنالك كتاب مهم جدا حول تواجد القبائل الكلدانية و الآرامية و هو
COLE, ST.W, Nippur IV, The Early Neo-Babylonian Governor’s Archive From
Nippur.
1996.
كتاب العالم
COLE
هو كناية عن ترجمة لحوالي 130 رسالة
مكتوبة بالأكادية الصادرة و الواردة الى حاكم مدينة نيبور الكلداني. هذه
الرسائل هي وثائق غنية بالمعلومات عن العلاقات بين القبائل
الكلدانية و الآرامية في القرن الثامن قبل الميلاد
.كل
هذه الدراسات الأكادمية تثبت لنا ان القبائل الكلدانية كانت متواجدة
في القرن العاشر قبل الميلاد في بلاد أكاد
.
من يتعمق في تاريخ بلاد أكاد في الألف الثاني يجد ان القبائل
العمورية قد إستولت على بلاد أكاد ثم الشعب الكوشي بين القرن
السادس عشر و الثاني عشر قبل الميلاد
.
ثالثا - هل يبحث الكلدان عن هوية تاريخية حقيقية ؟
أ -
من المؤسف أن بعض طروحات إخوتنا الكلدان تتطرف بحجة
الدفاع عن حقوق الأكثرية الكلدانية : بعض المواقع و الشخصيات
الكلدانية صارت تستخدم تعبير " اللغة الكلدانية"
!
ب-
طروحات تاريخية لا يقبلها العقل و المنطق تؤدي في النهاية
الى تقسيم الكلدان أنفسهم و عزلتهم عن بقية السورايي
!
ج -
ما هي الفائدة في إيهام الكلدان انهم كانوا متواجدين في العراق
في القرن الثامن عشر قبل الميلاد بينما المصادر تؤكد وجودهم في
القرن العاشر قبل الميلاد ؟ أليس من الأفضل دراسة تاريخ الكلدان
من خلال مراجع علمية
!
د -
نقد الطروحات التاريخية الكاذبة هو بداية النهضة الكلدانية اما
تصديق الطروحات التاريخية الشوفينية فهو تراجع فكري
.
ه -
المراجع العلمية تثبت لنا إنتماء القبائل الكلدانية الى الآراميين
و أن علماء الكنيسة الكلدانية يؤكدون إنتمائها
الآرامي الذي يوحد كل
مسيحي الشرق
.
الخاتمة
هنالك عشرات الكتب و الدراسات حول جثة
OTZI
المحنطة و من
يتابع الدراسات حول هذه المومياء يعرف ان
OTZI
قد مات على أثر
إصابته بسهم و ليس بسبب البرد او الجليد
.
إذا كان الأكادميون الكلدان يصدقون طروحات الفنان فتوحي التي
لا يقبلها العقل فهذا يعني أن هؤلاء الأكادميين غير ملمين بتاريخ
الشرق القديم
.
لقد نقل الأخ حبيب تومي هذه الفقرة من قاموس المطران اوجين منا
حول الكلدان:
"
الكلدانيون : هم العلماء وارباب الدولة من اهل بابل وأطرافها . او جيل من
الشعوب القديمة كانوا اشهر اهل زمانهم
في سطوة الملك والعلوم وخاصة علم الفلك . ولغتهم كانت الفصحى بين اللغات
الآرامية وبلادهم الأصلية بابل وآثور
والجزيرة اي ما بين نهري الدجلة والفرات وهم جدود السريان المشارقة الذين
يسمون اليوم بكل صواب كلداناً
"
المطران منا كان عالما لغويا و معلوماته التاريخية مبنية على بعض
معلومات شحيحة من اواخر القرن التاسع عشر و بالتالي هذه الفقرة
مليئة بالأخطاء التاريخية و الجغرافية
.
نحن نتمنى نهضة حقيقية بين إخوتنا الكلدان مبنية على أسس
قوية : طروحات الفنان فتوحي التاريخية هي شوفينية
متعصبة
تناقض الدراسات الموضوعية حول الكلدان . نتمنى من الأكادميين
الكلدان أن يتدارسوا خطورة هذه الطروحات قبل إنعقاد المؤتمر
.
أخيرا الرقم الخيالي سنة 7311 لا يشير الى نهضة و لكن الى
تبني فكر ايديولوجي كلداني بعيد عن هويتنا السريانية الآرامية التي
يؤمن بها قداسة البطريرك عمانوئيل دلي و علماء الكنيسة الكلدانية
و على رأسهم الأب المؤرخ ألبير أبونا.
|