المسيحيون
المشارقة و السلحفاة الرومانية!
لا شك أن القارئ المثقف يعلم جيدا أن الرومان
قد أسسوا إمبراطورية عظيمة بفضل جيوشهم التي
غالبا ما كانت تحقق الإنتصارات العسكرية
بفضل تنظيماتهم الحربية و إستخدامهم لطرق و
مفاهيم متطورة لشن
الحروب أو لصد هجمات الأعداء!
كان الجنود الرومان يعمدون الى التجمع بشكل"
السلحفاة " و كان
من المطلوب من كل جندي أن يرفع ترسه ليحمي
نفسه و ليحمي الآخرين من جهة واحدة و في نفس
الوقت كان الجنود الآخرون يؤمنون
له و لهم الحماية من الجهات الباقية
!
هنالك عدة أسباب تدفعني الى الكتابة حول هذا
الموضوع
:
أ - طبعا ما
يتعرض له " المسيحيون المشارقة " من هجمات
همجية
على بعض مناطقهم التاريخية . للأسف الإعلام
العربي في الشرق كان
و لا يزال ينظر الى المسيحيين كأنهم " ضيوف "
في الشرق و ليس
سكانه الأصيلين المتواجدين فيه قبل العرب
بأكثر من ٢٠٠٠ سنة
!
ب - الموضوع
المهم الذي نشره الباحث جوزيف ساووك حيث ذكر
:
"
تغيير خرائط الأوطان لا يحدث دائما، فهو يأتي
مرة في قرن أو في قرون. في القرن الماضي
توافقت المصالح الدولية مع مصلحة المسيحيين
المشرقيين في لبنان وولدت الجمهورية
اللبنانية. كانت نتيجة متوجّة لأربعة عشر قرنا
من النضال. نضال كلّف الشعب المسيحي المشرقي
الآرامي السرياني الكثير من التضحيات. فقد كلف
الشعب السرياني أو المسيحي في آرام تقسيمه في
جغرافية وطنه الى طوائف، الى كنائس والى جزر
في محيط إسلاميّ ذي غالبية عربية. وكان من شأن
هذا المحيط الطاغي أن دمّر الرابط الأساسي
الذي يجمع أي شعب:
أي اللغة. اللغة الآرامية ذبحت وتشرذمت وتوزعت
على كافة أراضي آرام، من بيث نهرين الى الساحل
المتوسطي، ولكنها لم تتمكن من الاستمرار في
الحياة اليومية إلاّ في بعض الجبال المحميّة
من المراكز والبعيدة عن المصلحة السياسية
للدولة العربية. واستمرارها في أكثر الكنائس
ليس إلا صمودا من أناس قرروا الوقوف في وجه
الموت.
الآراميون المسيحيون (او السريان) في كافة
آرام، أي بلاد الشام، تقطعت أوصالهم وعاشوا
خلال القرون الاسلامية في شبه جزر مفصولة عن
بعضها.
.."
ج - للأسف
الشديد " المسيحيون المشارقة " لا يزالون
بأكثريتهم الساحقة
يتجاهلون هويتهم السريانية الآرامية ولا
يزالون يتغنون بهويات قديمة
منقرضة ( يريدون أحيائها بالعنوة ) أو بهويات
حديثة مصطنعة ( يريدون
فرضها عن جهل مطلق ). جميع مسيحيي الشرق
يتحدرون من السريان
أي الآراميين و هم السكان الأصيلون لهذا الشرق
لأنهم لا يزالون يعيشون
فيه و ليست الشعوب القديمة المنقرضة من أشورية
أم كنعانية...
(
المضحك ان بعض المتطفلين على علم التاريخ لا
يعلمون أن هنالك شعوب عديدة قد سكنت أو إحتلت
الشرق و لكن ذكرها قد غاب كليا
...)
الخاتمة
*
تجاهل هويتنا التاريخية الحقيقية لا يساعدنا
أبدا في الحفاظ على وجودنا و حضارتنا و كما
ذكر الباحث ساووك: هدر للوقت و للطاقات من أجل
تقوية و ترسيخ وجودنا
.
*
كلما إدعى و ناضل المسيحي المشرقي من أجل هوية
منقرضة أو هوية مستحدثة فإنه من الصعب على
المسيحي الذي يؤمن بأنه فينيقي أو لبناني أصيل
أن يساعد بقية المسيحيين المحافظين على هويتهم
السريانية الآرامية الحقيقية
!
*
على المسيحيين المشارقة الذين يعتبرون أنفسهم
"نخبة المفكرين و الغيورين " على الوجود
المسيحي أن يختاروا " قائدا " لنا كي نعرف متى
يجب أن نرفع تروسونا لحماية وجودنا !
و طبعا كيف نقنع كل مسيحي مشرقي بأننا ننتمي
فعليا الى شعب واحد أصيل
!
*
عدم الإعتراف بهويتنا السريانية الآرامية من
قبل بعض المسيحيين الحالمين سيشكل عليهم مشكلة
أشد خطر من " الهجمات الهمجية
"
التي يتعرضون لها اليوم !
الهجمات
قد تقتل العشرات منهم اليوم و لكن عدم
الإعتراف بهويتهم السريانية الآرامية ستقتلهم
جميعا
! |