من يدافع عن هويتنا السريانية الآرامية:
العلم أم الإعلام؟
20100822
لقد شاركت في 31 ايار الماضي مع د
.أسعد
صوما أسعد في برنامج
حول تاريخ ميخائيل الكبير مع الإعلامي الناجح بيير صاووك في
فضائية سوريويو سات.
من
المدهش أن أحد الإخوة العاملين في الحقل
السياسي الإعلامي قد إستوقفني خارج الإستوديو ليدلي لي برأيه - و هذا
أمر طبيعي - و لكنه تمادى في الكلام و نسي أصول النقاش: البرنامج
كان حول تاريخ ميخائيل الكبير و هويتنا الآرامية في تاريخه
.
إن تدخل هذا الإعلامي في موضوع هويتنا التاريخية و في برنامج
لم يشارك به تدفعني الى وضع النقاط على الحرووف:
الإعلامي
الناجح
هو من يكون مطلعا على الموضوع و من يؤمن أن التاريخ الأكاديمي
هو أصدق من التاريخ المسيس و قد أثبت لنا الإعلامي بيير صاووك
أنه قدير على إدارة البرنامج بحكمة.
أولا - عصر النهضة و إكتشاف اميركا
يعتبر الباحثون أن سقوط بيزنطية بيد محمد الفاتح سنة 1451 م هو
نهاية العصور الوسطى و بداية لعصر النهضة في أوروبا لأن كثير من
الكتب اليونانية و اللوحات و التماثيل البيزنطية قد إنتقلت الى إيطاليا
و كانت أحد الدوافع لتطوير الفنون هناك.
و
لا شك أن إهتمام الملوك
و المسؤولين في تشجيع العلوم و الفنون قد سمحت الى القيام برحلات
استكشاف جغرافية أدت الى الوصول الى جنوب إفريقيا و طبعا إلى
إكتشاف العالم الجديد سنة 1492 م
.
عندما وصل كرستوف كولومب الى جزيرة
San Salvator
في
أواسط أيلول 1492 م إعتقد أنه وصل الى جزر اليابان لأنه كان
يريد أن يجد خطا بحريا يصل الى الهند لشراء التوابل بدون الإعتماد
على الطريق البري.
إن
هدف كولومب هو الوصول إلى الهند و لكنه
عندما إكتشف العالم الجديد أطلق عليه تسمية
"
الهند الغربية" و على
سكانها تسمية " الهنود".
لقد مات كولومب سنة 1506 م بدون أن يعرف إنه إكتشف قارة
جديدة! و بالفعل نرى البحار"VESPUCCI
Amerigo"
الإيطالي
1454 - 1512
م هو الذي قام برحلات إستكشافية بين 1499 و1502 و عرف من خلال طبيعة النبات
و الحيوانات في هذه
القارة بأنها ليست الهند الغربية و أن كولومب قد إكشف قارة
جديدة سوف تسمى لاحقا
" AMERICA "
نسبة إليه.
ثانيا - تطور الدراسات التاريخية حول السريان
.
ا -
في نهاية القرن التاسع عشر كان عدد المصادر السريانية المنشورة
لا يزال قليلا و لكن في بداية القرن العشرين نلاحظ ان اغلبية
المصادر السريانية التاريخية قد نشرت و ترجمت. و قد انتشرت
عشرات الكتب و الدراسات التاريخية حول الشعب السرياني في
أواسط القرن العشرين. بعض العلماء الغربيين يبحثون في
مكتبات الأديرة عن مخطوطات سريانية غير منشورة كي يستخدمونها
في اطروحاتهم او يعيدون ترجمة بعض
المصادر السريانية التي
كانت ترجمتها القديمة ناقصة
.
عدد كبير من الجامعات الراقية تحوي قسم للدراسات السريانية
لأن الشعب السرياني الآرامي قد لعب دورا كبيرا في تاريخ الشرق
و طبعا لأن سيدنا يسوع المسيح قد تكلم اللغة السريانية الآرامية
و لا شك ان الأناجيل قد كتبت بلغتنا الآرامية قبل ترجمتها الى
اليونانية
.
إهتمام العلماء في الغرب بدراسة تاريخ و حضارة الشعب السرياني
الآرامي واضح من كثرة المؤتمرات العلمية و ازدياد عدد المشاركين
فيها
.
ب -
رغم التطور في الدراسات السريانية في الغرب فإننا لا زلنا
في الشرق " نبحث" عن هويتنا السريانية و نترك المتطرفين يسمون
لغتنا " أشورية" و غدا " كلدانية" و بعد غد كنعانية او عربية؟
بعض السريان يدعي بالغيرة على الأمة السريانية في العلن و لكنه
يفسر التسمية السريانية بأنها أشورية.
و وصلت الوقاحة في
بعضهم انهم يضعون حرف الألف امام إسمنا التاريخي و يحرفونه
الى
"
أسوريو / أسورايا
" .
بعض السريان المغاربة يؤمنون بجذور أشورية غير علمية
متحججين ان الرعيل الأول من القوميين في بداية القرن العشرين
كانوا لا يفرقون بين التسميتين السريانية و الأشورية.
و يطالبون
من السريان الغربيين ان يكونوا " أمينين" على تعاليم و مفاهيم الرعيل الأول
من القوميين السريان
:
العحيب في أمرهم انهم
لا يطالبون السريان بالعودة الى مصادر اجدادهم التاريخية الغنية
أو الى الدراسات العلمية حول تاريخ السريان!
و هكذا الصحافي
فريد نزها - لأنه يفسر ان السريان هم أشوريون - يصبح رائدا
في النهضة القومية و العالم سبستيان بروك - الذي امضى اكثر
من خمسين سنة في دراسة مصادرنا السريانية
-
يصبح عميلا
مخربا لا يفهم شيئا عن هوية السريان!
ج -
بعض المواقع السريانية " الغيورة" تتحجج بأنها " حيادية"، اي عمياء
لأنها لا تريد ان ترى عمليات التزوير في تاريخ
السريان. و تحت شعار
"
الرأي الحر" و " الديموقراطية" تسمح
لأناس غير متابعين لتطور الدراسات حول هويتنا التاريخية، ان
ينشروا او ان يعيدوا نشر المقالات المزورة لهوية السريان الحقيقية
.
ثالثا - ما الفرق بين الإعلام السرياني و الإعلام الصيني؟
ا -
تحتل الصين الشعبية اليوم المركز الثاني في الإقتصاد العالمي
و لكن إعلامها لا يزال متأخرا او بالاحرى يعمل لصالح الحكومة
الصينية الحالية:
*مصانع
الألعاب الصينية تستخدم منذ سنوات عديدة مواد سامة
خاصة
للأطفال : الإعلام في الغرب فضح خطورة هذه المنتجات
و لكن الإعلام
الصيني لا يتحرك...
*صناعة
الحليب في بعض الشركات الصينية يسبب امراضا
خطيرة للأطفال و يبقى " الإعلام الصيني" ساكتا بحجة انه لا يريد
ضرر بقية المصانع الصينية!
*منذ
اشهر غرقت سفينة ناقلة للبترول امام شاطئ صيني و هنا
ايضا " الإعلام الصيني" في خدمة الحكومة الصينية لم ينبه السكان
الذين ظلوا
يسبحون في ذلك الشاطئ الملوث.
*أخيرا
خلال الكوارث الطبيعية التي تعرضت لها الصين و ذهب
ضحيتها
عشرات القتلى و مئات المفقودين و مئات الألوف من
المشردين ، نلاحظ ان الإعلام الصيني يصور كبار المسؤولين
الصينيين الذين يتفقدون الضحايا و لكن هذا "الإعلام" لا يصور
مآسي الشعب الصيني و الأضرار الكبيرة التي لحقت به كأن
الصين هي اقوى من العوامل الطبيعية!
ب - الإعلام السرياني
لن اتطرق الى الإعلام عند إخوتنا السريان المشارقة الذين
يدعون بهوية أشورية او كلدانية سريانية أشورية، لأن هذا الإعلام
يؤمن بفكر قومي حديث و يجاهد في تثبيت هوية أشورية غريبة
عنا.
أغلبية
الطروحات التي يؤمنون بها هي غير علمية ربما
لهذا السبب يستخدمون التسمية السريانية في الإعلام و لكنهم باطنيا
يفسرونها " أشورية"
بعض الفضائيات و الأحزاب و المواقع السريانية " الغربية"
تمارس مع
الشعب السرياني سياسة " الإختباء خلف الإصبع"
على
الطريقة اللبنانية .
فهي
تحمل الإسم السرياني و لكنها تدعي الهوية
الأشورية تارة لأنها " أمينة" لمفاهيم رواد القوميين السريان و طورا
في سبيل وحدة الأمة
!
ج
-
الإعلامي الناجح
إنني لا اعتقد بوجود إعلامي سرياني متخصص يتابع
الأبحاث التاريخية حول هوية السريان مع إحترامي الشديد الى
كل العاملين في حقل الإعلام.
لا شك ان الممارسة و الخبرة
تسمح لبعض الإعلاميين النجاح في بعض الحقول اما النقاش
في المواضيع التاريخية فهي تتطلب معرفة عميقة و موقف مستقل
صريح
.
الإعلامي الناجح لا يستطيع ان يؤكد لنا ان سكان قارة اميركا
الأصيلين هم " هنود" لأن كريستوف كولومب سماهم هنود أو لأنه
شاهد فيلما اميركيا عن رعاة البقر سمع فيه احد السكان الأصيلين
يصرخ " انا هندي احمر و انا افتخر بجذوري الهندية
!".
اليوم كل مثقف يعرف ان كولومب قد اخطأ في إدعائه و قد
مات بدون ان يعرف انه إكتشف عالما جديدا
.
الإعلامي الناجح لا يتوقف عند ما كتب الرعيل الأول من القوميين
السريان بل يتأكد من صحة الطروحات التاريخية و يقارنها
بما كان يؤمن اجدادنا و ما تركوه لنا من مصادر غنية
!
الإعلامي الناجح هو من يميز بين " مفاهيم" شاعر و دراسات
باحث متخصص في تاريخنا السرياني : قصائد الشاعر المسيس
نينوس آحو الذي يدعي بهوية أشورية لم و لن تبدل هويتنا في
مصادرنا السريانية فهي هوية آرامية واضحة
.
رابعا - سوريويو سات و الدفاع عن هويتنا التاريخية.
إن فضائية سوريويو سات تعمل من اجل الدفاع عن هويتنا السريانية
العلمية اي الآرامية و هذه الفضائية ترفض إستخدام تعبير" اللغة
الأشورية" لأنها تسمية غير علمية .
لقد
شاركت في عدة برامج
و مع عدة إعلاميين في سبيل توضيح و تصحيح الكثير من المفاهيم
الخاطئة المنتشرة بين السريان
.
أنه لعمل رائع و مثمر عندما يستند الإعلام السرياني على الأطباء
في البرامج التي تعالج المشاكل الصحية .
كما أنه يجب على
الإعلام
السرياني أن يعمل من اجل مصلحة الشعب السرياني
و ذلك يبدأ في الدفاع عن هوية السريان الحقيقية
.
اذا كان بعض العاملين في الإعلام السرياني يعتقد انه يستطيع
توحيد السريان بدون العودة الى تاريخ السريان الحقيقي فإنه يضيع
وقته لأنه لا الباحث في التاريخ يستطيع ان يتلاعب في الحقائق
التاريخية لإرضاء بعض الإخوة الضائعين و لا الإعلامي او
السياسي يستطيع ان يفسر هويتنا السريانية حسب مفهومه
.
إن مشاركتي الأخيرة مع د. اسعد صوما حول تاريخ ميخائيل
الكبير قد اوضح للجميع ان هذا المؤرخ كان يؤمن ان السريان هم
احفاد الآراميين و ان التسمية الأشورية لم تكن مستحبة عند
اجدادنا .
إن مصادرنا السريانية هي الطريق الذي يسمح لنا لمعرفة
هويتنا السريانية و اذا كتب ميخائيل الكبير عن الزنكي بأنه
"
خنزير أشوري" فإنه من واجب العالم و الإعلامي عدم التلاعب
في مصادرنا لأن بعض اخوتنا لا يزالون يؤمنون بهوية أشورية
وهمية
!
من يدعي انه يناضل من اجل وحدة الامة السريانية لا يتلاعب
في المصادر لأنها الحارس لهويتنا
.الإعلامي
السياسي الذي لا
يطلع على مصادرنا التاريخية و المراجع العلمية حول هويتنا
من الأفضل له ألا يتدخل
في إمور لا يفهمها
.
|