بقلم : حبيب تومي / اوسلو/ عضو الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية

اقرأ المزيد...

habeebtomi@yahoo.com


 لمصلحة من تمزقون الكنيسة الكلدانية وتدقون اسفين التفرقة بينها وبين شعبها ؟

 4 / 7 / 2009

رغم عدم ايماني بنظرية المؤامرة وتوظيفها لتحقيق اهداف سياسية ، لكن خيوطها باتت مكشوفة وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار 

ارتفعت الأصوات في هذه اللحظة الحرجة من قبل بعض الكتاب المنبهرين بتنظيرات الأحزاب الآشورية يدعون فيها مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني في العراق الى توخي الحذر وعدم التدخل بالسياسة ، مع التناكف على إسداء النصائح للأساقفة والآباء الروحانيين وتذكيرهم بواجباتهم الكنسية  ، ليس هذاً فحسب بل وإنذارهم والأيحاء بتسبب انشقاق يحصل في صفوف الكنيسة إن لم يستجيبوا لتلك النصائح . حقاً إنها نكتة ساذجة بان يصار الى نصيحة وإرشاد هذه النخبة المثقفة من ابناء شعبنا والى تذكيرهم بواجباتهم وتحديد صلاحياتهم ، وتحذيرهم من التقرب من النار لكي لا تكتوي اصابعم  .

 هذا هو منطق بعض الكتاب من ابناء شعبنا من الكلدان ممن غلبت عليهم الميول الآشورية ، والسؤال لهؤلاء الكتّاب ولا اريد ان اذكر الأسماء :

 من تريدون ان يقف مع الشعب الكلداني ؟

هل نسأل الأساقفة الأرمن ان يقفوا مع الشعب الكلداني ؟

ام نطلب التعاضد من الأساقفة الآشوريين  للوقوف الى جانب شعبنا الكلداني ؟ وبموجب معاييركم فإن لهؤلاء الأساقفة حق التدخل في السياسية ، لكن الكنيسة الكلدانية والأساقفة والآباء الأجلاء ممنوع عليهم التدخل في السياسة وعليهم ان يتنحوا جانباً وأن يقفوا مكتوفي الأيدي عن معاناة شعبهم ، هذا هو المنطق المسيس للفكر القومي الذي غلب على قوة التفكير لدى بعض كتاب شعبنا مع الأسف .

 اعزائي الكتاب ممن يتبرعون بإسداء النصيحة :

 إن الآباء والأساقفة الكاثوليك لشعبنا الكلداني قد درسوا بأعلى المدارس والمعاهد والجامعات ، ودرسوا اللغات والفلسفة والتاريخ والعلوم .. وقسم منهم قبل انخراطهم في الدراسات اللاهوتية كان مهندساً او مدرساً او خريج أحدى الكليات ، فهل بعد كل هذا تنصحون هذه الشريحة المثقفة بتذكيرها بواجبها اتجاه شعبها ؟  اعتقد انه تبرع غير برئ ، وهو بضاعة بائرة تصدرها الأحزاب الآشورية ومع الأسف تتبرعون بترويجها .

أيها السادة

إن الأساقفة والآباء لا يتدخلون بالسياسة ، وليس لهم شأن في تشكيل الأحزاب والأنخراط في اللعبة  السياسية ، لكن هذا الأكليروس يقف الى جانب مصلحة شعبه وقضاياه المصيرية ومهما كانت النتائج .

لم تقف مؤسسة الكنيسة يوماً متفرجة على مآسي ومعاناة شعبها الكلداني ، لقد تحمل رجال الدين ومؤسسة الكنيسة القسط الأكبر من التعسف والظلم والانتقام ، لقد أحرقت وفجرت الكنائس واختطف الآباء الأجلاء ، واستشهد الأب رغيد كني ورفاقه وهو يخدم شعبه في تلك الظروف العسيرة ، كما استشهد المطران فرج رحو ورفاقه وهو يخدم شعبه إن كان بما يؤديه من واجبه الكنسي او باتصالاته مع مختلف القوى السياسية في الموصل ليمنع الشر عن شعبه ، لم تكن الكنيسة في يوم من الأيام بعيدة عن افراح وأتراح شعبها .

في التاريخ نقرأ عن الأضطهادات المتواترة وكان الأكليروس الكنسي يتحمل الجانب الأكبر من هذه الأضطهادات باعتبارهم النخبة الواعية المثقفة بين الشعب الكلداني .

فهل تريدون لهذه النخبة ان تقف متفرجة على مصائب شعبهم وسلب وتهميش حقوقه ؟

في سنة 1933 وعلى خلفية مجازر سميل لجأت مجموعات من الأخوة الآثوريين الى القوش ، ومن اجل سلامة القوش اشترطت القوات المحاصرة لالقوش الكلدانية ان تخرج الآثوريين خارج مدينتهم ، لكي تسلم على نفسها وعلى ابنائها ، لكن القوش برجالاتها لم تستسلم لهذا التهديد ، وإضافة الى استعدادات الألاقشة لمعركة دفاعية مستميتة ، كانت هنالك محاولات اخرى على المستوى السياسي ، وتمكنوا من تسريب احدى السيارات الى الموصل  للاتصال بالبطريرك الكاثوليكي للشعب الكلداني العراقي الأصيل ، مار يوسف عمانوئيل توما الثاني ، والذي قام من جهته بالأتصال بأعلى المصادر في الدولة الدولة العراقية ومنهم الأمير غازي حيث ان الملك فيصل كان غائباً ، وكذلك بالقادة العسكريين الفرنسيين حيث تكللت جهوده بانفراج الموقف بعد ساعات من تلك الأتصالات .

هذا هو الدور السياسي الذي تقفه الكنيسة وليست بحاجة الى نصائح تمليها احزاب اديولوجية قومية متشددة . إن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية جزء من شعبها الكلداني وتقف معه وقت المحن ، وهي تعرف واجبها بالضبط ، وإن الطلبات المتسارعة في عدم تدخل الكنيسة بالسياسة هي طلبات غير بريئة إنما هي طلبات مسيّسة من قبل احزاب قومية اديولوجية ، لها اهداف حزبية محدودة .

إن الطلبات الملحة المسيسة بضرورة النأي عن السياسة ليست طلبات بريئة كا اسلفت فلو تميزت هذه الطلبات بالموضوعية والمهنية ، لكانت طلبت من الكنيسة الآثورية ايضاً ان تبتعد عن السياسة ، فلماذا يكون لهذه الكنيسة الحق في ان تقف مع شعبها وقت المحن ، في حين الكنيسة الكلدانية ممنوع عليها الوقوف مع شعبها لكي لا تتهم بالتدخل بالسياسة ، أنه الكيل بمكيالين ليس أكثر .

قيل للفقير من اين لك هذا ؟ وقيل للغني الله يبارك ويزيد .

في سياق تمزيق الكنيسة كانت هنالك حملة لجمع التواقيع للتنديد بالكنيسة الكاثوليكية بوقوفها مع شعبها الكلداني لتثبيت اسمه القومي الكلداني في الدستور العراقي ، وكانت تجمع التواقيع بمباركة الأحزاب الآشورية ، ولا نريد ذكر اسمها لكي لا تلصق بنا تهمة العداوة لهذا الحزب .

الموقف الكنسي الدبلوماسي بين كنائسنا يستوجب الا يجري احتضان الآباء الذين لهم خلافات مع الكنيسة الكاثوليكية . وهنالك امثلة صارخة لاعمال هؤلاء وغيرهم في تمزيق الكنيسة وتشجيعهم على ذلك ، اضافة الى الاموال المستخدمة لهذا الغرض وليس من الحكمة نشر غسيلها على المواقع .

فينبغي التفاهم على التعامل الودي على حل الخلافات وليس تشجيع الآباء على التمرد على كنيستهم الكلدانية  .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها