عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

                

Arameiska

English

نبذة عن حياة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو

 -حاصل على شهادة الدكتوراه في علم اياء الكنيسة من روما سنة 1983

- حاصل على الماجستير في الفقه الاسلامي من روما سنة 1984

- حاصل على شهادة الدكتوراه في تاريخ العراق القديم من جامعة السوربون سنة 1986

-عضو في الهيئة السريانية في المجمع العلمي العراقي


  المسيحيون في الشرق الأوسط ، بين إسلام الدولة والأصولية

 

لخميس سبتمبر 22, 2011

في السنوات الاخيرة بدأت تتغير الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط كما الحال اليوم في إيران والعراق ومصر وتونس وليبيا والحبل على الجرّار... هذه التغييرات غير واضحة المعالم صارت مصدر قلق شديد بالنسبة للأقليات الدينية والعرقية في المنطقة، و بشكل رئيسي للمسيحيين. والحديث عن شرق أوسط جديد مقسم الى دويلات طائفية سوف يدمر فسيفساء التعددية الألفية و من دون التوصل إلى حل.

في الواقع ، كان مسيحيو الشرق الأوسط قد أوجدوا طريقة للحياة modus vivendi ، أكثر أو أقل إيجابية ، في ظل إسلام دولة. وعاشوا منذ 14 قرنا في سلام لا بؤأس به وكيفوا وضعهم مع الأغلبية المسلمة دون الاعتماد على أحد. عالمين من دون تبسيط أومبالغة ان الاسلام دين ودولة، ولا يمكن فصلهما حتى في البلدان التي تسمى نفسها علمانية. في الاسلام لا يوجد في الواقع فصل بين القوتين ، كما هو الحال في الغرب.

و اليوم فقد تغير الوضع تماما. الإسلام الأصولي في تنامٍ مطرد، واصبح ظاهرة لها حسابها. المتطرفون يريدون الشريعة الإسلامية قانونًا اساسيا للدولة ، لحماية هويتهم الدينية و القومية (الأمة، أي جماعة المؤمنين الحقيقيين) أمام خطر الفكر الغربي " الملحد والفاسد". فالقرآن يعلم المسلمين ان الإسلام ، الذي اعلنه محمد، خاتم جميع الأنبياء، هو الدين الوحيد الصحيح والكامل. وهذا هو السبب في دعوتهم الى ضرورة الحرب المقدسة (الجهاد) لحماية ونشر دينهم. ولكن هذا يمكن أن يصبح في غاية الخطورة.

وقد جلب الربيع العربي مطلبا قويا من أجل الديمقراطية والاعتراف بحقوق الإنسان الفرد وغذّالاعلام الدولي هذه الحركة من دون اعداد، ومن المؤسف القول انها شعارات ومبادئ نظرية بعيدة عن الواقع الملموس. في الوقت الحاضر لايمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط نموذج الديمقراطية الغربية: فالامر يتطلب وقتا طويلا من أجل أن يكون قابلا للتطبيق، وثقافة جديدة وتنشئة الشباب.

ان الأقليات المسيحية التي عاشت دائما في هذه البلدان، حتى تحصل على مستقبل أفضل مستقر يجب أن تعتمد على نفسها لا غير، و الا تعتمد على الغرب البتة، كما حصل في الحكم العثماني، فالغرب اليوم لا يفكر الا بالمصالح المالية والسياسية ، و الحصول على النفط. كما يجب أن نوضح لمواطنينا المسلمين، بصراحة ودون لبس ، بأننا جزء لا يتجزأ من هذا النسيج الفسيفسائي الغني للمنطقة، ونحن سكان أصليون ولسنا غرباء أو جالية من المهاجرين. ولقد ساهمنا إلى حد كبير في تشكيل الثقافة العربية – الاسلامية في خلافة الأمويين والعباسيين من خلال نقل العلوم العالمية من اليونانية الى السريانية والعربية، والنقل لا يعني عملا آليا انما هو عمل ابداع . كما كنا لاعبين رئيسيين في نهضة الأمة العربية في القرن 18 ، واليوم ، نحن نريد الحفاظ على موقعنا ودورنا جنبا إلى جنب. يجب أن نقول لهم : نحن نحترم دينكم كما تقدمونه انتم، يقينا ان الله المحبة ، يحبنا جميعا، لكننا نطالبكم باحترامنا واحترام ديننا كما نؤمن به نحن، عملا بقول القرآن الكريم: " لي ديني ولكم دينكم". وبهذه الطريقة فقط نجدد الثقة ونعزز العلاقة ونبني الوطن الواحد والعيش المشترك.

لذا فمن الضروري أن يناقش المسيحيون أسباب مخاوفهم وآمالهم بشجاعة وصدق وصراحة. يجب مناقشة مصيرنا المشترك مع الأصوليين، مع الاحزاب الاسلامية والمراجع الدينية والسياسية السنية والشيعية مظهرينا لهم جديتنا والتزامنا وتصميمنا بالعيش معهم جنبا إلى جنب باحترام وكرامة كمواطنين متساوين فالوطن للجميع والدين لله.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها