عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

 

 

     فيس بوك

الفكر الاشوري المزيف

ردود و تعليقات

   متفرقات

تاريخ الكنيسة السريانية   

      تاريخ الشرق

علم الآثار

    الهوية الآرامية

اللغة الآرامية

 

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

 الاختصاصي في تاريخ الآراميين

الألف و التاء: منذ البداية ولدنا آراميين و سنبقى آراميين حتى النهاية.
نعيش معا و نموت معا و من الأفضل ألا نبقى مجرد متفرجين: دافعوا
معا عن هويتكم و تراثكم من أجل الحفاظ على وجودكم!

English

الهوية الآرامية                            

في إسم الأمة السريانية بحث علميّ أَم وصية تاريخية؟

مؤتمر البطريرك أفرام الأول برصوم في نورشبوري ـ السويد

محاضرة الباحث هنري بدروس كيفا في المؤتمر الذي أقيم بمناسبة لمرور خمسين سنة على وفات البطريرك أفرام برصوم في صالون كنيسة مار بطرس وبولس في نورشبوري (ستوكهولم) يومي السبت والاحد 1-2 كانون الاول 2007.

071201

"في إسم الأمة السريانية" هو بحث مشهور لقداسة البطريرك أفرام برصوم كتبه سنة 1952 تلبيةً لطلب بعضِ السريان في أميركا ألشمالية .

هذا البحث حول التسميةِ والهويةِ السريانيتين يستند على النصوص السريانية التي تركها لنا اجدادنا.

بعد مرور 55 سنة على كتابتـِه وفي الذكرى الخمسينَ لوفاة قداسة البطريرك أفرام برصوم نريد أن نطرحَ سؤالَ هل كان بحثـُه علميا أم هو توصياتٌ من قبل قداستـِه من أجل كتابة التسمية السريانية وحول مفهومـِه للهوية السريانية؟

 أخيرا هل تلك التوصياتُ مبنيةٌ على مصادرَ ومراجعَ موثوقةٍ؟

هل يحق لنا أن نقولَ أن توصياتِ قداستـِه قد تحولت إلى "وصية تاريخية" علينا أن نحترمـَها؟

أولا - ظروف كتابته وأسبابها

في حوالي 1950 وقعت مشكلة للسريان الأرثوذكس الذين يعيشون في أميركا الشمالية إذ أنهم كانوا ضائعين في حلّ الأمور التالية:

- كيف يكتبون التسمية السريانية باللغة الإنكليزية؟

- كيف يفرقون بين SYRIAN مواطن سوري (عربي) و SYRIANتابع للكنيسة والشعب السرياني؟

- ما هي هوية وتاريخ الشعب السرياني؟

- هل يوجد علاقة بين التسميتين السريانية والأشورية؟

- هل يصحّ إطلاق التسمية الأشورية على اللغة والأمة والكنيسة السريانية؟

لا شك أن قداسة البطريرك كان يعلم أن بعض السريان قد إنخدعوا بالتسمية الأشورية المزيفة، فوضع في بحثه الكثير من البراهين وشدد على ترادف التسميتين السريانية والآرامية.

وكان قداسته قد كتب بحثه بخط يده، وقد نشر هذا الكتيب بطريقة الأوفست مما سمح للقراء الإطلاع على البحث والتعرف على خط قداسته وبعض ملاحظاته:

 نقل نصا سريانيا من تاريخ ميخائيل الكبير جاء فيه "بنو سام هم الأثوريون والكلدانيون واللوديون والآراميون الذين هم السريانيون والعبرانيون والفرس.

"الجدير بذكره أن قداسته قد وضع خطـّا تحت عبارة " الذين "!

ثانيا - هل كان بحثه علميا ؟

أ - موضوع البحث

البحث قصير جدا وهو كناية عن 24 صفحة من الحجم الوسط، نستطيع أن نلخص بحث قداسته بسطر واحد، فهو كتب في الصفحة الأولى وفي السطر الأول:

 " الأمة السريانية منذ ظهورها في العالم عرفت بالأمة الآرامية ".

ثم ما تبقى من البحث هو كناية عن براهين من المصادر السريانية التي تثبت أن السريان يتحدرون من الآراميين وأن إسم لغتهم هو السريانية الآرامية !

قداسة البطريرك برصوم يقدم البراهين على الشكل التالي:

أولا من التوراة ...

ثانيا من مصنفات العلماء و المؤلفين السريانيين والكلدان منذ المئة الرابعة حتى المئة الرابعة عشرة وتجد في ما يلي شواهد وبينات صريحة واضحة نقلناها من سبعة وعشرين مؤلفا بنصها السرياني الآرامي وترجمناها إلى العربية.

وهي شواهد ناصعة على إسم أمتنا وعلى لغتها وهذه الحقيقة يؤيدها جميع العلماء والكتاب المتأخرين المستشرقين في مؤلفاتهم العديدة ".

في إسم الأمة السريانية (طبعة المطران جيجك) صفحة 4 .

ثم يقدم في الصفحات الأخيرة بعض النصوص من العلماء المستشرقين وكيفية ذكرهم للسريان سوف أنقل لكم نصا واحدا منها:

L'Ecole D'Edesse par E.R.Hayes ,Paris , 1930, Page 24:

« or Edesse etait la metropole du christianisme purement Syrien , et l'ecole D'Edesse etait la plus grande universite des Syriens, et l'eglise de Perse laquelle etait d'origine purement Syrienne, en parlait le Syriaque . »

صفحة 24، ولكن إديسا كانت مدينة كبيرة للمسيحيين السريان بشكل خاص، ومدرسة إديسا كانت أكبر جامعة للسريان، أما كنيسة فارس التي كانت من جذور سريانية صافية ويتكلمون فيها اللغة السريانية "

ب - بعض الملاحظات حول البحث

1- معلومات قداسته عن تاريخ الآراميين مأخوذة من التوراة، يظهر أن قداسته لم يكن مطلعا على الدرسات حول الآراميين القدامى. التوراة غير كافية كي نطـّلع على تاريخ الآراميين و إنتشارهم في الشرق القديم .

2- في الصفحة 6 نجد العنوان: المؤلفون السريان (الغربيون) وعندما يذكر السريان (المشارقة) في الصفحة 30 فهو يسمـّيهم "المؤلفون الكلدان (المشارقة). علما أن العلماء المشارقة الذين يستشهد بهم يسمون أنفسهم "سريان" .

يشوعداد قد كتب "صنف لا يقتنيه السريان ولذلك نقل إلى السريانية "أو" أن الترجمة اليونانية تسمي كل آرام وآراميين "سريانا".

فأبو آرام أعني السريانيين ولذلك سموا آراميي ما بين النهرين "ومن كتاب النحو السرياني لإليا مطران نصيبين إن ألعبرانيين و ألسريانيين و ألفرس و ألحبشة و العيلاميين و الماديين و الفينقيين و الألينيين و العرب و غيرهم ممن لا نعرفهم ..."

ألم يكن إيليا مطران نصيبين سريانيا؟

لقد أخطأ قداسته باستخدامه تعبير "الكلدان المشارقة" أولا لأن النصوص تذكر السريان ثم لأن التسمية الكلدانية الكنسية هي من القرن السادس عشر. وأخيرا عندما يستخدم قداسته تعبير "السريان المغاربة" فهو ملزم باستخدام تعبير "السريان المشارقة "

3- لو كان قداسته مطلعا على كتاب المؤرخ الفرنسي المشهورDUPONT-SOMMER ,A , Les Araméens ( 1949).

لكان عرف أن القبائل الكلدانية كانت آرامية. لقد رأينا سابقا أن يشوعداد قد شرح أن التسمية السريانية قد أطلقت على الآراميين.

4- الجدير بالذكر أن قداسته لم يكتف بالبحث في كتب التاريخ التي ألفها أجدادنا إذ نراه يبحث في كل المصادر السريانية .

مثلا بعض كتب النحو، كتاب معرفة الفصاحة للربان أنطوان التكريتي صفحة 16 ترجمة قداسته "إنك لتجد أصول النحو والفصاحة والشعر مجموعة بإتقان عند بني هيلاس واليونان أما عند السريان والفرس وغيرهم فتراها مبددة ومشتتة لكي يستعمل السرياني أوضاع اللغة "

كما إستشهد قداسته ببعض الرسائل غير المنشورة صفحة 20 " من رسالة مار يوحنا ابن شوشان بطريرك إنطاكيا إلى جاثليق الأرمن:

 أولا: في دستور إيمان القويمي الرأي الشعب السرياني " و بحث قداسته في مخطوطات الخزانة البطريركية وأغلبها غير منشورة مثل كتاب المسائل والأجوبة تأليف مار سويرا يعقوب البرطلي مطران دير مار متى وأذريبجان ص 24" أما السريان فإنهم أهملوا هذا ولم يفعلوه وأعني به جمع الأصول التي تقي لغتهم من الفساد وإن غالبهم لا يهتمون بالتكلم بالسريانية " وسويرا يعقوب حسب الأب المؤرخ ألبير أبونا، أدب اللغة الآرامية ص 440 قد ولد في نهاية القرن الثاني عشر وتوفي سنة 1241 م

ج - هل فقد هذا البحث من أهميته بعد مرور 55 سنة؟

1- قداسة البطريرك برصوم لم يدرس مادة التاريخ في الجامعات ولكنه تمرس في البحث بحكم مركزه الديني الرفيع وحبه لأمته السريانية ونستطيع أن نؤكد أن قداسته قد كتب بحثه بمنهجية أكاديمية أي سرد المعلومات التاريخية بأمانة .

2- المنهجية الأكاديمية ظاهرة بوضوح بإستخدامه النصوص من المصادر السريانية:

 فهو يعتمد على عدة نصوص سريانية كي يؤكد أن التسمية السريانية أطلقت على الآراميين. فكره وتوصياته مبنية على براهين تاريخية موثوقة وليس على الأقاويل والتفسيرات الخاطئة .

3- لقد ذكر قداسته بعض البراهين على ترادف إسمنا وهويتنا السريانية مع إسمنا وهويتنا الآرامية. يوجد اليوم عشرات النصوص السريانية التي تؤكد ترادف الإسمين السرياني والآرامي .

4- بحث قداسته هو علمي ولا يزال علميا لأنه مبني على مصادر سريانية ثابتة وليس على نظريات أو أراء بعض المؤرخين. إذا بحثنا اليوم في المصادر السريانية فإننا سنلاحظ أن أجدادنا من السريان (المشارقة والمغاربة) كانوا يذكرون جذورهم الآرامية وليس السومرية أو الأكادية أو الأشورية .

5- رغم عدم إطلاع قداسته على تاريخ الآراميين و انتشارهم ودورهم السياسي و الحضاري فإن تأكيده "الأمة السريانية منذ ظهورها في العالم عرفت بالأمة الآرامية" يبقى حقيقة تاريخية.

6- كل باحث نزيه أو مؤرخ متخصص في تاريخ السريان يبحث في المصادر السريانية يؤكد أو "سيؤكد " أن السريان كانوا يؤمنون بجذورهم الآرامية وكانوا يسمون لغتهم سريانية أو آرامية .

ثالثا - توصيات رعوية أم "وصية تاريخية"؟

لقد رأينا سابقا ما هي الأسباب التي دفعت قداسته إلى كتابة هذا البحث: طلب بعض السريان الأرثوذكس في أميركا. فرد قداسته مثل الراعي الصالح كي ينقذ الضالين ويرشد الضائعين بالرغم من قلة عددهم.

توصيات قداسته الموجهة إلى هؤلاء السريان الأرثوذكس في أميركا في كيفية كتابة الإسم السرياني باللغات الأجنبية وخاصة في تأكيده على هوية السريان الآرامية ستتحول إلى "وصية تاريخية" إلى كل السريان في العالم .

1- قداسة البطريرك برصوم كان الرئيس الأعلى لكنيسة سريانية إشتهرت بمقاومتها الشديدة للحفاظ على تراثها السرياني وعقيدتها فهل يعقل أن تتخلى الكنيسة عن تراثها التاريخي من أجل تسمية "أشورية" غريبة!

2- قداسته هو مؤلف كتاب "اللؤلؤ المنثور" الذي طبعه سنة 1943  وهو كناية عن أبحاث حول تاريخ و آداب أجدادنا السريان أو "السريان الآراميين" وعلومهم كما كتب قداسته (الطبعة الثالثة صفحة 17).

 ليس كل بطريرك ملمّا بتاريخ السريان و مطلعا على المصادر السريانية مثل البطريرك أفرام برصوم.

3- "في إسم الأمة السريانية" هو بحث تاريخي أكاديمي يعتمد على النصوص السريانية وسيبقى بحثا علميا وسيفيد أبناء أمتنا السريانية - الآرامية الذين يريدون معرفة جذورهم الحقيقية .

4- إنتماء السريان إلى الآراميين ليس بنظرية من مخيلة قداسة البطريرك برصوم بل هو "حقيقة تاريخية" موجودة في مصادرنا السريانية. لقد بحث الأب والمؤرخ ألبير أبونا في المصادر السريانية وجاء كتابه مكملا للؤلؤ المنثور تحت عنوان "أدب اللغة الآرامية".

 الأب ألبير أبونا هو أيضا يؤكد على إنتماء السريان (المشارقة والمغاربة) إلى الآراميين .

5- لا تزال بعض الأحزاب السريانية التي تؤمن بالتسمية الأشورية تشوّه سمعة البطريرك أفرام برصوم إذ تنشر رسالته إلى مؤتمر السلام في باريس و تعلق بأنه كان "ممثلا" للمطالب الأشورية .

علما أنه كان موفدا من قبل قداسة البطريرك إلياس الثالث . لا شك أن المطران أفرام برصوم في سنة 1920 قد إرتكب غلطة تاريخية عندما ذكر في رسالته

" notre nation syrienne, ancienne descendante de la race assyrienne "

الترجمة الصحيحة "أمتنا السريانية، المنحدرة قديما من العرق الأشوري" كما استخدم في رسالته تعبير

" Assyro-chaldéens" أي تسمية "أشوري - كلداني".

أريد أن أشدد على أن رسائل إلياس الثالث بطريرك السريان الأرثوذكس وأفرام رحماني بطريرك السريان الكاثوليك تستخدم تعابير "الأمة السريانية". أغلب المواقع التي تنادي بالتسمية الأشورية تنشر أو بالأحرى تزور ترجمة رسالة المطران برصوم إذ تذكر عنه أنه استخدم تعبير "الأمة الأشورية".

6- لماذا استخدم المطران أفرام برصوم تعبير "الأمة السريانية المنحدرة قديما من العرق الأشوري"؟

 نحتاج إلى دراسة حياة المطران برصوم قبل 1920. ولكننا متأكدون من أنه لم يقدّم أية براهين في أبحاثه اللاحقة على تحدّر السريان من الأشورين !

لقد تحول بحث "في إسم الأمة السريانية" إلى منارة ترشد السريان الضائعين وراء هويات مزورة و تلقي الأضواء على الفكر الأكاديمي الآرامي عند البطريرك أفرام برصوم.

7- لقد أوصى القديس مار أفرام السرياني أجدادنا الآراميين "كونوا مواظبين على الصلاة" أما قداسة البطريرك أفرام برصوم فهو يطالب السريان أن يحافظوا على إسمهم وهويتهم السريانية إذ كتب "فالنتيجة ليس للسريان مصلحة في إتخاذ هذا الإسم الغريب (الأشوري) الذي يضيع عليهم جنسيتهم وانتسابهم الكنائسي و هو سندهم الوحيد لوجودهم في العالم"

8- بحث في إسم الأمة السريانية كان موجها إلى "رعية صغيرة للسريان الأرثودكس في أميركا وكندا" ولكن في الواقع هذا البحث موجه إلى كل سرياني يريد أن يتعرف على هوية السريان وتاريخهم. المطران جيجك، رحمه الله، والمنظمات السريانية تنبهت إلى "أهمية" هذا البحث فأعادوا طبعه مرة ثانية سنة 1983 .

كلمة أخيرة بدأت تخصصي في تاريخ السريان الآراميين في جامعة السوربون سنة 1982 وكان عنوان أطروحتي" أسباب إستقلال الكنيسة السريانية الآرامية المناهضة لمجمع خلقيدونيا".

في زيارتي الأولى للسويد سنة 1990 تعرفت على بعض المسؤولين في إتحاد الأندية السريانية الذين قدموا لي كتاب "في إسم الأمة السريانية". كم كانت سعادتي كبيرة عندما إطلعت على بحث البطريرك برصوم وخاصة عندما كتب:

"ليس من سبيل بتبديل ما اصطلحت عليه الإفرنسية و الإنكليزية في هذه اللفظة، وإنما يزول الإلتباس إذا ما أضيف إلى اللغة لفظة Syriac Aramaic للغة و Syrian Aramean للملة، و Syrian Aramean Church للكنيسة" إنني لا أستغرب أبدا أنَّ أبحاثَ البطريركِ أفرام برصوم و الأبِ المؤرخِ ألبير أبونا المبنيةَ على المصادرِ السريانية تؤكـّدُ أن هويةَ السريان وحضارتـَهم ولغتـَهم هي آرامية.

ولكنني أستغرب لـماذا يتجاهل بعض السريان أبحاث البطريرك أفرام برصوم؟

و لماذا لا يزال بعض السريان مخدوعين بطروحات مزورة لهوية أجدادهم؟

"في إسمِ الأمـّةِ السريانيةِ" هو وصية لكلِّ سرياني كي نحافظَ على إسمـِنا التاريخي العلمي لأنـه سندُنا الوحيدُ لوجودِنا في العالم.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها