تصريح
الامانة
العامة
نيويورك-
بيروت
أحداث
الجنوب تكرر لازمة عرفات
نيويورك-
28 تشرين الثاني 2005
بعد الأحداث التي جرت الأسبوع الفائت في لبنان والتي أعادت أجواء الحرب إلى
أذهان المواطنين أدلى الكولونيل شربل بركات نائب رئيس الاتحاد الماروني
العالمي بتصريح قال فيه: لا بد أن يصار إلى وضع النقاط على الحروف عاجلا وقبل
أن تتطور الأوضاع لتضع الوطن مجددا على محك امتحان جديد سوف يحملّه أعباء
بغنى عنها. من هنا نقول :
-
أولا: إن الإجماع الدولي لتحرير لبنان واستعادة سيادته واستقلاله والذي تجلى
بالقرار 1559 قد وضع آلية لخلاص البلد تمثلت بخروج جيوش الاحتلال السورية
وبقايا الحرس الثوري الإيراني والتنظيمات الفلسطينية المسلحة، وهذه كلها تشكل
القوى الغريبة التي عاثت بالبلد خرابا وكانت السبب بكل مشاكله.
-
ثانيا: إن حزب الله الذي سماه القرار الدولي 1559 بالاسم وركز على أهمية
تسليم سلاحه كشرط لعودة الاستقرار إلى لبنان، لا بد أن يتوقف عن المعاندة
الغير مجدية والتصرف وكأنه لا رادع له ولا مسؤولية عليه تجاه أمن الوطن
وأرواح المواطنين.
-
ثالثا: إن مسؤولية إدارة البلاد، وخاصة قرار الحرب والسلم، لا يمكن أن يتفرّد
بها فئة لبنانية أو حزب سياسي، مهما كثر عدد أتباعه أو بلاغة خطبائه أو حجج
زعمائه، فللديمقراطية شروطها في كل بلد وللبنان خصائصه الديمقراطية الدقيقة،
ومن هنا لا يمكن لأحد التفرد بالقرارات الهامة التي تعرّض أمن وسلامة
المواطنين أو ممتلكاتهم للخطر، وحتى عندما تقوم الحكومة بذلك فهي معرضة
للسؤال وللمحاسبة أمام الشعب وممثليه إن في مجلس النواب أم على صفحات الجرائد
ووسائل الإعلام.
-
رابعا: إن إدعاء حزب الله بتحرير الأرض من إسرائيل، ولو كانت عليه علامات
استفهام كثيرة، ولو كان الوطن لا يزال يعاني من عواقبه، لا يمنحه حق تعريض
أمن الناس للخطر وتعريض استقرار البلاد للاهتزاز، ومهما كانت دوافعه، ولو كان
يمكن أن يمثل جزء من الشعب، ولكنه لا يمكنه أن يفرض، حتى على من يدعي
تمثيلهم، أوضاعا لا يرغب أحد أن يعيش في ظلها.
-
خامسا: إن اللعب بالنار والادعاء بقتال إسرائيل ليس مبررا لخلق حالة من القلق
وجر البلاد إلى أجواء الرعب، خاصة بعد خروج إسرائيل، هذه، من لبنان منذ أكثر
من خمس سنوات وعدم ردها على استفزازات حزب الله طيلة هذه المدة.
-
سادسا: إن التفسير الوحيد لعملية حزب الله الأخيرة يندرج ضمن مخطط سوريا
لتحويل الأنظار عن مشكلتها الرئيسية مع مجلس الأمن والمجتمع الدولي ومحاولتها
خربطة الأوضاع على الساحة اللبنانية بأي ثمن لكي تطوى ملفات الجرائم ويبقى
المجرمون دون عقاب وتضيع الحقائق وسط ضجيج المعارك.
-
سابعا: إن التناغم السوري - الإسرائيلي وتعايش "النظام العلوي" مع إسرائيل
بشكل مقبول طيلة ثلاثين سنة، يمكن أن يفسر التصعيد الحالي ويفضح مآرب حزب
الله وألاعيبه وكيف تمكن من إخراج تمثيلية صراعه مع إسرائيل والظهور كبطل
العرب، لا بل المسلمين، بينما هو ينفذ ما يطلب منه بكل دقة، وما مهمته اليوم
إلا حماية النظام العلوي في سوريا وإعطائه دفعا جديدا وتخريب السلم الأهلي في
لبنان وتهديم الوحدة الوطنية، التي تجلت بأبهى مظاهرها في ثورة الأرز
ونتائجها، ووقف تقدم البلد وتطوير نظامه الديمقراطي الذي سيصبح مثالا لكل
بلدان الشرق الأوسط، والذي سيسهم دون شك في الاستقرار والانفتاح وازدهار دول
المنطقة.
-
ثامنا: إن الحكومة اللبنانية التي لم تحزم أمرها بعد بشأن القرار 1559والتي
تخاف من حزب الله وتتحايل على المجتمع الدولي، تذكّرنا بحكومة "الحص" في 1978
التي أطالت الأزمة اللبنانية ربع قرن، يوم لم تجرؤ على مجابهة عرفات، بعد
قرار مجلس الأمن 425 الذي كان يجب أن يؤدي إلى لملمة الفلسطينيين وأسلحتهم
وتسليم الأمن للدولة فقط وإشراف القوات الدولية على الجنوب لمنع إي اعتداء من
وعلى إسرائيل، ما كان سيجر خروج السوريين وتوفير ربع قرن من الحروب وآلاف من
الشهداء والضحايا من اللبنانيين.
-
تاسعا: إن الحوار الداخلي إن لم يكن شعاره تنفيذ القرار 1559وتسليم سلاح حزب
الله والفلسطينيين وكل فئة مسلحة والعمل على إغلاق بؤر الحقد وثقافة العداء،
مرفوض قطعا لأنه سيؤدي بدون أدنى شك إلى إطالة الأزمة وإعطاء فرصة جديدة لحزب
الله وسوريا لضرب الاستقرار والوحدة الوطنية وإعادة لبنان إلى مسلسل الرعب
الذي يبدأ من الحدود وينتهي في العاصمة. وأما عناوين الحوار فيمكن أن تشمل
كيفية التسليم وتوقيته وتفاصيل حل الأجهزة وتحويل بعض المؤسسات والكوادر
الغير مسلحة إلى العمل الاجتماعي ومساهمة اللبنانيين بإصدار عفو دولي عن
المجرمين والإرهابيين أو تخفيف الأحكام التي قد تصدر بحقهم مقابل مساعدة
المجتمع الدولي لتفكيك منظومة الإرهاب ومختبرات التفجيرات والعبوات ومدارس
الانتحار وغسل الأدمغة وخلايا التخريب التابعة له في دول العالم والتي لم
تعد تشكل خطرا على لبنان فقط إنما على الحضارة الإنسانية بأجمعها.
-
عاشرا: إن الشعب اللبناني الذي انتفض في الرابع عشر من آذار بعد كل القهر
الذي تحملّه بسبب خيانة البعض وجبانة البعض الآخر، لن يقبل بأن يعود متعهدي
المآسي إلى التسلي بأبنائه وأهله واستباحة حقوق مواطنيه بالعيش الهانئ
والازدهار في جو من الاستقرار الذي يتوق إليه، وسوف يقف مجددا وقفة رجل واحد
إذا لم يستطع ممثلوه الذين انتخبهم منذ أقل من سنة أن يقولوا كلاما شجاعا
وبشكل واضح يطالب بحل المليشيات المسلحة وجمع أسلحة المنظمات الفلسطينية وطرد
كل من يريد العبث بأمن واستقرار لبنان، فلا يجب أن نضيّع فرصة وقوف دول
العالم بجانبنا واستعداده لدعمنا وتخليصنا من الشر الذي فرض علينا ونحن نساير
ونحاول اللعب على الكلام. ويوم يسأل حزب الله رئيس الحكومة عن الوعود التي
وعدها لممثلي الأمم المتحدة، يجب أن يكون كلامه صريحا، حتى لو لم يعد أحدا
بعد، بأن لبنان لا يمكنه الاستمرار في التكاذب ولا في الفوضى وأن الحل الوحيد
هو تفكيك حزب الله وتسليم أسلحته بوساطة الحكومة أو تركه يواجه القرار الدولي
منفردا دون أي غطاء لبناني.
إن لبنان اليوم على مفترق مهم فإما أن يخرج كدولة قادرة على العيش وتثبيت
الاستقرار والأمن والمساهمة مع العالم أجمع بالعمل على دوام التقدم والتعاون
بين الدول والاتجاه إلى حالة من السلام العادل والدائم حيث تتفاعل شعوب
المنطقة بدون عقد ومركبات نقص، أو إنه سيعود إلى عهود الوصاية التي قد تكون
وصاية دولية هذه المرة إذا لم يستطع ممثلوه وحكامه أن يبرهنوا عن رغبة في
الالتحاق بالركب وقدرة على الإمساك بالأمور.
|