تعليق تاريخي حول ما معنى (سورية)؟
قبل الإجابة حول هذا السؤال المهم أحب أن أذكر القارئ
بأنه يجب أن يبتعد عن المفاهيم الخاطئة التي يرددها أو
تعلمها كي يستطيع أن يستوعب و يفهم المعنى الحقيقي
لإسم سوريا
.
إنني سأجيب من خلال المصادر السرياني و اليوناني
القديم.
أولا -
إثم سوريا يكتب بالألف الطويلة و ليس المربوطة تماما
كماورد في مئات المصادر السريانية : سوريا "
ܣܘܪܝܐ
" .
(لقد ورد إسم سوريا في المصادر السريانية حوالي ٦٠٠
سنة قبل وروده في المصادر العربية).
ثانيا -
إن إثم سوريا له دلالات تاريخية و جغرافية و هوية
تاريخية أي الانتماء للشعب السرياني الآرامي الذي
استوطن في مناطق عديدة في شرقنا الحبيب.
من المؤسف أن كثيرين من الإخوة يغامرون في تفسير لفظة
سوريا بدون العودة الى تاريخ سوريا القديم
.
ثالثا - أسماء سوريا القديمة في الكتابات الأكادية
.
أ -
" بلاد عمورو
"
لقد إطلك الأكاديون لفظة " عمورو " على القبائل التي
كانت متواجدة في غرب نهر الفرات و من هنا يعتقد
المؤرخون أن لفظة عمورو تعني الغرب في اللغة الأكادية
. لقد وردت تسمية عمورو في عدة كتابات لملوك أشور و
حتى في بلاد أكاد القديمة .
و قد أطلق اسم " بحر عمورو " على القسم الشرقي من
البحر الأبيض المتوسط
.
ب -
" بلاد حاثي
"أي
بلاد الحثيين و كما لا يخفى على القراء المطلعين فإن
الشعب الحثي هو شعب هندو أوروبي كان متواجدا في أسيا
الصغرى و قد استولى على سوريا الشمالية (من نهر الفرات
الى حلب و حماة).
و قد ورد تعبير " بلاد حاثي " في عدة كتابات أكادية
تعود الى نهاية الألف الثاني.
ج -
" بلاد آرام
"لقد
وردت تسمية بلاد آرام بمعنى سوريا في عدة كتابات
أكادية خاصة في نصب أسرحدون المكتشف في حماة. لقد نشرت
النصوص التي تثبت استخدام هذه الأسماء لسوريا القديمة
في عدة أبحاث تاريخية منشورة.
رابعا - انصهار بقايا الشعوب القديمة بالآراميين
.
أ -
للأسف هنالك فكرة خاطئة منتشرة مفادها أن موقع سوريا
الجغرافي بين إفريقيا ( المصريين ) و أوروبا ( الحثيين
) قد حولها الى ممر للشعوب القديمة .
و بالتالي إن سكان سوريا هم خليط من عدد كبير من تلك
الشعوب
!
ب -
أغلب الذين يرددون هذه الفكرة الخاطئة هم الذين يريدون
إفراغ التسمية السريانية من مدلولاتها التاريخية و
الجغرافية و الهوية أي الانتماء الى الشعب الآرامي و
الحضارة الآرامية
.
ج -
نحن لا نعلم من سكن سوريا منذ ٦ أو ١٠ ألاف سنة و
لكننا من خلال الكتابات الأكادية نعلم أن العموريين قد
استوطنوا سوريا القديمة و تركوا لنا آثرهم .
و لكن من يدقق في تاريخ سوريا القديم يكتشف أن
الأشوريين كانوا يستخدمون تسمية " بلاد عمورو " في
نهاية الألف الثاني و بداية الألف الأول قبل الميلاد و
لكن القبائل التي كانوا يحاربونها كانت آرامية
:
*هذا
لا يعني أن العموريون هم آراميون !
بالرغم من أن الشعبان هم شرقيان (ساميان).
*المعنى
الظاهر الواضح هو أن الأشوريين ظلوا يستخدمون التسمية
العمورية القديمة مع أن القبائل الآرامية - بعد هجوم
شعوب البحر في حوالي ١٢٠٠ ق٠م - قد أسسوا عدة ممالك
آرامية مستقلة في نهريما أي بيت نهرين (الجزيرة
السورية) و في بلاد آرام (سوريا).
*التسمية
العمورية في نهاية الألف الأول لا تشير الى شعب عموري
كان لا يزال متواجدا في سوريا:
لقد زال و إندثر الشعب العموري مثل عدد كبير من الشعوب
القديمة
!
خامسا - الآراميون هم سكان سوريا الأصيلون
.
إذا كان بعض القراء يجهل أن الآراميين هم الذين بنوا
مدينة دمشق و حكموا فيها حوالي ٥٠٠ سنة و أن أغلب
الأسماء الجغرافية في سوريا هي باللغة الآرامية !
مثلا " معرة النعمان " هو اسم آرامي يعني " مغارة
النعمان " و قد ورد اسم نعمان قائد جيش ملك دمشق
الآرامي
!
هنالك معلومات تاريخية موثقة حول التواجد الحقيقي
للآراميين في سوريا:
من يريد أن يعرف ما معنى اسم سوريا الحقيقي عليه أن
ينطلق من تاريخ سوريا الأكاديمي و ليس ترديد بعض
المفاهيم الخاطئة و غير المبرهنة حول اسم سوريا
.
إذا ألقينا نظرة سريعة الى المصادر السريانية فإننا
نجد أن التسمية سوريا كانت مرادفة لتسمية بلاد آرام و
أن السريان هم الآراميون أنفسهم
.
سأكتفي بذكر ما كتبه العالم المطران يعقوب الرهاوي في
نهاية القرن السابع الميلادي "
ܗܘ
ܗܟܘܬ
ܐܦ
ܚܢܢ
ܐܪ̈ܡܝܐ
ܐܘܟܝܬ
ܣܘܪ̈ܝܝܐ
"
أي و هكذا عندنا نحن الآراميون أي السريان
!
بعض الملاحظات المهمة
:
أ -
إستقلال الآراميين السياسي كان بين ١٢٠٠ و ٧٠٠ ق٠م
إحتلال منطقة الجزيرة لحوالي ٢٥٠ سنة و سوريا لحوالي
١٢٠ سنة من قبل الأشوريين لا يعني إن هذه المناطق قد
إستوطنها الشعب الأشوري
.
ب -
لقد لعب ملوك دمشق دورا كبيرا بين الآراميين خاصة
الملك حزائيل٨٤٣
-
٨٠٣
ق٠م لقد نقل لنا المؤرخ فلافيوس جوزيف نصا لنيقولا
الدمشقي يؤكد فيه أن سكان دمشق في القرن الأول ق٠م
كانوا يقيمون
"
ذكرى " لحزائيل و لحدد
!
ج -
أن العلماء النقط:
ان و بعد حوالي ١٠٠٠ سنة من فقدان الآراميين
لإستقلالهم يؤكدون أن جميع السريان يتحدرون من
الآراميين و لا أي عالم سرياني قد ذكر تحدر السريان من
العموريين أو الحثيين أو الميتنيين أو الأشوريين أو
الكنعانيين فهذه الشعوب قد زالت من التاريخ
!
سادسا - ما معنى ( سورية ) ؟
لقد ردد كاتب هذا الموضوع ما وجده من تفسيرات حول اسم
سوريا و من الطبيعي انه لم يتحقق في ما نقل و لا شك أن
غيرته الوطنية هي التي دفعته الى نشر هذا الموضوع .
سوف أوضح بعض النقط
:
أ -
لقد ورد في التعليق " ويكاد يكون من المؤكد أن سورية
عرفت بهذا الإسم زمن السلوقيين واستمرت على ذلك ."
إن أقدم ذكر لإسم سوريا في المصادر اليونانية هو في
تاريخ هيرودوت أي حوالي ١٨٠ سنة قبل الملوك السلوقيين
في سوريا
.
ب -
يردد الكاتب هنا أن اسم سوريا قد جاء من مدينة صور
البحرية"
أنها سميت سورية نسبة إلى صور مدينتها البحرية الشهيرة
وقد عرف اليونان أهلها لكثرة ترددهم إلى بلادهم
للتجارة فسموهم سوريين وبلادهم سورية بإبدال الصاد
بالسين لعدم وجود الصاد في لغتهم و كلمة صر بالفينيقية
معناها الصخر أو السور ويرى هذا الإسم منقوشاً على
المسكوكات القديمة التي وجدت في هذه المدينة
".
*لا
يوجد أي نص يوناني أو سرياني قد ذكر أن اسم سوريا له
علاقة مع اسم صور
!
*المصادر
اليونانية لم تسمي سكان مدينة صور " السريان " و لكن"
الفينيقيين
" !
*المصادر
اليونانية قد أطلقت التسمية السريانية على الآراميين و
التسمية الفينيقية على الكنعانيين و هذه نظرية ( رأي
غير علمي) لا تؤكد أية علاقة بين إسم صور المدينة و
بين إسم سوريا
.
ج -
لقد نقل لنا أيضا " أن اليونان سموا هذه البلاد سورية
نسبة إلى آسور أو آسيريا بلاد الآشوريين لأن الآشوريين
كانوا يتولون سورية عند استفحال أمر اليونان فنسبوا
سورية إليهم مخففين اللفظة بحذف الهجاء الأول
والمبادلة بين السين والشين
".
هذا التفسير قد خلط معلومات صحيحة مع مفاهيم تاريخية
خاطئة مما
يضيع القراء
.
*إن
الأشوريين لم يطلقوا إسم " بلاد أشور " على سوريا
القديمة
!
*إن
الفرس هم الذين أطلقوا التسمية الإدارية " أسورستان "
على كل شرقنا القديم:
و قد وردت هذه التسمية في عدة كتابات فارسية و
يونانية.
*اليونانيون
قد أخذوا اسم سوريا من التسمية الإدارية أسورستان
الفارسية و ليس من الشعب الأشوري
.
*إشتقاق
إسم سوريا من " أسورستان " لا يعني أن السريان يتحدرون
من الأشوريين كم يردد بعض السريان الضالين:
لقد أصبح الإسم السرياني مرادفا للإسم الآرامي منذ
بداية القرن الثالث ق٠م
.
*لقد
طلب بطليموس ملك الإسكندرية من اليهود أن يترجموا
أسفار التوراة من اللغة العبرية الى اللغة اليونانية و
هذا ما يعرف بالترجمة السبعينية و هي من حوالي سنة ٢٨٠
ق٠م و نلاحظ أن تعبير آرام في اللغة العبرية قد ترجم
الى سوريا و تعبير " الشعب الآرامي " قد ترجم الى "
الشعب السرياني
"!
سابعا - هل إسم سوريا هو باللغة السنسكريتية ؟
"
واليوم توصل المؤرخ إلى إضاءة جديدة على أصول اسم
سورية حيث تم العثور على قاموس عربي سنسكريتي وإذ
بلفظة سورية موجودة فيها باللغة السنسكريتية ومعناها
الشمس ومن هنا اتضح اشتقاق اللفظة سورية أي أنها من
اللغة السنسكريتية وتكتب بالألف الطويلة ومعنى الإسم
".
أ - نحن نحترم كل بحث علمي حول اسم سوريا و لكن ترديد
" أراء
"بدون
التحقيق فيها لا يفيد حول اسم سوريا
.
ب - إنني لا أجيد اللغة السنسكريتية مثل الأغلبية
الساحقة من القراء و أتمنى أن يشرح لنا أحد الباحثين
ما هي علاقة الإسم السوري باللغة السنسكريتية ؟
ج - طالما لا يوجد بحث أكاديمي حول علاقة اسم سوريا
باللغة السنسكريتية فإنه ليس من العلم ترديد أن اسم
سوريا هو باللغة السنسكريتية و بأنه يعني الشمس
!
--------------------------------------------------------------
ما معنى كلمة (سورية)
•••••••••••••••••••••
بماذا نجيب إذا سألنا يوماً غريب عن معنى كلمة سورية
أو أصل اسم وطننا الذي نحبه وننتمي إليه ؟
هل نتلو عليه محاضرة نستعرض فيها اجتهادات المؤرخين
ونختمها كما يختمون بأن لا شيء أكيد . . أم نقول لا
نعرف ونظهر بمظهر قليلي الثقافة أو اللامبالين بوطنهم
ونحن لسنا كذلك
.
رسمياً لا شيء مؤكد فقد ورد في المعجم الجغرافي السوري
الصادر عن مركز الدراسات العسكرية : لم يعرف أصل تسمية
سورية على وجه التأكيد ويكاد يكون مت المؤكد أن سورية
عرفت بهذا الإسم زمن السلوقيين واستمرت على ذلك
..
أما المصادر الأجنبية فقد لخصها وانتخب ما ورد فيها
كبار المؤرخين العرب كالمطران يوسف الدبس ود- فيليب
الأول في كتاب تاريخ سورية :
( أول من سمى هذه البلاد سورية هم اليونان مع ان
هيوميروس شاعرهم سمى سكانها آراميين . . ) على أن
هيردوت أول من سمى هذه البلاد سورية وتبعه في ذلك
اليونان والرومانيين ولكن ما الذي حملهم على هذه
التسمية ؟
ففيه
للعلماء القدماء أقوال أقربها للصحة قولان :
الأول
أنها سميت سورية نسبة إلى صور مدينتها البحرية الشهيرة
وقد عرف اليونان أهلها لكثرة ترددهم إلى بلادهم
للتجارة فسموهم سوريين وبلادهم سورية بإبدال الصاد
بالسين لعدم وجود الصاد في لغتهم و كلمة صر بالفينيقية
معناها الصخر أو السور ويرى هذا الإسم منقوشاً على
المسكوكات القديمة التي وجدت في هذه المدينة والثاني
هو أن اليونان سموا هذه البلاد سورية نسبة إلى آسور أو
آسيريا بلاد الآشوريين لأن الآشوريين كانوا يتولون
سورية عند استفحال أمر اليونان فنسبوا سورية إليهم
مخففين اللفظة بحذف الهجاء الأول والمبادلة بين السين
والشين
أما الدكتور فيليب حتي فيفيدنا بأن اسم سورية يوناني
في شكله وسيريون في العبرية اسم يطلق على جبال لبنان
الشرقية وقد استخدم اسم الجزء فيما بعد ليشمل الكل .
ويضيف إلى أنه كانت هناك منطقة شمال العراق تسمى
su-ri) )
لكن يستبعد أن يكون هذا الإسم ذا صلة بالآشوريين وبقيت
سورية هكذا حتى بعد الحرب العالمية الأولى ويفيد بأن
اسم سيروس ( سوري ) بالنسبة للرومان يعني كل شخص يتكلم
السريانية وينبه المؤرخ بأن تسمية سورية لم تكن واردة
في النص العبري الأصلي للعهد القديم ولكنها استعملت في
الترجمة السبعينية للدلالة على آرام والآراميين .
واليوم توصل المؤرخ إلى إضاءة جديدة على أصول اسم
سورية حيث تم العثور على قاموس عربي سنسكريتي وإذ
بلفظة سورية موجودة فيها باللغة السنسكريتية ومعناها
الشمس ومن هنا اتضح اشتقاق اللفظة سورية أي أنها من
اللغة السنسكريتية وتكتب بالألف الطويلة ومعنى الإسم. |