الشهيد بشير الجميل إذا حشرنا نتسرين!
20100825
هذه الجملة الشهيرة قد ذكرها الرئيس المنتخب الشهيد بشير الجميل قبل
إستشهاده صيف. 1982 لقد كان الشهيد بشير الجميل يحمل الأمل لوجود مسيحي
يسمح له العيش في كرامة في مناطقه التاريخية . هل مات الأمل مع إستشهاده؟
ملامح
الجواب بدأت تنجلي و صار هدف المسيحي اللبناني هجرة أرضه التي عاش فيها
ألوف السنين وفكرة " التوطين" على قاب قوسين من النجاح.
لن اتعرض الى أسباب إستشهاد هذا القائد الشهيد، و لا شك هنالك مواضيع كثيرة
حوله لا يزال الغموض يكتنفها كما إن هنالك مواقف سياسية عديدة بحاجة الى
تسليط الأضواء عليها. سوف أعلق على هذه الجملة الشهيرة فما هو معناها
الحقيقي و ما كان قصد الشهيد بشير الجميل ؟
اولا : المعنى الأول الظاهر
.
أ -
لقد صرح الرئيس المنتخب بهذه الجملة المهمة قبل إستشهاده
اي في الفترة التي كان فيها لبنان منقسما على ذاته
.
و كان المسيحيون
اللبنانيون الوحيدون الذين يناضلون من اجل سيادة الدولة اللبنانية
و منع المنظمات الفلسطينية من استخدام الأراضي اللبنانية كقواعد
عسكرية ضد الدولة الإسرائيلية. و كانت المنظمات الفلسطينية
قد اسكتت الأصوات اللبنانية المسلمة و رفعت شعار " تحرير
القدس يمر عبر مدينة جونية
" .
ب -
أغلب المسيحيين اللبنانيين فسروا هذه الجملة ان الموارنة
سيرجعون الى جذورهم السريانية خاصة و ان الرئيس المنتخب
قد إتصل بعدة رجال دين ليستعلم منهم عن ترجمة بعض الكلمات
العربية الى اللغة السريانية
!
ج -
يعتقد البعض ان الرئيس المنتخب قد اراد ان يوجه تحذيرا
الى العاملين الى تعريب لبنان " إذا حشرنا نتسرين" اي نعود الى
جذورنا السريانية
.
ثانيا - أثر هذه الجملة على السريان
.
أ -
الإنتماء الطائفي كان و لا يزال ساريا بين المسيحيين اللبنانيين.
فالتسمية السريانية تطلق على الطوائف السريانية كل على حدة و لا
تطلق على " كل السريان".
و كان اخوتنا الموارنة يشعرون انهم
موارنة قبل كل شيئ و لا يشعرون بإنتمائم الى شعب سرياني آرامي.
العجيب
ان الموارنة يتحدرون بأكثريتهم الساحقة من السريان
الآراميين و كانت السريانية الآرامية لغتهم الأم عبر مئات السنين
.
يؤكد د. اسعد صوما ان العلماء السريان الموارنة قد حافظوا على
اللغة السريانية من الضياع في بداية عصر النهضة و لهم الفضل
الكبير في تدريس اللغة السريانية في المعاهد الأوروبية.
و
لكن الموارنة في بداية الحرب اللبنانية و رغم إنخراط مئات
الشباب السريان في المليشيات للدفاع عن إخوتهم الموارنة نرى
ان النخبة منهم تدعي بجذور فينيقية وهمية و كان الشاعر سعيد
عقل يدعي ان الكلمات و التعابير السريانية في اللغة المحكية ( اللهجة(هي
لبنانية
!!!
ب -
لقد فرح و هلل السريان عند سماعهم هذه الجملة الساحرة:
سيعودون الى جذورهم السريانية ...
سيتوحد كل المسيحيين في
لبنان و سيعتنون ببقية إخوتهم الذين يعانون في بقية البلادد العربية
...
الشباب
السريان الذين قاتلوا في صفوف القوات اللبنانية سيلاقون
أذنا صاغية تسمع مطالبهم
(عدد كبير من المقاتلين السريان هربوا
من الجيش السوري و لا يستطيعون العودة الى بلادهم
(.
اغلب محبي اللغة السريانية صاروا يتفائلون في تحقيق حلمهم
و هو تعليم اللغة السريانية في كل المدارس المسيحية...
السريان الذين استشهد احد اقاربهم في القتال صار يشعر ان
تضحية الشباب السريان لم تذهب هباء مع الريح
...
ج -
بعض المتشائمين السريان تضايقوا من هذه الجملة معلقين
"
إذا حشرنا ( اي عند الضيقة و إذا هنا زمنية) نعود الى جذورنا
و إذا لم نحشر فنحن لبنانيون و فينيقيون و عرب و اين تدعو
مصلحتنا ".
و هنالك من تضايق و فسر هذه الجملة على الشكل
التالي " نحن نعرف جيدا اننا موارنة سريان و لكن مصلحتنا
تدفعنا الى الإبتعاد عن جذورنا السريانية
"
ثالثا - المعنى المبطن و السياسي لهذه الجملة
.
لقد إشتهر الشهيد بشير الجميل بقوته العسكرية لأنه إستطاع
ان يوحد القوى المسيحية كي تدافع بطريقة افضل عن لبنان المهدد
.
و لكنه إشتهر بدهائه السياسي أيضا و جملته " إذا حشرنا نتسرين"
قد نشرت بالخط العريض في الصحف و لها معنى سياسي
!
أ -
كان المسلمون في لبنان يناضلون من اجل تحويل لبنان الى
دولة عربية.
الميثاق
الوطني بين الرئيسين بشارة الخوري
و رياض الصلح يؤكد ان للبنان " وجه عربي". بفضل وجود
المنظمات و المخيمات الفلسطينية في لبنان بشكل كبير، ازداد
الصراع لتحويل لبنان الى دولة عربية.
هل اراد الرئيس الشهيد ان يوضح للقوى اللبنانية المسلمة التي
تطالب بالعروبة بأن فرط الميثاق الوطني لا يعني ان كل اللبنانيين
هم عرب و لكن المسلمون هم عرب اما نحن المسيحيون فهويتنا
هي السريانية
!
ب -
كل الذين عاشوا في لبنان قبل إستشهاد الرئيس بشير الجميل
يعرفون انه كان يخطط الى تنظيم المناطق
المسيحية في غياب
الدولة اللبنانية ( تنظيم جيش داخلي - بحرية - شرطة
-
ضرائب).
فهل إذا حشرنا نتسرين
يعني إستقلال المناطق المسيحية في دولة
سريانية؟
لا شك ان الجواب هو عند المفكرين الذين كانوا يحيطون الرئيس
بشير جميل قبل إستشهاده!
هذه الجملة الصغيرة كانت تشكل بحد
ذاتها برامجا طموحا و ردا على سياسة التعريب التي كان يتعرض
لها لبنان قبل و خلال حرب لبنان المشؤمة.
رحمك الله يا بشير و رحم الله كل مناضل في سبيل حق
.
|