كتاب مفتوح من "الماروني العالمي" الى الراعي
اعتبر رئيس الإتحاد الماروني العالمي الشيخ سامي الخوري في
رسالة مفتوحة وجهها إلى البطريرك الماروني مار بشاره بطرس
الراعي، "ان انتخابه على سدة البطريركية المارونية خلفا لغبطة
أبينا الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير،شكل لحظة أمل وفرح
لجميع الموارنة في لبنان وبلدان الإنتشار تماما كما إتخذتم
لحبريتكم شعار شركة ومحبة. إن الروحانية التي ركز القديس مارون
فيها الإيمان السرياني الإنطاكي الماروني جمعت بين الإنسانية
وصلابة الموقف والذود عن العقيدة الإيمانية الراسخة بالكنيسة
وبيسوع المسيح. إن لبنان وشعبه، ولا سيما الموارنة والمسيحيون
في كل الشرق يشهدون اليوم زمن الشدة، ولكننا دائما نقوى
بالايمان والوعي والرؤية والرجاء".
اضاف: "نحن أمة مارونية شامخة وكنيسة إنطاكية جامعة نشهد على
مدى تاريخنا لقيم المحبة والحرية والكرامة الإنسانية والحق".
وقال: "اننا نتوجه بهذه الرسالة المفتوحة إلى غبطة البطريرك
الراعي على أمل أن ننقل آراء اكثرية الموارنة في العالم إلى
البطريرك الماروني في عدد من المسائل اللبنانية الأساسية وعلى
رأسها سلاح حزب الله والموقف من النظام السوري".
واشار الى انه "في ظل المشاريع المشبوهة والخفية لفصيل
ميليشياوي يدعي المقاومة، بينما أهدافه وغاياته باتت واضحة
للجميع في لبنان وخارجه لجهة سعي هذا الفصيل إلى تحقيق ما
يبتغيه من تغيير هوية وجوهر وأساس وجود الكيان السياسي
اللبناني، والأمثلة على ذلك كثيرة يأتي في مقدمها العمل على
تغيير هوية الأرض والعمل على قلب معادلة التوازن الديمغرافي
تارة بالترغيب وطورا بالترهيب، فإننا ننقل إلى غبطة البطريرك
الماروني، أنه بالنسبة إلى أكثرية الموارنة في العالم فإن
الحاجة تبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى حسم مسألة مرجعية
الدولة اللبنانية وسيادتها على الأرض اللبنانية، فلا يجوز
تبرير بقاء السلاح في أيدي هذا الفصيل مهما كانت الأسباب
والموجبات الدافعة وراء ذلك، فلبنان له دولته بإستطاعتها أن
تدافع عن حقه، فحذار من أن يفقد لبنان دعم المجتمع الدولي
بكامله تأكيدا لسيادته اللبنانية على كل الأراضي بحيث لا تعود
هذه الساحة مستباحة لحسابات خاطئة قد تجر على الوطن المزيد من
الويلات والآلآم والدمار".
اضاف: "إن الموارنة في العالم يرجون من غبطة البطريرك الراعي
أن يجسد مشاعرهم وإرادتهم بالحرص على الأمانة وعلى الخط
السيادي لبكركي، وكل آباء الكنيسة المارونية حيال سيادة لبنان
كي لا يضيع الوطن في آتون الصراعات مما يخدم تيارا عقائديا من
اللبنانيين وهو تيار أعلن صراحة ومرارا أنه يرهن لبنان بسياسات
غريبة لا تدين الولاء له ولا حتى لمعظم العرب في المنطقة".
ولفت الى ان "هذه السياسات والمخططات لا تخدم أبدا المصلحة
الوطنية اللبنانية عامة، ولا القومية المارونية بشكل خاص، ولا
بد من التأكيد على دعم كل الجهود الدولية القائمة لدفع الأطراف
كافة على الالتزام بموجبات القرارات الدولية التي صدرت في
المرحلة الأخيرة، ولا سيما على وجه الخصوص القرار 1559".
اضاف: "يهمنا إيصال موقف الموارنة في العالم لغبطتكم من
الثورات العربية، لا سيما وأن البعض يتكلم عن قلق وخوف على
مصير الأقليات المسيحية في مرحلة ما بعد هذه الثورات"، معتبرا
ان "هكذا كلام يتجاهل التاريخ ووقائعه، فالمسيحيون أصيلون في
المنطقة التي ولد فيها السيد المسيح، بينما حضارات كاملة حلت
ضيوفا على هذه المنطقة والبعض منها جاء غازيا".
وتابع: "إننا أصيلون في هذه المنطقة ولنا الحق في الدفاع عن
وجودنا فيها حتى الشهادة، وهي منطقة عشقها الرهبان القديسون
الموارنة منذ القدم فسقط منهم الآلاف لكي يحافظوا على عقيدتهم
وإيمانهم راسخا كجبال الأرز في لبنان".
وقال: "إننا نستهجن الموقف القائل بربط بقاء الأقلية المسيحية
في هذا الشرق بمصير أنظمة ديكتاتورية بائدة مارست أقسى أنواع
الظلم والقهر بحق شعوبها أولا قبل أن تنقل ممارساتها التعسفية
إلى وطننا طوال أكثر من ربع قرن".
ورأى انه "إذا كان لا يمكن أبدا تبرير إستمرار الوجود المسيحي
في المنطقة بما يمكن أن تقدمه لهم الأنظمة الديكتاتورية من
حماية ذمية، يدرك أبعادها أسياد بكركي قبل غيرهم، فلا يمكن
أيضا التهويل مسبقا من الأنظمة البديلة التي ستأتي وما ستتركه
من إنعكاسات على أوضاع المسيحيين في الشرق، ليس دفاعا عن هذه
الأنظمة أبدا، وإنما أيضا في سبيل عدم نكران الهوية والذات
المسيحية أولا والمارونية ثانيا، فنحن من هذا الشرق نشهد للحق
والحق هو الذي يحررنا كما قال لنا السيد المسيح. فنحن أبناء
الموارنة خصوصا والمسيحيون عموما، لا نخشى من إجتياح مذهبي
معين ولا نسعى إلى حماية مرحلية من توتاليتارية تيوقراطية
أخرى، حيث أننا قاومنا من أعالي جبالنا كل أنواع الغزوات
بصلابة الإيمان والتقوى، كما أننا لم نستجد يوما حماية أحد
لأننا باقون في الشرق للأبد في ظل حماية روح العلي لنا من فوق
ونهتدي بهديه حيث أن مملكتنا، نحن أبناء المسيح، ليست من هذا
العالم وأبواب الجحيم لن تقوى عليها".
وختم بالقول: "إن دعوتنا اليوم من بلاد الإنتشار الماروني في
كل بلدان العالم، هي أن نعود جميعنا إلى ثوابت الكنيسة
المارونية، فحذار أن يضيع لبنان الرسالة في نفق المشاريع
المشبوهة. وفي ظل التحديات والظروف التي تعيشها منطقة الشرق
الأوسط بات من الضروري أن يدرك الموارنة دقة المرحلة التاريخية
التي تعصف بالمنطقة، ولهذا نطالب غبطة البطريرك الراعي بأن
يجسد موقف الموارنة في العالم كما عودنا في الماضي ويسير على
خطى أسلافه رؤساء وآباء الكنيسة في الدفاع والذود عن طبيعة
لبنان الفريدة في هذا الشرق، فما نفع المورانة بعد اليوم إن
ضاع وطنهم في غفلة الأحداث بسبب موقف تاريخي خاطئ". |