آثار آرامية في باريس
1 ـ معرض الاثارات السورية.
2 ـ دور الآراميين في تاريخ سوريا.
3 ـ الآراميين وبلاد اشور.
4ـ الاثارات الآرامية المعرفة
5ـ الاسطياعات.
اولأـ معرض الاثارات السورية:
يُقام حاليا من 14 ايلول حتى 27 شباط 1994 معرضاً للاثارات السورية في
باريس، وذلك في معهد العالم العربي، وهو يتضمن مكتبات كبيرة وصالات للعرض
والسينما
والمسرح، وهي مختصة بالعالم العربي. ادارة هذا المعهد نصفها فرنسي
والنصف الآخر من العالم العربي.
يهتمّ المعهد بعرض ودرس الحضارات الموجودة في العام العربي: المعرض الحالي
هو للاثارات السورية القديمة، من حوالي 15 الف سنة قبل الميلاد حتى الحكم
العثماني في
سوريا. والمدهش ان القائمين بهذا المعرض قد وضعوا الاعلانات
عنه في المجلات والصحف وعلى واجهات المطاعم والمحلات، وذلك لشدّ الزوّار
الى هذا المعرض. والاعلان
هو تمثال ملك غوزانا الآرامي الذي اكتشف موّخرا
سنة 1979 في تل الفاخرية في سوريا.
يلاقي هذا المعرض نجاحاً كبيراً، وذلك بتنظيمه وبعد الزوار الذين يدخلون
اليه كل يوم. وقد قسّم المعرض الى عدة حقبات زمنية:
ماقبل التاريخ الالف الرابع ق.م .
الالف الثالث ق.م.
الالف الثاني ق.م.
الالف الاول ق.م.
ثم الحقبة اليونانية-الرومانية، واخيراً صالة كبيرة للحقبة الاسلامية، وهي
منذ دخول العرب الى سوريا حتى الفترة العثمانية. وقد وضع المنظمون لوحات
عديد تشرح للزائرين عن
هذه الحقبات الزمنيةالتي مرّت فيها سوريا وخاصة عن
المدن والاثارات المهمة المكتشفة فيها، وكذلك الشروحات العديدة حول
التماثيل المعروضة وخاصة الشعوب التي لعبت
دوراً في تاريخ سوريا القديم.
ثانياً – دور الاراميين في تاريخ سوريا:
الحقبة التي تهمنا في هذا المعرض هي الالف الاول قبل الميلاد حيث انتشرت
الممالك والدويلات الارامية على نهر الفرات والجزيرة وفي جنوب ووسط العرق،
وخاصة في سوريا
الحالية حيث اشتهر ملوك دمشق الآراميين في محاربتهم اليهود
وصدّ الهجمات الاشورية.
كانت الكتابات الاكادية تسمي سوريا ببلاد (عمورو)
اى "الغرب" وقد عّرفت ايضاً ببلاد "عبر النهر" وذلك نسبة الى نهر الفرات،
ولكن منذ انتشار الآراميين سُميت البلاد باسمهم
وعُرفت ببلاد آرام، وقد
وردت هذه التسمية في الكتابات الاشورية القديمة وخاصة في النص الذي وجد في
سفيرة قرب حلب ( راجع مجلة آرام العدد 3-4 ).
رغم سقوط الممالك الارامية بيد الاشوريين وذلك في بيث نهرين سنة 853 ق.م.
فاننا نرى الممالك الارامية في بلاد آرام (سوريا) تتحد وتصدّ الجيوش
الاشورية، ولم تسقط
دمشق الاّ سنة 732 ق.م. الكتابات الاشورية القديمة تثبت
لنا ان الآراميين كانوا وظلوا يوّلفون الاكثرية الساحقة في بيث نهر ين (
الجزيرة) ويلاد آرام (سوريا) وجنوب ووسط
العراق بابل، وبعكس مايدعي الاستاذ
ابروهوم نورو بأن سكان هذه المناطق كانوا من الاشوريين.
حافظ الآراميين على عاداتهم وتقاليدهم والهتهم وانتشرت لغتهم وكتاباتهم في
كل الشرق، وقد استعمل الفرس الكتابة الارامية وصارات الارامية اللغة
الرسمية في كل ارجاء
الامبراطورية الفارسية ورغم تعاقب الاحتلالات
الاجنبية، ورغم تعاقب قرون عديدة فقد ظلت سوريا باكثريتها من الشعب
الآرامي.
وكان هذا الشعب من اول الشعوب التي اعتنقت المسيحية وقذ استشهدوا
في سبيل نشر الايمان المسيحي . لعب الآراميون دوراً كبيراً في نقل الثقافة
والعلوم من اليونان الى
العرب خاصة في القرن التاسع والعاشر الميلادي، وقد
تقدم السريان الآراميون في كل ميادين العلم وظلوا يوّلفون الاكثرية في
القرى والمدن الصغيرة في سوريا.
ان انتقال الحكم الى مسلمين غير عرب من
سلاجقة وفرس ومماليك، ثم حرب الصليبيين وهجمات المغول المدمرة، سوف توّدي
الى تقلص عدد السكان السريان الآراميين، وتحولهم الى اقلية.
ثالثاً- الآراميون وبلاد اشور:
يلاحظ الزوئر ان القسم الارامي من المعرض، لا يتعدى اربع او خمس تماثيل،
ولكن القاعة كانت مليئة بالشروحات عن الاراميين ولغتهم وممالكهم وخاصة
الدور الحضاري الذي
لعبه الاراميون في الشرق. وكان الزائرون يقفون متأملين
امام لوحة عن اللغة الارامية جاء فيها ان السيد المسيح قد تكلم باللغة
الآرامية وقد وضع القائمون على المعرض
مختصراً عن الآراميين جاء فيه
(الآراميون ودولة اشور) زرعت بعض القبائل الارامية الدمار في بلاد بابل و
بلاد اشور بينما البعض الاخر تخلى عن البداوة وسكنوا في سوريا.
اشهر
ممالكهم هي: دمشق – غوزانا – تل برسيب - حماة، وقد اعادوا الى الحياة حضارة
الذين سبقوهم على هذه الارض.
لقد انتشر الاراميون بشكل متصاعد في كل الشرق حتى ايران وقد ادخلوا في كل
مكان لغتهم والكتابة التي ورثوها ... اصبحت اللغة الآرامية منذ القرن
التاسع قبل ميلاد لغة
الثقافة وفي كل مكان لغة التداول. خاضت الممالك
الارامية صراعاً درامياً ضدّ الامبراطورية الاشورية.. سنة 612 قبل الميلاد
وقعت الامبراطورية الاشورية بدورهاا تحت
الضربات الموجهة من السلالة
الارامية التي سيطرت على الحكم في بلاد بابل)
لقد احببتُ ان انقل هذا النص الى القراء كي يعرفوا ما يكتب في المعارض عن
اجدادهم الاراميين، ولكي يتذكروا الامور التالية:
1ـ عندما اتحدت وتحالفت الممالك الارامية استطاعت بكل سهولة ان تضذّ
الهجمات الاشورية.
ب ـ خسرت الممالك الارامية استقلالها عندما تصدت منفردة للزحف الاشوري.
ج ـ القبائل الكلدانية التي قضت على الامبراطورية الاشورية سنة 612 ق.م.
كانت آرامية.
اخيراً انوّه للقارىء الكريم انه لم يوجد اى منحوتات اشورية في المعرض،
وذلك بدون شك لأن الاشوريين لم يلعبوا اى دور حضاري في سوريا، فرغم
احتلالهم الطويل حوالي
120 سنة فإن همهم الاول كان فرض الضرائب والقضاء على
الثورات والانتقام من السكان المحليين. بعكس اليونان والرومان الذين بنوا
المدن العديدة والجسور والمعابد
والحمامات وشقوا الطرق واعطوا الحرية
للسكان المحليين. احتلال الاشوريين لسوريا كان بفضل قوتهم العسكرية وقمعهم
الدموى لكل ثورة، وليس بفضل وجود شعب اشوري في
سوريا كما يحاول، ان يروّج
الاستاذ ابروهوم نورو..
رابعاً – الاثارات الارامية المعروضة:
على الزائرين يجتاز عدة قاعات قبل ان يصل الى القسم الارامي: قاعة كبيرة
وضع في وسطها تمثال ملك غوزانا الارامي يبلغ طوله حوالي المترين وقد نُقش
عليه كتابة آرامية
واخرى اشورية الاكدية المسمارية وتعتبر من اقدم
الكتابات الارامية وتقام حالياً دراسات عديدة لدراسة النص الارامي وتطور
الخط الآرامي وقد اكتشف هذا التمثال سنة 1979
وهو معروض في متحف دمش وكان
علماء الاثار قد اكتشفوا اثارات عديدة لمملكة غوزانا الارامية منها الاسود
والحراس امام معبد او قصر الملك .
يوجد نسخة من هذه الاسود امام ابواب متحف
حلب. رأيت في المعرض مجموعة من الاطفال يرسمون تمثالاً آرامياً، فتقدمت من
السيدة الفرنسية التي ترافقهم مستفسراً قالت لي ( هذا التمثال اعجبهم اكثير
من غيره).
طلبت من السيدة نسخاً عن رسمات الاطفال وذلك لنشرها. يوجد قرب التمثال
كتابة جاء فيها:
(هذه القطعة قد وجدت في الجامع الاموى الكبير وهي من الشواهد الحسية
النادرة التي وصلتنا من عاصمة مملكة آرام دمشق... رمز القوة والعظمة
الملكية التمثال المجنح يظهر
بوضوح التاثر الفني الذي لعبته مصر الفرعونية
في الشرق. ومن المعلوم ان الجامع الاموى الكبير كان كنيسة قبل دخول العرب
الى مدينة دمشق ومن الارجح ان هذه الكنيسة
كانت معبداً آرامياً للاله حدد.
وقد عرضت ايضاً بعض التماثيل التي وجدت في مملكة نموزانا القديمة، وهي
تمثّل رجلاً آرامياً في الصيد. كذلك بعض التماثيل الصغيرة كانت تُستعمل
كمقياس للوزن.
خامساً – الانطباعات:
من الصعب جداً على الزائر السرياني الآرامي ان يعبّر عن شعوره عندما يخرج
من قاعة الاثارات الارامية. انا شخصيا كنت اتمنى ان ابقى اكثر بالقرب من
هذه التماثيل لأنها
تشهد – امام الجميع – عن جدارة وحضارة اجدادنا
الآراميين.بينما نرى اليوم بعض احفاد الاراميين، يتنكّرون (علناً) للجذور
والحضارة الآرامية. وكما يقول المثل (ستكشف لك
الايام ما كنت جاهلاً..)
لاشكً ان البعثات الاثارية سوف تكتشف اثارات جديدة، وسوف نتعرّف اكثر على
فنّ وتاريخ الاراميين ولكن يجب على السريان الاراميين، ان يزوروا هذه
الاثارات الارامية الموجودة
في الشرق و الغرب وذلك حباً بالمعرفة.
لا احد
يدّعى ان الفن الارامي اجمل وافضل من الفن الفينيقي او البابلي او
الاشوري..
لقد صمد اجدادنا الآراميين امام الجيوش الاشورية، وقاوموا حتى الموت. ثم
حافظوا على وجودهم وتقاليدهم خلال احتلالات اجنبية عديدة، فهل يستطيع
السريان الآراميين ان
يقاوموا اليوم اخطار التذويب؟ الجواب في ضمير كل فرد
من الشعب السرياني الارامي.
عن بهرو سريويو 1993
|