محطات مهمة في تاريخ الشعب المسيحي اللبناني
410 م.:
وفاة
القديس مارون الذي ينتسب إليه الموارنة.
مع حلول القرن السادس، كانت الرهبنة المارونية قد بدأت نشاطها
الرسولي وانطلق الرهبان من دير مار مارون المركزي يبشرون بالمسيح والمعتقد
الكاثوليكي في المناطق المحيطة وصولاً إلى جبل لبنان.
كانت الكنيسة المارونية في جبال لبنان اللولب الذي تجمع حوله
المسيحيون في المناطق الشرقية لمواجهة المدّ العربي الإسلامي الفاتح الذي
كان له 3 نتائج:
إمّا التخلّي عن الدين "الكافر" واعتناق الإسلام،
إمّا القبول بالعيش تحت الحكم الإسلامي بدرجة ثانية من المواطنية،
إمّا الدفاع عن الوجود والمعتقد المسيحي حتى الموت.
كان هذا الخيار الحرّ قدر الشعب المسيحي في الجبال اللبنانية تجاه الموجات
العربية الإسلامية المتتالية من سنة 636 م. حتى يومنا هذا، أي خلال 1400
سنة.
يقسم التاريخ الماروني إلى خمسة أقسام:
من القرن السابع وحتى القرن الرابع عشر، كان للموارنة وطن قومي مستقل
في جبل لبنان.
من القرن السادس عشر وحتى 1840، كان للموارنة بالاشتراك مع الدروز كيانٌ
ذاتي تحت حكم.الإمارة المعنية ثم الشهابية
من 1843 وحتى 1914، حكمٌ ذاتي بكفالة دولية بشكلي القائمقاميتين ثم
المتصرفية.
من 1918 وحتى 1943، تحت الإنتداب الفرنسي.
من سنة 1943، إستقلال دستوري.
632م. :
موت النبي محمد وابتداء الفتح الإسلامي الذي وصل سريعاً إلى المدن الساحلية
اللبنانية بين
636 و 640
(صور، صيدا، بيروت وطرابلس). من أهم الأسباب التي
ساعدت العرب القليلي العدد نسبياً على الانتصار في آسيا الصغرى، هو انقلاب
الشعوب الموجودة على الحكم البيزنطي بسبب اضطهاد هذا الحكم لمختلف الهرطقات
المسيحية.
لكن جبل لبنان لم يتعرض للاحتلال وبقي صامداً ومقاوماً تجاه جيوش
خالد بن الوليد: ولادة الوطن القومي المسيحي في جبال لبنان واتخاذه أهمية
سياسية بعد سقوط السواحل.
على أيام البطريرك مار يوحنا مارون (685 – 707)، تمّ الاتفاق على
معاهدة صلح بين الخلفاء الأمويين والموارنة بقيادة البطريرك وبحماية الجيش
المسمى بالمردة الجراجمة.
695 م. :
قام الخليفة الأموي الخامس عبد الملك بن مروان بإصلاحات ثورية أساسية:
1- إعتماد اللغة العربية في كل المعاملات داخل الأمبراطورية الأموية بدلاً
من اليونانية والفارسية.
2- إعتماد صك للعملة الإسلامية بدلاً من العملة البيزنطية والغسانية.
هذان الإصلاحان كانا من أهم الأسباب في توطيد النفوذ العربي وإعطاء الحكم
صفة مركزية. كما ساهم بترسيخ الهوية العربية الإسلامية في كل المناطق.
وأصبحت كلمة عروبة ملازمة للإسلام.
كانت حدود الوطن القومي تمتدّ من جوار صيدا جنوباً وحتى عكار والنهر الكبير
شمالاً ومن البقاع شرقاً وحتى المتوسط غرباً.
750 م. :
مع انتقال الحكم إلى العباسيين، عاودت المعارك من أجل إخضاع مسيحيي لبنان.
758 م. :
إستقدام قبائل بني إرسلان واستيطانها على سفوح جنوب شرق بيروت من قبل
الخليفة أبو جعفر المنصور العباسي.
938 م. :
خراب دير مار مارون على العاصي على يد الحكام المسلمين وما تبعه من اضطهاد
969 م. :
إحتلال مصر من قبل الفاطميين وإعلان عاصمتهم القاهرة.
1054 م. :
الإنشقاق
الكبير بين الكنيسة الغربية الكاثوليكية والشرقية الأورثوذكسية أيام البابا
ليون التاسع.
1085 م. :
إحتلال القدس
من قبل السلاجفة الأتراك.
1095–1291:
الحروب الصليبية: جيوش ألمانية، إيطالية وفرنسية بأكثريتها مما سمي
بالفرنج.
سبع حملات صليبية انتهت بالمواجهة مع المماليك وسقوط عكا في يدهم إلى جانب
حيفا وصور وبيروت وطرطوس سنة 1291. على الصعيد العسكري، كانت الحروب
الصليبية من القضايا الكبرى الخاسرة في التاريخ. أما على الصعيد الديني
والحضاري والإقتصادي، فإن الحروب الصليبية قد أعطت تأثيراً بعيد المدى على
البيئة الأوروبية بكاملها:
في المجال العلمي، بواسطة الأعلام العرب كابن سينا والفارابي وابن رشد
وغيرهم،
في المجال الطبي، ظلت تعاليم ابن سينا مطبّقة في أوروبا حتى القرن السابع
عشر نظرياً و عملياً،
في الحساب، تم اعتماد التعداد العشري ورقم الصفر نقلاً عن العرب.
حضارياً: تم اعتماد الملابس الحريرية واللؤلؤ، وفي المأكل تمّ التعرف على
الدراق والسبانخ والبهارات.
كان للحروب الصليبية علاقة غير مباشرة بانتهاء العهود الإقطاعية في أوروبا
وبالنهضة فيها، إضافةً إلى تاثيرها على مملكة القسطنطينية وسقوطها.
1305 م. :
إحتلال سوريا
ولبنان من قبل المماليك ووضع نظام الجزية. هذا الاحتلال كان له أسبابٌ
خارجية مثل الانشقاقات داخل الكنيسة الغربية في أوروبا وأسباب داخلية مثل
الانشقاقات داخل الصف المسيحي في كسروان وأصبح المقدمون يعينون من قبل
السلطان المملوكي الممثل بحاكم طرابلس بحيث انتقل المركز من البترون إلى
بشري.
1515 م. :
إنتصار
عثماني على الدولة الصفويّة الإيرانية.
1516 م. :
معركة مرج
دابق وابتداء الحكم العثماني الذي سيدوم 400 سنة، المعنيون يحكمون الشوف
مكان التنوخيين (فخر الدين المعني الأول).
1520 م. :
حكم السلطان
سليمان العظيم
1545 م. :
عودة
الموارنة إلى كسروان بعد الغزو المملوكي سنة 1305.
1566 م. :
توصلت تركيا
إلى قمة العظمة الحضارية والسلطة
1584 م. :
تأسيس الكلية
المارونية في روما تحت رعاية البابا غريغوار الثالث عشر.
1585 م. :
حملة عثمانية
على الشوف لتدميرها: عودة المسيحيين كيدٍ عاملة.
1590-1635:
حكم الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير: امتداد حكمة من عريش
مصر إلى حدود حلب.
1613 م. :
:سفر مخر
الدين هرباً إلى توسكانا: (عند عودته يستقدم معه القرميد والخبراء
الزراعيين).
1649 م. :
يعلن الملك
لويس الرابع عشر في رسالةٍ إلى البطريرك حمايته للموارنة رسمياً، ويأمر
سفراء فرنسا وقناصلها في أرجاء الأمبراطورية العثمانية بمدّ يد المساعدة
للموارنة وحماية مصالحهم.
1655 وحتى نهاية القرن الثامن عشر: كان قنصل فرنسا في بيروت دائماً
مارونياً من عائلة الخازن أو السعد.
1695 م. :
تأسيس
الرهبانية المارونية اللبنانية.
1697 م. :
إنتقال
الإمارة من المعنيين الدروز إلى الشهابيين السنّة...
1737 م. :
رسالة حماية
موجهة إلى البطريرك الأنطاكي وإلى الأمة المارونية من قبل الأمبراطور
والملك المسيحي لويس الخامس عشر.
:1860-1840
الحرب الأهلية:
الأسباب الخارجية، هي مكائد السلطات التركية والمصرية بقيادة محمد علي
وابنه.
الأسباب الداخلية تكمن في تصرفات الأميرين بشير الثاني وبشير الثالث، بحيث
تعاون ابراهيم باشا مع الأمير بشير لمحاربة الدروز سنة 1838.
1840 م. :
عامية دير
القمر، عامية أنطلياس واعتماد الموارنة والدروز لمحاربة الحكم المصري.
لكن مناورات الأمير بشير زرعت التفرقة في صفوف الثوار، بحيث تخلى الدروز عن
الموارنة. كما أن مواقف البطريرك الماروني يوسف حبيش المترجرجة والضعيفة
زادت الطين بلة، بحيث كانت متناقضة مع تطلعات ومصالح الشعب، مما سمح لعودة
الحكم التركي مكان الحكم المصري سنة 1840، وبداية الانتقام التركي من
الموارنة الذين سمحوا للمصريين بالانتصار في الماضي.
كما أن الدروز كانوا يتحينون الفرصة للانتقام من الظلم الذي لحقهم على يد
الأمير بشير الثاني الماروني وتحالفه مع ابراهيم باشا. بعد خسارة ابراهيم
باشا وحليفه الأمير بشير الثاني تجاه الإنكليز، نفي الأمير بشير الثاني
وحكم بشير الثالث الذي تابع الإجراءات التعسفية تجاه الدروز.
كما يذكر تدخل الإنكليز إلى جانب الأتراك لحماية مصالحها في قبرص ومحاربة
التأثير الفرنسي الذي يحمي الموارنة عبر حماية الدروز من قبل الإنكليز.
أزمة 1841-1842:
بسبب تعنت بشير الثالث قاسم ورفضه الإستقالة إلى جانب البطريرك يوسف
حبيش، مما زاد النقمة وكانت الشرارة في تشرين 1841.
ثم كانت مجزرة دير القمر بخدعةٍ درزية في تشرين الأول سنة 1841 وحصار قصر
بشير الثالث. امتدت المجزرة إلى مناطق وبلدات عدة خاصةً أن الموارنة كانوا
غير متحدين أبداً.
ومن ثم، أدّت الوساطة من قبل فرنسا وانكلترا إلى وقف القتال في الشويفات.
إرسال القوات التركية إلى الجبل من أجل نزع السلاح من أيدي الطرفين
إبتداءاً بالموارنة.
معركة زحلة في تشرين الثاني سنة 1841 ومساندة السلطات العثمانية للدروز.
مجلس عام في كانون الثاني سنة 1842، ونفي بشير الثالث إلى اسطمبول، عمر
باشا يعيّن حاكماً مباشراً على جبل لبنان تأكيداً لنهاية الإمارة الشهابية.
أزمة 1842-1845:
حاول عمر باشا التركي السيطرة على الجبل باضطهاد الدروز ورشوة الموارنة،
لكن هذه المحاولة للحكم التركي باءت بالفشل، بحيث تجمع الموارنة والدروز
لمواجهتها وتمّ الاتفاق على أسعد شهاب لحكم الجبل. لكن الأتراك قاموا
بحملةٍ عسكرية لفك الارتباط بين الدروز والموارنة بهدف تدمير الحكم الذاتي
في لبنان. مترنيخ مستشار النمسا يطرح نظام القائمقاميتين لحل أزمة جبل
لبنان وأنشاء قائمقاميتين في 7 كانون الأول سنة 1843 وإعلام الدول الخمس
العظمى: فرنسا، إنكلترا، النمسا، روسيا وبروسيا، لكن عدة أشهر مرّت قبل
تنفيذ هذا القرار.
هذا التدبير الإصطناعي سمح للأتراك بالسيطرة بصورةٍ غير مباشرةٍ عبر
تعيين القائمقام. هذا التدبير، عوضاً عن تأمين الإستقرار، ساهم بتأجيج
المجازر خاصةً في القائمقامية الجنوبية.
مجزرة 1845 باشتراك القوات التركية التي كانت تمنع المسيحين من
القدوم لحماية المناطق المجاورة وتقوم بتسليمهم بعد نزع السلاح إلى الدروز
حيث امتدت المجازر إلى أكثر من خمسين بلدة.
انتهت المعركة في خريف 1845 وتمّ تدمير الوحدة السياسية والتنظيم
الإقطاعي في الجبل خاصةً عند المسيحيين، وأصبح تحت سيطرة الباشا أو الوالي
العثماني بحيث أن السياسة العثمانية كانت بتشجيع الفوضى والمعارك حتى يكون
لديها العذر من أجل إلغاء المؤسسات الموجودة وإنهاء الحكم الذاتي في الجبل
كما يقول القنصل الإنكليزي مور.
أزمة 1845 – 1860 وقدوم وزير الخارجية العثماني شكيب أفندي إلى بيروت في
خريف 1845:
تمّ إنشاء مجلس مختلط داخل كل قائمقامية. كما أمر بنزع السلاح ممّا أتاح
بالفرصة أمام العسكر العثماني لارتكاب جرائم جديدة تجاه السكان العزّل.
تحت ضغط البلدان الأوروبية، التي كان لها سيطرة معنوية كبيرة على
الدولة العثمانية بفضل مساعدتها ضد القوات المصرية 1840 وضد القوات الروسية
في الحرب 1855،
تمّ إقرار فرمان 1856 يقر فيه المساواة بين المسيحيين
والمسلمين خلال إتفاقية باريس، بحيث كان ضحيتها المسيحيون في لبنان من خلال
مجازر جديدة.
ثورة الفلاحين 1858:
ثورة قامت على المشايخ المسيحيين نتيجة الظلم المتكرّر، أمثال مشايخ آل
خازن وحبيش وطردهم، كما طرد القائمقام بشير أحمد. إنطلاقاً من كسروان،
امتدّت الثورة إلى المتن بقيادة طانيوش شاهين. إعلان أول جمهورية شعبية في
لبنان والشرق.
تجاه هذه الإنتفاضة، حاول العثمانيون من جهة والإنكليز من جهةٍ أخرى
توظيفها كلٌّ لصالحه، حيث زرعوا الفوضى بواسطة عصابات تحت حمايتهم. كان
البطريرك بولس مسعد ذا سلطةٍ معنوية ضعيفةٍ ولم يستطع جمع الشمل. توجه
طانيوس شاهين إلى نهر الكلب على رأس المحاربين المسيحيين مما دفع بالدروز
إلى اتهامه بالهجوم بحيث توجهوا هم على دير القمر وإحراق بيت مري وأكثر من
أربعين بلدة مسيحية.
الإتفاق مع والي بيروت خورشيد باشا من أجل إفناء المسيحيين والوصول
إلى فتوى في دمشق من أجل محاربة المسيحيين بحيث كانت القوات الدرزية في
الجبل تؤلف صفاً واحداً بينما القوات المسيحية تؤلف عدة فرق عسكرية غير
موحدة.
مجزرة الدامور أيار 1860: تبعتها مجازر عدة في بيت مري، صيدا حاصبيا وزحلة.
مجزرة زحلة حزيران 1860: حيث تنكر الدروز تحت راية يوسف بك كرم حتى
استطاعوا دخول زحلة.
الأسباب الرئيسية لحرب 1860
الأسباب الخارجية:
1-
هدف الانتقام عند الأتراك من الموارنة بعد مساعدتهم لمحمد علي المصري على
إخضاع البلاد.
2-
العداء الأصيل ضد استقلال لبنان.
3-
التعصب الديني التركي، إلى جانب التعصب الإسلامي وعدم قبوله بالاصلاحات
الفرمانات (مما سبب بمجازر دمشق).
4-
السعي لمحاربة النفوذ الأوروبي والفرنسي في الشرق الأوسط ولبنان.
5-
تضارب المصالح بين فرنسا وبريطانيا في لبنان والشرق.
الأسباب الداخلية الدرزية:
1-
هدف الانتقام عند الدروز بعد مساعدة الموارنة في معارك المصريين ضد الدروز
في حوران.
2-
التعصب الديني الدرزي.
3-
"عودة القديم إلى قدمه" خاصة منذ انتقال الإمارة الشهابية إلى أيدي السلالة
المارونية مع الأمير يوسف الشهابي 1770.
إن الدروز التفوا حول هيكليتهم الإقطاعية بصلابة وتوحدوا وراء مشايخهم
بالإضافة إلى مساندة الأتراك والبريطانيين (عكس الموارنة كما سنرى في ما
يلي).
الأسباب الداخلية المسيحية:
1-
فقدان الوحدة والتضامن داخل الصف المسيحي في كسروان بسبب الثورة الفلاحية
وفي الشمال بسبب التناحر بين بشري وإهدن.
2-
فقدان القيادة التاريخية للبطريرك وضعف البطريرك بولس مسعد الذي لم يستطع
توحيد الموارنة تحت سلطته بحيث كان قائمقام النصارى بشير أحمد أبي اللمع في
صراع دائم مع إقطاعيي كسروان الممثلين بابراهيم الخازن.
مجزرة دير القمر، حزيران 1860، حيث تمّ نزع السلاح من قبل المتسلم التركي
ومن ثم هجم الدروز على السكان العزّل وذبحوهم وأحرقوا البلدة.
مجزرة دمشق، تموز 1860، حيث قام المسلمون، يعاونهم الجنود الأتراك، بقتل ما
يقارب العشرة آلاف مسيحي وإحراق منازلهم.
إشتعلت الحرب الأهلية في وقتٍ كان فيه الموارنة على أسوأ حالٍ من الضعف
والتفكك، بسبب خلافاتهم وانقساماتهم وهشاشة جبهتهم الداخلية، مما سهّل
الانتصار عليهم وتكبيدهم الخسائر الفادحة، مقابل تماسك الدروز القوي
وتحالفاتهم الأكيدة، كما أن انحياز الموقف التركي لمصلحة الدروز، والتضارب
الشديد في المصالح الدولية، ذلك كلّه مما حصر دور كرم، لكنه تمكن من تفادي
الفتنة في الشمال. إرتبك موقف كرم، فجاء دوره محدوداً في الجبل، ولم يستطع
إنقاذ زحلة، لكنه ساهم في منع اقتحام كسروان، وشدّ من عزيمة البطريرك
مانعاً إياه من السفر بالبحر وأعان المهجرين كما ساعد المنكوبين
والمتضررين.
وزير الخاردية العثماني، فؤاد باشا يصل إلى لبنان...
عيّن كرم مؤقتاً وكيل قائمقام النصارى على أثر الفتنة واستمرت ولايته من 17
تشرين الثاني 1860، حتى استقالته في حزيران 1861 حين بدء نظام المتصرفية.
"وفي المدة القصيرة التي قضاها يوسف كرم في هذا المنصب، توفق إلى غزو
كسروان وقهر طانيوس شاهين، زعيم ثورة الفلاحين هناك. وبذلك عاد الهدوء
والنظام إلى قائمقامية الشمال. وسمح يوسف كرم لطانيوس شاهين بأن يحتفظ
بإدارة شؤون كسروان كمفوض محلي، إلاّ أنه سمح ايضاً للأسر الإقطاعية
المبتعدة أن تعود إلى كسروان.
تحرك فرنسي على الصعيد الإنساني: مساعدات وتحرك سياسي حيث عقد مؤتمر في
باريس ضم الدول العظمى الأوروبية حيث تم الاتفاق على بروتوكول لإرسال قوات
أوروبية للمساعدة على إرساء الهدوء.
قوة عسكرية فرنسية مؤلفة من ستة آلاف عسكري تنزل في بيروت في 16 أيلول
1860.
هذه الحملة كانت بقيادة الجنرال الفرنسي دو بوفور دوتبول، واتخذت معسكرها
في حرج الصنوبر.
في هذا الوقت، تمّ إنشاء محكمة عسكرية عثمانية لمحاكمة المعتدين من الحكام
الأتراك بحيث تمّ إعدام أحمد باشا والكولونيل علي بك. غادرت البعثة
العسكرية الفرنسية في حزيران 1861.
تمّ إنشاء لجنة دولية من قبل الدول الخمس للبحث في وضع جديد لحكم لبنان حيث
تم إمضاء بروتوكول جديد في اجتماعات لاحقة في اسطمبول لإنشاء متصرفية على
رأسها مسيحي يعين من قبل الباب العالي في 9 حزيران 1861 ولفترة تجريبية
ثلاث سنوات حيث تم إلحاق بروتوكول ثانٍ سنة 1864 للأمور الداخلية.
إنشاء محكمة في المختارة لمحاكمة المجرمين المسؤولين عن المذابح في القرى
المسيحية. أحكاماً تراوحت بين الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة وتمّ
الاتفاق على تعويضات مالية لمسيحيي الشام والجبل.
كانت المتصرفية جغرافياً تابعةً للحكومة العثمانية بصورة مباشرة دون المرور
بوالي الشام. كما تمّ سلخ سهل البقاع شرقاً، وادي التيم جنوباً، صيدا، صور،
بيروت وطرابلس بمساحة 5740 كلم2.
كان كرم آخر قائمقام في نظام القائمقاميتين الذي عرفه لبنان منذ العام 1842
حتى حزيران 1861 حيث تمّ الاتفاق بين الآستانة والدول الأوروبية على نظام
جديد للبنان عرف بنظام المتصرفية وتولّى داود باشا الحكم كأول متصرف...
اقتصرت معارضة النظام الجديد على أهالي الشمال وقسم من أهالي كسروان بزعامة
يوسف كرم وأدّى تصاعد الرفض إلى مواجهة بين كرم والمتصرف انتهت بنفي كرم من
لبنان بموافقة القنصل وسفراء دول أوروبا في كانون الأول 1862.
عند تحديد ولاية داود باشا، عاد كرم فجأة إلى لبنان في تشرين الثاني 1864،
وتحوّل الخلاف إلى ثورة على المتصرف امتدت حتى 1867 تخلّلها اصطدامات مسلة
عدة رفعت من شهرة يوسف مسعد الذي قضى بإبعادة عن لبنان في شباط 1867 إلى
الجزائر (ثم إلى أوروبا)، حيث اعتزل السياسة وانتقل إلى نابولى حتى وفاته
سبة 1889 بعد عشرين سنة من النفي.
توزيع عدد السكان سنة 1908:
-
موارنة 35,000
-
دروز 50,000
-
روم أرثوذكس 54,000
-
كاثوليك 35,000
-
متاولة 15,000
-
مسلمين 12,000
-
------------------
-
المجموع 516,000
الحرب الكبرى:
1914- 1918
في 28 حزيران 1914، اغتيل أرشدوق في النمسا في يوغسلافيا، وكان الحدث السبب
المباشر للحرب العالمية الأولى.
في 29 تشرين الأول، دخلت تركيا الحرب إلى جانب ألمنيا و النمسا ضد الحلفاء،
أي فرنسا و بريطانيا و روسيا.
في 28 تشرين الثاني، دخلت القوات العثمانية جبل لبنان بعكس اتفاقات
المتصرفية وبعت بجمال باشا حاكماً عسكرياً والذي بدأ بتطبيق الحصار البحري
ومصادرة المود التموينية والطبية بحيث بدأت المجاعة تضرب ابتداءاً من سنة
1915،والأمراض وذلك حتى 1918.
في 6 تشرين الأول 1918، دخل الحلفاء صيدا وفي تشرين الأول دخلوا بيروت.
وهكذا انيهت 400 سنة من الحكم العثماني بأمل الحكم الذاتي مع الإنتداب
الفرنسي...
خلاصة:
إن هذا الطرح الموجز للتاريخ المسيحي في لبنان يساعدنا للوصول إلى و عي
قومي للكيان المسيحي الذي حارب أجدادنا طيلة 13 قرن للمحافظة عليه مادياً
ومعنوياً بحيث يكون لبنان اليوم أميناً لرسالته الحضارية كونه بلد القاء
الحضارتين هما المسيحية المشرقية و الإسلامية العربية. ولبنان الغد سيكون
بلداً تعددياً يحضن هاتين الحضارتين في جو من الإعتراف المتبادل للخصائص
واحترام المتبادل عن محاولات التذويب والتعرين.
الدكتور أندريه كحاله