عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
   د. أندريه كحّالة

د. أندريه كحّالة

بيروت – لبنان


مقدمة تاريخية: الهلال الآرامي الخصيب مهد الحضارات

       "إنّ قصّتنا تبدأ من الشّرق، لا لأنّ آسيا كانت مسرحاً لأقدم مدنيّةٍ معروفةٍ فحسب، بل أيضاً لأنّ تلك المدنيّات كوّنت البطانة والأساس للثّقافة اليونيانيّة والرّومانيّة"[1].

       نجد إذاً الحضارات القديمة في مثلّثٍ جغرافيٍّ متوازٍ:

1-         على ضفاف نهر النّيل وعاصمتها ممفيس إبتداءً من المملكة الفرعونية القديمة (2720-2300 ق.م.)، الّتي أعطت أهرامات خوفو وخفرن ومنقرع في منطقة الجيزة....

2-         على مصبّ دجلة والفرات مع حضارتي سومر وأكاد، حيث نجد سرجون الأكاديّ (القديم) يؤسّس المملكة الأولى في أور حوالي 2700 ق.م. (ثمّ نجد سومر تخضع لأكاد 2450 ق.م.)

3-     على طول السّاحل الفينيقي (من جبل الكرمل جنوباً إلى مصبّ العاصي شمالاً)، حيث تظهر المدن الفينيقية المستقلّة منذ الألف الثّالث قبل الميلاد بتوجّهها التّجاري مع مصر الفرعونيّة (جبيل) أم مع بلاد الرّافدين (أوغاريت)... أم مع المستعمرات على امتداد البحر المتوسّط (صور)...

       بالعودة إلى بلاد بابل، فإنّ التّوحيد السّياسيّ ينتقل بعد فترةٍ من الاضطرابات إلى مملكة حمورابي (أي المملكة البابليّة القديمة)، وهي ذات طابعٍ أموريٍّ، وذلك إبتداءً من 1730 ق.م. وقد امتدّت سلطة حمورابي على سومر وأكاد وصولاً إلى مملكة ماري وبلاد أشور (أمّا بلاد فينيقيا، فكانت تحت تأثير المملكة الفرعونيّة الوسيطة).

       أكثر ما اشتهر به حمورابي، هو قاونينه (الّتي اكتُشِفَت في حفريّات سوس في إيران سنة 1903، وهي موجودةٌ اليوم في متحف اللّوفر في باريس).

       هذه الكتابات باللّغة الأكاديّة والحرف المسماريّ، تضمّ أحكاماً متفرّقةً من القانون الجزائيّ إلى الأحوال الشّخصيّ’ والقانون التّجاريّ (كما نجد تقسيماً لطبقات المجتمع، إلى رجلٍ حرٍّ، رجلٍ مأمورٍ، وعبد). مع أنّ قوانين حمورابي أعطت للتّقاليد والأعراف دورها، لكنّها أثّرت فيما بعد على كلّ القوانين في الشّرق القديم...

       أمّا حكم السّلالة الحمورابيّة، فقد دام حوالي 300 سنة، حيث توحّدت بلاد الرّافدين دينيّاً بعبادة مردوك وعشتار، وحضاريّاً مع الحضارة البابليّة الّتي انتشرت وعمّت. هذه الحضارة ستكون مسيطرةً على آسيا الغربيّة لمدّة خمسة عشر قرناً (حتّى قدوم الهلّلينيّة مع الإسكندر الكبير).

       يأتي دور الحكم الأشوريّ الّذي صادف مراحل من الانحسار والامتداد بعد القرن الرّابع عشر ق.م. في صراعاتٍ مستمرّةٍ مع الحتيّين والميتانيّين، حيث تعرّض الحكم الأشوري، إبتداءً من 1200 ق.م. للهجومات الآراميّة لمدّة قرنين، حتّى تمرّس الأشوريّون على القتال، وعادوا إلى السّيطرة إبتداءً من القرن العاشر ق.م. (وصارت العاصمة نينوى أي الموصل اليوم) وقد جابه الحكم الأشوري الممالك الآراميّة المستقلّة في الغرب وأوراتو في الشّمال (أي المملكة الأرمنيّة حول بحيرة فان) من القرن العاشر حتّى القرن الثّامن.

       في هذه المراحل، نجد الشّاطئ الفينيقيّ عرضةً للنّزاع بين رعمسيس الثّاني المصريّ والحثّييّن، حيث أدّت معركة قادِش على العاصي سنة 1278 ق.م. إلى عقد اتّفاقٍ لتقاسم المنطقة (كانت الحدود على نهر الكلب والنّقش التّذكاريّ لمرور رعمسيس..). امّا حكم الحثّييّن، فقد تقلّص تدريجيّاً في ما بعد وانتهى أمام الضّغط الأشوريّ في نهاية القرن الثّالث عشر ق.م.

       أمّا عن الممالك الآراميّة، فهي كانت أشبه بالمدن الدّويلات، كما أنّ حدودها كانت متغيّرةً ومتداخلةً ومعظم تلك الدّويلات أُطْلِقَ عليها إسم القبيلة المؤسّسة لها، كما هو واضحٌ من أسمائها على وزن "بيت فلان".

       وأهمّ تلك الممالك الآراميّة في المنطقة الشّماليّة والغربيّة للهلال الخصيب:

       1- مملكة بدان آرام:

       تقع في حوض البليخ، ومركزها مدينة حاران، ورد إسمها في النّصوص المصريّة الّتي تعود إلى القرن السادس عشر ق.م.

       2- مملكة آرام نهرين:

       تقع بين نهري الخابور والفرات، ظهرت في القرن الثالث عشر ق.م. واستمرّت إلى القرن الثّامن ق.م. هاجمها سرجون الثّاني الأشوريّ في طريقه إلى كركميش سنة 717 ق.م. (وهي اليوم مدينة جرابلس).

       3- مملكة بيت عديني:

       تقع بين البليخ شرقاً وضفّتَي نهر الفرات الأوسط غرباً. شملت منطقة منبج وقسماً من الرّقة ودير الزّور وكانت قائمةً في القرن الحادي عشر ق.م. سقطت بأيدي الأشوريّين سنة 856 ق.م. في عهد شلمنصر الثّالث، بعد أن صمدت سنةً كاملةً.

       4- مملكة بيت باخياني:

       عاصمتها غوزانا الميتانيّة القديمة (تلّ حلف) قرب رأس العين، إستولى عليها الأشوريّون سنة 808 ق.م. من قِبَل الملك حدد نيراني الثّالث.

       5- مملكة بيت زماني:

       تقع بين الفرات وينابيع الخابور وكانت عاصمتها مدينة آمد (ديار بكر) في القرن العاشر ق.م. قضى عليها الملك الأشوري أشور ناصر بعل 880 ق.م.

       6- مملكة شمأل:

       (شم إيل أي إسم أيل)، تأسّست على الأرجح في القرن العاشر ق.م. وهي أكبر الممالك الاراميّة الشماليّة، إمتدّت بين حلب وحوض نهر الأسود وعاصمتها زنجرلي، دفعت الجزية للأشوريّين.

       7- دويلات رحوب ومعكا وجشور:

       في المنطقة الجنوبيّة الغربيّة للهلال الآرامي الخصيب، تقع رحوب في أقصى شمال فلسطين، ومعكا قرب جبل حرمون (الشيخ) وجشور بين دمشق واليرموك (ورد ذكرها في العهد القديم أيّام الملك داوود)

       8- مملكة كركم:

       نشأت في القرن الحادي عشر في المنطقة بين شمأل شمالاً وعديني جنوباً. كانت مدينة مركاسي (مرعش) عاصمةً لها، سقطت نهائيّاً على يد سرجون الأشوري. (من هذه المنطقة قَدِمَ الجراجمة)

       9- مملكة سوحي:

       نشأت بين الخابور ومصبّ البليخ أواخر القرن الثاني عشر ق.م. قضى عليها أشور ناصر بعل سنة 879 ق.م.

       10- مملكة بيت أغوشي:

       قامت بعد سقوط الدّولة الحثّيّة بيد شعوب البحر، وامتدّت بين جرابلس وحلب وعاصمتها عرباد (تل رفعت). قاومت كثيراً إلى أن سقطت بيد تغلات فلاصر الثّالث سنة 740 ق.م. بعد حصارٍ دام ثلاث سنواتٍ.

       11- مملكة حماه:

       إنتزعها الآراميّون من الحثّيّين في أواخر القرن الحادي عشر ق.م.، وأقاموا منها دولةً قويّةً لعبت دوراً في التّحالفات ضدّ الأشوريّين، وشملت تسع عشرة مقاطعةً، إلى أن سقطت بيد سرجون الثّاني سنة 720 ق.م. بانتصاره في معركة "كركميش" الأولى، (بعد انتصاره بمعركة قرقر على المصريّين)، حيث قام سرجون بإجلاء السّكان الآراميّين إلى السّامرة وحرّان وأسكن فيها أشوريّين.

       12- مملكة آرام صوبا:

       من أقدم الممالك الآراميّة، عاصمتها عنجر (شلكيس باليونانيّة)، حاربت الملك داوود، حيث نجد ذكر المعارك في العهد القديم.

       13- مملكة آرام دمشق:

       (دارمسيق) إستقلّت عن آرام صوبا في القرن الحادي عشر ق.م.، حيث اتّخذ القائد رزون لقب ملك آرام. ضمّت آرام دمشق تجمّعاً لمقاومة الأشوريّين، لكنّها سقطت سنة 732 ق.م.، حيث يذكر تغلت فلاصر الثّالث أنّه اجتاح ستّ عشرة مقاطعةً تتبعها.

       ولقد انتهى الحكم الآراميّ في جميع بلاد آرام مع سقوط دولة شمأل بيد الأشوريّين سنة 710 ق.م.

       إنّ سبي الشّعوب الآراميّة قد ساهم بانتشار الّلغة الآراميّة على يد تغلت فلاصر الثّالث (746-727 ق.م.) (سقوط مملكة إسرائيل سنة 734 ق.م.). أمّا تحت حكم سرجون الثّاني (721-705 ق.م.)، فقد امتدّت السّيطرة الأشوريّة من الخليج الفارسي إلى طوروس، ومن زاغروس إلى المتوسّط (لترسم الهلال الآرامي كلّه).

       هذا الحكم الأشوري كان مقسَّماً إلى أكثر من سبعين مقاطعةً، حيث انتشرت العادات والفنون الأشوريّة والدّيانة الكلدانيّة (كانت بابل مدينةً مقدّسةً). أمّا الّلغة السّائدة، فكانت الآراميّة، إذ احتلّت الأبجديّة الآراميّة الفينيقيّة مكان الكتابة المسماريّة.

       أمّا في بلاد سومر وأكاد، في المنطقة الجنوبيّة الشّرقيّة من الهلال الآراميّ، فإنّنا نجد ممالك كلدانية آراميّةً تقاوم المملكة الأشوريّة مثل مملكة بيت ياكين على الخليج الفارسيّ (الّتي حلّت مكان مملكة ملوك البحر أيّام حمورابي). وكانت هذه المملكة من القوّة بحيث هزمت الملك الأشوريّ سرجون الثّاني.

       كما أنّ إجلاء القبائل الآراميّة الغربيّة على يد شلمنصر من بيت عديني وغيرها إلى أشور، أدّى إلى تكاثر التّأثير الآراميّ وقيام مجتمعاتٍ آراميّةٍ جنوب سومر وأكاد، حيث أُطلِق على المنطقة تسمية بلاد آرام (بيت آراماي) واستطاع أحد الأمراء الآراميّين السّيطرة على بابل والإستقلال بها في القرن الحادي عشر ق.م. واضطرّ ملك أشور الإعتراف به ومصاهرته كسباً لودّه وصداقته.

       وتصفهم المدوَّنات الأشوريّة بالقوّة والشّجاعة، "وأنّهم لا يعرفون للموت معنىً".

       كما أنّ أحد أمراء الكلدان وحاكم بابل من قبل الأشوريّين، وهو نبوبلاصر، إستطاع أن يقود تحالفاً من آراميّي الجنوب والميديّين ضدّ الأشوريّين، حيث سيطر على نينوى سنة 612 ق.م. وانتهى الحكم الأشوريّ لصالح الحكم الكلداني الآراميّ (أي البابلي الحديث).

       أمّا ابنه، نبوخذ نصّر الثّاني (605-562 ق.م.)، فقد تمكّن من توسيع حكمه إلى البلاد الآراميّة الشّماليّة، حيث انتصر على الملك المصري نخاو في معركة كركميش الثّانية سنة 605 ق.م. (أي جرابلس اليوم).

       كما قام نبوخذنصرّ الثّاني بحملتين على مملكة يهوذا بين 597 ق.م. و 586 ق.م. حيث قام بالسّبي الشّهير باسم سبي بابل للشّعب العبراني (والّذي من تنائجه إستعمال الشّعب العبراني للّغة الآرميّة وصولاً إلى أيّام السّيد المسيح).

       في مجال العمران، قام نبوخذنصّر الثّاني بإنشاء الجنائن المعلَّقة وباب عشتار الشّهير في بابل وقنوات بين دجلة والفرات...

       سنة 573 ق.م. سقطت صور أمامه بعد حصارٍ دام 13 سنة.

       دامت هذه المملكة الكلدانيّة حتّى سنة 538 ق.م.، حيث أسقطها الفرس الأخمينيّون بقيادة قورش الثّاني الكبير. وقد امتدّت أمبراطوريّة الفرس أيّام قورش الكبير من آسيا الصّغرى وسيناء غرباً، إلى الهند شرقاً (سنة 529 ق.م. عاد العبرانيّون من سبي بابل). كما أن قمبيز (529-522 ) تمكّن من مدّ سيطرته على مصر ليكمل داريوس الأوّل سيطرته على قسمٍ من اليونان، حيث جرت معركة ماراتون الشّهيرة سنة 490 ق.م.

       كانت بابل هي عاصمة الفرس الأخمينيّين مع المدينة الملكيّة برسبوليس (539 ق.م. – 330 ق.م.). أمّا أهمّ تطوّر حضاريّ خلال الحكم الفارسي فهو اعتماد الّلغة الآراميّة لغةً رسميّةً ودبلوماسيّةً في كلّ أرجاء الأمبراطوريّة المترامية الأطراف. (حتّى أنّ الفرس ظلّوا يستعملون الحرف الآرامي في تدوين لغتهم الفارسيّة وذلك حتّى القرن الثّامن م. واعتماد الحرف العربي).

       بعض الأفكار عن تاريخ المدن الفينيقيّة:

       جبيل: كانت مزدهرةً منذ الألف الثّالث ق.م. يحكمها ملكٌ مستقلٌّ تحت السّيطرة المصريّة على الغالب، كون شعبها مسالمٌ وذو توجّهٍ تجاريٍّ.

              كان المرفأ يصدّر خشب الأرز، واشتهر سكّانها بالتّجارة والبناء الحجريّ وبناء السّفن (كما هو مدوّنٌ في العهد القديم).

              أمّا قبر الملك أحيرام من القرن الثّالث عشر ق.م. الّذي تمّ اكتشافه سنة 1923، فهو من أجمل النّقوش الفينيقيّة ومن أقدم الإثباتات على الحرف الأبجديّ الفينيقيّ.

       صور:   إزدهرت إبتداءً من القرن السادس عشر ق.م. إعتمدت تجارتها على الصّناعات الزّجاجيّة والأرجوانيّة وصلاتها بالغرب. قامت صور بتأسيس المستوطنات على امتداد شواطئ المتوسّط في إسبانيا في المغرب وفي تونس (قرطاجة الشّّهيرة)، (814 ق.م.- 146 ق.م.).

               في القرن التاسع ق.م.، أصبحت صور تحت التّاثير الأشوريّ وتعرّضت لعدّة حصاراتٍ وهجوماتٍ.

          أهمّ الحصارات على صور:

- نبوخذنصّر الثّاني سنة 573 ق.م.، الّذي دام ثلاث عشرة سنةً،

- حصار الإسكندر الكبير سنة 332 ق.م.، الّذي دام ثمانية أشهرٍ.

       أوغاريت:   وهي اليوم راس شمرا، إلى الشّمال من اللاّذقيّة.

نجد في الحفريّات دلائل على عمرانها منذ الألف الثّالث ق.م. أمّا الإزدهار، فقد جاء مع الاحتلال المصريّ في القرن السادس عشر ق.م.، إلى جانب وجود تجارةٍ مع المدن اليونانيّة القديمة، لكن زلزالاً دمّرها حوالي سنة 1500 ق.م.، ودُمِّرت مرّةً ثانيةً من قِبَل شعوب البحر حوالي سنة 1200 ق.م.، وقد انحسر نفوذها التّجاريّ بعد القرن السّادس ق.م.

من أهمّ آثار أوغاريت، مقاطع أدبيّةٌ من القرن الرّابع عشر ق.م.، وهي الآثار الأدبيّة الكنعانيّة الوحيدة الموجودة..,

       كلمةٌ أخيرةٌ عن الممالك الآراميّة التي حافظت على ستقلالها وهي اربعة:

       دولة الرّها، دولة الأنباط، دولة تدمر ودولة الحظر.

       دولة الأنباط: منذ القرن الرّابع قبل الميلاد، كانت عاصمتها البتراء ولغتها إحدى الّلهجات الآراميّة. إمتدّت سيادتها من البحر الميت إلى البحر الأحمر. ولمّا سقطت دولة الأنباط، (حوالي سنة 106 م. وانتصار الأمبراطور الرّومانيّ تراجان عليها)، إنتقل دور الرّيادة التّجاريّة إلى تدمر.

       دولة تدمر:   برزت بعد انهيار دولة الأنباط في القرن الثّاني ميلادي. وتدمر كلمةٌ سريانيّةٌ (تادو تمري) معناها بلاد التّمر، ومن هذه التّسمية كانت كلمة "بالميرا" باليونانيّة.

كانت التّدمريّة لهجةٌ آراميّةٌ غربيّةٌ خاصّةٌ. وازدهار تدمر التّجاريّ، أدّى إلى قوّةٍ سياسيّةٍ حتى أعلنت استقلالها عن الأمبراطوريّة الرّومانيّة أيّام زنوبيا سنة 260 م.، لكنّها سرعان ما سقطت عسكريّاً سنة 272 تجاه الأمبراطور الرّومانيّ أورليانوس. إن معظم الآثار الباقية اليوم في تدمر تعود إلى أوائل القرن الثّاني ميلاديّ.

       مملكة الحظر:  إلى الجنوب الغربي من الموصل، أمّا الّلغة الحظريّة فهي لهجةٌ آراميّةٌ شرقيّة.

       مملكة الرّها:   أو أديسّا، نسبةً إلى مدينة أورموي عاصمة مقاطعة أوسروهين في منطقة قريبة من "طور عبدين" شمالي سوريا (وهي مدينة أورفا في تركيا اليوم). وقد ازدهرت هذه المملكة خاصةً بعد انتشار المسيحيّة وكونها من أوّل الممالك المسيحيّة. وقد ملك عليها سلالة الأباجرة سنة 132 ق.م. (حتّى سقطت بيد الرّومان سنة 244 م. أيّام الأمبراطور كركلاّ).

إشتهرت هذه المملكة كمركزٍ هامٍ للكنيسة السّريانيّة وقاعدةً للعلوم والآداب منذ القرن الثّالث ميلاديّ (فالّلغة السّريانيّة بلهجتيها الغربية والشّرقيّة كما نعرفها اليوم، هي لغة أهل الرّها ونصيبين).

وقد كانت للظّروف الحضاريّة والسياسيّة ومن ثمّ التّكريس الدّيني الفضل الأكبر لسيادة الّلغة السّريانيّة الرّهاويّة في الهلال الآراميّ...

من مآثر مدينة الرّها: الإنجيل السرياني المعروف "بالبشيتو"

   تصدّرت مدرستا الرّها ونصّيبين في المجال اللاهوتي... أما مدرسة نصّيبين فكانت المدينة الفاصلة بين أمبراطورية الفرس وأمبراطورية اليونان (حالياً ضمن الحدود التركية) واسمها بالسريانية "مدينات تحوجة" وكانت لهجتها شرقية (أي بالفتح على آخر الكلمة). وعندما احتل الفرس هذه المدينة سنة 463م.، انتقل منها الملفان "مار أفرام" إلى مدينة الرّها حيث علّم بلهجته الشرقية حتى وفاته سنة 473م. (لقد انتقلت المدرسة اللاهوتية ولم ينتقل اللفظ).

الدكتور أندريه كحاله

منشورات هيئة الثقافة السريانية

يتبع

 

*           *           *           *           *

[1] المؤرخ ويل ديوارانت: قصة الحضارة.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها