و هم
أحفاد السريان الآراميين
كثيرون من
إخوتنا الموارنة يعتقدون أنه من الحكمة السياسية أن يسايروا التيار العربي
و العروبي طالما هم في السلطة و صرنا نسمع نغمة جديدة بين الموارنة الذين
يعيشون مناطق جبلية سريانية لم يصل لها المد العربي حتى اليوم .
الهوية الفينيقية هي في مخيلة بعض الموارنة " الوسيلة" للتهرب من التعريب
القسري و كان من الأفضل العودة الى جذور الموارنة الحقيقية فهم ليسوا عربا
و لا فينيقيين !
الدولة اللبنانية و بعض الأحزاب المسيحية اللبنانية لم تميز بين الهوية
القومية و الإنتماء الوطني : في سويسرا يعيش الالمان و الفرنسيون و
الإيطاليون في دولة محددة و هم مواطنون سويسريون .
في لبنان يتعايش المسلمون العرب و الأكراد الى جانب المسيحيين و هم أحفاد
السريان الآراميين مع قسم من الشعب الأرمني . من المؤسف أن المنهج التعليمي
في لبنان يدعي بوجود قومية و شعب لبناني منذ التاريخ القديم و بعض الأحزاب
المسيحية تؤيد هذا المفهوم الخاطئ على حساب جذورها الحقيقية الواضحة .
بعد إعلان نشوء دولة لبنان الكبير ، إنتشر بين الموارنة بعض الأفكار
الخاطئة مثل " الشعب الماروني" و " الأمة المارونية" و صار بعض الموارنة
يعتقد أنه " ينتمي" الى شعب مغاير عن السرياني الملكي أو السرياني
الأرثودكسي.
الماروني تاريخيا هو سرياني ملكي أي خلقيدوني و قد مرت هذه الكنيسة في عدة
مراحل تاريخية و جغرافية
* المراحل التاريخية
أ - البداية : دير مار مارون قبل أن تتحول الكنيسة المارونية الى شجرة أرز
قوية كانت بدايتها في دير مشهور لتلاميذ القديس مارون . لعب هذا الدير دورا
كبيرا في تأييد تعاليم مجمع خلقيدنيا سنة 451 م . تلاميذ هذا الدير هم
بأكثريتهم الساحقة من السريان الآراميين سكان سوريا الأصيلين .
ب - القديس يوحنا مارون ( نهاية القرن السابع)
هو المؤسس الحقيقي لهذه الكنيسة السريانية المارونية و قد إستفاد من دخول
العرب المسلمين و طردهم للبيزنطيين من سوريا و من ضمنهم بطريرك إنطاكيا و
أصبح مطرانا (بطريركا ؟) على أتباعه . و قد هجر من سوريا الى جبال لبنان
الشمالية حيث إنتشرت تعاليم الموارنة بين سكانه . و بالرغم من إختلاط
السريان الموارنة مع المردة فإن عددهم كان أقل من السريان النساطرة و
السريان المناهضين لمجمع خلقيدونيا .
ج - الفرنج ( الصليبيون) في الساحل
لقد أسس الفرنج الدخلاء عدة دويلات على الساحل السوري اللبناني أي في مناطق
إنتشار السريان الموارنة . و قد تمت علاقات كنسية قوية بين هذه الكنيسة و
باباوات روما الذين أرسلوا الإرساليات من أجل كثلكة السريان . و كان
السريان الأرثودكس منتشرين في كل مناطق جبل لبنان و قد إنضموا الى الكنيسة
المارونية .
د - الحماية الفرنسية
إستفاد السريان الموارنة من الحماية الفرنسية و من دعم الإرساليات
الكاثوليكية في التاريخ الحديث ( المطابع المدارس - المجلات – الجامعة
اليسوعية - المكتبات....(
* المراحل الجغرافية
أ - نشوء الكنيسة المارونية كان في منطقة سريانية بشعبها و لغتها و تراثها
من أيام القديس مارون ) أواخر القرن الرابع ) الى البطريرك يوحنا مارون (
أواخر القرن السابع) . القديس مارون و يوحنا مارون هما سريانيان آراميان
بالهوية و اللغة و الجغرافية .
ب - جبل لبنان : اذا كان الساحل اللبناني فينيقيا في تاريخه القديم فإن
الداخل اللبناني و منها الجبال كانت آرامية . لقد بدأت الكنيسة المارونية
في بوتقة آرامية ( سوريا الشمالية او سوريا العليا حسب النصوص الآرامية و
اليونانية القديمة) و إنتشرت في بوتقة آرامية جبال لبنان وأسماء قراه تشهد
بآراميته و ليس بكنعانيته أو فينيقيته !
ج - السريان الموارنة في بلاد الإغتراب بدأ الموارنة في الهجرة منذ نهاية
القرن التاسع عشر . لقد أصبح عدد الموارنة في بلاد الإغتراب أكثر من
الموارنة الذين يعيشون في أوطانهم التاريخية .
هذه الحقيقة المؤلمة تدفعنا الى طرح الملاحظات التالية:
* إن عودة الموارنة الى جذورهم الحقيقية هو ضرورة لهم قبل بقية المسيحيين
المشارقة .
* الجذور الحقيقية ليست شعارا يردد في بعض المناسبات بل هي حقيقة تاريخية و
جغرافية و لغوية و تراثية .
* عودة الموارنة الى جذورهم التاريخية الآرامية السريانية يعمق تاريخهم و
يوسع جغرافيتهم لأنهم قسم مهم من الأمة الآرامية .
* يجب أن تتم عودة الموارنة الى جذورهم عبر النقد الذاتي لكل الطروحات
المنتشرة بينهم .
* نحن نتمنى أن " يكتشف" أو " يكشف" المثقفون الموارنة عن جذورهم بأنفسهم و
كلما تعمقت جذورهم في الشرق زادت فرص صمودهم في بلاد الإغتراب .
* أخيرا إن عودة الموارنة الى جذورهم الآرامية الصريحة لا يتعارض مع وضع
الموارنة الخاص . |