من يحتاج لجيش دفاع ولحركة مقاومة، ومن يحتاج
للتبييض من
وصمة الإرهاب؟
20060208
اجتمع المكتب السياسي في التنظيم الآرامي
الديمقراطي - السويد لبحث التطوّرات الخطيرة التي توالت في الفترة
الأخيرة والمنسوبة الى ردود الفعل على المنشورات الصحافية
الدانمركية والمتعلقة برسوم كاريكاتورية تتناول المسلمين ونبيـّهم.
يهمّ التنظيم أن يعلن للرأي العام موقفه من تلك الأحداث لما فيها
من معان هامة وتداعيات خطيرة على شعوبنا المسيحية في مواطنها
المشرقية وفي الإنتشار.
لقد عانى شعبنا الآرامي المسيحي الأمرّين في
الشرق الأوسط عامة من جراء الحروب الإسلامية الجهادية ضده. فكلما
نادى قيادي إسلامي بالجهاد دفع شعبنا الثمن. وما يزيد الشر والبلية
هو أن القياديين المسلمين من دينيين ومدنيين لا يتورّعون عن حقن
الشعب العادي بالحقد والعداء للأديان الأخرى، إذ تنطلق صيحات
الإنتقام تارة عن المنابر الدينية وطورا عن المنابر السياسية مما
يمنع العقلاء من لجم نيران الحقد من أن تنصبّ على شعبنا المسيحي
الآمن، الذي جرّده الشرع الإسلامي من أدوات الدفاع عن النفس، تحت
شرعية نظام أهل الذمة أو تحت شرعية اتفاقيات ذمية حديثة على شاكلة
اتفاق الطائف في لبنان.
هذه الحالة السياسية الممتدة الى عصرنا
والمتخلفة في تركيبها والتي تخوّل الرعاع من التهجم على السكان
الآمنين في أوطاننا المشرقية كافة لا تتوافق مع العصر الحديث.
فاليوم، حين نرى المسلمين يأتون الى الغرب المسيحي ليعيشوا فيه
كمواطنين كاملي المواطنية والحقوق او لينالوا العلم والتقدم، نرى
في المقابل المسيحيين في أوطانهم، وقد تسلـّط عليها المسلمون
بالغزو الديني، يخضعون لإنتقام الرعاع من الجهاديين يمارسون أشنع
الجرائم بحق السكان العزل، دون أي رادع قانوني أو أمني أو سياسي.
فنسأل إلى متى؟
إن الشعب المسيحي قد ضاق ذرعا من قرون عديدة،
بهذه المظالم المتكررة التي لم ولن تعرف حدودا لهمجيتها. إن
التاريخ يرزح تحت ثقل شهدائنا المسيحيين المشرقيين. إن تعرّض
المسيحيين لهذه المظالم المتكررة يتحمّله القياديون الإسلاميون.
فهم من يحقن عقول ما يسمى بالشارع المسلم بمفاهيم، إذا ما تعرضت
للاحتكاك، تسببت في حصول ما يحصل من هجومات عنيفة سرعان ما "يكتشف"
عقلاؤها أنها كانت مضرّة بالتعايش السلمي وبأبسط شروط المجتمع
الإنساني بينما يستنتج مجانينها أنها وسيلة ناجحة للتوسّع. لذلك،
فليسمح لنا القادة من المسلمين، ولو أنهم اعتذروا بعد الخروقات، أن
نقول لهم إنهم هم وحدهم المسؤولون عن التطرّف، وإن الإعتذار يفيد
لو أنه ينذر بالتغيير. ولكننا، وقد عايشنا هذه الحالة منذ قرون،
فإن الإعتذار لا يوحي مطلقا بأن شيئا ما سيتغير لما فيه الأفضل بعد
كل فوعة. فعلى القياديين الإسلاميين أن يكونوا صريحين معنا: فإما
أن الإسلام هو ضد سيادتنا وحريتنا وكرامتنا نحن المسيحيين، فنسعى
الى إنشاء كياننا السيد الحر المستقل الرادع. وإما أن الإسلاميين
الجهاديين مخطئون بحقنا عند تعديهم على أمننا وسلامنا وأرواحنا
وممتلكاتنا، فيكون على تلك الأمـّة عندئذ أن تراجع حساباتها وتصحح
وضعها السياسي التاريخي معنا وتفهم أولئك الجهاديين أنهم هم
الظالمون وأن عليهم إعادة أوطاننا لنا.
وعليه فإن التنظيم يهيب بالعلماء المسلمين أن
يقفوا وقفة واضحة ضد هذه الجرائم وإلا اعتبرنا اعتذارهم للأستهلاك
اليومي فقط. فليس من واجب المطران عودة أن يوضح أن هذه الخروقات
"تتعارض مع الإسلام"، ولا يكفي أن يقولها قيادي مسلم أمام شاشة
التلفزة بعد وقوع المصيبة بل يجب أن يسعى الى تغيير الخطاب الديني
والسياسي اليومي بشكل يتناسب مع منطق الاعتذار التلفزيوني.
إن التنظيم الآرامي الديمقراطي يهيب بالشعب
المسيحي وبقيادييه أن يعوا أن المصير لا يـُربط بتصاريح فارغة،
أكانت صادرة عن قياديين مسلمين أو من زعماء مسيحيين. إن المصير
والمستقبل منوط بتوفير شروط واقعية لتأمين مستقبل لشعبنا في بلاده،
مختلف عن النمط الذي عايشناه منذ العصور الذمية والى اليوم. وهذا
لا يتأمن إلا بالسياسة الواعية المحاسبة للقياديين، وبتأمين
التضامن الدولي ضد قوى الشر التي تريد استمرار الإرهاب بحق شعبنا.
وعلى الأخصَ، بدعم هذا التضامن الدولي عندما حصوله، لا خذله.
وهنا لا بد لنا من التطرق الى آخر مبتكرات
السياسة الإنبطاحية الذمية وسياسة الدجل والتذاكي (سياسة الشيطان
وحماره) على طريقة ما يفعله النائب ميشال عون، الذي من أجل أن
يستجدي مواقع سلطوية ومن أجل مكاسب أخرى منها الظاهر ومنها الخفي،
يوظّف نفسه في خدمة تبييض الرصيد الإرهابي لحزب الله. لقد نبّهنا
في بياننا السابق الى حاجة حزب الله للتلطـّي خلف ذمــّي مسيحي من
أجل حماية رأسه من الغضب الأمريكي، وإذا به يتلقــّط بطريدته ميشال
عون، فيؤمـّن له هذا المتزعم غطاء مسيحيا يلتحف به الى حين مرور
العاصفة. هنيئا للتعايش السلميّ! يقتلك في قوّته وتحميه في ضعفه.
إن التنظيم الآرامي الديمقراطي يدعو الشعب
المسيحي المثقف والأبيّ أن يتنبه الى المطبات التي قد يوقعه فيها
زعماؤه عند حشرتهم، عن ذكاء مجبول بنوع من الغباء. لقد طنطن ميشال
عون العالم بأن القرار 1559 هو نتيجة مساعي اللوبي اللبناني خاصته
لتحرير لبنان. وإذا به يرمي بالقرار في مزبلة حزب الله بشكل يثبت
للجميع أن دوره في صناعة هذا القرار كان ثانويا إن لم يكن معدوما،
لأنه لم يفهم دور القرار ولا قيمته. وحزب الله يعرف هذا الأمر
تماما وها هو يحاول أن يستفيد من ذلك. مما يذكــّر بالخسارة
القومية لدى إخفاق امين الجميل في نشر اتفاقية 17 أيار 1983 التي
كلفنا الغاؤها قيام دولة حزب الله، وقد ثبت أن اتفاقية مهندسها
قائد من عيار بشير لا يمكن لشخص من عيار آخر أن ينجزها.
أن جماهير 14 آذار وثورة الأرز أدركوا مصلحة
الوطن في رفض شرعنة الإرهاب فدعموا تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي
رقم 1559 بالكامل. وهذه الجماهير يمكنها أن تخذل أي متزعم يتاجر
بالمكتسبات الوطنية التي دفع المواطن ثمنها من أمنه وصحته وحياته.
إن من انتمى الى تيـّار وطني حرّ، معرّضا حياته وصحته وأمنه
واستقراره لمواجهة قوى الإرهاب التي تسلّطت على قرار لبنان، لن
يتخلى عن تنفيذ القرار 1559 من أجل الإستمرار في حركة تتحوّل
تدريجيا الى تنظيم لا يجمعه سوى لون البرتقال. إن الشعب اللبناني
أظهر في ثورة الأرز أنه يعرف ماذا يريد من ثورته، فتظاهرة 14 آذار
كانت النقيض الرافض لتظاهرة حزب الله في 8
آذار. إلا أن السيد عون يبدو أنه محاط بدائرة توحي إليه بأن الشعب
في جيبه، يسوقه من اليمين الى اليسار كما يساق الغنم. يجب أن يفهم
عون ومهندسوه أن الشعب المسيحي غير مستعد لدفع ضريبة الميغالومانيا
مرة أخرى. هذه الميغالومانيا العونية أدت في السابق الى سقوط
المسيحيين من الدور السياسي اللبناني، فهل سنسمح لها اليوم
باسقاطنا من الدور السياسي الدولي؟
إن المساعي التي بذلها وما زال يبذلها
اللبنانيون الأحرار في الوطن والتي أثمرت ثورة الأرز، وفي الإنتشار
والتي أثمرت الدعم الدولي الهائل والفاعل المؤدي الى القرار 1559،
لن توضع في حساب السيد ميشال عون ليسوق الشعب المسيحي الى فخ إجهاض
القرار الدولي من أجل بناء طوق الحماية لميليشيا حزب الله
الإرهابية. إن مصير الوطن أهم من مصير حزب مهما تذاكى مسؤولوه.
أما إذا كان حزب الله يريد أن يأخذنا الى دولة
فدرالية الميليشيات، وشرعنتها عبر استعمال تسمية "مقاومة"،
فبالنسبة لنا نحن المسيحيين (غير الذمـّيين) فليس هناك مقاومة غير
المقاومة اللبنانية المتمثلة بالقوات اللبنانية التي لولاها لما
تحرر لبنان من قوات الاحتلال السوري في مناطقنا والتي يشرّفها أنها
لم توصم بوصمة الإرهاب الدولي. فمبدأ المعاملة بالمثل يجب أن يرضي
الجميع: إما جيش وطني لبناني للجميع، وإما سلاح لكل فريق، خاصة
وأنه تبين أن جنون الرعاع الداخلي المعادي للمسيحيين يوجب علينا
التسلّح منعا للتعدي علينا، لا من اسرائيل بل من جيراننا في الوطن.
وهنا، تماما مثل حزب الله، نعدكم بأن نتمسـّك بتسمية مقاومة ونرفض
تسمية ميليشيا، لأنه ثبت أن علينا الدفاع عن أنفسنا في لبنان عندما
يمزح دانمركي مع النبي، فمشروعنا ليس جهاديا متذرّعا بخارطة
وهميـّة سورية-ايرانية-حزبلليّة.